تُعد عقوبة الإعدام هي أقصى العقوبات المطبقة في النظام القانوني، ولما كانت تمثل حداً نهائياً وحاسماً للجزاء، فقد حرص المُشرع في قانون الإجراءات الجنائية رقم 174 لسنة 2025، الصادر عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، على وضع إجراءات تنفيذية غاية في الدقة والوضوح، تحقيقاً للتوازن المطلوب بين إنفاذ العدالة وتوفير الضمانات القانونية للمحكوم عليه والمجتمع على حد سواء."
ويحدد قانون الإجراءات الجنائية الجديد مراحل تنفيذ عقوبة الإعدام بدقة، بدءا من ثبوت الحكم النهائي، مرورا بتأمين المحكوم عليه وإشراف الجهات الرسمية، ووصولا إلى توثيق التنفيذ وتسليم الجثة.
كما يولي القانون اهتماما بالاعتبارات الإنسانية والدينية والاجتماعية، مثل السماح بمقابلة الأقارب ورجال الدين، وعدم التنفيذ في الأعياد، وتأجيل العقوبة على النساء الحوامل، وذلك انسجاما مع التزامات الدولة تجاه حقوق الإنسان والحفاظ على كرامة الإنسان حتى في لحظات انتهاء حياته.
ومن خلال هذا التقرير، سيتم استعراض الإطار القانوني والإجرائي لتنفيذ حكم الإعدام وفق القانون الجديد، مع التركيز على المسؤوليات الملقاة على الجهات المختصة، والخطوات العملية لضمان العدالة، الشفافية، والإنصاف أثناء تنفيذ هذه العقوبة القصوى
1. رفع أوراق الدعوى وتنفيذ حكم الإعدام
يبدأ تنفيذ حكم الإعدام بمجرد أن يصبح باتا بعد انتهاء جميع طرق الطعن، ووفق المادة (443)، يجب على وزير العدل رفع أوراق الدعوى فورا إلى رئيس الجمهورية. وإذا لم يصدر أمر بالعفو أو إبدال العقوبة خلال أربعة عشر يوما من رفع الأوراق، يتم ينفذ الحكم بما يضمن توافر السلطة القانونية قبل التنفيذ.
2. إيداع المحكوم عليه
وفق المادة (444)، يتم إيداع المحكوم عليه بالإعدام في مركز الإصلاح والتأهيل بناء على أمر تصدره النيابة العامة، ويتم ذلك على النموذج الذي يحدده وزير العدل. ويظل المحكوم عليه في المركز حتى موعد تنفيذ الحكم، لضمان سلامته وتأمين الإجراءات القانونية.
3. مقابلة الأقارب ورجال الدين
تتيح المادة (445) لأقارب المحكوم عليه مقابلة الشخص المحكوم عليه في اليوم السابق للتنفيذ، شريطة أن يكون اللقاء بعيدا عن مكان تنفيذ الحكم.
كما تضمن المادة توفير التسهيلات اللازمة لإقامة الطقوس الدينية إذا كانت ديانة المحكوم عليه تتطلب أداء فروض قبل الوفاة، مثل الاعتراف أو الصلاة، بما يحافظ على الكرامة الدينية والإنسانية.
ونصت المادة بأنه "إذا كانت ديانة المحكوم عليه تفرض عليه الاعتراف أو غيره من الفروض الدينية قبل الموت، وجب إجراء التسهيلات اللازمة لتمكين أحد رجال الدين
من مقابلته".
4. مكان تنفيذ الإعدام والإشراف
تحدد المادة (446) مكان تنفيذ العقوبة ليكون داخل مركز الإصلاح والتأهيل أو في مكان مستور، وذلك بناء على طلب كتابي من النائب العام إلى مساعد وزير العدل لقطاع الحماية المجتمعية، مع إخطار وزارة الداخلية والنائب العام باليوم والساعة المحددين للتنفيذ.
5. حضور التنفيذ وتوثيقه
تشترط المادة (447) حضور التنفيذ لممثلين من النيابة العامة، وزارة الداخلية، قطاع الحماية المجتمعية، مدير المركز وطبيبين، مع السماح بحضور المحامي الدفاعي عن المحكوم عليه . ويتم تلاوة الحكم منطوقة والتهمة الموجهة للمحكوم عليه أمام الحاضرين، ويحق له الإدلاء بأقواله، والتي يسجلها عضو النيابة العامة في محضر رسمي. بعد التنفيذ، يسجل عضو النيابة العامة محضرًا بالوفاة مع شهادة الطبيب وساعة الوفاة، بما يضمن التوثيق القانوني الدقيق.
6. قيود زمنية ودينية على التنفيذ
تنص المادة (448) على عدم تنفيذ الإعدام في الأعياد الرسمية أو الدينية، وذلك مراعاة للجانب الاجتماعي والديني. كما تنص المادة (449) على تأجيل تنفيذ العقوبة على النساء الحوامل إلى ما بعد سنتين من الوضع، لحماية حياة الطفل والأم.
7. تسليم الجثة ودفنها
بعد تنفيذ الحكم، تنص المادة (450) على تسليم الجثة لأهله إذا طلبوا ذلك ووافقت الإدارة، مع وجوب الدفن بدون احتفال. وإذا لم يتقدم أحد خلال 24 ساعة، توضع الجثة في أقرب مكان من مركز الاصلاح لحفظ الجثث، وإذا لم يتم استلامها خلال 7 أيام، تسلم إلى إحدى الجهات الجامعية، بما يحفظ النظام والكرامة الإنسانية بعد الوفاة.
