الواقع والحقيقة يؤكدان أن هناك تطورات جديدة وهامة سيشهدها ملف الإيجار القديم، وذلك بعد إعلان الحكومة تشكيل لجنة مشتركة تمثل الملاك والمستأجرين بهدف العمل على صياغة مشروع قانون، يتم طرحه أولا على الرأي العام، بهدف إجراء حوار مجتمعي بشأنه، قبل إقراره من البرلمان، بهدف الوصول إلى صيغة تعيد التوازن بين المالك والمستأجر، وفي الوقت نفسه مراعاة البعد الاجتماعي، باعتباره أحد أهم القضايا التاريخية المعقدة، وهو ملف الإيجارات القديمة.
وتعتبر أزمة الإيجار القديم من الأمور التي ستظل تشغل بال الملايين بين المالك – المؤجر – والمستأجر في الوقت الذي لاتزال تتوالى ردود الأفعال حول التعديلات المرجوة، الأمر الذي يزيد معه الحالة ترقبا لما سوف تقره اللجنة المشتركة المرتقبة من تشريعات جديدة خلال الفترة المقبلة، مع مراعاة أهمية وحساسية وخطورة هذا القانون، فضلاَ عن مراعاة التوازن بين مصلحة الطرفين المالك والمستأجر.
تطورات جديدة وهامة سيشهدها ملف الإيجار القديم
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تهم ملايين الملاك والمستأجرين تتمثل في "امتداد عقد الايجار"، وذلك في الوقت الذى تعتبر فيه مسألة امتداد عقد الإيجار من الأمور التي ستظل تشغل بال الملايين بين المالك – المؤجر – والمستأجر حيث لا تزال تتوالى ردود الأفعال حول مدى اقتراح قوانين لـ "تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر"، وكذا "قانون الإيجارات القديمة"، الأمر الذي يزيد معه الحالة ترقبا لما سوف يتم اقتراحه وإقراره من تشريعات جديدة خلال الفترة المقبلة، مع مراعاة أهمية وحساسية وخطورة المساس بهذا القانون، فضلاَ عن مراعاة التوازن بين مصلحة الطرفين المالك والمستأجر – بحسب المستشار القانونى لرابطة المستاجرين والمحامى بالنقض ميشيل إبراهيم حليم.
في البداية - من المعروف أن المراقبين يصفون بشكل دائم مجرد مناقشة "قانون الايجار القديم" بمثابة الخوض في حقل ألغام، كونه يتناول شأن ملايين من الأسر المصرية، ولكن ترك الأمر على ما هو عليه يزيد من حدة تفاقم المشكلة، ومعاناة المستأجرين والملاك على السواء، فالكل يشكو ويتذمر، خاصة من العلاقة الإيجارية فضلا عن إشكالية امتداد عقد الإيجار إلى ورثة المستأجر، وهنا نتحدث عن حالات لأحقية امتداد عقد الايجار حتى نلم الأمر بشكل جيدا كالتالى – وفقا لـ"حليم":
1-الامتداد القانوني لعقد الايجار مع أحكام المحكمة الدستورية المتعلقة بالموضوع.
2- الامتداد القانوني لورثة المستأجر.
3- أحكام خاصة بعقد الايجار "حــق ورثة المستـأجر في الامتـداد القانونـي لعقد الإيجار".
الامتداد القانوني لعقد الايجار واختلاف طبيعته
المسألة الأولى الامتداد القانوني لعقد الايجار واختلاف طبيعته: وهو موضوع في منتهى الأهمية يتمثل في الامتداد القانوني لعقد الإيجار الخاضع في أحكامه للقانون 49 سنة 1977 سوف نستعرضه من خلال الإجابة على السؤال.. هل يعتبر ابن المستأجر الأصلي - أو الممتد له عقد الايجار - ممتداً له عقد الإيجار بعد وفاة المستأجر الأصلي أم يعتبر مستأجراً اصلياً بموجب نص المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 الفقرة الثالثة منها؟ فقد قضت المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 الفقرة الثالثة: "وفي جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد أيجار لمن لهم حق في الاستمرار فى شغل العين ويلتزم هؤلاء الشاغلون بطريق التضامن بكافة أحكام العقد" – الكلام لـ"حليم".
