الخميس، 08 مايو 2025 10:20 م

بتوجيهات رئاسية.. قانون جديد للعمالة المنزلية ينصف مليون شخص.. وزارة العمل تعد تشريعا جديدا لحمايتهم وإنهاءه خلال 6 أشهر.. مطالب بعقد عمل ملزم يحدد المهام.. ونقيب القطاع الخاص يقترح التبليغ الإلكترونى للشكاوى

بتوجيهات رئاسية.. قانون جديد للعمالة المنزلية ينصف مليون شخص.. وزارة العمل تعد تشريعا جديدا لحمايتهم وإنهاءه خلال 6 أشهر.. مطالب بعقد عمل ملزم يحدد المهام.. ونقيب القطاع الخاص يقترح التبليغ الإلكترونى للشكاوى وزارة العمل
الخميس، 08 مايو 2025 05:00 م
كتبت آية دعبس
- خبير قانونى: عاملات المنازل ظلت خارج حماية القانون لعقود بحجة حرمة البيوت
 
في خطوة تاريخية طال انتظارها، تتجه مصر أخيرا نحو إنهاء عقود من التهميش القانوني للعمالة المنزلية، تلك الفئة التي ظلت لأكثر من نصف قرن خارج مظلة الحماية القانونية بحجة "حرمة المنازل"، اليوم، وبتوجيهات رئاسية مباشرة فى احتفالية عيد العمال 2025، يجري العمل على صياغة قانون شامل ينظم أوضاع أكثر من مليون مصري وإفريقي وجنسيات متعددة يعملون في خدمة المنازل، من عاملات نظافة ومربيات وطباخين وسائقين وحراس، ممن يقدمون خدمات يومية حيوية للأسر المصرية دون أي ضمانات قانونية تحميهم من الاستغلال أو التعسف.
 
يأتي هذا التحرك الجريء في وقت باتت فيه قضايا العدالة الاجتماعية على رأس الأولويات الوطنية، حيث يسعى المشرع المصري إلى موازنة دقيقة بين احترام خصوصية المنازل من جهة، وضمان الحقوق الأساسية لفئة طالما عانت من الإهمال التشريعي من جهة أخرى، وبين آمال الخبراء ومقترحات النقابيين، وتحديات التطبيق العملي، يفتح هذا الملف نافذة أمل لتحقيق عدالة طال انتظارها.
 
وفى إطار جهودها الجادة لهذا الموضوع، عقدت وزارة العمل عدة جلسات حوارية مع منظمات المجتمع المدني وبعض الخبراء لمناقشة احتياجات هذه الفئة من العمل، وقررت عدم إدراج قضايا العمالة المنزلية في القانون العام للعمل، بل تخصيص بنود خاصة وحماية خاصة لهذه الفئة.
 
وأكدت الوزارة أنها شكلت لجنة قانونية بالتعاون مع منظمة العمل الدولية لوضع تصور كامل للقانون، مع هدف إنهاء العمل عليه في موعد أقصاه ستة أشهر، وأشارت إلى أن هذا مشروع حساس جداً ويتطلب الوقت الكافي لصياغته بشكل صحيح، كما أكدت أن الدولة تعمل على تنظيم سوق العمالة المنزلية من خلال إصدار تصاريح عمل، مشددة على أنه لن يُسمح لأي عامل أجنبي بالعمل دون تصريح رسمي.
 
وتعليقا على الأمر، قال الدكتور نيازى مصطفى، الخبير القانونى، إن العمالة المنزلية لم تكن خاضعة لأحكام قانون العمل المصري، وكان يتم استثناؤها تاريخيًا بحجة الحفاظ على "حرمة المنازل"، وهو ما حرم هذه الفئة من أي حماية قانونية أو تنظيم رسمي لعلاقة العمل، على مدار عقود.
 
وأضاف مصطفى، في تصريحات خاصة، أن هذا الوضع ظل مستمرا رغم ما قد تتعرض له العاملات من انتهاكات داخل المنازل الخاصة، لافتا إلى أن القانون الجديد الذي يجري العمل عليه حاليا، بدعم من التوجيهات الرئاسية، يهدف إلى إنهاء هذا التهميش القانوني وإدخال هذه الفئة ضمن منظومة الحماية.
 
وأوضح أن القانون المقترح قد يعتمد على الآليات الجديدة الموجودة في المحاكم العمالية، وعلى رأسها قاضي الأمور الوقتية، الذي سيكون بإمكانه إصدار إذن قضائي مسبب بتفتيش المنازل بناء على شكوى من العاملة أو العامل، وهو ما يُعد تطورا مهمًا يسمح بتطبيق القانون دون الإخلال بحرمة المنازل، حيث أن هذا النوع من الأذونات القضائية معمول به وفق الدستور، ويصدر إما من النيابة العامة أو من قاضي مختص.
 
وتعليقا على رؤية البعض أن إصدار قانون خاص بالعاملين في المنازل يمثل تمييزا سلبيا، قال الدكتور نيازى،: إن الواقع العملي يتطلب وجود قانون يراعي خصوصية هذا النوع من العمل، ويقدم رعاية إضافية للفئة التي تعد أولى بالحماية، مؤكدا أن علينا انتظار صدور القانون أولا للإطلاع على محتواه قبل إطلاق الأحكام.
 
