الأربعاء، 03 ديسمبر 2025 12:29 ص

"النقض" تتصدى لتصوير المواطنين فى الطريق العام: لا تندرج تحت جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة.. الحيثيات: تكييف الجريمة "إساءة استعمال أجهزة الاتصالات".. وتؤكد: عقوبتها الحبس والغرامة وفقًا للقانون

"النقض" تتصدى لتصوير المواطنين فى الطريق العام: لا تندرج تحت جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة.. الحيثيات: تكييف الجريمة "إساءة استعمال أجهزة الاتصالات".. وتؤكد: عقوبتها الحبس والغرامة وفقًا للقانون محكمة النقض - أرشيفية
الثلاثاء، 02 ديسمبر 2025 11:30 م
كتب علاء رضوان

أصدرت الدائرة الجنائية "ب" – بمحكمة النقض – حكماً قضائياً فريداً من نوعه، كشف فيه عن حدودَ الحقّ في الخصوصية في ضوء التصوير في الأماكن العامة، والفارقَ بين جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة وجريمة إساءة استعمال أجهزة الاتصالات، قضت فيه بتأييد عقوبة الحبس 6 أشهر، و5 ألاف جنيه الأف جنية لإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس، وتخفيض الغرامة لـ500 جنيه بدلاً من 50 ألف جنيه، وأمرت بمحو التسجيل المصور، لاتهامه بتصوير متهمين أثناء احتجازهما بالطريق العام.

 

ورسخت المحكمة لمبدأ أن مثل هذا الفعل المؤثم – وهو تصوير المواطنين في الطريق العام - لا يندرج تحت مفهوم الحياة الخاصة ولا نص المادة 25 من القانون 175 لسنة 2018، بل يثبت تحقق أركانه بجريمة تعمد الإزعاج بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات وفق المادة 76 من القانون 10 لسنة 2003.

 

صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 17841 لسنة 92 القضائية، برئاسة المستشار صفوت مكادي، وعضوية المستشارين أحمد عمران، وأحمد أنور الغرباوي، وأحمد مصطفى عبد الفتاح، وجورج إميل الطويل، وبحضور كل من رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض مصطفى راجح، وأمانة سر أحمد لبيب. 

 

ءسسس

 

الوقائع.. شخص يقوم بتصوير متهمين وهما في أيديهما الكلبشات بالطريق العام

 

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجنحة رقم 1892 لسنة 2021 جنح اقتصادية طنطا المقيدة برقم 135 لسنة 2022 جنح مستأنف طنطا الاقتصادية، بوصف أنه في الثالث من يونيو سنة 2021 بدائرة مركز قويسنا - محافظة المنوفية، تعمد إزعاج المجنى عليهما "ليلى. م" و"أميرة. ح"، بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات وانتهاك حرمة الحياة الخاصة لهما وذلك على النحو المبين الأوراق.

 

النيابة تحيل المتهم للمحاكمة.. ومحكمة أول درجة تقضى بحبسه وتغريمه

 

وأحالته النيابة العامة إلى محكمة جنح طنطا الاقتصادية لمعاقبته طبقا للقيد والوصف، والمحكمة المذكورة قضت حضوريا بتوكيل جلسة 29 من مارس سنة 2022 عملا بالمواد 1، 5/4، 6، 13/7، 70/1 بند أ ، 76 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات وبالمواد 11، 12، 25، 38 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، بحبس المتهم "س. ط" سنة وكفالة خمسة الأف جنية لإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس وتغريمه مبلغ خمسين ألف جنية مع إلزامه بالمصاريف.   

 

ككسس

 

المتهم يستأنف الحكم لإلغاءه

 

وفى تلك الأثناء - استأنف المحكوم عليه هذا الحكم وقضت محكمة طنطا الاقتصادية - بهيئة استئنافية - حضوريا في الثالث من يوليو 2022 بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالاكتفاء بحبس المتهم 6 أشهر والتأييد فيما عدا ذلك وألزمته المصاريف الجنائية، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.  

 

مذكرة الطعن تستند على عدة أسباب لإلغاء الحكم 

 

مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت: ينعى الطاعن على الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي تعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، وانتهاك حرمة الحياة الخاصة، قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم اعتوره الغموض والإتهام واكتفى بترديد صيغة الاتهام، وأورد مؤدى أقوال ضابط الوقعة والمجني عليهما التي عول عليها جملة وفي إسناد واحد دون أن يورد مضمون كل منها على حدة، ولم يستظهر الركن المادي والقصد الجنائي في جريمة تعمد إزعاج الغير باستعمال أجهزة الاتصالات سيما وأن التصوير لم يكن يستهدف المجني عليهما بصفة خاصة، بل كان تصويرا المأمورية القبض على بعض المتهمين بصفة عامة تمهيدا لعرضهم على النيابة العامة. 

