محكمة النقض - أرشيفية
أصدرت الدائرة الجنائية "ب" – بمحكمة النقض – حكماً فريداً من نوعه، يُرسخ لعدة مبادئ قضائية بشأن التأكيد على مبدأ احترام المواعيد القانونية في إجراءات التقاضي الجنائي، قالت فيه:
يعتبر ميعاد الاستئناف من النظام العام في القانون، ويحق لأي طرف التمسك به في أي حالة كانت عليها الدعوى.
2-ويترتب على هذا المبدأ أن الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر بعدم قبول الاستئناف شكلاً يتطلب الالتزام بمواعيد الطعن القانونية المقررة.
3- إذ لا يجوز للمحكوم عليه إثارة أي دفع يتعلق بتأخره عن التقرير بالاستئناف لأول مرة أمام محكمة النقض، ما لم يثبت وجود أسباب موضوعية في الحكم المطعون فيه أو محضر الجلسة تبرر هذا التأخر.
ملحوظة:
ينبني هذا المبدأ على حكم محكمة النقض المصرية، الذي قضى برفض الطعن موضوعاً، موضحاً أن الأصل في ميعاد الاستئناف أن يمنح بموجب القانون ابتداءً من تاريخ إعلان الحكم، ولا يُزاد على ميعاد الاستئناف المقرر، بما يضمن تحقيق الاستقرار القانوني وعدم التلاعب بمواعيد الطعن.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 12473 لسنة 94 القضائية، لصالح المحامى بالنقض عصام البطاوى، برئاسة المستشار محمد خير الدين، وعضوية المستشارين خالد الجندى، وهاني نجاتي ياسين إسماعيل وأحمد كمال الخولي، وبحضور كل من رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض عمر تاج الدين، وأمانة سر مينا السيد.
الوقائع.. اتهام شخص بمضايقة أخر وازعاجه
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجنحة رقم "..." لسنة "..." الاقتصادية والمقيدة برقم ...... لسنة جنح مستأنف ....... الاقتصادية)، بأنه في يوم 13 من ديسمبر لسنة 2022، تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية أو الإلكترونية أو أي وسيلة تقنية أخرى، كما تعمد مضايقة المجني عليه بإساءة استخدام أجهزة الاتصالات على النحو المبين بالأوراق.
وطلبت النيابة العامة عقابه بالمادة 306 مكرر 1/ 1 من قانون العقوبات المستبدلة بالقانون رقم 141 لسنة 2021، والمادة 1/76 بند 2 من القانون رقم 10 لسنة 2003، وبجلسة 22 من يونيه لسنة 2023 قضت محكمة الجنح الاقتصادية غيابيًا أولاً: عن التهمة الأولى جريمة "التعرض للغير بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية" ببراءة المتهم "ل. م"، مما نسب إليه من اتهام، ثانياً: عن التهمة الثانية "جريمة تعمد الإزعاج" بحبسه شهرا مع الشغل، وكفالة عشرين ألف جنيه، وتغريمه مبلغ عشرين ألف جنيه، والزمته بالمصاريف الجنائية.

محكمة ول درجة تقضى بحبس المتهم شهر مع الشغل والكفالة
وفى تلك الأثناء - عارض المحكوم عليه في هذا القضاء، وقضت ذات المحكمة حضورياً بتوكيل في 28 من أكتوبر لسنة 2023 بقبول المعارضة شكلاً، وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه، وألزمت المعارض بالمصاريف الجنائية، فاستأنف المحكوم عليه هذا القضاء، أمام جنح مستأنف الاقتصادية، والتي بدورها قضت - بهيئة استئنافية - حضوريا في 4 من مارس لسنة 2024 بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد، وألزمت المحكوم عليه المستأنف المصاريف الجنائية.
المتهم يعارض على الحكم ويتسأنف.. ومحكمة ثانى درجة تؤيد الحكم
فطعن المحكوم عليه "ل. م" بشخصه - بتاريخ 4 من أبريل لسنة 2024 في هذا الحكم بطريق النقض، كما طعن المحامي بتاريخ ۴ من أبريل لسنة ۲۰۲۴ في هذا الحكم بطريق النقض، بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه، وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من ذات المحامي المقرر بالطعن.
مذكرة الطعن استندت على سبب وحيد لإلغاء الحكم حيث ذكرت: إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد شابه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المحكمة الاستئنافية لم تحتسب ميعاد مسافة مضافاً إلى ميعاد الاستئناف بين محل إقامة الطاعن محافظة "...." ومحكمة "...." الاقتصادية عملاً بالمادة 16 من قانون المرافعات المدنية والتجارية مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
المتهم يطعن أمام النقض
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: إن ميعاد الاستئناف - كما هو الشأن في كل مواعيد الطعن في الأحكام - من النظام العام ويجوز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى، إلا أن إثارة أي دفع بشأنه لأول مرة أمام محكمة النقض مشروط بأن يكون مستنداً إلى وقائع أثبتها الحكم وأن لا تقتضي تحقيقاً موضوعياً، وإذ خلا الحكم المطعون فيه، ومحضر جلسة المحاكمة الاستئنافية من أي دفاع للطاعن يبرر به تخلفه عن التقرير بالاستئناف في الموعد المقرر في القانون بالرغم من حضوره بتلك الجلسة، كما أن الأصل في ميعاد المسافة أن يمنح حيث يوجب القانون حصول إعلان يبدأ من تاريخه سريان ميعاد الطعن.
وبحسب "المحكمة": وإذ لا يوجب قانون الإجراءات الجنائية إعلان الأحكام الحضورية حتى يبدأ ميعاد الطعن فيها، ولا يزاد على الميعاد المقرر للاستئناف مواعيد المسافة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً ، مما يتعين القضاء برفض الطعن موضوعاً، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه .
وفى هذا الشأن – يقول المحامى بالنقض عصام البطاوى تفنيداً لهذا الحكم: يعتبر ميعاد الاستئناف من النظام العام في القانون، ويحق لأي طرف التمسك به في أي حالة كانت عليها الدعوى، ويترتب على هذا المبدأ أن الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر بعدم قبول الاستئناف شكلاً يتطلب الالتزام بمواعيد الطعن القانونية المقررة، إذ لا يجوز للمحكوم عليه إثارة أي دفع يتعلق بتأخره عن التقرير بالاستئناف لأول مرة أمام محكمة النقض، ما لم يثبت وجود أسباب موضوعية في الحكم المطعون فيه أو محضر الجلسة تبرر هذا التأخر.
ميعاد الاستئناف من النظام العام في القانون
وبحسب "البطاوى" في تصريح لـ"برلماني": وينبني هذا المبدأ على حكم محكمة النقض المصرية، الذي قضى برفض الطعن موضوعاً، موضحاً أن الأصل في ميعاد الاستئناف أن يمنح بموجب القانون ابتداءً من تاريخ إعلان الحكم، ولا يُزاد على ميعاد الاستئناف المقرر، بما يضمن تحقيق الاستقرار القانوني وعدم التلاعب بمواعيد الطعن.
ويضيف المحامى بالنقض: وعليه، فإن أي دفع بشأن تأخر الطاعن في الاستئناف يكون غير مقبول إذا لم يبرره الحكم أو محضر الجلسة، ويصبح رفض الطعن أمام محكمة النقض أمرًا متعينًا، بما يرسخ مبدأ احترام المواعيد القانونية في إجراءات التقاضي الجنائي.