السبت، 11 أكتوبر 2025 05:10 م

المخدرات الرقمية والتأثير النفسى.. هل هى أكثر خطورة من المخدرات التقليدية؟.. التلاعب بالموجات الدماغية يُحدث تفاعلات عصبية.. تُحاكى التأثير النفسى للمخدرات الكيميائية التقليدية.. و"خبير سيبرانى" يكشف الخطورة

المخدرات الرقمية والتأثير النفسى.. هل هى أكثر خطورة من المخدرات التقليدية؟.. التلاعب بالموجات الدماغية يُحدث تفاعلات عصبية.. تُحاكى التأثير النفسى للمخدرات الكيميائية التقليدية.. و"خبير سيبرانى" يكشف الخطورة المخدرات الرقمية - أرشيفية
السبت، 11 أكتوبر 2025 12:00 م
كتب علاء رضوان

المخدرات الرقمية تُعرف بأنها عبارة عن مقاطع صوتية يتم تحميلها من خلال مواقع موجودة على الإنترنت وسماعها من خلال سماعات خاصة وعبر مكبرات صوتية، وتتكون من ذبذبات منشطة أو مهدئة لمراكز المخ والجهاز العصبي، وتختلف تلك الترددات في الأذن اليمنى عن الأذن اليسرى بمعنى إذا كان تردد الأذن اليمنى 100 هرتز فإن اليسرى تكون 70، وذلك حتى يقوم المخ بالموازنة بين الصوتين والعمل على توحيدهما والمساواة بينهما وتعويض ذلك الفرق من خلال زيادة إفراز هرمون الدوبامين المسؤول عن النشاط والسعادة.

وكشفت دراسات بحثية أن الجهد المبذول بالجرعة، يدخل معها المتعاطي في نوبة استرخاء وهدوء ويشعر بتحسن في المزاج العام والرغبة في النوم، وتتراوح أسعار تلك المقطوعات من 3-30 دولار علي حسب الجرعة التي يتم الحصول عليها، فقد تم اكتشاف المخدرات الرقمية عام 1893 من قبل العالم هينريش دوف وتم استخدامها عام 1970 في علاج مرضى الاكتئاب وبعض الأمراض النفسية الأخرى، وقد ظهرت الآن على الساحة بأنواع وتاثيرات مختلفة بعدما تم تداولها بين الناس وإقبالهم عليها للحصول على ذلك التأثير.    

 

1 مخدر

 

المخدرات الرقمية والتأثير النفسي.. هل هى أكثر خطورة من المخدرات التقليدية؟

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على المخدرات الرقمية والتأثير النفسي، وذلك من خلال الإجابة على السؤال.. هل هى أكثر خطورة من المخدرات التقليدية حقاً؟ فقد أثارت المخدرات الرقمية، أو ما يُعرف أحياناً بالمؤثرات السمعية الرقمية، جدلاً واسعاً خلال العقدين الأخيرين باعتبارها ظاهرة جديدة تتقاطع عند حدود العلم والتكنولوجيا والصحة العامة؛ حيث تقوم هذه التقنية على ملفات صوتية ذات ترددات معينة يزعم مروّجوها أنها قادرة على إحداث تغييرات في حالة الوعي والمزاج عبر ما يُسمى بظاهرة "النقر الثنائي" أو Binaural Beats – بحسب الخبير المتخصص في الأمن السيبرانى، وأستاذ القانون الدولى العام الدكتور أثير هلال الدليمي.

 

في البداية - في هذا السياق، يجري التلاعب بالموجات الدماغية عبر الاستماع إلى أصوات متباينة التردد في الأذنين، مما يُحدث تفاعلات عصبية يُفترض أنها تُحاكي التأثير النفسي للمخدرات الكيميائية التقليدية، ورغم أن هذه الظاهرة ما تزال محل خلاف علمي، فإن حضورها الإعلامي واهتمام الشباب بها جعلها موضوعاً بالغ الحساسية يستدعي مناقشة جادة حول مدى خطورتها مقارنة بالمخدرات التقليدية – وفقا لـ"الدليمى". 

 

4 مخدر

 

المخدرات الرقمية من الناحية النفسية

 

من الناحية النفسية، تبدو المخدرات الرقمية قادرة على التأثير في الإدراك والتركيز وحتى في الشعور بالزمن، فقد أبلغ بعض المستخدمين عن حالات من الاسترخاء العميق أو النشوة اللحظية، بينما ذكر آخرون شعوراً بالقلق والدوار وحتى نوبات تشبه الذعر، وهذه التباينات لا ترجع فقط إلى طبيعة الملفات الصوتية، بل أيضاً إلى اختلافات فردية في طبيعة الدماغ وطريقة استقبال الموجات؛ على سبيل المثال، شهدت بعض المدارس في الشرق الأوسط وأوروبا حالات لطلبة أغمي عليهم أو دخلوا في حالات تشوش إدراكي بعد تجربة هذه المقاطع، مما دفع إدارات تربوية إلى التحذير منها علناً – هكذا يقول "الدليمى".  

