تستعد وزارة الداخلية اليوم السبت لتنفيذ خطة أمنية غير مسبوقة لتأمين فعاليات افتتاح المتحف المصري الكبير، ذلك الحدث العالمي الذي ينتظره الملايين حول العالم، حيث تتحول القاهرة إلى قبلة للأنظار ومركز للاحتفاء بالحضارة المصرية العريقة.
ويُقام الافتتاح التاريخي تحت رعاية وحضور السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، في فعالية وصفت بأنها "الحدث الثقافي والحضاري الأضخم في القرن الحادي والعشرين"، نظراً لضخامة المتحف ومكانته كأكبر صرح متحفي مخصص لحضارة واحدة في العالم.
اجتماعات مكثفة ومتابعة دقيقة لخطة التأمين
وقال مصدر أمني إن وزير الداخلية اللواء محمود توفيق عقد خلال الأيام الماضية سلسلة من الاجتماعات مع كبار مساعديه والقيادات الأمنية المختصة، لمراجعة تفاصيل خطة التأمين الشاملة التي أُعدت خصيصاً لتأمين فعاليات الافتتاح، وضمان خروج الحدث بالصورة اللائقة باسم ومكانة مصر.
وأوضح المصدر أن وزارة الداخلية وضعت خطة أمنية محكمة تم إعدادها وفق نموذج محاكاة كامل، يضمن إلمام كل عنصر أمني بجميع تفاصيل المهام المكلف بها. وشملت الخطة تدريباً مكثفاً للعناصر المشاركة في التأمين، على التعامل الاحترافي مع كافة المواقف الطارئة، بما يعكس كفاءة وجاهزية المنظومة الأمنية المصرية في إدارة الأحداث الكبرى.
وأكد المصدر أن خطة التأمين تم إعدادها بما يتناسب مع حجم الحدث وضيوفه، الذين يمثلون نخبة من الملوك والرؤساء وكبار الشخصيات السياسية والثقافية والإعلامية على مستوى العالم.
خطة أمنية متكاملة من المحيط إلى الطريق
وأشار المصدر إلى أن خطة التأمين تضمنت عدداً من المحاور الرئيسية، تبدأ من تأمين محيط المتحف المصري الكبير في ميدان الرماية، وتمتد لتشمل الطرق والمحاور المؤدية إليه، مروراً بمناطق إقامة وتنقل الوفود المشاركة، ووصولاً إلى وسائل الإعلام العالمية التي ستقوم بتغطية هذا الحدث التاريخي.
كما تم تكثيف الانتشار الأمني في المناطق المحيطة بالمتحف، مع تعزيز نقاط التفتيش والمراقبة، وتزويدها بأحدث أجهزة الكشف والتتبع. وشملت الخطة أيضاً تأمين الطريق الدائري وشارعي الهرم والملك فيصل وطريق الفيوم وطريق مصر - إسكندرية الصحراوي، في ظل تزايد حركة الوفود القادمة من مطار سفنكس الدولي إلى منطقة الهرم.
الشرطة النسائية في الصفوف الأولى
وكشف المصدر عن مشاركة متميزة لعناصر الشرطة النسائية المدربة باحترافية عالية، ضمن منظومة التأمين الخاصة بالاحتفال، لتأمين كبار الشخصيات والوفود الأجنبية المشاركة، إلى جانب انتشارهن في عدد من الخدمات التأمينية بمحيط المتحف والمواقع المجاورة له.
وأوضح أن الشرطة النسائية ستشارك أيضاً ضمن وحدات التدخل السريع، التي تم تجهيزها خصيصاً للتعامل الفوري مع أي موقف طارئ، في إطار استراتيجية وزارة الداخلية التي تراهن على العنصر البشري المؤهل كركيزة أساسية لنجاح المهام الأمنية.
وحدات تدخل سريع وانتشار ميداني مكثف
وأكد المصدر الأمني أن الوزارة دفعت بعدد من وحدات التدخل السريع المدعومة بعناصر مدربة ومجهزة بأحدث الوسائل الفنية والتقنيات اللوجستية، لتأمين نطاقات متعددة حول موقع المتحف.
وأشار إلى أن الخطة تضمنت تجهيز أقوال أمنية ودوريات متحركة وخدمات مرورية تعمل على مدار الساعة، لمتابعة الحركة المرورية على الطرق والمحاور الرئيسية المؤدية إلى المتحف، بما يضمن انسيابية الحركة وتأمين وصول الوفود دون أي عوائق.
كما جرى التنسيق الكامل بين إدارات المرور والحماية المدنية والمسطحات والنجدة، لتأمين موقع الحدث ضد أي احتمالات طارئة، مع نشر عناصر الحماية المدنية وسيارات الإطفاء والإسعاف في مواقع استراتيجية قريبة من الحدث، استعداداً لأي طارئ.
غرفة عمليات مركزية لمتابعة التنفيذ لحظة بلحظة
وأوضح المصدر أن وزير الداخلية اللواء محمود توفيق وجّه بتفعيل غرفة العمليات المركزية بالوزارة لمتابعة تنفيذ خطة التأمين لحظة بلحظة، على مدار 24 ساعة، مع الربط المباشر بغرف العمليات في جميع القطاعات الأمنية المشاركة.
ويهدف ذلك إلى سرعة تلقي البلاغات والإخطارات والتعامل الفوري معها ميدانياً، من خلال آلية تنسيق متكاملة بين مختلف الأجهزة الأمنية.
كما شدد الوزير على ضرورة التواجد الميداني للقيادات الأمنية بكافة المستويات خلال فعاليات الافتتاح، لمتابعة التنفيذ عن قرب، والإشراف على الأداء الميداني للقوات، وضمان تحقيق أعلى درجات الجاهزية والسيطرة الأمنية حتى انتهاء الاحتفالات تماماً.
وجه حضاري يليق بمصر
وتأتي هذه الاستعدادات في إطار حرص الدولة على خروج افتتاح المتحف المصري الكبير في أبهى صورة تعكس مكانة مصر التاريخية ودورها الحضاري أمام العالم، وتبرز قدراتها التنظيمية والأمنية في إدارة الفعاليات العالمية الكبرى.
فبينما يشهد المتحف احتشاد رموز السياسة والثقافة والفن من مختلف أنحاء العالم، يقف رجال الشرطة المصريون في صمتٍ مخلص، يحمون المشهد، ويصنعون خلف الكواليس قصة نجاح جديدة في سجل الأمن المصري.
إنها لحظة تؤكد أن الأمن في مصر ليس فقط حماية للحدود والمنشآت، بل هو أيضاً حماية للحلم، وصونٌ لصورة وطنٍ عريق يُعيد كتابة تاريخه بثقة وثبات.