مع حلول عيد الأضحى المبارك وغيرها من الأعياد والمناسبات الدينية تعمل الأجهزة المختصة على تنفيذ قرار وزارة السياحة الصادر منذ 12 سنوات بإغلاق النوادي والملاهي الليلية ومحلات الخمور ومنع تقديم وتناول الخمور والمشروبات الكحولية في المنشآت السياحية للمصريين، احتراماً لمشاعر المسلمين، حيث يوجه رجال الأمن عدة ضربات متتالية لتجار الخمور والملاهي الليلية المخالفين لقرار وزارة السياحة، وذلك لمحاولة ضبط الشارع وعدم التأثير على فرحة ملايين المصريين خلال احتفالهم بعيد الأضحى، ومنع شراء وبيع الخمور والكحوليات فى الأماكن العامة والشوارع.
وتنفذ شرطة السياحة القرار بالمرور على المنشآت السياحية والتنويه على المخالفين بعقوبة إيقاف النشاط والشطب من سجلات وزارة السياحة، وحال ضبط أي مخالفة فسيتم إغلاق المنشأة السياحية أو المرفق المخالف فورًا لمدة شهرين متتاليين من قبل المحافظ المختص، مع إعلام وزارة السياحة والآثار بذلك، وتقتصر متابعة تنفيذ التعليمات من قبل وزارتي الداخلية، والسياحة، وسيشمل جميع المنشأت السياحية الحاصلة على نجمة أو خمس نجوم، وذلك ضمن لوائح رخصة وزارة السياحة بعدم فتح أو تشغيل الملاهي أو المحلات التي تقدم الخمور في المناسبات الدينية، حيث إنه ستتم معاقبة المخالفين وإحالتهم إلى النيابة لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم.
غلق محلات الخمور فى "وقفة عرفات"
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على المسئولية الجنائية لـ"السكران"، حيث إن الإشكالية التى تتصدى لها الأجهزة الأمنية في مثل هذه المناسبات والأوقات أن يصل الشخص إلى مرحلة "السكر"، ثم يخرج إلى الشارع، فكيف تصدى القانون المصري لـ"السكران"؟ وما المسئولية الجنائية لهذا "السكران"؟.. وهل يقوده مثل ارتكاب هذا الفعل حال القبض عليه للسجن؟ حيث يأتى ذلك القرار منذ 12 عاما عقب تعديل مواصفات واشتراطات المنشآت السياحية التي تشمل المحلات والمطاعم والملاهي الليلية والفنادق وصالات الديسكو، لتكون سارية طوال أيام رمضان وفي ليلة رأس السنة الهجرية وليلة الإسراء والمعراج ويوم المولد النبوي الشريف ويوم وقفة عرفات، والتحذير المنشآت المخالفة من عقوبة إيقاف النشاط والشطب من سجلات الوزارة.
عقوبة المخالفة
وفى هذا الإطار – تقول الخبير القانوني والمحامية رحاب سالم: إن مسألة غلق محلات بيع الخمور، والملاهى الليلية طرح العديد من التساؤلات لدى بعض المواطنين حيث يكثر فى مثل هذه الأيام والاحتفالات شراء وبيع الخمور والكحوليات كنوع من الاحتفال بقدوم العيد، إلا أنه وجب الاحتراس من تناول الخمور هذه الليلية وخاصة فى الأماكن العامة والشوارع، ما يقود الشخص إلى السجن، فوفقا للقانون رقم 63 لسنة 1976 فى شأن حظر شرب الخمر فقد اقتصر التجريم على تقديم الخمور فى الأماكن العامة والسكر فيها، بعقوبة الحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر والغرامة أو إحدى العقوبتين.
وبحسب "سالم" في تصريح لـ"برلماني": إن مسألة غلق محلات بيع الخمور، والملاهى الليلية فى وقفة عرفات "عيد الأضحى"، لا يستثنى منها أي من الفنادق، بينما فى الأيام العادية يستثنى من عقوبة الحبس والغرامة سالفة البيان كل من:
1- الفنادق والمنشآت السياحية المحددة طبقا لأحكام القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن الفندقية والسياحية طبقا لأحكام القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن الفندقية والسياحية.
