أصدرت الدائرة المدنية (هـ) – بمحكمة النقض – حكما قضائيا فريدا من نوعه، ينظم العلاقة بين البائع والمشترى وإشكالية الالتزام بالتعاقدات، والاتفاقات بين الأطراف وغيرها، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية، قالت فيه: "حق الحبس أو ما يسمى بالدفع بعدم التنفيذ لإخلال الطرف الأخر بالتزاماته تجاه الطاعن، وكيفية أن عدم الرد على هذا الدفع رغم جوهريته قصور فى التسبيب وإخلال بحق الدفاع يبطل الحكم وينقضه".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 7761 لسنة 91 قضائية، لصالح المحامى بالنقض أحمد أبو المعاطى جمعه، برئاسة المستشار معتز أحمد محمد، وعضوية المستشارين صلاح الدين جلال، وإيهاب طنطاوي، ومحمد فاروق، وسامح حجازی، وبحضور كل من رئيس النيابة خالد منبع، وأمانة سر إسلام محمد أحمد.
الوقائع.. نزاع قضائى بين طرفين لعدم الالتزام بالتعاقدات
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا علي الطاعنين الدعوي رقم 694 لسنة 2017 محكمة كفر الشيخ الابتدائية مأمورية المنزلة، بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا اليهم مبلغ مليوني جنية علي سند من أنه بموجب العقد المؤرخ 26 سبتمبر 2016 تم الاتفاق فيما بينهم علي أن يختص كل طرف بحصة مقدارها النصف في العقارات والأطيان الواردة في العقد، وأن يضع الطاعنين يدهم علي عدد 6 محلات بالعقار المبين بالعقد، ثم يسلموا المطعون ضدهم 3 منها للتصرف فيها، إلا أنهم خالفوا ما اتفق عليه وامتنعوا عن نقل بيانات حيازة الأطيان الزراعية إليهم.
وفى تلك الأثناء - أقاموا الدعوي رقم 660 لسنة 2017 مدني المنزلة، بطلب إبطال عقد البيع المؤرخ 1 سبتمبر 2016 المتضمن بيعهم للمطعون ضدهم مساحة 6 أفدنة و16 قيراطا و5 أسهم بالمخالفة لبنود الاتفاق، فأقاموا الدعوي، ثم أقام الطاعنون دعوي فرعية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم بالتعويض المناسب عن الأضرار التي لحقت بهم جراء تعرضهم لهم في حق الاستئجار الثابت لهم خلفاً لمورثهم في الأعيان موضوع العقد المؤرخ 1 يونيو 1968، ثم حكمت المحكمة برفض الدعوي الفرعية، وفي الدعوي الأصلية بإجابة المطعون ضدهم الى طلباتهم بحكم استأنفه الطاعنون برقم 3467 لسنة 72 ق المنصورة، وفيه قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الراي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
مذكرة الطعن تستند على عدة أسباب لإلغاء الحكم
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم، حيث ذكرت إن مما ينعاه الطاعنون علي الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، إذ تمسكوا في صحيفة الاستئناف بحقهم في الامتناع عن تنفيذ التزاماتهم الناشئة عقد الاتفاق المؤرخ 1 سبتمبر 2016 لعدم تنفيذ المطعون ضدهم لالتزاماتهم بتسليمهم الشقق التي اختصوا بها في ذات العقد والكائنة في العقار التي تقع بها المحلات موضوع التداعي، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع إيرادا له وردا عليه رغم أنه من الالتزامات المتقابلة الواردة بالعقد وقضي بإلزامهم بالمبلغ المقضي به، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
النقض تؤكد: حق الحبس أو ما يسمى بالدفع بعدم التنفيذ لإخلال الطرف الأخر بالتزاماته
وبحسب "المحكمة": وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن المادة 161 من القانون المدني خولت للمتعاقد في العقود المدنية الملزمة للجانبين حقا في أن يمتنع عن تنفيذ التزامه، إذ لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به هذا الحق - وهو ما اصطلح على تسميته بالدفع بعدم التنفيذ - إن هو إلا الحق في الحبس في نطاق العقود الملزمة للجانبين، ولئن كان المعتصم بهذا الحق أو الدفع في غير حاجة إلى دعوى يرفعها على المتعاقد الآخر للترخيص له باستعمال هذا الحق، بل له أن يتربص حتى ترفع عليه الدعوى من ذلك المتعاقد الآخر بمطالبته بتنفيذ ما توقف عن تنفيذه من التزاماته فيتمسك فيها حينئذ بحقه في عدم التنفيذ، وأن إغفال المحكمة بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان دفاعاً جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية يقتضى بطلانه.
لما كان ذلك - وكان الثابت من الصورة الرسمية لصحيفة الاستئناف أن الطاعنين تمسكوا بأن عدم وفائهم بالتزامهم قبل المطعون ضدهم هو استعمالاً منهم لحقهم في عدم تنفيذ التزامهم التعاقدي لعدم تنفيذ المطعون ضدهم لالتزامهم قبلهم بتسليمهم الشقق وعقارات أخري اختصوا بها بموجب عقد الاتفاق موضوع الدعوي، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامهم بقيمة الشرط الجزائي المنصوص علية في البند العاشر من عقد الاتفاق والتفت عن تناول هذا الدفاع الجوهري بما يقتضيه من البحث والتمحيص ولم يقل كلمته فيه مما أدى به إلى استخلاص التقصير في جانب الطاعنين من مجرد تخلفهم عن الوفاء بالتزاماتهم دون التحقق من مدي وفاء المطعون ضدهم بما التزموا به قبلهم في عقد الاتفاق مما يعيبه بالقصور المبطل بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف المنصورة، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات ومبلغ مائتي جنية مقابل أتعاب المحاماة.