 

صصص

 

وتابعت "مذكرة الطعن": كما أن أياً من سالفتي الذكر لم تتعرض لأية مضايقة أو إزعاج، هذا إلى أن كاميرا الهاتف المحمول في ذاتها لا تعد من أدوات الاتصال، وعول الحكم على أقوال ضابط الوقعة رغم عدم صحتها وعدم كفايتها في نسبة الاتهام إليه كما خلت من بيان المسافة التي كانت تفصل بينهما وقد تستحيل الرؤية لبعد المسافة وهو ما نازع فيه الطاعن، ولم تقم المحكمة بمطالعة مقطع الفيديو المصور، وطلب المدافع عنه على سبيل الاحتياط ضم حرز الهاتف المحمول وتفريغه بمعرفة جهة فنية، كما أن الفعل المسند إليه لا يعدو أن يكون عملا من أعمال الصحافة، وأورد الحكم أدلة لا تتصل بموضوع الدعوى ، وأخيرا فإن تصوير المجني عليهما في الطريق العام لا يمس الحياة الخاصة لأي منهما إذ لم يكن ذلك التصوير في مكان خاص، وهو مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

 

الجريمة تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات

 

المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه قد بين وقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية الجريمة تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة الأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة .  

 

وبحسب "المحكمة": لما كان ذلك - وكان المقرر أن القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان الوقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الوقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، كان ذلك محققا الحكم القانون، وإذ كانت صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزء منه، فيكفي في بيان الوقعة الإحالة عليها، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد يكون في غير محله.   

 

ججسس

 

الإزعاج وفقا لنص المادة 76 من القانون 10 لسنة 2003

 

وتضيف "المحكمة": لما كان ذلك - وكان من المقرر أنه إذا كانت شهادة الشهود تنصب على وقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الوقعة، فلا بأس على المحكمة إن هي أوردت مؤدى شهادتهم جملة ثم نسبتها إليهم جميعا تفاديا للتكرار الذي لا موجب له، وإذ كان ذلك هو الحال في الدعوى، فإن ما ذهب إليه الطاعن من تعييب الحكم بقالة القصور لعدم إيراده أقوال كل من الشهود على حدة وجمعه بينهم بإسناد واحد لا محل له .

 

لما كان ذلك - وكان من المقرر أن الإزعاج وفقا لنص المادة 76 من القانون 10 لسنة 2003 بإصدار قانون تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف، لأن المشرع قد عالجهما بالمادة 308 مكررا من قانون العقوبات، بل يتسع لكل قول أو فعل يصدر عن الجاني ويضيق به صدر الإنسان، وكان القصد الجنائي في هذه الجريمة يتحقق بقيام العلم عند الجاني وقت تلفظه القول أو ارتكابه الفعل أن من شأنه أن يضايق الغير أو يزعجه، وأن تتجه إرادته إلى إحداث هذا الإزعاج أو تلك المضايقة، ولا عبرة بما يكون قد دفعه إليه أو بالغرض الذي توخاه منه، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن هذا القصد منى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. 

 

17281-تذييل-9

 

ماذا يعنى مصطلح الاتصالات؟

 

واستطردت "المحكمة": وإذ كان يبين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى ما قرره ضابط الوقعة والمجني عليهما من أنه وأثناء نزولهما من سيارة الشرطة وهما مقيدتين بالقيود الحديدية تمهيدا العرضهما على النيابة العامة بسبب شكايتهما من شقيق الطاعن، قام الأخير بتصويرهما باستعمال كاميرا هاتفه المحمول بقصد التشهير بهما، وكان هذا التصرف بذاته يزعج أي إنسان ويضيق به صدره، وإذ كان الحكم قد استخلص أن الطاعن تعمد إنيان هذا الفعل وأن إرادته اتجهت إلى مضايقة المجني عليهما بإساءة استعماله أجهزة الاتصالات، الأمر الذي تتحقق به أركان الجريمة المنصوص عليها في البند الثاني من المادة 76  من القانون رقم 10 لسنة 2003 المشار إليه بركنيها المادي والمعنوي، ويكون النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص غير سديد .

