السبت، 18 مايو 2024 07:41 ص

مفتى الجمهورية: يجوز للجنود والقادة الذين يعملون تحت الحر الشديد الإفطار وعليهم القضاء

مفتى الجمهورية: يجوز للجنود والقادة الذين يعملون تحت الحر الشديد الإفطار وعليهم القضاء الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية
الأربعاء، 30 ديسمبر 2015 02:20 ص
كتب لؤى على
قال الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية: إنه من المقرر شرعًا أن من شرائط وجوب الصيام القدرة عليه، والقدرة التى هى شرط فى وجوب الصيام كما تكون حسية تكون شرعية، فالقدرة الشرعية تعنى الخلو من الموانع الشرعية للصيام، وهى الحيض والنفاس، وأما القدرة الحسية فهى طاقة المكلف للصيام بدنيًّا، بألا يكون مريضًا مرضًا يشقُّ معه الصيام مشقة شديدة، أو لا يكون كبير السن بدرجة تجعله بمنزلة المريض العاجز عن الصوم، أو لا يكون مسافرًا، فإن السفر مظنة المشقة، كما قال عنه النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: ((السَّفَرُ قطعةٌ مِنَ العَذاب يَمنَعُ أحدَكم طَعامَه وشَرابَه ونَومَه)). رواه الشيخان.

وأضاف ردا على سؤال ما حكم صيام الجنود والقادة المكلفين بأعمال شاقة؟، وقد أُنزِلَتِ المَظنَّة مَنزِلةَ المَئنَّة (أى: أخذ الظن حكم اليقين)، فالسفر مانع من وجوب الصيام وإن لم تكن هناك مشقة بالفعل، وهذا من رحمة الله تعالى بالمكلفين، ومن يُسر هذه الشريعة الغراء، ومن القدرة الحسية أيضًا ألا يكون المكلف يعمل عملا شاقًّا لا يستطيع التخلى عنه فى نهار رمضان، لحاجته أو لحاجة مَن يَعُول؛ فإن كان المكلفُ لا يَتَسَنَّى له تأجيلُ عملِه الشاقِّ لِما بعدَ رمضان، أو جعلُه فى لياليه، فإن الصيام لا يجب عليه فى أيام رمضان التى يحتاج فيها إلى أن يعمل هذا العمل الشاق فى نهاره؛ من حيث كونُه محتاجًا إليه فى القيام بنفقة نفسه أو نفقة مَن عليه نفقتهم، كعمل البنَّائين والحمَّالين وأمثالهم، وخاصة من يعملون فى الحر الشديد، أو لساعات طويلة.

ولكن هؤلاء يجب عليهم تبييت النية، أى إيقاع النية من الليل، ولا يفطرون إلا فى اليوم الذى يغلب على ظنهم فيه أنهم سيزاولون هذا العمل الشاق الذى يعلمون بالتجربة السابقة أنهم لا يستطيعون معه الصيام؛ تنزيلا للمظِنَّةِ منزلةَ المَئِنَّة. يقول الشيخ البيجورى فى حاشيته على فتح القريب لابن قاسم شرح متن أبى شجاع (1/ 314): «وللمريض أن كان مرضه مُطبِقًا تركُ النيةِ من الليل، وإن لم يكن مُطبِقًا كما لو كان يُحَمُّ وقتًا دون وقت وكان وقتَ الشروع فى الصوم محمومًا فله تركُ النيةِ من الليل، وإلا فعليه النيةُ ليلا، أى لانتفاء العذر وقت الشروع الذى هو وقت النية، ومثله الحَصَّادون والزراعون والدراسون ونحوهم، فتجب عليهم النية ليلا، ثم أن احتاجوا للفطر أفطروا، وإلا فلا، ولا يجوز لهم ترك النية مِن أصلها كما يفعله بعضُ الجهلة، فإن عادت الحمى واحتاج للفطر أفطر». اهـ.

وعليه وفى واقعة السؤال: فيجوز للجنود والقادة الذين يعملون تحت الحر الشديد أو فى اليوم الطويل بحيث لا يستطيعون الصيامَ إلا بمشقة شديدة، ولا يمكنهم تأجيلُ عملهم لليل أو لما بعد رمضان أن يُفطِرُوا، مع وجوب إيقاعِهم نيةَ الصيام من الليل، ثم أن شاؤوا أفطروا فى اليوم الذى يغلب على ظنهم فيه أنهم سيزاولون العمل الذى يعسر معه الصيام، وعليهم القضاء بعد رمضان وقبل حلول رمضان التالى أن أمكنهم ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.

print