الإثنين، 29 أبريل 2024 03:06 م

لغة "الضاد".. تحركات برلمانية لمواجهة أزمة تفضيل "اللغات الأجنبية" على العربية.. و4 عوائق تواجه تطبيق مشروع القانون الجديد

لغة "الضاد".. تحركات برلمانية لمواجهة أزمة تفضيل "اللغات الأجنبية" على العربية.. و4 عوائق تواجه تطبيق مشروع القانون الجديد مجلس النواب - أرشيفية
الخميس، 02 ديسمبر 2021 11:21 ص
كتب علاء رضوان

لغة الضاد - "اللغة العربية" - تعتبر من اللغات التي كان لها شأن كبير بين لغات العالم في مسيرة الحضارات، بما لها في الحقيقة من خصائصِ العراقة في تكوينها، وغزارة مفرداتها، وسلامة أصولها، وهي بمثابة خصائص جعلها تتشرف بنزول القرآن الكريم كونها معجزة خالدة من الهداية والبلاغة، وقيم الحق والخير، حتى أن تواصـل تطورهـا يفصـح عن نهضـة الأمة، ويبشر بأن تكون اللغة العربيـةُ أساس وحدة الأمة في الفكر والتشريع ومصدر الهداية لوحدتها الكبرى، حيث أن الدستور المصري نص في مادته الثانية على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية في جمهورية مصر العربية، تدوينا ولفظاً.

لجنة الإعلام والثقافة بمجلس النواب، بدأت الثلاثاء الماضى، مناقشة مشروع قانون "حماية اللغة العربية"، مقدم من النائبة سولاف درويش، وأكثر من عشر عدد أعضاء المجلس "60 عضوا" بشأن النهوض باللغة العربية، والنائبة منى عمر وأكثر من عشر عدد أعضاء المجلس "60 عضوا" في ذات الموضوع، وقد أحاله رئيس مجلس النواب إلى لجنة مشتركة من لجان الإعلام والثقافة والآثار، الإدارة المحلية، التعليم والبحث العلمي، الشئون الاقتصادية لبحثه ومناقشته.  

20210316021533211

الدكتور أحمد الطيب يشيد بمشروعي القانون

 

وجه الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف التحية لكلا من النائبتين سولاف دوريش ومني عمر، على تقديمهما مشروعي قانون "حماية اللغة العربية"، وقال الدكتور غانم السعيد عميد كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، خلال اجتماع لجنة الإعلام بمجلس النواب بالأمس، لمناقشة ، إن :" الأمام الأكبر أحمد الطيب يوجه التحية لنائبتين على تقدميهما مشروعين لحماية اللغة العربية، ويطالب بين الحين والآخر بموافاته بشكل مستمر إلى أين وصلت المناقشات فى هذه المشروعات، "مؤكدا أن الأزهر الشريف يفتح أبوابه للجميع من أجل حماية اللغة العربية والحفاظ عليها".

 

مشروع القانون يتضمن 26 مادة ومن أهم مواده المادة رقم 8 والتي تنص على أن: "يكون اجتاز امتحان اللغة العربية شرط أساسى للتوظيف في الحكومة ويمنع من التوظيف من لا يحمل شهادة اجتياز امتحان اللغة العربية"، بينما تنص على المادة رقم 2 على الوزارات والمحافظات والمصالح الحكومية وما يتبعها من شركات ومؤسسات عامة وخاصة وغيرها من المنشآت التابعة للدولة أن تستعمل اللغة العربية وإذا اضطرت إلى استعمال لغة أخرى عليها أن ترفق بها الترجمة الصحيحة إلى العربية.

2021_8_15_2_13_29_535

10 آلاف جنيه غرامة على المخالفين

 

كما تنص المادة 3 على :"أي إعلان ينشر أو يبث في أي مكان أو على وسائل النقل يجب أن يكون باللغة العربية" فيما تنص المادة 4 على :"أي أفلام أو مسلسلات ناطقة بغير العربية يجب أن تصحبها ترجمة عربية صحيحة مكتوبة أو منطوقة، بينما تنص مادة 5 على :" يجب أن تكتب العلامات التجارية باللغة العربية حتى يتم تسجيلها وإذا لم تكتب باللغة العربية يمنع تسجيلها" كما تنص المادة 6 على :" تلتزم وسائل الاعلام الرسمية المرئية والمسموعة باستخدام اللغة العربية الفصحى في كل برامجها، وفى حال عدم الالتزام يعاقب المسئولون عنها بعقوبة الوقف لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد عن خمسين ألف جنيه".   