وأشار إلى أن وجود قانون منظم لهذه العلاقة سيكون خطوة مهمة، خاصة أن هذه الفئة لا تتمتع حاليا بأي حقوق منصوص عليها قانونا، وإنما تخضع فقط لاتفاق الطرفين، وهو ما قد يفتح الباب أمام الاستغلال وسوء المعاملة، وأضاف: "وجود قانون حتى لو كان محل انتقاد، أفضل من غياب كامل لأي تنظيم.. يمكن تعديل القانون لاحقا، لكن لا يمكن قبول استمرار هذا الفراغ القانوني بعد أكثر من 40 سنة من الحديث عن إصدار تشريع خاص".
 
وفيما يتعلق بأهم النقاط التي يجب أن يتضمنها القانون، أشار الخبير القانونى إلى ضرورة مراعاة طبيعة العمل المنزلي، ومنها مرونة ساعات العمل، والتفرقة بين وقت العمل الفعلي ووقت "الاستعداد" أو ما يُعرف بـ"stand by"، إلى جانب النظر في تنظيم أوضاع العاملات المقيمات داخل المنازل، بما في ذلك الإقامة، والطعام، والمعاملة، وغيرها من الجوانب غير الموجودة في بيئات العمل التقليدية، كما لابد من معالجة هذه العلاقة بشكل يتناسب مع خصوصيتها.. فالعلاقة بين صاحب المنزل والعاملة ليست كالعلاقة بين صاحب المصنع والعامل، ويجب أن يعكس القانون هذا الفارق لضمان العدالة للطرفين".
 
من ناحيته، قال شعبان خليفة رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص، إن هذه هي المرة الأولى منذ خمسين عاما التي يتم فيها الاقتراب من هذا الملف الحساس بجدية، في إشارة إلى توجيهات الرئيس السيسي بإطلاق حوار مجتمعي بشأن قانون ينظم أوضاع العاملين والعاملات بالمنازل، مشيرا إلى أن هذه الخطوة، وإن أتت متأخرة، تُعد تحركا جريئا نحو العدالة الاجتماعية، خاصة لفئة حرمت طويلا من أبسط الحقوق مثل التأمين الصحي، والاجتماعي، والعقود الرسمية.
 
وأشار خليفة، فى تصريحات خاصة، إلى أهمية توسيع مفهوم "العمالة المنزلية"، لتشمل ليس فقط من يقوم بأعمال التنظيف أو الطهي أو رعاية الأطفال، ولكن أيضا السائقين، الحراس، "الجناينية"، الطباخين، وحتى المربيات المقيمات، هؤلاء جميعا يقدمون خدمات يومية حيوية داخل المنازل، إلا أنهم يظلون في الظل، بلا غطاء قانوني أو ضمانات تحميهم من التعرض للفصل التعسفي أو الإهانات أو التحرش أو حتى العنف.
 
وركز خليفة بشكل واضح على الجوانب النفسية التي تواجه هذه الفئة، حيث يفتقدون في كثير من الأحيان إلى الحد الأدنى من الاحترام والتقدير في بيئة عملهم، وهو ما قد يترك آثارا عميقة في سلوكهم وصحتهم النفسية، موضحا أن العلاقة بين رب المنزل والعامل المنزلي تكون غالباً غير متوازنة، ما يجعل العامل في موقع هش، معرض للاستغلال دون وسيلة إنصاف فعّالة.
 
ولفت إلى تحديات مهمة، منها كيفية التفتيش على ظروف العمل داخل المنازل دون انتهاك خصوصيتها، واقترح لذلك آليات مبتكرة مثل التبليغ الإلكتروني عن الشكاوى عبر بوابة الحكومة، أو إتاحة خدمات الدعم النفسي في مكاتب العمل الكبرى، كما شدد على ضرورة أن يتضمن القانون بنودا ملزمة لعقود العمل، تضمن حقوق الطرفين بشكل متوازن.
 
واقترح رئيس نقابة القطاع الخاص، حزمة ضمانات ضرورية لابد أن يتضمنها القانون، منها: إقرار عقد عمل مكتوب ومُلزم يحدد المهام وساعات العمل والأجر، تأمين صحي واجتماعي للعاملات والعاملين بالمنازل، النص على حقهم فى مكافأة نهاية خدمة بعد مدة معينة "مثل شهر عن كل سنة"، والعمل على إنشاء صندوق طوارئ للتعامل مع أزمات هذه الفئة، فضلا عن إمكانية إنشاء نقابات أو جمعيات لرعاية حقوقهم، وضمانات لحمايتهم من العنف أو الطرد التعسفي أو الاستغلال.
 
كما قدم مقترحات لتطبيق القانون بسهولة عقب الانتهاء منه، من بينها: إتاحة تسجيل عقود العمل من خلال تطبيق إلكتروني سهل الاستخدام، اعتماد مكاتب العمل كجهات تسجيل ومتابعة دورية لهذه العقود، وتخصيص موظفين للدعم النفسي والاجتماعي في مكاتب العمل، بالإضافة إلى التعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لحصر العمالة المنزلية بشكل دقيق، لوجود تفاوت كبير بين أعدادهم التى قد تصل إلى أكثر من مليون عامل.

الأكثر قراءة



print