محكمة النقض - أرشيفية
أصدرت الدائرة المدنية والتجارية - محكمة النقض – حكماً قضائياً فريداً من نوعه، يتصدى لإشكالية عدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها في بعض الدعاوى، ويُرسخ لـ6 مبادئ قضائية حول حجية الحكم المؤقتة وإعادة رفع الدعوى، قالت فيه: "1- الحكم الذي يصدر برفض الدعوى أو بعدم قبولها لا تكون له قوة مطلقة دائمة.
2-قوة مؤقتة: تكون حجية هذا الحكم مؤقتة ومقتصرة فقط على الحالة "الظروف" التي كانت عليها الدعوى عند رفعها لأول مرة.
3-إمكانية إعادة رفع الدعوى: هذا الحكم لا يمنع من إعادة رفع النزاع "إعادة الدعوى" في المستقبل.
4-الشرط لإعادة الرفع: يمكن إعادة النزاع إذا تغيرت الحالة "الظروف أو الأسباب القانونية" التي بني عليها الحكم السابق.
5-بشكل أبسط: إذا رفضت المحكمة دعواك، لأنها ناقصة أو غير مكتملة، فيمكنك إصلاح النقص أو تغير الظروف ثم رفعها مرة أخرى.
6- الحكم السابق لا يمنعك من ذلك إلا إذا كانت الظروف كما هي.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 501 لسنة 94 القضائية، برئاسة المستشار نبيل عثمان، وعضوية المستشارين عمرو مأمون، ومحمد على، ومحمد خالد، وعمرو خلف، وبحضور كل من رئيس النيابة شريف رشاد، وأمانة سر حسين عبد الله.

الوقائع.. نزاع قضائى بين ورثة المستأجر وورثة المالك بسبب ضياع العقد
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهما الدعوى رقم 91 لسنة 2022 أمام محكمة شرق طنطا الابتدائية بطلب الحكم بثبوت العلاقة الإيجارية بين مورثهم والمطعون ضدهما عن الوحدتين محل التداعي، وقالوا بيانا المدعواهم: إنه بموجب عقد البيع المؤرخ 12 نوفمبر 1966 اشترى مورثهم العقارين الكائن بهما عينا التداعي، وثابت بالعقد استئجار المطعون ضدهما لعيني التداعي، وقد سبق وأن أقر الأخيرين بتلك العلاقة الإيجارية بتقرير الخبير المودع في الدعوى رقم 1934 لسنة 2013 كلي المحلة الكبرى، ولفقدانهم عقدي الإيجار الخاصين بالوحدتين محل التداعي، فأقاموا الدعوى.
وفى تلك الأثناء - حكمت المحكمة برفض الدعوى، ثم استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 2455 لسنة 16 قضائية طنطا، وبتاريخ 7 نوفمبر 2023 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى القضاء بعدم جواز نظر الدعوى المبتدأة السابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 87 لسنة 2017 كلي المحلة واستئنافها رقم 568 لسنة 12 ق طنطا مأمورية المحلة الكبرى، ثم طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، ولا عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحدث جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها .

محكمة أول درجة ترفض الدعوى.. و"الاستئناف" تقضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت: مما ينعاد الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التشبيب، إذ استند في قضائه بعدم جواز نظر دعواهم تأسيسا على سبق الفصل فيها في الحكم رقم 87 السنة 2017 كلي المحلة واستئنافه رقم 568 لسنة 12 ق طنطا مأمورية المحلة الكبرى، رغم أن حجيته موقوتة تقتصر على الحالة التي كانت عليها الدعوى فيه وقد تغيرت هذه الحالة في الدعوى محل الطعن بطلبهم الإثبات بكافة طرق الإثبات، مما يعيبه يستوجب نقضه.
ورثة المستأجر يطعنون على الحكم لهذه الأسباب
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الحكم الصادر برفض الدعوى بحالتها أو بعدم قبولها وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - له حجية موقوتة تقتصر على الحالة التي كانت عليها حين رفعها أول مرة، ولا تحول دون معاودة النزاع من جديد متى كانت الحالة بالحكم السابق قد تغيرت، وأن المشرع في المادة 16/2، 1 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين - والمقابلة للمادة 24 من القانون 49 لسنة 1977 - وإن أوجب اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون إبرام عقود الإيجار كتابة وألزم المؤجر بذلك، إلا أن اشتراط هذه الكتابة لا ينال من رضائية عقد الإيجار ولا يجعل منه عقدا شكليا تعد الكتابة ركنا فيه، وإنما هي وسيلة إثبات.

وتضيف "المحكمة": ومن ثم فإذا أخل المؤجر بالتزامه المشار إليه وأنكر المستأجر العلاقة الإيجارية حق له إثبات تلك العلاقة بكافة طرق الاثبات المقررة قانونا شأنه في ذلك شأن المستأجر، وأن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب من الخصوم، بل هو واجب القاضي الذي عليه ومن تلقاء نفسه أن يبحث عن الحكم القانوني الصحيحالمنطبق على الواقعة المطروحة عليه وأن ينزل هذا الحكم عليها.
النقض تضع 6 مبادئ قضائية لحسم النزاع
وبحسب "المحكمة": لما كان ذلك، وكان الطاعنون قد أقاموا الدعوى الواردة في سبب النعي قبل المطعون ضدهما للحكم بثبوت الإيجار معهما كمستأجرين لمحلى التداعي فقضى برفضها، وتأيد هذا القضاء بالاستئناف رقم 568 لسنة 12 ق طنطا مأمورية المحلة تاسيساً على عدم تقديم دليل كتابي على قيام العلاقة الإيجارية اعمالاً لنص المادة 24 من القانون 49 لسنة 1977، فإن هذا الحكم تكون له حجية موقوتة تقتصر على الحالة التي كانت عليها الدعوى حين نظرها ولا تحول دون معاودة النزاع من جديد متى كانت الحالة التي انتهت بالحكم السابق قد تغيرت.

وتؤكد "المحكمة": وكان الثابت من مدونات الحكمين الابتدائي والاستئنافي أن الطاعنين أقاموا دعواهم محل الطعن بذات طلبات الدعوى المشار إليها، وقد طرأ تغير على ظروف الدعوى بأن تساندوا في طلبهم إلى تمكينهم من اثبات العلاقة الإيجارية معهما بكافة طرق الإثبات المقررة قانون، وهو ما يجوز لهم قانونا، وإذ تنكب الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقصى بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها في الدعوى المشار إليها واستئنافها، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون، وقد حجبه ذلك عن بحث طلب الطاعنين في هذه الدعوى بالحالة الجديدة وهي إثبات العلاقة الإيجارية مع المطعون ضدهما بكافة طرق الإثبات المقررة قانونا، بما يعبيه ويوجب نقضه.
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف طنطا مأمورية المحلة الكبرى "، والزمت المطعون ضدهما بالمصروفات ومبلغ مالتي جنيه مقابل العاب المحاماة.


