السبت، 20 أبريل 2024 02:25 ص

قضاة وخبراء: نحتاج ثورة تشريعية.. والعدالة الناجزة مرتبطة بتعديل قوانين المرافعات المدنية والتجارية والإثبات والخبرة.. وهناك استحقاقات دستورية لابد أن تترجم لتشريعات

"الإجراءات الجنائية" وحده لايكفى

"الإجراءات الجنائية" وحده لايكفى البرلمان
الثلاثاء، 05 سبتمبر 2017 02:00 ص
كتب هدى أبو بكر
يعول الكثير على خروج تعديلات قانون الإجراءات الجنائية للنور لما تتضمنه من تعديلات واسعة تتعلق بفكرة تحقيق العدالة الناجزة، لكن فى الوقت نفسه فإن منظومة العدالة فى مصر تحتاج إلى أمور أخرى من أجل تطويرها وإصلاحها بجانب قانون الإجراءات الجنائية، كما يؤكد قضاة ومحامين وخبراء قانون، منها ما يرتبط بتشريعات أخرى بخلاف الإجراءات الجنائية، أو ما يرتبط بالمحاكم وأبنيتها وكافة الأمور اللوجيستية المرتبطة بمنظومة القضاء فى مصر.

مجلس النواب ومن خلال لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، عقد خلال الأيام الماضية 3 جلسات استماع للمناقشة حول تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، الذى ما زال يقوم مجلس الدولة بمراجعته، وضمت الجلسات عدد من الأطراف المعنيين بتطبيق القانون وهم القضاة والمحامين إلى جانب أساتذة الجامعات، وبالرغم من أن المشروع الذى أعدته الحكومة بشأن تعديل قانون الإجراءات الجنائية هو الأوسع منذ وضع القانون عام 1950، لكن هناك حزمة من التشريعات الأخرى ترتبط بتحقيق العدالة الناجزة وليس فقط الإجراءات الجنائية، كما يقول النائب إيهاب الطماوى عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، مضيفا، إن قانون الإجراءات الجنائية مر عليه تحديدا 67 عاما، وكان يحتاج بالفعل إلى تعديل، فكان مشروع الحكومة الذى طالت التعديلات فيه 310 مادة من أصل 560 مادة ، حيث تم تعديل 110 مادة، وتم استحداث من 40 إلى 50 مادة، بالإضافة إلى حذف عدد من المواد، وذلك تلبية لدستور 2014.

ويضيف الطماوى، هناك حزمة من التشريعات تتعلق بتحقيق العدالة الناجزة بخلاف قانون الإجراءات الجنائية من بينها ، قانون المرافعات المدنية والتجارية، وقانون الاثبات فى المواد المدنية والتجارية، وقانون الخبرة ، وقانون التحكيم ، مؤكداً أن كل تلك التشريعات تتعلق بمنظومة إجراءات التقاضى، وحل النزاعات أمام القضاء المصرى.

فقانون المرافعات المدنية والتجارية صدر عام 1968 ، وقانون الاثبات فى المواد المدنية والتجارية صدر عام 1968 ، وقانون الخبرة صدر عام 1952 ، وقانون التحكيم صدر عام 1994 .

ويشير الطماوى، إلى أن قانون التحكيم هو القضاء الأصيل للمنازعات التجارة الدولية، وبالتالى تظهر الحاجة إلى تعديله بما يتواكب مع العصر، وبما يحقق الهدف من تلك التعديلات وهو تحقيق العدالة الناجزة، والتى هى بالطبع أحد عوامل جذب الاستثمارات.

وعن ما إذا كان فى خطة البرلمان هذه الحزمة من القوانين لطرحها ومناقشتها، قال عضو اللجنة التشريعية، إنه سيعمل على طرح هذه الرؤية داخل مجلس النواب وصولاً لخلق بيئة تشريعية كاملة تحقق العدالة الناجزة.

عضو سابق بـ "القضاء الأعلى": الأجهزة المعاونة للقضاء كالطب الشرعى والخبراء لابد أن يطالها التعديل
 

"منظومة العدالة فى مصر تحتاج إلى إعادة هيكلة وقانون الإجراءات الجنائية وحده لن يفعل شىء، حتى مع صدوره فلن يحل مشكلة العدالة فى مصر إذا لم تكن هناك خطة تستهدف تطوير منظومة العدالة ككل"..هكذا يؤكد المستشار أحمد عبد الرحمن، النائب الأول لرئيس محكمة النقض وعضو مجلس القضاء الأعلى السابق، موضحاً إن بحث منظومة العدالة فى مصر وتطويرها يحتاج إلى تنظيم مؤتمر كبير تتم فيه مناقشة هذه القضية من جميع جوانبها لإعادة هيكلة المنظومة، على سبيل المثال الأجهزة المعاونة للقضاء كالخبراء والطب الشرعى تحتاج قوانينها إلى إعادة نظر، وشدد عبد الرحمن، على أنه إذا صدر قانون الإجراءات الجنائية ولم تتخذ أى إجراءات للأجهزة الفنية المعاونة للقضاء، سيكون القانون مبتوراً ولن يتحقق الهدف منه فى تحقيق العدالة الناجزة.