ويجب هنا أن نورد في هذا المقام حكم خطير وفى منتهى الأهمية للمحكمة الدستورية العليا صادر في 3 نوفمبر 2002 بموجب الطعن رقم 70 لسنة 18 قضائية دستورية وهو طعناً على نص المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 فقد انتهت المحكمة الدستورية فى قضائها إلى عدم دستورية الفقرة الثالثة فقط من هذه المادة، فيلاحظ أن الحكم بهذا المعني قد أقر الامتداد القانوني لمن لهم حق الامتداد القانوني بعد وفاة أو ترك المستأجر الأصلي للعين.
عقد الإيجار كان "مؤبدا" قبل الطعن على المادة 29
ولكنها أوردت حكماً جديداً وهو أن المستأجر الأصلي لا يلتزم بتحرير عقد أيجار لمن لهم حق الامتداد بنفس شروط عقد إيجار سلفهم، وكان هذا الامتداد يتم مباشرة بعد وفاة المستأجر الأصلي أو تركه للعين ويعتبر من امتد له عقد الإيجار- بعد استيفاء شروط امتداد عقد الإيجار- مستأجراً اصلياً فيمتد عقد الإيجار إلى من يليه بعد ذلك جيل وراء جيل، مما يعتبر معه عقد الإيجار عقداً ابدياً وهو ما يخالف طبيعته المؤقتة، فجاء حكم المحكمة الدستورية بأن جعل العقد بعد وفاة المستأجر الأصلي أو تركه للعين ممتدا وليس محرراً من جديد مع المؤجر.
وهذا المعني له أثر على طبيعة العلاقة الايجارية الجديدة بعد الحكم بعدم الدستورية وهي أن العقد يمتد لمن له الحق فيه لمرة واحدة فقط على اعتبار أنه لم يصبح - في هذه الحالة - مستأجر أصلياً، وراعي الحكم أيضا مسألة فى غاية الخطورة ألا وهي أن أثر أعمال الحكم يفرق كثيراً لو كان هذا الحكم سيعمل به بأثر رجعي، ففي هذه الحالة تنهار كيانات أسرية عريضة في المجتمع وحفاظاً على هذا الاستقرار المجتمعي، فقد أورد الحكم أمرا بأعمال أثره في اليوم التالي لتاريخ نشره أي في يوم 15 نوفمبر 2002، وذلك يفيد أن الأوضاع السابقة تظل على حالها لأنها مستمدة من الواقع القانوني، ولأنها تمت في ظل القانون، فيظل من امتد له عقد الإيجار - قبل الحكم - مستأجراً اصلياً ويمتد عقد إيجاره إلى من له الحق فيه بعد وفاته أو تركه العين.
مثال توضيحى على ذلك:
ولكن بعد 15 نوفمبر 2002 إذا توفي المستأجر الأصلي يمتد عقد الإيجار الى من له الحق فيه، ويكون العقد فى هذه الحالة منتهيا بوفاة المستأجر الأصلي، ويكون من له حق الامتداد القانوني ممتداً له العقد وليس مستأجراً ولا يلزم المؤجر بتحرير عقد إيجار له، ولا يمتد العقد بعد وفاته أو تركه العين، وبإنزال القواعد السابقة على مثال لتوضيح الأمر:
دعوى أقامها مالك فى مواجهة ابن المستأجر الأصلي المتوفى فى 15 سبتمبر 2002 والتي يطلب فيها إخلائه من عين التداعي على زعم أنه مغتصبها وليس له حق فيها، فإنه يحق لهذا الابن أن يدعي فرعيا فى هذه الدعوى بأن يطلب من المحكمة الحكم له بإلزام المالك بتحرير عقد إيجار له بنفس شروط عقد إيجار المستأجر الأصلي ليس مجرد يحق له الامتداد القانوني ولكن يحق له الحكم بإلزام المالك بتحرير عقد إيجار له بنفس شروط عقد إيجار المستأجر الأصلي متى أثبت أمام المحكمة أنه يحق له الامتداد القانوني لعقد الإيجار طبقاً للشروط الواردة بنصوص القانون وهي الإقامة الهادئة والمستقرة مدة عام سابق على الوفاة أو الترك.
الامتداد القانوني لورثة المستأجر:
حــق ورثة المستـأجر فى الامتـداد القانونـي لعقد الإيجار، فالأساس القانوني لحق ورثة المتاجر الأصلي في البقاء في العين المؤجرة: "لا ينتهي الإيجار بموت المؤجر ولا بموت المستأجر المادة 601 فقرة 1 من القانون المدنى"، وعقد الإيجار الخاضع لأحكام القانون المدني لا ينقضى بموت أحد عاقديه المؤجر أو المستأجر ومقتض ذلك أن عقد الإيجار يظل نافذا بين الورثة سواء ورثة المؤجر أو ورثة المستأجر إلى أن تنقضي المدة المحددة له قانونا ، وبالتالي تنتقل التزامات العقد إلى الورثة الشرعيين فيلزم ورثة المؤجر بتمكين المستأجر أو ورثته من الانتفاع بالعين كالتزام أساس وجوهري، وفى المقابل يلتزم المستأجر أو ورثته بأداء القيمة الإيجارية.
