يحيى بشير - وزير الصناعة الجزائرى
عُقدت فعاليات منتدى الأعمال المصرى الجزائري، مساء اليوم، بالعاصمة الجديدة، على هامش اجتماع الدورة التاسعة للجنة العليا المصرية الجزائرية المشتركة، وذلك برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، سيفى غريب، الوزير الأول للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وبحضور عدد من الوزراء وكبار المسئولين من البلدين الشقيقين، ورؤساء عدد من الهيئات والجهات المعنية، وممثلى القطاع الخاص وشركاء التنمية من الجانبين.
وشهدت الفعاليات إلقاء يحيى بشير، وزير الصناعة الجزائرى كلمة، أشار فى مستهلها إلى أن هذا اللقاء الاقتصادى رفيع المستوى يجسد بعمق الإرادة المشتركة لقيادة البلدين الشقيقين فى الانتقال بالشراكة الثنائية إلى مستوى استراتيجى جديد، يقوم على الاستثمار المنتج والتعاون الصناعى المتكامل والتوجه المشترك نحو الأسواق العالمية.
ولفت يحيى بشير إلى أن الجزائر دخلت مرحلة اقتصادية جديدة، بقيادة فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، ترسى أسسا قوية لاقتصاد متنوع ومفتوح على الاستثمار، مدعوم بإصلاحات عميقة تشمل الإطار القانوني، المؤسسي، والحكومي، مشيرا إلى أنه يأتى فى صلب هذه الإصلاحات القانون 22-18 المتعلق بالاستثمار الذى شكل نقطة تحول فى مسار تحسين مناخ الأعمال، من خلال تثبيت مبدأ حرية الاستثمار والمبادرة، وإزالة القيود البيروقراطية السابقة، وكذا استقرار الإطار القانوني، بما يمنح المستثمرين رؤية واضحة وأمانا تشريعيا، هذا إلى جانب ضمان حرية تحويل الأرباح ورؤوس الأموال للمستثمرين الأجانب، وإعفاءات ضريبية وجمركية واسعة خلال مرحلتى الإنجاز والاستغلال، تمتد وفق طبيعة المشروع وموقعه‘ هذا فضلا عن نظام خاص للمشروعات ذات الطابع الاستراتيجى التى تحظى بمرافقة مباشرة من الدولة، وكذا ما يتعلق بتعزيز الضمانات القانونية من خلال منع أى تغيير رجعى فى الامتيازات الممنوحة للمستثمر، وأيضا تحفيزات نوعية موجهة للقطاعات الصناعية ذات القيمة المضافة، وللاستثمار فى المناطق الجنوبية والهضاب العليا.
وأضاف يحيى بشير أنه لتكريس هذه الإصلاحات ميدانيا، تم إنشاء وإعادة تنظيم عدد من الهيئات المتخصصة، أهمها: الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار (AAPI)، وهى الفاعل المركزى الوحيد المكلف بمرافقة المستثمرين ومعالجة الملفات عبر شبابيك موحدة رقمية وميدانية، وكذا الشباك الموحد الموجه للمشروعات الاستراتيجية، الذى يأتى تحت وصاية السيد الوزير الأول، لتسريع المشروعات ذات الأثر الاقتصادى الكبير، هذا فضلا عن الوكالة الوطنية للعقار الصناعى بعد إعادة تنظيمها لضمان شفافية أكبر فى تخصيص العقار الإنتاجى.
وأوضح يحيى بشير أن هذه المنظومة الجديدة سمحت خلال سنة 2024 و 2025 بإطلاق آلاف المشروعات، من بينها مشروعات صناعية كبرى فى ميادين الصناعات الميكانيكية، والصناعات الغذائية، والكيماوية الدوائية، ومواد البناء، مع التركيز على الإدماج الوطني، والتحول التكنولوجي، وتطوير سلاسل قيمة صناعية حقيقية.
وأكد يحيى بشير أن التكامل الاقتصادى بين الجزائر ومصر ليس خيارا فحسب، بل فرصة استراتيجية ينبغى استثمارها بذكاء، فالبلدان يمتلكان قاعدة صناعية متميزة، وطاقات بشرية مؤهلة، ومواد أولية متوفرة، وأسواقا واسعة فى محيطهما الإقليمى.
وفى هذا الإطار نوه يحيى بشير إلى أن الفرص الأكثر نجاعة وواقعية تكمن على سبيل المثال لا الحصر فى صناعة قطع الغيار والمكونات الميكانيكية، لاسيما مع بروز صناعة المركبات فى الجزائر، ووجود طلب إقليمى يتجاوز الـ 3 مليارات دولار سنويا، هذا إلى جانب الصناعات النسيجية والتحويلية، موضحا أن الجزائر تسعى حاليا الى تطوير هذه الشعبة الصناعية، فيما تمتلك مصر خبرة صناعية وتقنية قوية، لهذا ندعو إلى شراكات تكاملية تمتد من الغزل والنسيج إلى الصناعات التحويلية والملابس الجاهزة، موجهة للتصدير.
وأضاف يحيى بشير، أن من بين الفرص ما يتعلق بالصناعات الكيمياوية والتحويلية المعتمدة على المواد الأولية المتاحة فى البلدين، بما يسمح بخلق منتجات ذات قيمة مضافة موجهة للتصدير، وكذا ما يتعلق بصناعات الطاقة الجديدة.
وأوضح يحيى بشير أن فتح خط بحرى مباشر بين الجزائر ومصر يشكل خطوة مفصلية لدعم التجارة البينية، وتسهيل حركة السلع، وتقليص الآجال والتكاليف اللوجستية، بما يسمح بتسريع تنفيذ المشروعات المشتركة، ورفع حجم المبادلات بما يتماشى مع الإمكانات الاقتصادية للبلدين.
وخاطب وزير الصناعة الجزائرى رجال الاعمال من الجانبين، قائلا:" نعتمد عليكم اليوم لإعطاء هذا التوجه الاقتصادى بعده العملى. فالحكومتان توفران الدعم السياسى والقانونى والمؤسسي، والقطاعان العمومى والخاص قادران على تجسيد الشراكات الصناعية والاستثمارية التى تحتاجها المنطقة"، مؤكدا دعم مختلف المبادرات الجادة، وبمرافقتكم عبر الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، وبضمان معالجة سريعة وشفافة لكل الملفات، وفق مقاربة جديدة أساسها الفعالية والرقمنة، والحوكمة الرشيدة.
واختتم، يحيى بشير، كلمته بالإعراب عن أمله فى أن ينتهى لقاء واجتماع اليوم بإطلاق مشروعات ملموسة تترجم الإرادة المشتركة لقيادة البلدين، وتجسد نموذجا ناجحا للتعاون الصناعى العربى القائم على التكامل لا على التنافس.