 

وفى الحقيقة فإنه خلال تاريخ مصر الحديث جرى عمل 10 مشروعات قوانين منذ 1908، وكان ذلك في عصر علي مبارك، ثم قوانين في عهد الملكية، وقانون في عهد عباس حلمي، وفي عامي 1969 و1976، وغيرها من القوانين التي أوجبت الالتزام بالعربية في الرسائل والمكاتبات، إلا أنه رغم القوانين العشرة لم تنقذ اللغة العربية من الحال الذي وصلت إليه من تدهور غير مسبوق أدى للبذاءات التي نسمعها في الشارع حاليا، والألفاظ الخارجة في أغانى المهرجانات.  

aug15-33_0

استخدام اللغة العربية في جميع المصالح الحكومية

 

المشروعان المقدمان من النائبتين منى عمر وسلاف درويش، هدفه الارتقاء باللغة العربية، كرمز للهوية المصرية، إذ ينص مشروع القانون المقدمة من النائبة سلاف درويش على عقوبة غرامة تصل إلى 10 آلاف جنيه على المخالفين، ويلزم مشروع القانون المدارس والمعلمين بالالتزام بها في تدريس المناهج، كما يلزم باستخدامها في جميع المصالح الحكومية، ويفرض على الأحياء استخدام اللغة العربية في أسماء الشوارع والأحياء والمتنزهات، وعدم اللجوء إلى اللغات.

كما أن هناك عقوبات بالقانون، وذلك ضمانا لتنفيذ وتطبيق القانون، حيث أن الهدف من القانون هو حماية اللغة العربية من الاندثار، حتى لا تتعرض للتشويه والتلاشي نتيجة التأثير السلبي من العولمة والغزو الثقافي الموجه، ونص مشروع قانون حماية اللغة العربية على أن تلتزم وسائل الإعلام الرسمية المرئية والمسموعة باستخدام اللغة العربية الفصحى في كل برامجها، وفي حال عدم الالتزام يعاقب المسؤولون عنها بعقوبة الوقف لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن سنتين، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، ولا تزيد عن خمسين ألف جنيه.

advertising-ideas-s

حماية اللغة العربية من غزو اللغات الأجنبية

 

كما ألزم مشروع القانون وسائل الإعلام الرسمية باستخدام اللغة العربية الفصحى، في برامجها، وفي حالة المخالفة يجرى معاقبة المسؤولين عنها بتوقف مدة لا تقل عن سنة ولا تقل عن سنتين، وألزم مشروع قانون حماية اللغة العربية، ضيوف البرامج الإعلامية، بالتحدث باللغة العربية الفصحى السليمة، وينص القانون على حماية اللغة العربية من غزو اللغات الأجنبية وفرض استعمالها في مختلف المحافل والفضائيات والمؤسسات الإدارية والتربوية والإعلامية، لأن معظم كلمات ومخاطبات الساسة والمسئولين مليئة بالأخطاء النحوية، فضلاً عن غلبة العامية عليها، لا تحظى اللغة العربية بالاهتمام الذى يليق بها كلغة للقرآن الكريم، وكمعلم أساسى من معالم الهوية الإسلامية، وأن تدهورها مقابل حرص البعض على تعلم لغات أخرى أجنبية يجعل هناك تعددية فى الانتماء لأبناء البلد الواحد.

 

ويتعرض القانون أيضا للافتات والإعلانات وحتى قوائم الطعام، وضرورة أن تكون باللغة العربية، وأن أي إعلان يبث أو ينشر أو يثبت على الطريق العام أو في أي مكان عام أو وسائل النقل العام، لابد أن يكون بالعربية، ويجوز أن تضاف ترجمة له بلغة أجنبية على أن تكون اللغة العربية أكبر حجما وأبرز مكانا، كما يجب أن تصاحب الأفلام والمسلسلات وسائر المصنفات الناطقة بغير العربية المرخص بعرضها فى مصر مرئية أو مسموعة ترجمة عربية صحيحة منطوقة أو مكتوبة، ويلزم القانون المعلمين في مراحل التعليم العام وأعضاء هيئة التدريس في التعليم العالي باستخدام اللغة العربية في التدريس، خاصة وأنه لا يعين معلم في التعليم العام أو عضو هيئة تدريس في التعليم العالي أو مذيع أو معد أو محرر في أي مؤسسة إعلامية إلا إذا اجتاز امتحان الكفاية في اللغة العربية.

