محكمة النقض - أرشيفية
أصدرت الدائرة المدنية "ج" – بمحكمة النقض – حكماً فريداً من نوعه، تُنظم فيه العلاقة بين الشركاء أو الورثة في الملكية الشائعة، ورسخت لعدة مبادئ قضائية، قالت فيه:
1- حال قيام شخص من الملاك على الشيوع بالبناء على جزء من الأرض المشتركة أو المملوكة بينهم على المشاع، وكان باقي الشركاء على دراية ومعرفة بالأمر، ودون أن يعترضوا، فهذا البناء لا يصبح خاص بمن بناه، وإنما يعتبر ملكًا مشاعًا بين جميع الملاك.
2- ويكون جميع الملاك كل منهم بنسبة أنصبتهم في الأرض، حتى لو أن بعضهم لم يدفع أو يساهم في تكاليف البناء.
3- لأن سكوت الشركاء في هذه الحالة يعتبر "موافقة ضمنية"، والذى قام بالبناء يُعتبر وكيل عنهم في هذا التصرف.
الخلاصة:
يعني ببساطة البناء الذى يقيمه أحد الشركاء في أرض مشتركة بعلم الباقين، ودون اعتراض، يصبح ملكا للجميع، وكل شخص أو شريك أو وريث يتحمل من التكاليف على قدر حصته في الأرض، إلا لو كان هناك اتفاق أو عقد على غير ذلك، سواء كان عقداً عرفياً أو رسميا موثقا.

صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 19254 لسنة 90 القضائية، برئاسة المستشار محمد سامح أحمد تمساح، وعضوية المستشارين ثروت نصر الدين إبراهيم، وعلي محمد فؤاد شرباش، ومصطفى عبد الفتاح أحمد تركي، ومصطفى كامل مناع، وبحضور كل من رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض أحمد إبراهيم أحمد حسيب، وأمانة سر فرح عدلي.
الوقائع.. نزاع قضائى بين شركاء في ملكية شائعة
الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتمثل في أن الطاعن بصفته أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 10988 لسنة 2006 مدنى محكمة الإسكندرية الابتدائية، بطلب الحكم باكتساب ملكية المباني المقامة على الجزء المغتصب من الأرض المملوكة له، وبإلزام المطعون ضدهم أن يؤدوا له مبلغ 58042.5 جنيه – ثمانية وخمسين ألف واثنين وأربعين جنيها ونصف - قيمة الريع المستحق نظير شغلهم لها، وقال بياناً لذلك: إنه بموجب القانون 71 لسنة 1961 بشأن التركات الشاغرة يمتلك حصة شائعة مقدارها 11.25 س 12 ط في مساحة 836.60 م2 من المالكة الأصلية شقيقة "..." التي توفيت دون وارث ظاهر لها، وتم إشهار هذه الحصة بموجب قائمة الإشهار رقم 4950/74 إسكندرية، وقد قام ببيع مسطح 279.98 م2 بالمزاد العلني.

وإذ قام المطعون ضدهم كشركاء له في ملكية أرض النزاع ببناء عقار على مسطح أكبر مما يخصهم متعدين على مساحة 154.78 م2 من الحصة المملوكة له، وبذلك فإنه يتملك المباني المقامة عليها عملا بنص المادة 924 من القانون المدني، ومن ثم فقد أقام الدعوى، ثم ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض الدعوى، ثم استأنف الطاعن بسنته هذا الحكم بالاستئناف 174 لسنة 75 قضائية الإسكندرية، وبتاريخ 10 نوفمبر 2020 قضت المحكمة بالتأييد طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقص، وأودعت النيابة مذكرة أبنت فيها الرأي بنقص الحكم المطعون فيه، وإذ عرص الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة - حددت جلسة النظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
الشركاء قاموا بالبناء على مساحة أكبر من نصيبهم دون علم أحد شركائهم
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم؛ حيث ذكرت إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول: إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن مورث المطعون ضدهم تعدى على مساحة 154.78 م2 من ملكه، وأقام عليها مضافة إلى ملكه بناء، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم الابتدائي برفض الدعوي تأسيساً على أن جميع ملاك الأرض محل النزاع يمتلكونها على الشيوع دون فرز الحصة كل منهم، وبذلك لا تتوافر أحكام الالتصاق دون أن يعني ببحث ما إذا كان القدر الذي بنى عليه معادلاً لنصيبه من عدمه، ما يعيبه ويستوجب نقضه.

الشريك يقيم دعوى باكتساب ملكية المباني المقامة على الجزء المغتصب من الأرض المملوكة له
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: حيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن سبب الدعوى هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب، وكانت محكمة الموضوع ملزمة في كل حال بتطبيق القانون على وجهه الصحيح بغير طلب من الخصوم، وبإعطاء الدعوى وصفها الحق وإسباع التكييف القانوني الصحيح وانزال حكم القانون عليها بغير تفيد منها يتكيفهم أو الجميح القانونية التي استندوا إليها أو النص القانوني الذي اعتمدوا عليه ولا يعد ذلك منها تغييراً لسبب الدعوى، وأن لكل من الشركاء على الشيوع حق ملكية حقيقية في حصته الشائعة، وأنه إذا تمكن أحدهم من البناء على جزء من العقار الشائع، فإنه لا يعد بانياً على ملك غيره، وكل ما للشريك الآخر أن يطالب من أقام البناء بقسمة العقار المملوك لهما على الشيوع، ثم يرتب حقه على ما يظهر من نتيجة القسمة.
ويطالب بقيمة الريع المستحق نظير شغلهم لها
بحسب "المحكمة": وأن مناط ذلك أن يكون القدر الذي بنى عليه معادلاً لنصيبه فيه، فإذا جاوزه اعتبر بانيا على ملك غيره بالنسبة لما أقامه على ما يجاوز حصته فيه، كما أنه من المقرر أيضا أنه لما كان الأصل في الملكية الشائعة أنه إذا أقام أحد الشركاء بناء على جزء مفرز من أرض شائعة معلم باقي الشركاء ودون اعتراض منهم - اعتبر وكيلاً عنهم في ذلك وغد سكونهم إقراراً لعمله، ويكون المنشأ ملكاً شائعاً بينهم جميعاً ويتحمل كل منهم في تكاليفة بنسبة حصته في الأرض ما لم يتفق على غير ذلك.
محكمة أول وثانى درجة ترفضان الدعوى.. والشريك يطعن أمام النقض
ووفقا لـ"المحكمة": لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وأقام قضاءه برفض دعوى البنك الطاعن بتمليكه المبان المقامة على الجزء المغتصب من الأرض محل النزاع المملوكة له، وبإلزام المطعون ضدهم أن يؤدوا له قيمة الريع المستحق نظير شغلهم لها، وذلك لعدم انطباق قواعد الالتصاق بحسبان أن مورث المطعون ضدهم قد أقام البناء على أرض يمتلك كل جزء منها مشاعاً، وأن البنك الطاعن لا يملكها منفرداً، مما حجبه عن بحث عما إذا كان القدر الذي بنى عليه مورث المطعون ضدهم معادلاً لتنصيبه فيه أو أنه تعدى على ملك الطاعن بصمته وأحقية الطاعن بصفته في تملك الخار على الشيوع بما يساوي حصته في الأرض ونصيبه في ربعها وفقاً لأحكام الوكالة والشيوع، فإنه يكون سعيداً، مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.
النقض تنصف الشريك بـ3 مبادئ قضائية
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات.