 

وفي المقابل، يشير خبراء آخرون إلى أن الكثير من هذه التأثيرات قد تكون نفسية بحتة ناجمة عن الإيحاء والتوقعات المسبقة، وهو ما يُعرف في علم النفس بتأثير "البلاسيبو"، والمقارنة مع المخدرات التقليدية تكشف عن اختلافات جوهرية، فالمخدرات الكيميائية كالكوكايين أو الحشيش أو الهيروين تعمل على تغيير مباشر في كيمياء الدماغ عبر التأثير في الناقلات العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين، مما يؤدي إلى الإدمان الجسدي والنفسي معاً؛ أما المخدرات الرقمية فلا تترك بقايا في الدم ولا تتسبب في تدمير مباشر للأعضاء الحيوية، وهو ما يجعلها أقل خطراً من الناحية الطبية البحتة – طبقا لـ"الدليمى".   

 

3 مخدر

 

بوابة المخدرات الرقمية للدخول لعالم المخدرات التقليدية

 

مع ذلك، فإن خطورة المخدرات الرقمية تكمن في كونها بوابة أولية قد تجرّ الشباب إلى تجربة المخدرات التقليدية بحثاً عن "تأثير أقوى"، بالإضافة إلى قدرتها على تعطيل التركيز الدراسي وإحداث اضطرابات في النوم والحالة المزاجية - ومن الأمثلة التي تكشف هذه الإشكالية ما حدث في بعض الجامعات الأمريكية عام 2012 حينما انتشرت موجة الاستماع إلى ملفات "المخدرات الرقمية" عبر الإنترنت،  والتي سرعان ما حظيت هذه الملفات بانتشار واسع، إلا أن أغلب التحقيقات أوضحت أن المخاطر لم تكن في التأثير الجسدي المباشر بل في السلوكيات المرافقة لها، مثل الانعزال الاجتماعي، الانغماس في العالم الافتراضي، والبحث عن تجارب أكثر خطورة لاحقاً.  

 

كل هذه النتائج تجعلنا ندرك أن التهديد الحقيقي لا يكمن في "المخدر الرقمي" بحد ذاته، بل في السياق الذي يُستخدم فيه، خاصة بين المراهقين والشباب الذين يفتقرون إلى الوعي الكافي بمخاطر الانزلاق التدريجي نحو الإدمان، ومن جهة أخرى، يطرح البعد القانوني والأمني تساؤلات مهمة، فالمخدرات الرقمية لا يمكن ضبطها أو مراقبتها مثل المواد الكيميائية، إذ إنها لا تُهرَّب عبر الحدود ولا تُصنَّع في مختبرات سرية، بل تُحمَّل بسهولة من مواقع إلكترونية أو تُباع عبر منصات رقمية بأسعار زهيدة. 

 

6 مخدر

 

دور الحكومات في مواجهة المخدرات الرقمية

 

هذا الواقع يعقد مهمة الحكومات وأجهزة الأمن التي تواجه تحدياً غير مألوف يتمثل في "مخدر بلا مادة" - على سبيل المثال - أصدرت بعض الدول العربية بيانات تحذيرية ضد هذه الظاهرة رغم غياب قوانين واضحة تُجرّم استخدامها، وهو ما يبرز الحاجة إلى سن تشريعات جديدة تعالج هذه الصورة الحديثة من الإدمان الرقمي، وبالرغم من اشارة بعض المختصين إلى أن المخدرات الرقمية مجرد خرافة تضخّمها وسائل الإعلام، فإن الواقع النفسي والاجتماعي يُظهر أن التجربة بحد ذاتها قد تترك آثاراً غير متوقعة، خاصة حين تقترن بالهشاشة العاطفية أو الاكتئاب أو القلق لدى الشباب.  

 

ويمكن القول إن المخدرات الرقمية ليست أكثر خطورة من المخدرات التقليدية من حيث التأثير العضوي المباشر، لكنها قد تكون أكثر خطورة من حيث انتشارها السريع، وسهولة الوصول إليها، وغياب الرقابة القانونية، وقدرتها على فتح أبواب تجريبية نحو مخاطر أعظم، وفي رأينا المتواضع فإن الخطر لا يقاس فقط بمقدار الضرر الجسدي، بل أيضاً بما يخلّفه من تحولات في أنماط السلوك والوعي الجماعي، وهو ما يجعل هذه الظاهرة تستحق التعامل معها كقضية تربوية وقانونية وصحية في آن واحد.   