ويتابع عبد الرحمن، قانون السلطة القضائية وقوانين الهيئات القضائية الأخرى تحتاج إلى تعديل أيضا، هذا بالإضافة إلى أن بعض المواد فى تعديلات قانون الإجراءات الجنائية تتطلب بعض الإجراءات المعينة حتى يمكن تطبيقها على أرض الواقع، أهمها جعل الجنايات على درجتين ( جنايات وجنايات مستأنف ) ، حيث أن تطبيق هذا التعديل يحتاج لإجراءات خاصة من حيث تهيئة المحاكم والقضاة.

زاوية أخرى يطرحها عضو مجلس القضاء الأعلى السابق تتعلق بتطوير منظومة العدالة ، وهى ما يتعلق بأبنية المحاكم، حيث أشار إلى أن محكمة النقض حالياً لا تجد أماكن لعقد جلساتها.

ويقترح عبد الرحمن ترتيب مؤتمر أو ندوة كبيرة تناقش كافة هذه المشكلات لإصلاح منظومة العدالة، قائلا "بدون ذلك فإن ما نسمعه عن تحقيق العدالة الناجزة سيكون مجرد شعارات، لأن تحقيق العدالة الناجزة لن يتحقق بتعديل قانون الإجراءات الجنائية فقط".

وفيما يتعلق بالجهات المعاونة للقضاة قال المهندس محمد ضاهر رئيس نادى خبراء وزارة العدل، إن "الخبراء جزء هام فى منظومة العدالة ، ولا يمكن أن يكون هناك حديث بشأن الوصول لتحقيق العدالة الناجزة دون أن ننظر لحال الخبير، ودون أن يكون هناك قانون جديد منظم لعمل الخبراء يتواكب مع ما طرأ من متغيرات، مشيراً إلى أن القانون الذى يحكم الخبراء حالياً لم تجرى عليه تعديلات منذ عام 1952، ومع هذا فإن الخبراء منذ التسعينات يطالبون بتعديل قانونهم دون أن يستجيب أحد".

رئيس نادى قضاة المنوفية السابق: إصلاح منظومة العدالة قائم على عدة محاور بخلاف قانون الإجراءات الجنائية
 

ويؤكد المستشار عبد الستار إمام، رئيس محكمة الجنايات ورئيس نادى قضاة المنوفية السابق، على أن منظومة العدالة ليست فقط فى قانون الإجراءات الجنائية، بل تقوم على عدة عناصر حتى يتحقق الهدف من التعديلات وهى العدالة الناجزة السريعة وليست المتسرعة، خاصة وأن هناك استحقاقات دستورية وردت فى دستور 2014 لابد من انجازها ترتبط أيضا بتحقيق العدالة الناجزة، فهناك مواد تتحدث عن سرعة الفصل، وأخرى تتحدث عن تقريب جهات التقاضى من المتقاضين، وثالثة تتحدث عن دعم استقلال القضاء، ورابعة تتحدث عن إلغاء ندب القضاة بالوزارات والهيئات عدا المنصوص عليها قانوناً، كل هذه النصوص الدستورية لابد أن تترجم إلى قوانين لتحقيق العدالة الناجزة.

ويكمل إمام، من القوانين التى لابد أن تطولها التعديلات قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وقانون السلطة القضائية ، وقانون المرافعات المدنية والتجارية ، خاصة وأن الأخير يمثل إجراءات التقاضى فى غير الأمور الجنائية، أيضا هناك أمور أخرى ترتبط بالعدالة الناجزة منها كيفية اختيار القاضى وإعداده وتأهيله لغويا وقانونيا ( قانون السلطة القضائية ) ، وتهيئة المناخ الملائم حتى يكون القاضى قادرا على تأدية رسالته.

كذلك دور العدالة ، حيث أن أبنية المحاكم لا تتناسب مطلقا مع الرسالة التى يؤديها االقاضى ، من ضيق الأماكن، وعدم تهيئة القاعات، أو غرف التحقيق، وغرف المداولة.

ويضيف رئيس نادى قضاة المنوفية السابق فيما تحتاجه منظومة العدالة، الجهات المعاونة للقضاء كالطب الشرعى والخبراء ومعامل الأدلة الجنائية ( تتبع وزارة الداخلية)، هذه الجهات تحتاج إلى تطوير وأن تضم فى هيئة مستقلة وتزود بكافة التقنيات والوسائل الحديثة، أيضا دور المحاكم تحتاج لاستخدام التقنيات الحديثة وتدريب وتأهيل الموظفين عليها.

ويشير إمام أيضا إلى ضرورة مراجعة الجهات الخاصة بتنفيذ الأحكام حتى يتم تنفيذها بيسر وسهولة وفى أسرع وقت، وكذا إنشاء شرطة قضائية لتأمين المحاكم والقضاة والشهود.

 


print