2- الأندية ذات الطابع السياحي التى يصدر بتحديدها قرار من وزير القطاع السياحي طبقا لأحكام القانون رقم 77 لسنة 1975 بإصدار قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة.
يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة
وبحسب "سالم"، أنه يحظر النشر أو الإعلان عن المشروبات الكحولية فى الأماكن المرخص لها بها بأية وسيلة، ويجـازى كل من يرتكب ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر، وبغرامة لا تجاوز مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويعاقب بذات العقوبة المسئول عن نشر الإعلان أو إذاعته بأية وسيلة، حيث أن القانون المصري ينظّم عملية بيع وتناول المشروبات الكحولية "وفقاً لأحكام القانون رقم 63 لسنة 1976، والذي ينص على حظر تناول الخمور في الأماكن العامة والشوارع والميادين، لكن يستثنى من ذلك الفنادق والمنشآت السياحية والأندية ذات الطابع السياحي، كما أنه يحظر النشر أو الإعلان عن المشروبات الكحولية في الشوارع والميادين أو حتى في الأماكن المسموح لها ببيع الكحول أو تقديمه".
وتُضيف الخبير القانونى: يفرض القانون عقوبات على مخالفي حظر تقديم أو تناول الكحول في الأماكن العامة أو المحال العامة "بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر وبغرامة لا تجاوز 200 جنيه (نحو 11 دولاراً) أو بإحدى هاتين العقوبتين"، كما "يعاقَب بذات العقوبة مستغل المحل العام أو مديره الذي وقعت فيه الجريمة"، بحسب نص المادة 5 من القانون، وتنص المادة نفسها على "يجب الحكم في جميع الأحوال بالمصادرة، وبإغلاق المحل لمدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على 6 أشهر"، وهذا القانون المعروف بـ"قانون حظر شرب الخمر" هو لكل الأوقات ولا يطبّق فقط في رمضان. ولا توجَد فيه أي مادة تفرّق بين رمضان وغيره.
الخبير القانوني والمحامية رحاب سالم
القرار لا يستند إلى قانون
وتؤكد "سالم": ولا يستند منع تقديم الخمور للمصريين خلال وقفة عرفات أو رمضان في الفنادق والمنشآت السياحية إلى نص قانوني بل إلى قرار من وزير السياحة، وكذلك، فإن منع المحال من بيع المشروبات الكحولية يستند إلى قرارات إدارية، وفى الحقيقة لم يُشاهد قضية يعاقَب فيها شارب كحول في وقفة عرفات أو فى نهار رمضان، ولا حتى في خارج هذه المناسبات، حيث أن الشكاوى تُحرَّك والدعاوي تُفتح، ليس عن الشرب بحد ذاته، بل عن السكر، أي ما ينتج عن الشرب من فعل آخر يُعَدّ مخالفة أو جنحة أو جناية.
وتُشير إلى أن المادة السابعة من القانون المذكور تنص على أنه "يعاقَب كل مَن يُضبط في مكان عام أو في محل عام في حالة سكر بيّن بالحبس الذي لا تقل مدته عن أسبوعين ولا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تقل عن عشرين جنيهاً ولا تجاوز مائة جنيه، ويجب الحكم بعقوبة حبس في حالة العود"، وفى في حال تم القبض على شخص يتناول الكحول في الأماكن العامة، تتم مراعاة تغليظ العقوبة في نطاق القانون وبنحو استثنائي، لأن منفّذ القانون يضع اعتباراته الدينية بزعم أنها جزء من روح القانون.
