أقر مجلس الشيوخ بولاية كاليفورنيا، مشروع قانون جديد يهدف إلى فرض غرامات مالية على شركات مواقع التواصل الاجتماعي الكبرى التى يُثبت تعمدها تضخيم المحتوى العنيف أو المتطرف، ما يُنذر، حال توقيعه من قبل حاكم الولاية جافين نيوسوم، بفتح الباب أمام مواجهة قانونية جديدة مع السلطات، لا سيما فيما يتعلق بحقوق حرية التعبير.
جاء مشروع القانون الرقم (SB 771)، والذى طرحه سيناتور الولاية الديمقراطى هنرى ستيرن، رداً على تخفيف شركتى "ميتا" و"إكس" لمعايير مراقبة المحتوى وتراجعها عن سياسة تدقيق الحقائق، فى ظل انتقادات من الرئيس الأمريكى دونالد ترمب وحلفائه من الجمهوريين، الذين اتهموا هذه السياسات بـ"كبت الأصوات المحافظة".
وقد ساهم هذا التراجع فى انتشار محتوى عنيف ومتطرف يستهدف الأقليات والفئات الضعيفة على منصات التواصل الاجتماعى، ما دفع إلى ضرورة فرض رقابة أشد.
ولدى نيوسوم مهلة حتى 13 أكتوبر المقبل، لاتخاذ قرار بشأن توقيع مشروع القانون أو رفضه، إذ صوت أعضاء مجلس الشيوخ لصالح مشروع القانون بأغلبية 26 صوتاً مقابل 7 أصوات، حيث دعمته غالبية الديمقراطيين، فى حين عارضه معظم الجمهوريين.
وينُص المشروع، الذى أُحيل إلى مكتب حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم لاتخاذ القرار بشأنه، على فرض عقوبات مالية مدنية تصل إلى مليون دولار على شركات التواصل الاجتماعى التى تثبت تورطها فى الترويج المتعمد لمنشورات تنتهك قوانين الحقوق المدنية المعمول بها فى كاليفورنيا، بينما تبلغ الغرامة 500 ألف دولار، إذا كان الترويج ناجماً عن الإهمال، وتزداد قيمة الغرامات بشكل مضاعف إذا كان المتضرر قاصراً.
جاء التفكير فى إقرار القانون الجديد فى كاليفورنيا، فى أعقاب حادثة إطلاق النار التى استهدفت الناشط المحافظ تشارلى كيرك، حيث أعلنت منصات مثل "تيك توك" و"ميتا" وغيرها عن حذف أو تقييد المنشورات التى تحتوى على فيديو الاغتيال، الذى تم تداوله على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعى.
ومع ذلك، من غير المتوقع أن يشمل مشروع القانون حظر مثل هذا المحتوى، إلا إذا كان مخالفاً لقوانين الحقوق المدنية المعمول بها.
ويواجه مشروع القانون معارضة شديدة من جماعات تجارية مثل TechNet وجمعية صناعة الحواسيب والاتصالات، التى تمثل شركات التكنولوجيا العملاقة مثل «جوجل وميتا وأمازون» إذ تقول هذه الجماعات أن مشروع القانون يستخدم العقوبات القانونية لإجبار الشركات على قمع خطاب معين على الإنترنت، ما يشكّل انتهاكاً للتعديل الأول من دستور الولايات المتحدة المتعلق بحرية التعبير.
وفى المقابل، يؤكد السيناتور هنرى ستيرن أن مشروع القانون يراعى التحديات الدستورية المتعلقة بالتعديل الأول، من خلال تحميل الشركات المسؤولية فقط عندما تقوم خوارزمياتها بتعزيز وصول المحتوى العنيف أو المتطرف لمستخدميها، دون أن يلزمها بحذف هذا المحتوى بشكل مباشر.
الأردن يتصدى لـ"روبلوكس"..
وعلى صعيد متصل، أعلنت هيئة تنظيم الاتصالات الأردنية، أنها باشرت تنفيذ إجراءات لحماية الأطفال واليافعين من المخاطر الرقمية، وفى مقدمتها حجب غرف الدردشة فى لعبة "روبلوكس داخل المملكة، بعد أن أظهرت تقارير ودراسات متخصصة خطورة هذه الخاصية على سلامة النشء.
وأوضحت الهيئة، فى بيان لها الجمعة، أن الدراسات كشفت عن تعرض الأطفال عبر غرف الدردشة إلى مخاطر متعددة، أبرزها احتمالية الإساءة أو الاستغلال أو الترويج لسلوكيات غير آمنة، مؤكدة أن طبيعة هذه الغرف المفتوحة، واعتمادها على التفاعل المباشر مع مستخدمين مجهولين، يجعلها بيئة خصبة لانتشار محتويات غير ملائمة أو محاولات تواصل ضارة مع الأطفال.