 

7 مخدر

 

المخدرات الرقمية ليست ظاهرة يمكن الاستهانة بها

 

في ضوء ما سبق، يمكننا القول إن المخدرات الرقمية ليست ظاهرة يمكن الاستهانة بها أو اعتبارها مجرد خرافة إعلامية، كما أنها ليست في الوقت نفسه مادة بديلة كاملة للمخدرات التقليدية من حيث الخطورة الجسدية والإدمان الكيميائي، بل ان خطورتها الحقيقية تكمن في كونها مدخلاً سهل الوصول يفتح الباب أمام تجارب أخطر، ويزرع لدى الشباب الميل إلى البحث عن لذة افتراضية قد تقودهم إلى الإدمان الواقعي، كما أن غياب التشريعات الواضحة وندرة الدراسات العلمية المحكمة يزيدان من ضبابية المشهد، ويجعلان من الضروري التعامل مع هذه الظاهرة بمنظور شامل يجمع بين العلم والقانون والتربية.  

 

اقتراح عدد من التوصيات لمواجهة ظاهرة المخدرات الرقمية

 

ومن هنا، يقع على عاتقنا اقتراح عدد من التوصيات لمواجهة هذه الظاهرة بجدية.  

 

أولاً: ينبغي تعزيز الوعي المجتمعي عبر برامج توعوية في المدارس والجامعات توضح حقيقة هذه الملفات الرقمية وأثرها النفسي والاجتماعي، مع تصحيح المفاهيم الخاطئة التي قد تجذب الشباب إليها.

ثانياً: من المهم أن تعمل الحكومات على وضع إطار قانوني مرن يتعامل مع هذه الظاهرة كجزء من جرائم الفضاء الرقمي، ليس بالضرورة عبر التجريم المباشر، ولكن من خلال مراقبة المنصات التي تسوّقها وربطها بممارسات ضارة بالصحة العامة.

ثالثاً: يتعين على المؤسسات الصحية دعم الأبحاث العلمية التي تفكك الظاهرة وتحدد آثارها بدقة، بما يساعد على صياغة سياسات قائمة على أدلة علمية لا على اجتهادات إعلامية.   

 

2 مخدر

 

وأخيراً، لا بد من إشراك الأسر في عملية الوقاية عبر مراقبة الاستخدام الرقمي لأبنائهم وتوجيههم إلى بدائل إيجابية تلبّي حاجاتهم النفسية بعيداً عن التجارب الخطرة، وبهذه المقاربة المتوازنة، يمكن للمجتمع أن يتعامل مع المخدرات الرقمية لا باعتبارها مجرد "خطر غير مرئي"، بل كظاهرة حديثة تستدعي الوعي المبكر، التشريع المتدرج، والبحث العلمي العميق، بما يحمي الشباب من الانزلاق نحو عوالم رقمية تُحاكي الإدمان التقليدي، ويؤسس لثقافة وقائية أكثر فاعلية في مواجهة التحديات النفسية والاجتماعية المستجدة. 

 

5 مخدر
 
الدليمى
 

الخبير المتخصص في الأمن السيبرانى، وأستاذ القانون الدولى العام الدكتور أثير هلال الدليمي

موضوعات متعلقة :

جرائم المستطيل الأخضر.. التنمر الرياضي بين مقتضيات المنافسة وحدود القانون.. التنمر جريمة أخلاقية قبل أن تكون جريمة جنائية.. والمشرع تصدى لها بالحبس والغرامة.. وضرورة مواجهة الاتحاد المصري للتنمر في الملاعب

للملاك والمستأجرين.. هل يلزم صدور لائحة تنفيذية للقانون رقم 164 لسنة 2025؟.. المشرع اعتبر اللائحة التنفيذية للقانون لا تصدر إلا إذا نص القانون على ذلك.. وحال لم ينص فلا مجال لإصدارها.. والسبب هو وضوح القانون

للملاك والمستأجرين.. هل يحق للحائز التمسك بالامتداد لعقد الإيجار بعد العمل بالقانون الجديد؟.. المشرع أجاز ذلك حال توافرت شروط الامتداد.. والقانون 49 لسنة 77 والقانون 136 لسنة 1981 ساريان حتى الـ7 سنوات

المواجهة الآن بين المالك والمستأجر.. كيفية التعامل مع الأمر الوقتى الصادر بالطرد؟ وما هو الإجراء الذي يوقف تنفيذه؟.. 3 عناصر وضعها المشرع تفك طلاسم النزاع بخصوص الاستشكال في الأمر الوقتي.. والنقض تتصدى للأزمة


الأكثر قراءة



print