الإثنين، 03 نوفمبر 2025 10:45 ص

قانون المشروعات الصغيرة.. خطوة استراتيجية لتمكين الشباب وتحويل طاقاتهم إلى قوة إنتاجية واقتصادية حقيقية.. التشريع يتضمن تسهيلات في الترخيص وتخصيص الأراضي ودعما فنيا وتمويليا لتعزيز ريادة الأعمال الوطنية

قانون المشروعات الصغيرة.. خطوة استراتيجية لتمكين الشباب وتحويل طاقاتهم إلى قوة إنتاجية واقتصادية حقيقية.. التشريع يتضمن تسهيلات في الترخيص وتخصيص الأراضي ودعما فنيا وتمويليا لتعزيز ريادة الأعمال الوطنية المشروعات الصغيرة - صورة أرشيفية
الأحد، 02 نوفمبر 2025 12:00 م
كتب هشام عبد الجليل
يحظى ملف ريادة الأعمال باهتمام كبير لدي القيادة السياسية، وفي ظل سعي الدولة المصرية إلى بناء اقتصاد عصري قائم على الإنتاج وريادة الأعمال، جاء قانون المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر رقم 152 لسنة 2020 ليشكل تحولًا نوعيًا في مفهوم التنمية الاقتصادية.
 
ويعتبر القانون، رؤية متكاملة تهدف إلى تمكين الشباب، وتوسيع قاعدة الاقتصاد الرسمي، وخلق بيئة استثمارية تحفز الابتكار والإنتاج.
 
ويهدف القانون إلى معالجة أحد أبرز التحديات التي كانت تواجه المشروعات الصغيرة في الماضي، وهي البيروقراطية وتعقيد الإجراءات، حيث قدم نموذجًا إداريًا وتنظيميًا جديدًا يضمن سرعة الترخيص، وتبسيط المعاملات، وتوفير الأراضي، والدعم الفني والمالي في منظومة واحدة تحت إشراف جهاز تنمية المشروعات.
 
فالوحدات الخدمية التي أنشأها القانون داخل الجهاز تعمل كمراكز شاملة تضم ممثلين عن الوزارات والهيئات الحكومية المعنية، لتكون بمثابة “النافذة الواحدة” التي تختصر الوقت والجهد أمام المستثمر الصغير، وتمنحه تجربة استثمارية ميسرة وواضحة.
 
ويُعد نظام التراخيص المؤقتة أحد أبرز أدوات الإصلاح التي جاء بها التشريع، إذ يتيح للمستثمرين بدء نشاطهم خلال 15 يومًا فقط من تقديم المستندات، مع إمكانية الحصول على ترخيص نهائي إذا لم ترد الجهات المعنية خلال 30 يومًا. هذه الخطوة العملية أنهت سنوات من المعاناة مع الإجراءات المطولة، وخلقت ثقة جديدة بين الشباب والدولة.
 
أما تخصيص 30% من الأراضي الشاغرة في المناطق الصناعية والسياحية والزراعية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، فهو يعكس إيمان الدولة بأن دعم الشباب يبدأ بتوفير المساحة التي تمكنهم من الإنتاج الفعلي، لا بمجرد تسهيلات ورقية. كما أن إتاحة إقامة مجمعات صناعية على بعض الأراضي الزراعية يعزز التكامل بين القطاعات الإنتاجية، ويفتح فرصًا جديدة للاستثمار الريفي.
 
ولم يغفل القانون البعد الفني والتقني، إذ أتاح لجهاز تنمية المشروعات تقديم خدمات التدريب والدعم الفني للمستثمرين الجدد، ومساعدتهم على إعداد دراسات الجدوى والتسويق، بما يحول الفكرة إلى مشروع واقعي مستدام. هذه المنظومة الشاملة تُعد حجر الزاوية في بناء قاعدة إنتاجية قوية ومتنوعة داخل الاقتصاد الوطني.
 
ومن ثم فقد وضع القانون الأساس لما يمكن تسميته بـ“اقتصاد الشباب”، حيث أصبحت الدولة شريكًا وميسرًا، لا جهة رقابية فقط، وهو ما انعكس على معدلات الإقبال المتزايدة على تأسيس مشروعات جديدة في قطاعات الصناعة والخدمات والتكنولوجيا، خاصة وأن فلسفة القانون تتفق مع التوجه العالمي نحو دعم المشروعات الصغيرة التي تمثل أكثر من 90% من النشاط الاقتصادي في كثير من الدول المتقدمة، باعتبارها المحرك الحقيقي للنمو وخلق فرص العمل.
 
وتسعى الدولة من خلال هذا التشريع، لإعادة صياغة خريطة الاستثمار المحلي لتكون أكثر شمولًا وعدالة، ولم تقتصر آثار القانون على الجانب الاقتصادي فقط، بل امتدت إلى البعد الاجتماعي أيضًا، إذ أسهم في دمج العمالة غير الرسمية داخل الاقتصاد المنظم، وفتح الباب أمام الشباب والنساء ورواد الأعمال الصغار لتأسيس مشروعات قانونية معترف بها، ما يسهم في رفع مستوى المعيشة وتقليل البطالة.
 
كما أن التوجه نحو الدفع الإلكتروني في سداد رسوم التراخيص، واعتماد مكاتب اعتماد خاصة لفحص المستندات، يعزز الشفافية ويقلل الفساد الإداري، ليصبح القانون نموذجًا لتطبيق الحوكمة الاقتصادية في قطاع لطالما عانى من العشوائية.
 
ولم يقتصر القانون رقم 152 لسنة 2020 على كونه تشريعًا اقتصاديًا، بل يمثل فلسفة دولة تؤمن بأن التنمية تبدأ من القاعدة، وأن الشباب هم الثروة الحقيقية التي يجب الاستثمار فيها، ومع استمرار الدولة في تحديث اللائحة التنفيذية وتوسيع قاعدة المستفيدين، يظل هذا القانون أحد أهم الركائز التي تدعم بناء اقتصاد وطني مرن وقادر على المنافسة في ظل المتغيرات العالمية.

print