وأضافت أنها أجرت تواصلا مباشرا مع إدارة منصة "روبلوكس"، وتم الاتفاق على حجب غرف الدردشة بشكل كامل للمستخدمين فى الأردن، إلى جانب التزام المنصة بحجب أى محتوى مسيء قد يظهر عبرها.
وشددت هيئة تنظيم الاتصالات الأردنية على أن هذه الخطوة تأتى ضمن سياسة وطنية شاملة لحماية النشء فى البيئة الرقمية، تشمل أدوارًا تنظيمية ورقابية متكاملة، وجهودا للتوعية المجتمعية، مع تعزيز دور الأسرة والمؤسسات المعنية فى متابعة التطبيقات والألعاب التى يستخدمها الأطفال.
ودعت الهيئة أولياء الأمور ومؤسسات المجتمع المدنى ووسائل الإعلام إلى تكثيف التوعية ومراقبة الاستخدامات الرقمية للأطفال، مع الإبلاغ عن أى محتوى أو تطبيق قد يشكل خطرًا على سلامتهم وقيم المجتمع؛ مؤكدة أنها ستواصل رصد ومتابعة المستجدات الرقمية، واتخاذ ما يلزم من تدابير لضمان بيئة آمنة للأطفال والشباب على الإنترنت.
تحرك خليجى..
كان عدد من دول الخليج اتخذ خطوات للتصد لمخاطر "روبلوكس" على الأطفال، وفى هذا السياق أعلنت شركة روبلوكس، أنها التزمت باشتراطات الهيئة العامة لتنظيم الإعلام فى المملكة العربية السعودية، لرقابة المحتوى ومعالجة المخالفات داخل اللعبة.
وقالت الشركة فى بيان لها: إنه بعد إجراء مناقشات مع عدد من الجهات الحكومية، بما فى ذلك الهيئة العامة لتنظيم الإعلام فى المملكة العربية السعودية، نلتزم بالعمل على تطوير وتعزيز قدراتنا فى مجال التواصل والإشراف على المحتوى باللغة العربية.
وأكدت أنها ستراقب المحتوى من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعى المتقدمة، إلى جانب إيجاد مراقبين متخصصين باللغة العربية، وتعليق بعض ميزات التواصل، بما فى ذلك خاصية المحادثة داخل اللعبة، لجميع المستخدمين فى المملكة العربية السعودية.
وأضافت الشركة: أن هذه الخطوة تعكس التزامنا بالعمل بشكل وثيق وتعاونى مع الهيئة العامة لتنظيم الإعلام، سعياً إلى بناء منصة تخدم على أفضل وجه احتياجات وثقافة مجتمع اللاعبين والمبدعين فى المملكة، وتدعم تنمية المهارات، والتعليم، واقتصاد المبدعين المتنامي».
وشددت على التزامها الراسخ بسلامة مستخدميها، وبمهمتها المتمثلة فى ربط ملايين الأشخاص يومياً بروح التفاؤل والاحترام.
وكانت الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات فى الكويت، قد أعلنت فى أغسطس الماضى حجب لعبة ROBLOX روبلوكس، وذلك استناداً إلى صلاحياتها القانونية فى حماية المستخدمين، لا سيما فئة الأطفال. وفق "القبس".
وقالت الهيئة، فى بيان، أن هذا القرار يأتى استجابةً لشكاوى الأهالى والجهات المختصة فى شأن ما تحتويه اللعبة من مخاطر على سلامة الأطفال، بما فى ذلك التعرض لممارسات غير آمنة، واستغلال إلكترونى، وسلوكيات ضارة، فضلاً عن محتويات غير مناسبة وممارسات شرائية غير آمنة.
كما تعتزم منصة الألعاب Roblox إدخال تغييرات كبيرة على نظام تسجيل الدخول الخاص بها، بهدف تعزيز سلامة الأطفال على المنصة، وهو ما قد يجعل عملية الدخول أكثر تعقيدًا، جاء هذا القرار بعد انتقادات حادة من المدعية العامة فى لويزيانا، ليز موريل، التى اتهمت الشركة بـ"غرقها فى المحتوى الضار والمتحرشين بالأطفال" وإعطاء الأولوية للنمو على حساب سلامة المستخدمين.
ولمواجهة هذه الاتهامات، أعلن مات كوفمان، كبير مسؤولى السلامة فى Roblox، عن خطة جديدة تفرض على المستخدمين التحقق من أعمارهم. وتتضمن هذه الخطة عدة آليات، تشمل التعرف على الوجه: تحميل صورة شخصية (سيلفي) ليتمكن الذكاء الاصطناعى من تقدير عمر المستخدم، والتحقق من العمر باستخدام وثيقة هوية حكومية، وموافقة الوالدين: الحصول على موافقة موثقة من الأبوين.