تُولي الدولة المصرية اهتماما متزايدا بتحسين مناخ الاستثمار وتنمية الأسواق المالية، إدراكًا منها لأهمية هذه المجالات في دعم النمو الاقتصادي المستدام وتعزيز مكانة مصر على خريطة الاستثمارات الإقليمية والدولية.
وتتبنى الحكومة المصرية رؤية إصلاحية شاملة تهدف إلى تهيئة بيئة استثمارية آمنة ومستقرة وجاذبة لرؤوس الأموال، من خلال تحديث الأطر التشريعية والتنظيمية، وتطوير البنية التحتية المالية، وتحسين كفاءة السياسات المالية والنقدية بما يتماشى مع التطورات المحلية والدولية.
وفي هذا السياق، تأتي خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025/2026، التي قدمتها الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إلى مجلسي النواب والشيوخ، كترجمة عملية لهذه الرؤية، حيث تركز الخطة على دعم الاستثمارات غير المباشرة، وعلى رأسها الاستثمارات في محفظة الأوراق المالية، باعتبارها ركيزة مهمة من ركائز التمويل، ومحفزًا رئيسيًا لتحفيز النمو وتنشيط السوق المالية وزيادة السيولة.
ووفقًا لتقرير البنك المركزي المصري حول تطور ميزان المعاملات المالية والرأسمالية، فقد شهدت استثمارات الأجانب في محفظة الأوراق المالية تحولًا إيجابيًا كبيرًا خلال العام المالي 2023/2024، إذ سجلت صافي تدفقات موجبة بقيمة نحو 14.5 مليار دولار، بعد فترتين من التدفقات السالبة بلغت نحو 21 مليار دولار في 2021/2022 و38 مليار دولار في 2022/2023.
ويعكس هذا التحسن المتسارع ثقة المستثمرين الأجانب في استقرار الاقتصاد المصري، لاسيما في أعقاب القرارات الاقتصادية الجريئة الصادرة في 6 مارس 2024، والتي تضمنت إصلاحات جوهرية في سعر الصرف، وسياسات جذب الاستثمار، فضلًا عن تأثير صفقة تطوير مشروع "رأس الحكمة" التي عززت من ثقة السوق.
كما تُعزى هذه النتائج أيضا إلى تنامي جاذبية أدوات الدين الحكومية المصرية، التي أصبحت أكثر قدرة على جذب رؤوس الأموال الأجنبية في ظل ارتفاع العائد وتراجع المخاطر النسبية.
وفي هذا الإطار، تستهدف خطة التنمية متوسطة المدى (حتى عام 2028/2029) الحفاظ على تدفقات استثمارية مستقرة في أدوات الدين العام (أذون الخزانة والسندات الحكومية)، بمتوسط سنوي يقدر بنحو 20 مليار دولار، مع وضع آليات فعّالة للتحوط ضد مخاطر "الأموال الساخنة"، من خلال تخصيص حسابات مستقلة لهذه التدفقات خارج نطاق الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي.