يتردد اسم تونى بلير، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، للعب دور بارز فى "إدارة" غزة فى مرحلة ما بعد الحرب. وكشفت الصحف البريطانية عن تفاصيل مقترح يحظى بموافقة أطراف عديدة فاعلة، بموجبه سيتولى بلير إدارة القطاع لفترة مؤقتة لحين تولى سلطة فلسطينية المسئولية.
مجلة إيكونوميست البريطانية تحدثت عن دور بلير فى قضية غزة منذ بدايتها، وقالت إنه بعد أسابيع من اندلاع الإسرائيلية على القطاع، قام بزيارات متكررة لإسرائيل، وجعل معهده فى لندن يصيغ خطة لإدارة ما بعد الحرب. ووفقا لمصادر مطلعة على الخطة، فإن بلير يمكن أن يترأس ما يسمى بالسلطة الدولية الانتقالية فى غزة، والتى ستسعى لتفويض من الأمم المتحدة لتكون السلطة القانونية والسياسية العليا فى القطاع لخمس سنوات.
ولو تمت الموافقة على الخطة، فإن بلير سيكون أمينا عاما لمجموعة تضم ما يقرب من 25 شخصا ورئيساً لمجلس من سبعة أفراد للإشراف على الهيئة التنفيذية التى ستدير القطاع، على أن تمول دول الخليج ذلك. وقال مصدر يعرف بلير للإيكونوميست:"إنه، أى بلير، مستعد للتضحية بنفسه هذه المرة. إنه يريد حقاً إنهاء الحرب".
دعم أمريكى خليجى للخطة
ووفقا لإيكونوميست، فإن خطة بلير تحظى بداعمين أقوياء من قادة دول الخليج إلى جاريد كوشنر صهر ترامب. وربما الأكثر أهمية، أنها تحظى بمباركة ترامب، على عكس خطط أخرى. وناقش بلير وكوشنر وستيف ويتكوف، مبعوث ترامب للشرق الأوسط القضية مع الرئيس الأمريكى فى اجتماع فى 27 أغسطس الماضى بمشاركة عبر الهاتف من وزير الشئون الاستراتيجية الإسرائيلى رون ديرمر. وفى 23 سبتمبر، قيل إن ترامب طرح الفكرة على قادة تركيا وباكستان وإندونيسيا وخمس دول عربية. وأخبرهم ترامب: "ربما يمكننا إنهاء الحرب فى غزة الآن".
بالنسبة للفلسطينيين، تقول إيكونوميست إن الخطة تعد تحسنًا واضحًا عن الرؤية التى روج لها ترامب فى فبراير. ففى ذلك الوقت، دعا الرئيس الأمريكى إلى تهجير سكان غزة وبناء "ريفييرا" مصممة بالذكاء الاصطناعى بعد رحيلهم. ووفقًا لاستطلاعات رأى نشرها فريق بلير فى مايو الماضى، فضل أكثر من ربع سكان غزة شكلًا من أشكال الحكم الدولى، مقابل ثلثهم للسلطة الفلسطينية، أيد إدارة الرئيس محمود عباس فى الضفة الغربية. ولم يرغب أحد تقريبًا أن تظل حماس، التى تدير غزة منذ عام 2007، فى السلطة. وقال موظف حكومى سابق فار من مدينة غزة إن معظمهم لا يهتم بمن يحكم طالما توقف القصف وكان هناك طعام يأكلونه.
وتنقل إيكونوميست عن مصادر مطلعة قولها إن خطة بلير تم تصميمها على غرار الإدارات الدولية التى أشرفت على انتقال تيمور الشرقية وكوسوفو إلى دولة. ستدخل هيئة إدارة غزة القطاع بمجرد استقراره برفقة قوة متعددة الجنسيات. وبموجب الخطة، تصر المصادر على أنه لن يتم تشجيع الفلسطينيين على مغادرة غزة، بل سيعاد توحيد غزة والضفة الغربية، ويتم تسليم غزة تدريجيًا إلى السلطة الفلسطينية.
سجل سيئ لبريطانيا وبلير
وتذكّر إيكونوميست بتاريخ بريطانى السئ مع فلسطين، وتقول إن الانتدابات عادةً ما تدوم أطول من المخطط لها. ففى نوفمبر 1917، أصدرت بريطانيا وعد بلفور الذى وعد اليهود بوطن لهم فى فلسطين. وفى اليوم نفسه، احتلت غزة بسرعة. واستخدمت بريطانيا غزة كقاعدة جوية ومحطة توقف للخطوط الجوية الإمبراطورية (التى سبقت الخطوط الجوية البريطانية). وبقيت هناك لمدة 30 عامًا. والآن، يخشى بعض الفلسطينيين من أن تكرر بريطانيا الأمر نفسه.
كما أن سجل بلير فى المنطقة لا يحظى إعجابهم. فعندما كان رئيسا لوزراء بريطانيا، انضم إلى أمريكا فى غزو العراق عام 2003. وخلال سنواته الثمانى كمبعوث للجنة الرباعية، المجموعة التى كانت تضم أمريكا والاتحاد الأوروبى وروسيا والأمم المتحدة، وتم تكليفها بتنفيذ خارطة طريق لإقامة دولة فلسطينية، سحقت إسرائيل غزة أربع مرات، وأحكمت قبضتها على الأراضى الفلسطينية.