 

لما كان ذلك - وكانت المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 2003 آنف الذكر قد عرفت مصطلح الاتصالات بأنه أية وسيلة لإرسال أو استقبال الرموز، أو الإشارات، أو الرسائل، أو الكتابات، أو الصور، أو الأصوات، وذلك أيا كانت طبيعتها، وسواء كان الاتصال سلكيا أو لا سلكيا، وكان من خصائص كاميرات التصوير الملحقة بأجهزة الهواتف المحمولة قابليتها لحفظ الأصوات والصور ومقاطع الفيديو المصورة بواسطتها ونقلها إلى ذاكرة الهاتف المحمول الملحقة به، وبالتالي إمكانية إرسالها واستقبالها، ومن ثم فهي تعد - بحسب التعريف المشار إليه - من وسائل الاتصالات التي عناها الشارع في المادة 76 من القانون سالف الذكر، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ولا محل له .   

 

1111

 

لما كان ذلك - وكان من المقرر أن محكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بسط البحث الصورة الصحيحة لوقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سالغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهام وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.

 

ما هي معايير الشهادة؟

 

وتابعت: وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وتجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجربه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئناتها إلى ما انتهت إليه. 

 

202201101112151215

 

ولما كانت المحكمة قد بينت وقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الوقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها، ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال ضابط الوقعة بدعوى استحالة الرؤية لبعد المسافة، وما يثيره الطاعن في ذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.

 

رأى النقض في إشكالية ضم حرز الهاتف المحمول أو تفريغه

 

لما كان ذلك - وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن لم يطلب من المحكمة مطالعة مقطع الفيديو المصور تحقيقا لدفاعه، فلا يحق له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن تحقيق أمر لم يطلبه منها ولم تر هي من جانبها حاجة لإجرائه، ويكون منعاه في هذا الصدد غير سديد .

 

لما كان ذلك - وكانت البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن طلب ضم حرز الهاتف المحمول وتفريغه بمعرفة جهة فنية كان طلبا على سبيل الاحتياط، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بإجابته أو الرد عليه إلا إذا كان طلبا جازما، أما الطلبات التي تبدى من باب الاحتياط فللمحكمة إن شاءت أن تجيبها وإن رفضت أن تطرحها من غير أن تكون ملزمة بالرد عليها، هذا فضلا عن أن الأصل أن المحكمة الاستئنافية تحكم على مقتضى الأوراق، وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لإجرائه، وكانت المحكمة الاستئنافية لم تر من جانبها حاجة لضم حرز الهاتف المحمول أو تفريغه نظرا لما ارتأته من وضوح الوقعة المطروحة عليها، فإن ما ينعاه الطاعن بدعوى الإخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص يكون ولا محل له .   

 

319297-201707020842224222

 

الفعل المسند إلى الطاعن يعد عملا من أعمال الصحافة

 

لما كان ذلك - وكان ما أورده الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه في مدوناته تتوافر به جريمة تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، كما هي معرفة به في القانون، وكان النعي بأن الفعل المسند إلى الطاعن يعد عملا من أعمال الصحافة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للوقعة وجدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورتها كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير مقبول .

 

لما كان ذلك - وكان من المقرر أن تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوب على وجه الوجوب تحديدا للطعن وتعريفا بوجهه منذ افتتاح الخصومة بحيث يتيسر للمطلع عليه أن يدرك لأول وهلة موطن العيب الذي شاب الحكم، وإذ كان الطاعن قد أرسل القول دون أن يكشف عن موطن ما أورده الحكم من أدلة غير متصلة بموضوع الدعوى، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولا. 

 

32813-201804281226132613

 

النقض: الحياة الخاصة لها حرمة ويجب صونها وعدم المساس بها

 

لما كان ذلك، وكانت الدساتير المتعاقبة - منذ دستور 1923- قد حرصت على التقرير بأن الحياة الخاصة لها حرمة، ويجب صونها وعدم المساس بها، وقد نص الدستور الحالي الصادر عام 2014 في الفقرة الأولى من المادة 57 منه على أنه للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس ...، وكان النص في المادة رقم 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات - التي دين الطاعن بمقتضاها وإن خلا من بيان الأفعال التي عدها الشارع انتهاكا لحرمة الحياة الخاصة، إلا أنه كان قد حددها حصرا في المادة 309 مكررا من قانون العقوبات بأنها استراق السمع أو تسجيل أو نقل المحادثات التي تجرى في الأماكن الخاصة أو التقاط أو نقل صور شخص في مكان خاص، وكان الشارع لم يشأ أن يورد تعريفا محددا للمكان الخاص، أو أن يقرنه بمدلول معين، والمقصود بالمكان الخاص - اصطلاحا - أنه المكان المغلق الذي يتعذر بلوغه بنظرات من الخارج، ولا يسمح بدخوله للخارجين عنه، ويتوقف دخوله على إذن مالكه أو مستغله أو المنتفع به .   