هل هناك مسئولية جنائية على "السكران"؟
أما عن إشكالية دخول شخص ما من رواد حانة مرخصة بموجب قانون الحرف والصناعات تناول المسكر داخل الحانة حتى ثمل، وكنتيجة لفقدانه للشعور ارتكب جرم الإيذاء أو أي جرم آخر وتسبب الجاني الفاقد للشعور بجرح قطعي للمجني عليه كاد أن يودي بحياته.. فهل تتحقق المسؤولية الجنائية لهذا الفاعل الذي ارتكب الجرم وهو فاقد للشعور؟
يُجيب أستاذ القانون الجنائي والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق - أنه من الثابت علمياً أن الإفراط في تناول المواد المخدرة أو المسكرة يفضي إلى خلل في القدرات الذهنية وفي سيطرة الشخص على ما يصدر عنه من أفعال، ومقتضى ذلك رفع المسئولية الجنائية عن السكران فيما يرتكبه من جرائم سواء أكان قد تناول المخدر أو المسكر قهراً عنه أو باختياره، فالمشرع المصرى في المادة 2/62 عقوبات رفع المسئولية عن السكران إذا ما تناول المخدر أو المسكر قصراً عنه فدل بمفهوم المخالفة على مسئولية السكران باختياره، وليس في الفقه في هذا الشأن خلاف بل هو أيضاً مذهب القضاء، حيث إن محكمة النقض لم تطلق هذا النظر بالنسبة لكل الجرائم العمدية بل قصرته على طائفة منها وهي الجرائم التي يكتفي فيها القانون بالقصد العام، أما حيث يشترط القانون لوقوع الجريمة قصداً خاصاً فإن مسئولية السكران لا تتحقق بالنسبة لهذا القصد اللهم إلا إذا تناول المسكر أو المخدر ليقوي عزيمته على ارتكاب الجريمة إذ عندئذ يعتبر مسئولاً عن هذه الجريمة ولو كان القصد فيها خاصاً.
أستاذ القانون الجنائي والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق
بحسب "فاروق" فى تصريح خاص: والفقه مجمع على تخطئة هذا القضاء والرأي فيه أن التفرقة في الحكم بين القصد العام والخاص تحكمية، وأنه كان يتعين على محكمة النقض أن تسوي بين القصدين، لأنهما من طبيعة واحدة فكلاهما يقوم على العلم والإرادة، وهنا نعتقد أن تقرير مسئولية السكران باختياره بوجه عام وفقاً لمفهوم المخالفة للمادة 2/62 عقوبات هو من الأمور التي يمكن أن تثير شبهة عدم الدستورية، لأن المشرع افترض القصد لدى السكران باختياره افتراضاً لا يقبل إثبات العكس حال أن السكر يمكن في بعض الأحيان أن يعطل الإرادة التي هي مناط التأثيم طبقاً لما أطرد عليه قضاء المحكمة الدستورية، واختتم الإجابة بقوله: "إلى أن تقول المحكمة الدستورية العليا كلمتها فإنه يجب على القاضي بحث كل حالة على حدة، فإن ثبت توافر الإرادة قامت المسئولية، وإن تخلفت انعدمت المسئولية العمدية والخطيئة على السواء".
قرار وزير السياحة المصري الأسبق منير فخري عبد النور
يشار إلى أن وزير السياحة المصري الأسبق منير فخري عبد النور قد قرر قبل 12 سنة منع تقديم وتناول الخمور والمشروبات الكحولية في المنشآت السياحية للمصريين، لتشمل كافة أيام المناسبات الدينية احتراماً لمشاعر المسلمين، حيث أكدت الوزارة إنه تم تعديل مواصفات واشتراطات المنشآت السياحية التي تشمل المحلات والمطاعم والملاهي الليلية والفنادق، لتكون سارية طوال أيام رمضان وفي ليلة رأس السنة الهجرية وليلة الإسراء والمعراج ويوم المولد النبوي الشريف ويوم وقفة عرفات.
ونصت تعليمات الوزارة على إغلاق جميع الملاهي والنوادي الليلية وصالات الديسكو والبارات في الفنادق السياحية خلال المناسبات الدينية أبرزها وقفة عرفات وأيام رمضان ابتداء من ليلة إعلان أول أيام الشهر الفضيل وحتى صباح أول أيام عيد الفطر، وحذرت المنشآت المخالفة من عقوبة إيقاف النشاط والشطب من سجلات الوزارة.