الثلاثاء، 01 يوليو 2025 01:25 ص

الإيجار القديم بين المطالبات والوعود.. النواب ينقلون مخاوف الملايين من ملاك ومستأجرين.. والحكومة "مش جاهزة".. مُهلة لتقديم بيان دقيق بأعداد المستأجرين الأصليين وأعمارهم وأماكنهم.. وجبالى: لن يترك مواطن بلا مأوى

الإيجار القديم بين المطالبات والوعود.. النواب ينقلون مخاوف الملايين من ملاك ومستأجرين.. والحكومة "مش جاهزة".. مُهلة لتقديم بيان دقيق بأعداد المستأجرين الأصليين وأعمارهم وأماكنهم.. وجبالى: لن يترك مواطن بلا مأوى مجلس النواب
الإثنين، 30 يونيو 2025 06:00 م
كتبت نور على - نورا فخرى - محمود حسين - هشام عبد الجليل

فى أجواء مشحونة بالترقب والجدل، شهدت قاعة مجلس النواب جلسة وُصفت بـ"التاريخية"، حيث وُضعت "القنبلة الموقوتة" لملف الإيجار القديم على طاولة التشريع. لم تكن مجرد مناقشة عادية، بل كانت مواجهة حقيقية بين سندان الحكومة، التى وجدت نفسها مطالبة بتقديم تعهدات وضمانات فورية، ومطرقة النواب، الذين عكسوا بحدة ووضوح مخاوف ملايين المواطنين من ملاك ومستأجرين. لقد كانت جلسة كاشفة، تجاذبت فيها أطراف كثيرة بين وعود ملزمة ومطالبات حادة، فى محاولة صعبة لإعادة رسم علاقة إيجارية اختل توازنها لعقود طويلة.

بدأت ملامح التوتر مبكرًا عندما طالب المجلس الحكومة بتقديم بيان دقيق بأعداد المستأجرين الأصليين وأعمارهم وأماكن تواجدهم، وهى بيانات جوهرية لا يمكن المضى قدمًا بدونها. لكن المفاجأة كانت فى رد وزير الشؤون النيابية والقانونية، المستشار محمود فوزى، الذى طلب منح الحكومة "مهلة حتى صباح باكر" لإنهاء البيان وتقديمه. هنا، تدخل رئيس المجلس، المستشار حنفى جبالى، بنبرة حملت عتابًا واضحًا، متسائلًا باستنكار: "هل فى هذه الجلسة التاريخية، والحكومة تعلم ما قد يدور فى الجلسة من تساؤلات فى ضوء ما شهدته جلسات الحوار المجتمعى من نفس التساؤلات عن البيانات الإحصائية، ومع ذلك الحكومة لم تجهز البيانات المطلوبة؟". ورغم حِدّة التساؤل، أكد الوزير فوزى التزام الحكومة والجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بإعداد "بيان دقيق بشكل خاص" سيتم تقديمه فى الموعد المحدد، وهو ما جعل المجلس يوافق على المناقشة من حيث المبدأ، معلقًا التفاصيل على ورود هذه البيانات الحاسمة.

لم يلبث أن انفجر الجدل مع مداخلة النائب إيهاب منصور، الذى أعلن رفضه القاطع لمشروع القانون، معتبرًا أنه "لم يحقق التوازن" المنشود بين طرفى العلاقة. وفصّل منصور أسباب رفضه، مشيرًا إلى أن المشروع أغفل مسائل جوهرية، أبرزها عدم معالجة أوضاع الفئات الأشد فقرًا، وتحديدًا "غير القادرين ممن يتقاضون معاش تكافل وكرامة"، مؤكدًا أنه لا يوجد حتى الآن حصر دقيق بأعدادهم. ثم انتقل إلى نقطة أكثر إيلامًا وخطورة، وهى ملف العقارات الآيلة للسقوط، موجهًا سؤاله مباشرة إلى الحكومة: "ماذا فاعلون أنتم مع أهلنا تحت الأنقاض فى عدد من محافظات الجمهورية بسبب انهيار العقارات المستمر؟". وأكد أن حزبه سيتقدم بتعديلات جوهرية حال الموافقة على التشريع، وهو ما دفع رئيس المجلس إلى مطالبة ممثلى الحكومة بتسجيل كل التساؤلات للرد عليها تفصيلًا.