 

الفارقَ بين جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة وجريمة إساءة استعمال أجهزة الاتصالات

 

لما كان ذلك - وكان قيام الطاعن بتصوير المجني عليهما - باستعمال كاميرا هاتفه المحمول - أثناء نزولهما من سيارة الشرطة وهما مقيدتين بالقيود الحديدية في الطريق العام وعلى مسمع ومرأى من المارة، وذلك تمهيدا لعرضهما على النيابة العامة - حسبما أورده الحكم - ، وإن كان فيه من إزعاج ومضايقة لهما بإساءة استعمال أحد أجهزة الاتصالات، إلا أنه ليس من شأنه أن يمس الحياة الخاصة لهما أو ينتهك حرمتها بالمعنى الذي عناه الشارع، ومن ثم فإنه لا يقع تحت طائلة نص المادة 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 آنفة الذكر، وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد الأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه قد ساءل الطاعن عن جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمجني عليهما وأوقع عليه العقوبة المقررة لها باعتبارها الجريمة الأشد، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما كان يؤذن ينقضه، إلا أنه لما كانت وقعة الدعوى حسبما بينها الحكم قد توافرت بها كافة العناصر القانونية الجريمة تعمد إزعاج المجني عليهما بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات التي أثبتها في حقه، وكان العيب الذي شابه مقصورا على الخطأ في تطبيق القانون على الوقعة كما صار إثباتها في الحكم، فإنه يتعين حسب القاعدة الأصولية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح محكمة النقض الخطأ وتحكم بمقتضى القانون.  

 

ولما كان الخطأ الذي تردى فيه الحكم لا يخضع لأي تقدير موضوعي بعد أن قالت محكمة الموضوع كلمتها من حيث ثبوت إسناد التهمة - ماديا - إلى الطاعن وأصبح الأمر لا يقتضي - بعد استبعاد تهمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة - سوى تقدير العقوبة المناسبة عن جريمته ، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على التعرض له والحكم به دون حاجة إلى نقض الحكم وتحديد جلسة لنظر الموضوع من أجل هذا السبب وحده، فإن المحكمة وإعمالا للسلطة المخولة لها، وبعد الاطلاع على المواد 1 ، 70، 76 بند 2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بإصدار قانون تنظيم الاتصالات، فإنها تصحح الحكم المطعون فيه بالنزول بعقوبة الغرامة المقضي بها على الطاعن إلى الحد المقرر بموجب نص المادة 76 من القانون سالف الذكر وجعلها بمبلغ خمسمائة جنيه بالإضافة إلى العقوبة السالبة للحرية المقضي بها عليه ورفض الطعن فيما عدا ذلك.

 

فلهذه الأسباب:

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ، وفى الموضوع بتصحيح الحكم المطعون فيه بجعل عقوبة الغرامة المقضي بها خمسمائة جنيه وبالاضافة إلى العقوبة السالبة للحرية المقضي بها على الطاعن، وأمرت بمحو التسجيل المصور، ورفض الطعن فيما عدا ذلك.

 

ملاحظات الحكم:

 

المحكمة أوضحت – من خلال ما ثبت بمدونات الحكم المنشور – أن الطاعن قام بتصوير المجني عليهما باستخدام كاميرا هاتفه المحمول أثناء نزولهما من سيارة الشرطة، وهما مقيدتان بالقيود الحديدية في الطريق العام، وعلى مرأى ومسمع من المارة، وذلك تمهيدًا لعرضهما على النيابة العامة – على نحو ما أورده الحكم –، وإن كان في هذا الفعل ما يُشكل إزعاجًا ومضايقة لهما من خلال إساءة استعمال أحد أجهزة الاتصالات، إلا أنه لا ينطوي على مساسٍ بحياتهما الخاصة ولا يُعد انتهاكًا لحرمتها بالمعنى الذي قصده الشارع، ومن ثم لا يندرج تحت طائلة نص المادة (25) من القانون رقم 175 لسنة 2018 المشار إليه، وإنما تتحقق به الأركان المادية والمعنوية للجريمة المنصوص عليها في البند (2) من المادة (76) من القانون رقم 10 لسنة 2003.