2020_2_20_11_32_9_897

تفضيل اللغة الأجنبية عن العربية

وفى هذا الشأن – يقول شريف العجور، المحامى ورئيس لجنة الشباب فى اتحاد الكتاب، إن مشروع القانون رغم ايجابياته عليه بعض الملاحظات التي يجب أن تؤخذ في عين الاعتبار أثناء المناقشة حتى إذا تم الموافقة عليه لا نضطر لتعديله بعد ذلك، وفى الحقيقة الهدف من هذه القوانين ليس العقوبة – كما يظن البعض أو سن قوانين للجبابة -  أو وضع شروط لكره اللغة العربية أو الإجبار على استعمالها، بل الهدف هو الدعوة إلى استعمالها تأكيدا للهوية والثقافة العربية وتنفيذا للنص الدستوري الذى فرض اللغة العربية على المصريين في مادته الثانية.

 

وبحسب "العجوز" في تصريح لـ"برلماني": نتحدث في البداية عن إيجابيات مشروع القانون الذى يهدف في المقام الأول لمواجهة مسألة تفضيل اللغات الأجنبية على اللغة العربية في موطنها – مصر بلد الأزهر – التي علمت الدنيا قواعد اللغة العربية ورشاقتها، ووفقا للدستور المصري لا بد أن تكون اللغة العربية هي المقدمة وهى اللغة الأولى، وإذا كان من الضروري في الإعلانات أو الوثائق أو المراسلات أو في غير ذلك من وسائل التداول اللغوي استخدام لغة أجنبية، لا بد أن يكون الأصل هو اللغة العربية، ووفقا لهذا النص الدستوري فإن كل مراسلات الدولة وتعاملاتها ووثائقها وكل ما يصدر عنها لا بد أن يكون باللغة العربية، وإذا كان من الضروري أن يشمل على الترجمة للغة الأجنبية فيمكن أن تقترن بها ترجمة أجنبية، أما إذا كان التعامل مع هيئة أو مؤسسة أجنبية ونص الوثيقة باللغة الأجنبية، فلا بد أن تشمل وتقترن بنص عربي صحيح يكون هو الأصل.

حكم-محكمة_المحامي-علي-محسن-زاده-مكتب-محاماة

أخطاء فادحة في الإعلانات

ووفقا لـ"العجوز" في كثير من الأحيان ما نجد في الإعلانات خطأين فادحين، وهما إنما نجد أن الإعلان بلغة أجنبية غير اللغة العربية علي الاطلاق – دون كتابة حرف واحد بالعربي - أو تخلط بين اللغة العربية واللهجات العامية، وهذا لا بد أن يتم وضع حدا له حتى يكون طابعنا عربيا صحيحا طبقا لما ينص عليه الدستور وتطلبه ضرورة الحفاظ على هويتنا وثقافتنا، والحقيقة أن سن مثل هذا القانون جاء متأخرا جدا إذا ما قارنا ذلك بالدول العربية الأخرى، لكن على أي حال من الجيد أن نفكر في سن هذا القانون لأنه ينبىء أننا على الدرب الصحيح، لكن أظن أنه لابد على مقترحي القانون ومناقشوه أن يتنبهوا إلى مشكلة التطبيق من الناحية العملية، صحيح أن العقوبات تحقق الردع العام والغرض من تطبيق أي تشريع لكن يجب على المشرع قبل صياغة أي قانون أن ينتبه إلى خطة التطبيق لأن هناك العديد من العوائق التي ستواجه تطبيق هذا القانون عمليا نوضح بعضها من حيث المستهدف من التطبيق.

