الأحد، 19 أكتوبر 2025 05:47 م

صحح مفاهيمك.. العنف ضد الأطفال من أخطر الظواهر الاجتماعية التى تهدد مستقبل الأجيال.. وتؤكد العنف حرام شرعًا ومنافٍ للهدى النبوى ومخالف لمقاصد الشريعة.. ومن المفاهيم المغلوطة الضرب هو الوسيلة الوحيدة للتربية

صحح مفاهيمك.. العنف ضد الأطفال من أخطر الظواهر الاجتماعية التى تهدد مستقبل الأجيال.. وتؤكد العنف حرام شرعًا ومنافٍ للهدى النبوى ومخالف لمقاصد الشريعة.. ومن المفاهيم المغلوطة الضرب هو الوسيلة الوحيدة للتربية مبادرة صحح مفاهيمك
الأحد، 19 أكتوبر 2025 02:00 م
كتب لؤى على
أوضحت مبادرة "صحح مفاهيمك"، أن العنف ضد الأطفال يُعد من أخطر الظواهر الاجتماعية التي تهدد مستقبل الأجيال، إذ يمسّ براءتهم ويقوّض نموهم النفسي والجسدي، وتتنوع أشكاله بين عنف جسدي مباشر ونفسي خفي، ما يستدعي وعيًا جماعيًا ومسؤولية مشتركة لحماية هذه الفئة الضعيفة وضمان بيئة آمنة لنموّها السليم.
 
صور الظاهرة ومظاهرها
 
تتنوع صور العنف ضد الأطفال وتتشكل في مظاهر عديدة، منها ما هو جسدي مباشر كـالضرب والتعذيب والحرق، ومنها ما هو نفسي خفي كالتخويف الدائم، والتهديد، والإهمال، والسخرية، والشتم.
 
وتشمل مظاهر العنف:
 
الضرب المبرح تحت مسمى "التأديب"
الصراخ والتخويف والتحقير أمام الآخرين.
حرمان الطفل من الطعام أو النوم كوسيلة عقاب.
التحرّش أو الإيذاء الجنسي (وهو من أشنع المظاهر).
إهمال رعاية الطفل صحِّيًّا وتعليميًّا وعاطفيًّا.
استغلال الأطفال في العمل الشاق أو التسوّل.
وهذه المظاهر، وإن اختلفت صورها، تتفق في كونها جرائم أخلاقية وتربوية، تهدم كيان الطفل وتحطّم إنسانيته.
 
 
الأبعاد الخطيرة للظاهرة

العنف ضد الأطفال لا يُخلِّف ألمًا لحظيًّا فقط، بل يُنتج آثارًا طويلة المدى تؤثر على الفرد والمجتمع:
 
أضرار نفسية: مثل الاكتئاب، القلق، فقدان الثقة، كراهية الذات، الانطواء.
تشوه في البناء التربوي: يتحوّل الطفل المعنَّف إما إلى شخص عدواني أو شديد الضعف.
ضعف التحصيل الدراسي: نتيجة التوتر وفقدان الأمان.
إعادة إنتاج العنف: الطفل الذي يتعرض للعنف غالبًا ما يُمارسه مستقبلًا.
انهيار العلاقات الأسرية: وفقدان القدوة، وانتشار الكراهية في البيت.
ضرر مجتمعي شامل: لأن بناء المجتمع يبدأ من الطفولة، وإذا تحطّمت الطفولة ضاعت الأجيال.
 
الرؤية الدينية والتأصيل الشرعي
جاء الإسلام بتشريعاتٍ سامية تحفظ كرامة الطفل وتُرسي مبادئ الرحمة والتربية الرشيدة، لا العنف والترويع.
 
من القرآن الكريم:
قال تعالى : {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسۡنٗا} [البقرة: ٨٣]، وقال تعالى : {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ} [الأنعام: ١٦٤] ، وقال تعالى : {فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ } [آل عمران: ١٥٩].
 
من السنة النبوية:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلـم: «من لا يَرحم لا يُرحم» [متفق عليه].
 
وقال -صلى الله عليه وسلـم: «ليس منّا من لم يُوقِّر كبيرنا ويَرحم صغيرنا» [أخرجه أبو داود والترمذي].
 
وروى البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلـم - قبّل الحسن بن عليّ، فقال له الأقرع بن حابس: "إن لي عشرة من الولد ما قبّلتُ منهم أحدًا!" فقال - صلى الله عليه وسلـم: «من لا يَرحم لا يُرحم».
 
من أقوال العلماء والفقهاء:
قال الإمام الغزالي في (إحياء علوم الدين):
 
"والصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة قابلة لكل نقش، فإن عُوِّد الخير نشأ عليه، وإن أُهمل شقي وهلك"
 
والإمام النووي نصّ على أن الضرب في التعليم لا يجوز إلا بضوابط، ويكون تأديبيًّا لا تعذيبيًّا، وألا يُفضي إلى الأذى.
 