 

وعرفت الإزعاج وفقًا للمادة (76) من القانون رقم (10) لسنة 2003 بأنه لا يقتصر على السب أو القذف، بل يشمل كل قول أو فعل من شأنه تضييق صدر الإنسان، وتتحقق الجريمة إذا كان لدى الجاني العلم بأن فعله أو قوله يزعج الغير، مع توجيه إرادته نحو إحداث هذا الإزعاج، بغض النظر عن الغرض أو المبرر.

 

كاميرا الهاتف من وسائل الاتصال

 

وقالت "المحكمة": أن المادة الأولى من القانون 10 لسنة 2003 عرّفت مصطلح " الاتصالات " بأنه أي وسيلة لإرسال أو استقبال الرموز أو الإشارات أو الرسائل أو الكتابات أو الصور أو الأصوات، أياً كانت طبيعتها، وسواء كان الاتصال سلكيًا أو لا سلكيًا، ومن خصائص كاميرات الهواتف المحمولة إمكانية حفظ الأصوات والصور ومقاطع الفيديو ونقلها إلى ذاكرة الهاتف، بالإضافة إلى إرسالها واستقبالها، ومن ثم فهي تُعد من وسائل الاتصال التي قصدها المشرع في المادة (٧٦) سالفة الذكر.

 

الفرق بين جريمة الازعاج وانتهاك الحياة الخاصة  

 

وأكدت المحكمة أن الدساتير المتعاقبة منذ دستور 1923 حرصت على حماية الحياة الخاصة،  كما نصت المادة 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 التي دين الطاعن بموجبها، على أن جرائم انتهاك الحياة الخاصة تشمل حصراً استراق السمع أو تسجيل أو نقل المحادثات أو لتقاط أو نقل صور شخص في مكان خاص، مع تحديد المقصود بالمكان الخاص على أنه المكان المغلق الذي لا يمكن الوصول إليه بنظرات من الخارج ولا يسمح بدخوله للغير إلا بإذن صاحبه أو المنتفع به.

 

وانتهت المحكمة إلى أن تصوير الطاعن للمجني عليهما قد تم في الطريق العام وعلى مرأى المارة، فإن الفعل لا يندرج تحت مفهوم الحياة الخاصة ولا نص المادة 25 من القانون 175 لسنة 2018، وعليه، ثبت تحقق أركان جريمة تعمد الإزعاج بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات وفق المادة 76 من القانون 10 لسنة 2003، وقررت المحكمة نقض الحكم  وتعديل الغرامة إلى 500 جنيه مع الإبقاء على العقوبة السالبة للحرية، ورفضت الطعن فيما عدا ذلك.  

 

1 جمال
 
النقض تتصدى لتصوير المواطنين في الطريق العام  1

 

2 جمال
 
النقض تتصدى لتصوير المواطنين في الطريق العام  2

 

3 جمال
 
النقض تتصدى لتصوير المواطنين في الطريق العام  3

 

4 جمال
 
النقض تتصدى لتصوير المواطنين في الطريق العام  4

 

5 جمال
 
النقض تتصدى لتصوير المواطنين في الطريق العام  5

 

 

 

 

موضوعات متعلقة :

حول الانتخابات البرلمانية.. ماذا بعد أحكام المحكمة الإدارية العليا؟.. "برلماني" يُجيب: سرعة تشكيل دائرة خاصة وموعد استثنائى بمحكمة النقض لنظر طعون النقض المحالة إليها.. و6 خطوات للخروج من الإشكالية

ميزان الولاية القضائية في خصومات الانتخاب.. الفرق بين اختصاص المحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض بالفصل في الطعون الانتخابية وصحة العضوية؟.. 9 عناصر تكشف وتفرق بين سلطان المشروعية وحدود الانعقاد الصحيح للعضوية

النقض تضع 3 ضوابط لعلاقة القاصر ببطلان العقود.. وتؤكد: يسقط حقه فى طلب إبطال العقد بمرور 3 سنوات من تاريخ السن القانونى للأهلية.. والحيثيات: صلة القرابة لا تعد مانع أدبى للمطالبة ببطلان العقد من ناقص الأهلية

النقض ترسى مبدأ بشأن إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعى: دعوى تعويض إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي "مدنية" ولا تتبع اختصاص الاقتصادية.. والحيثيات تؤكد: شريطة أن يكون أساسها المسؤولية التقصيرية المدنية


الأكثر قراءة



print