فى المقابل، قدمت الأغلبية البرلمانية، ممثلة فى حزب "مستقبل وطن"، رؤيتها التى حاولت بناء جسر بين المخاوف الشعبية والضرورة التشريعية. أوضح الدكتور عبدالهادى القصبى، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب، أن هذا التشريع يأتى "تنفيذًا لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى نوفمبر 2024"، مؤكدًا أن المجلس يتصدى لملفات شائكة "ما كان لأحد من قبل أن يتصدى إليها". وكشف القصبى عن كواليس الحوار المجتمعى، معترفًا بأن الحزب نفسه كان لديه تحفظات على النسخة الأولى من القانون، التى تضمنت حدًا أدنى للقيمة الإيجارية "فى المدن 1000 جنيه وفى القرى 500 جنيه"، وهو ما اعتبره "عدم عدالة"، بالإضافة إلى غياب التزام واضح من الدولة بتوفير سكن بديل.

لكنه أكد أن النسخة الثانية شهدت استجابة حكومية، حيث تم "زيادة المدة الانتقالية لتصبح سبع سنوات بدلًا من خمس سنوات"، والأهم من ذلك، تضمنت النص الصريح على "التزام الدولة بأحقية المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار فى تخصيص وحدة سكنية أو غير سكنية (إيجارًا أو تمليكًا) من الوحدات المتاحة لدى الدولة". كما أشار إلى أن القانون الجديد يعزز حق الملكية عبر حالتين للإخلاء الفوري: الأماكن المغلقة لأكثر من عام دون مبرر، أو إذا ثبت امتلاك المستأجر لوحدة بديلة.

وفى كلمة شاملة، وضع المستشار حنفى جبالى النقاش فى سياقه التاريخى والقانونى، مؤكدًا أن هذه الأزمة "لم يكن لأى منا يد فى صناعتها، وإنما فرضتها الظروف الاقتصادية والاجتماعية التى مرت بها البلاد فى حقبة تاريخية معينة". واستعرض جبالى كيف تطورت أحكام المحكمة الدستورية لتقييد "الامتداد القانونى" الذى وصفه بأنه جعل العقد "يورث لغير مالكه"، وصولًا إلى حكمها الأخير الذى أقر بحق المشرع فى تنظيم الامتداد القانونى وتحديد القيمة الإيجارية. ثم أطلق رئيس المجلس الضمانة الأسمى والأكثر حسمًا فى الجلسة بأكملها، والتى لاقت ارتياحًا واسعًا، حين قال بوضوح لا يقبل الشك: "لن يُترك مواطن بلا مأوى أو أن يُزاح عن مسكنه دون أن يجد بديلًا آمنًا ومناسبًا يحفظ له كرامته الإنسانية ويصون للمجتمع أمنه وسلامته".

وهكذا، تركت الجلسة الباب مفتوحًا على مصراعيه أمام معركة تشريعية حقيقية ستدور حول التفاصيل. فالنجاح النهائى لهذا القانون لن يتحدد بنصوصه فقط، بل بمدى التزام الحكومة الفعلى بتحويل وعودها بتقديم البيانات وتوفير الوحدات البديلة إلى واقع ملموس، وبقدرة البرلمان على ترجمة ضمانة "لن يُترك مواطن بلا مأوى" إلى مواد قانونية محكمة لا تترك مجالًا للتأويل.

موضوعات متعلقة :

أبو العينين: الحكومة حققت التوازن فى مشروع قانون الإيجار القديم ويجب مراعاة غير القادرين

"محلية النواب" عن مناقشة قانون الإيجار القديم: اليوم جلسة تاريخية

علاء عابد: استجواب الحكومة حال عدم تحقيق العدالة الاجتماعية بتعديلات "الإيجار القديم"

نائبة أثناء مناقشة الإيجار القديم: يوجد وحدات إيجارها لا يتجاوز سعر "كيس سكر"

نائب بـ"التنسيقية" يطالب الحكومة بالالتزام بتوفير سكن بديل.. ويوافق على "الإيجار القديم"

"الحكومة بتلعب بالنار".. جدل تحت القبة حول الإيجار القديم.. مقترحات بتملك المستأجر بنظام التمويل العقارى.. ونواب: التعديلات تضع المجتمع أمام خطر داهم.. والحكومة وضعتنا بمواجهة الشعب.. ومطالبات باستدعاء "مدبولى"

رئيس "النواب" يطالب الحكومة ببيان عن أراضى سيتم بناء إسكان اجتماعى عليها

"النواب" يستكمل غدًا مناقشة الإيجار القديم.. و"جبالى" يؤكد دستورية القانون

وزير الإسكان يعلن طرح 100 ألف وحدة سكنية لمحدودي الدخل أول يوليو

التنمية المحلية: الحكومة لن تتخلى عن المستأجرين.. ولدينا حصر للأراضى لتوفير سكن بديل

"النواب" يرفع الجلسة العامة.. والمجلس يعود للانعقاد غدًا لاستكمال مناقشة الإيجار القديم


print