وقد تطرق الدكتور أسامة السيد الأزهري إلى ظاهرة العنف ضد الأطفال ضمنيًا وبعمق شرعي وتربوي وإنساني في عدد من كتبه ومحاضراته، من خلال معالجة قضايا التربية، والرحمة، وحفظ النفس، وبناء الإنسان، وهي جميعها محاور تمسّ قضية العنف ضد الأطفال من جذورها.
 
ومن أبرز كتبه التي تناولت هذه الظاهرة ضمنًا أو بشكل قريب.
 
كتاب (إحياء علوم النفس)
هذا الكتاب من أهم مؤلفات الدكتور أسامة في تناول البعد النفسي والسلوكي للإنسان، ويتحدث فيه عن:
 
بناء الشخصية السوية من الطفولة.
أثر القسوة والذوق العنيف في تدمير الإنسان.
التربية بالرحمة في ضوء الهدي النبوي.
وفيه إشارات قوية إلى العنف التربوي وأثره، دون أن يُسمِّي الموضوع بهذا الاسم صراحة.
 
كتاب (الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين)
والكتاب يناقش مفاهيم خاطئة شائعة باسم الدين، منها مفهوم "التأديب المفرط" و"التسلط باسم الولاية الأبوية".
 
الدكتور أسامة ينتقد بشدة التأويلات المتعسفة للنصوص التي تبرر القسوة، ويؤصل لمفهوم "الرحمة كأصل في التعامل مع الضعفاء"، ومنهم الأطفال.
 
إذًا: العنف حرام شرعًا، ومنافٍ للهدي النبوي، ومخالف لمقاصد الشريعة.
 
 
المفاهيم المغلوطة عن الظاهرة وتصحيحها
١. "الضرب هو الوسيلة الوحيدة للتربية".
 
- خطأ، فالنبي - صلى الله عليه وسلـم - ربّى جيلًا كاملًا بلا ضرب، وكان منهجُه الرحمة والحكمة.
 
٢. "أنا أضرب ابني لأني أحبه".
 
- الحب لا يُبرر الأذى، فالحب يقتضي الرحمة والتوجيه، لا الإيلام والإهانة.
 
٣. "الأب له الحق الكامل في التصرف بأولاده".
 
- الشرع أعطى للأب مسؤولية، لا سلطة مطلقة، والطفل له كرامة مستقلة وحقوق ثابتة.
 
٤. "الضرب يُخرج الرجولة".
 
- بل يُخرج العدوانية، ويهدم الثقة بالنفس، والرجولة تُبنى بالحوار والتكليف لا بالترويع.
 
 
كيفية تناول الحملة للظاهرة
تعتمد حملة "صحح مفاهيمك" على منهج شامل يتعامل مع جذور الظاهرة:
 
تأصيل شرعي صحيح من علماء وسطية واعتدال.
إبراز القدوة النبوية الرحيمة في تربية الأطفال.
مشاركة أطباء نفسيين وتربويين في نشر طرق التربية الإيجابية.
ورش عمل للأسر والمدرسين لتمكينهم من بدائل غير عنيفة.
نشر مقاطع توعوية على وسائل التواصل بلغة مبسطة وصور مؤثرة.
مخاطبة الضمير الديني والإنساني لاجتثاث العنف من جذوره.
 
الرسائل المحورية لحملة "صحّح مفاهيمك"
التربية ليست عنفًا.. بل هي بناء وتزكية وصبر.
كل طفل يُهان اليوم.. سيحمل الألم معه غدًا.
الرحمة ليست ضعفًا.. بل هي قمة القوة.
ضرب الأطفال يُغضب الله ويخالف سنة نبيه - صلى الله عليه وسلـم.
الإسلام دين يعلّمك كيف تُربّي لا كيف تُعاقب.
 
الهدف من تناول هذه الظاهرة
تهدف هذه المعالجة إلى:
 
حماية الأطفال من التعدي والعنف.
تصحيح المفاهيم المجتمعية الخاطئة التي تُبرر الأذى باسم التربية.
إحياء النموذج النبوي في الرحمة والتعامل التربوي.
بناء جيل سوي نفسيًا وأخلاقيًا.
المساهمة في مجتمع أكثر وعيًا ورحمة وسلامًا.
 
إن مواجهة العنف ضد الأطفال واجب إنساني وأخلاقي وديني، فكل إساءة لهم هي جرح في ضمير المجتمع. ولا سبيل لبناء جيل متوازن إلا بنشر ثقافة الرحمة والتربية الواعية، وتشديد العقوبات على كل من يعتدي على حقوق الطفل وكرامته.
 

 


الأكثر قراءة



print