 

ويضيف "العجور": بالنسبة لوسائل الإعلام لن يشكل الأمر مشكلة لأن وسائل الاعلام المقروءة والمرئية ستستعين بمدققين لغويين للتأكد من التدقيق النحوي والإملائي لمنتجات تلك الوسائل المقرؤة والمرئية بل أظن أن كثير منهم يستعين بذلك بالفعل، أما بالنسبة للإعلامي فدوره يرتبط بالطبقة العريضة من الشعب المصري وهي علاقة متشابكة جدا لأن تحدث الاعلامي باللغة العربية يتناسب طرديا مع تلقي المشاهد أو القارىء. 

download

3 عوائق لابد من الحذر منهم حال التطبيق 

 

وتابع: ذلك أن هناك طبقة تشكل نسبة لا يستهان بها بين إما تجيد القراءة و الكتابة بالكاد أو لا تهتم باللغة بشكل عام، وإلا لما نعاني الأن من أغاني المهرجانات على سبيل المثال بالرغم من أغاني لأم كلثوم على سبيل المثال باللغة العربية رائعة، وهذه الطبقة تتولى تربية نشىء يزيد نسبته عن نسبتهم بنسبة أكبر فيشكل بدوره طبقة أعرض لا تهتم باللغة ولا باستخدامها من الأساس بل تبحث عن لغة تصنعها بنفسها تمكنها بالتعامل بشكل أسهل مع الحياة اليومية هنا لو أحكمنا الأمر على الاعلامي في توجيه برنامجه باللغة العربية ستقل نسب المشاهدة او الاستماع على القناة وبالتالي ستحقق خسارة فادحة، أو بمعنى مختصر سيكون الاعلامي بين مطرقة العقوبة التي حددها القانون وبين سندان تحقيق الارباح المرجوة من القناة.

 

وبالنسبة للعائق الثانى: يتعلق بنوعية التعليم نفسه المهتم باللغة العربية، لأن مصر تمتلك أكثر من نظام تعليمي، أبرزها التعليم الحكومي وينقسم بدوره إلى عام وتجريبي، وتعليم خاص ينقسم إلى خاص وناشونال وإنترناشونال والتعليم الخاص بدوره لا يتعمد عدم الاهتمام باللغة العربية ولكن عدم الاهتمام راجع أن سوق العمل يحتاج إلى التأهيل اللغوي في لغات أخرى والتي نسميها لغات البلاد القادمة الانجليزي مثلا، الصيني الذي بدأ يكتسح السوق المصري، الروسي بسبب السياحة، وهكذا - فعند فرض عقوبة لحماية اللغة العربية ستكون أمام أزمة أخرى هي محاربة القطاع الخاص التعليمي الذي يقوم بدور لا تقدمه الدولة.

download (1)

 

أما العائق الثالث: متعلق بالمعلم في القطاع الحكومي، ونحن نعاني من نقص حاد في المعلم في المدارس الحكومية لعدة أسباب لا يتسع المجال لذكرها، يجعل القطاع الحكومي مضطر لقبول خرجين جامعات حتى لو يكونوا خريجي لغة عربية أو تربية أو حتى غير مختصين بالتدريس مما يضع أمامنا عائق أخر هو عدم وجود معلم قادر على تأهيل الطلاب في اللغة العربية. 

 

ويظل العائق الأخير: يتعلق بالطالب ذاته الذي تربى الآن على استخدام الانترنت وأصبح الوعي العام الطفولي مختلف تماما عن التربية القديمة يستلزم خطة مختلفة تماما للتأهيل،  وهو ما سيضعنا في النهاية أمام قانون يحتاج إلى مزيد من المناقشات كى يكتسب هيبة التطبيق.

download (2)

الخلاصة:

 

-أقر مشروع القانون بعض الأشياء التي يجب أن تلتزم بكتابة باللغة العربية وهي:

 

1-أسماء المؤسسات العامة والحكومية وعناوينها.

2-الشوارع والأحياء والساحات والحدائق العامة والشواطئ والمنتزهات وغيرها من المواقع، وتستثنى من ذلك المواقع المسماة بأسماء أعلام غير عربية.

3-المؤسسات التجارية والمالية والصناعية والعلمية والاجتماعية والسياحة وغيرها من المؤسسات العامة والخاصة والأهلية.

4-أوراق النقد والمسكوكات والطوابع والميداليات والنياشين المصرية.

5-الشهادات وقرارات معادلة الشهادات الأجنبية.

6-ولفت مشروع القانون إلى أنه يجوز أن تضاف إلى الكتابة العربية ما يقابلها بلغة أجنبية على أن تكون اللغة العربية أكبر حجماً وأبرز مكاناً.

7- يعاقب المسؤولون عنها بعقوبة الوقف لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن سنتين.

8- وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، ولا تزيد عن خمسين ألف جنيه.

Capture
 
شريف العجور المحامى ورئيس لجنة الشباب فى اتحاد الكتاب
 

الأكثر قراءة



print