تشهد أوروبا تصاعدًا فى مواقفها السياسية والقانونية تجاه العملية العسكرية الإسرائيلية فى قطاع غزة، مع تأكيدات على ضرورة احترام القانون الدولى، ووقف التدهور الإنسانى، وفتح تحقيقات فى الجرائم المرتكبة، وتبرز إسبانيا وإيطاليا كنموذجين رئيسيين فى هذا التحول الأوروبى، وسط دعوات لاتخاذ إجراءات أكثر حزمًا على الصعيد الدولى.
إسبانيا تقود خطوة قانونية مهمة
أصدر النائب العام الإسبانى، ألبارو جارثيا أورتيث، قرارًا بفتح تحقيق رسمى فى الجرائم المرتكبة فى غزة، مشيرًا إلى احتمال وقوع جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية. وقرّر تشكيل فريق تحقيق مشترك يضم النائبة العامة لحقوق الإنسان، دولوريس ديلجادو، ورئيس النيابة العامة بالمحكمة الوطنية، خيسوس ألونسو، وذلك بناءً على تقارير استخبارية وشهادات تدين العمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة.
وتهدف التحقيقات الإسبانية إلى جمع أدلة قانونية يمكن تقديمها لاحقًا إلى محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، وهو ما يمثل خطوة عملية فى إطار التعاون الدولى لملاحقة مرتكبى الانتهاكات. ويأتى هذا القرار متوافقًا مع القوانين والمعاهدات الدولية التى صادقت عليها إسبانيا، وتؤكد على مسؤولية الدول فى ملاحقة الجرائم الدولية الخطيرة.
إيطاليا: رفض قاطع لاحتلال غزة
على الجانب السياسى، أبدت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلونى، رفضًا صريحًا لقرار إسرائيل احتلال مدينة غزة، معتبرة أن رد فعل إسرائيل "غير متناسب على الإطلاق" وأن هذا القرار سيزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية والسياسية. وفى تصريحات خلال تجمع انتخابى بمدينة أنكونا، قالت ميلونى أن بلادها لا يمكنها دعم مثل هذا القرار، مؤكدة أن إيطاليا تسعى لبناء السلام عبر العمل الجاد وليس بالكلمات فقط.
يأتى هذا الموقف بالتوازى مع تصريحات وزير الخارجية الإيطالى، أنطونيو تاجانى، الذى وصف العملية العسكرية بأنها "تهدد المدنيين ولا يمكن تبريرها كدفاع عن النفس"، داعيًا إلى تسريع الجهود لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن ووقف الهجمات التى تؤدى إلى مجازر دامية فى غزة.
وإلى جانب إسبانيا وإيطاليا، تتخذ دول أوروبية أخرى مواقف مشابهة تؤكد على ضرورة احترام القانون الدولى ووقف التدهور الإنسانى فى غزة، حيث أعربت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن وضفها للوضع فى غزة بأنه كارثى وأعلنت عن حزمة إجراءات تشمل فرض عقوبات على وزراء إسرائيليين متطرفين وقيود على الدعم الثنائى، مع إمكانية تعليق اتفاقيات الشراكة فى حال استمرار الانتهاكات.
مقترحات أوروبية لعقوبات تجارية ودبلوماسية
وتتضمن المقترحات الأوروبية الجديدة تعليق بعض الامتيازات التجارية مع إسرائيل، وفرض تعريفات جمركية على منتجات المستوطنات، وفرض عقوبات على بعض المسئولين الإسرائيليين والوزراء المرتبطين بسياسات الاحتلال والتصعيد العسكرى، كما دعت إسبانيا إلى استبعاد إسرائيل من الفعاليات الدولية بما فى ذلك المسابقات الثقافية والرياضية احتجاجا على الهمجية فى غزة.