مفهوم امتداد عقد الإيجار في ظل قواعد القانون المدني
ملحوظة: مفهوم الامتداد فى ظل قواعد القانون المدني لا يعنى وكما كان الوضع فى قوانين الإيجارات الاستثنائية امتداد تلقائي دون حد أقصى للمدة، بل امتداد العقد حتى ينتهى بانتهاء المدة المقررة له.
التعاقد لأسباب شخصية - التعاقد لاعتبارات خاصة
أثر ذلك على الامتداد القانوني لعقد الإيجار: "إذا لم يعقد الإيجارية إلا بسبب حرفة المستأجر أو لاعتبارات أخرى تتعلق بشخصه ثم مات جاز لورثته أو للمؤجر أن يطلب إنهاء العقد"، المادة 602 من القانون المدنى - لما كان الأصل فى عقد الإيجار أنه من العقود المالية والتي لا تبرم عادة لاعتبارات خاصة "حرفة المستأجر – شخصيته" فإن عقد الإيجار لا ينتهي قانونا بموت أحد المتعاقدين بل يظل نافذا مولدا لإثارة إلى أن تنقضي مدته، والعقود المحررة لأسباب خاصة - العقود المحررة بسبب حرفة المستأجر:
- إذا كان الإيجار معقوداً بسبب حرفة المستأجر أو لاعتبارات خاصة فإن الإيجار وأن كان لا ينتهي بقوة القانون فإنه يجب أن يطلب إنهاؤه.
-إذا لم يعقد الإيجار إلا بسب حرقة المستأجر أو لاعتبارات أخرى تتعلق بشخصه ثم مات جاز لورثته أو للمؤجر أن يطلبوا إنهاء العقد.
ملحوظة: إذا كان الإيجار قد عقد لاعتبارات شخصية في المستأجر، كما لو أجرت العين لتكون مكتب محام أو عيادة طبيب، وكما فى عقد الزراعة فيجوز لورثة المستأجر أن يطلب إنهاء العقد "من المذكرة الإيضاحية للقانون".
خلاصة القول:
أن الإيجار لا ينتهى بموت المستأجر وأن الحقوق الناشئة عن العقد والالتزامات المترتبة عليه تنتقل إلى ورثته وأن كان يحق لهم طلب إنهائه إذ كان لم يعقد إلا بسبب حرفة مورثهم أو لاعتبارات أخرى متعلقة بشخصه، لذا يكون في استمرار الإيجار رغم عدم توافر القدرة لدى ورثته على استعمال الشيء المؤجرة فيما أجر لتحقيقه من أعراض إعنات لهم رأى المشرع إعفائهم منه، كما يحق للمؤجر طلب الإنهاء إذا كانت الاعتبارات الشخصية في المستأجر هي التي دفعت المؤجر إلى التعاقد معه بحيث لا يصلح ورثته للحلول محله في تحقيق الغرض من الإيجار.
حــق ورثة المستـأجر فى الامتـداد القانونـي لعقد الإيجار
الأساس القانوني لحق ورثة المتاجر الأصلي في البقاء في العين المؤجرة: "لا ينتهي الإيجار بموت المؤجر ولا بموت المستأجر"، المادة 601 فقرة 1 من القانون المدنى، حيث أن عقد الإيجار الخاضع لأحكام القانون المدنى لا ينقضى بموت أحد عاقدية المؤجر أو المستأجر ومقتض ذلك أن عقد الإيجار يظل نافذا بين الورثة سواء ورثة المؤجر أو ورثة المستأجر إلى أن تنقضي المدة المحددة له قانونا، وبالتالي تنتقل التزامات العقد إلى الورثة الشرعيين فيلزم ورثة المؤجر بتمكين المستأجر أو ورثته من الانتفاع بالعين كالتزام أساس وجوهري، وفى المقابل يلتزم المستأجر أو ورثته بأداء القيمة الإيجارية.
المستشار القانونى لرابطة المستأجرين والمحامى بالنقض ميشيل إبراهيم حليم