الجمعة، 05 سبتمبر 2025 08:46 م

نكبة القرن.. 700 يوم على إبادة غزة.. أوتار وأحلام مبتورة.. نفايات الشتات يحقدون على أصحاب الحضارات.. 3.4 مليون دولار خسائر القطاع الثقافى خلال العدوان على غزة.. دير القديس هيلاريون والمسجد العمرى ضمن الخسائر

نكبة القرن.. 700 يوم على إبادة غزة.. أوتار وأحلام مبتورة.. نفايات الشتات يحقدون على أصحاب الحضارات.. 3.4 مليون دولار خسائر القطاع الثقافى خلال العدوان على غزة.. دير القديس هيلاريون والمسجد العمرى ضمن الخسائر غزة - صورة أرشيفية
الجمعة، 05 سبتمبر 2025 11:00 ص
آمال رسلان
«هَزَمَتْكَ يا موتُ الفنونُ جميعُها».. بهذه الكلمات لخص الشاعر الفلسطينى محمود درويش قدرة الإبداع على تحدى الفناء وتخليده للأثر والبشر، وفى فلسطين، تحولت الفنون إلى جبهة مقاومة أقوى من السلاح، إذ يحمل كل حجر حكاية أرض، وكل قصيدة تُعلن الحق، وكل لوحة تجسد عقودًا من الصمود، وكل شجرة زيتون تضرب جذورها فى عمق التاريخ.
 
ولأن الفن ذاكرة الشعوب، استهدفته آلة الحرب الإسرائيلية، فمحَت كل أثر داخل قطاع غزة، على أمل أن تمحو معه التاريخ، وأطفأت حناجر المغنين والموسيقيين، واغتالت أقلام الكتّاب وريشة الفنانين، وكل وسيلة يمكنها توثيق صمود شعب أعزل يتمسك بأرض مروية بدماء أجداده. فالحرب على غزة لم تكن حربا عسكرية فقط، بل حربا شاملة على الهوية والذاكرة، وضد كل من يقاوم ومن يحاول توثيق تلك اللحظات للتاريخ، وهنا نحاول رصد حجم الدمار الذى لحق بالثقافة والفن الفلسطينى، وكيف حاول المبدعون النجاة بأحلامهم وسط الركام.
 
خسائر القطاع الثقافى والأثرى فى غزة غير مسبوقة
 
القطاع الثقافى والتراثى فى غزة شهد أعنف عملية إبادة وتدمير خلال العام 2024، حيث استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلية شخصيات أدبية وفنية، ودمرت معالم أثرية بعضها مُسجل على قائمة اليونسكو للتراث العالمى، ومتاحف ومكتبات راح ضحيتها آلاف من القطع الأثرية والوثاق والمخطوطات التاريخية.
 
وتقدر وزارة الثقافة الفلسطينية أن مجمل خسائر القطاع الثقافى خلال العدوان الأخير على قطاع غزة بلغت 3.4 مليون دولار، فيما قدّرت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية بمدينة رام الله، أنّ «226 موقعاً من أصل 316 تعرّضت لأضرار متفاوتة».
 
وكشفت وزارة السياحة فى تقرير «حصر الأضرار والمخاطر لمواقع التراث الثقافى فى غزّة»، الذى أعدته بالتعاون مع مركز حفظ التراث الثقافى، وصدر فى فبراير الماضى، عن أضرار كبيرة لحقت بـ138 موقعاً، وتعرّض 61 موقعاً لأضرار متوسطة، وسجّل 27 موقعاً أضراراً طفيفة، ولم تُسجل أى أضرار فى 90 موقعاً»، وذلك منذ بداية الحرب.
 
وعلى الرغم من أن مساحة قطاع غزة لا تتجاوز 360 كيلومتراً مربعاً، إلا أنها كانت تمثل ملتقى للحضارات، يضم القطاع، بحسب مسح ميدانى شامل أجرته وزارة السياحة والآثار، 316 موقعاً تراثياً تعود لحقب تاريخية مختلفة، تشمل: مواقع أثرية، ومبانى تراثية، ومتاحف، ومبانى دينية، ومقابر تاريخية، ومشاهد ثقافية، ومواقع طبيعية.
 
مواقع تحمل فى طياتها حكايات وقصص أُناس عاشوا على نفس الأرض قبل زمن بعيد وسرديات تدحض الرواية الاسرائيلية أن فلسطين أرض بلا شعب، ولذلك خضع هذا الإرث المعمارى والحضارى، لما يقارب العامين، لحرب إبادة كاملة وتطهير عرقى مُمنهج.
 
دير القديس هيلاريون والمسجد العمرى الكبير ضمن الخسائر:
ومن أشهر المواقع المتضررة دير القديس هيلاريون (تل أم عامر)، والمدرجة ضمن قائمة المنظمة العالمية للتربية والعلم والثقافة «يونسكو» لمواقع التراث العالمى، دير القديس هيلاريون «تل أم عامر»، وكنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس، والتى تعدّ ثالث أقدم كنيسة فى العالم، الواقعة فى حى الزيتون جنوب شرق مدينة غزّة.
 
ومن الأثار الاسلامية المسجد العمرى الكبير، الذى يقع فى حى الدرج شرقى مدينة غزّة، وهو ثالث أكبر مسجد فى فلسطين بعد المسجد الأقصى ومسجد أحمد باشا الجزار، وسمّى بهذا الاسم نسبة إلى الخليفة عمر بن الخطاب، وكان بداخله مكتبة أنشأها الظاهر بيبرس قبل أكثر من 7 قرون وكانت تضم حوالى 20 ألف كتاب فى مختلف العلوم والآداب، و187 مخطوطة تراثية.
 
كذلك دمر الاحتلال قلعة برقوق الواقعة فى قلب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزّة، والتى تعد من حصون القرن الرابع عشر قبل الميلاد، ودُمّر حمام السمرة، الذى يعتبر من أقدم الحمامات الأثرية التى بنيت فى القطاع والنموذج الوحيد المتبقى منها، وكذلك تدمير قصر الداية، يعود للعصر العثمانى وثانى أكبر القصور العريقة والتاريخية بعد قصر الباشا فى غزة.
 
 
المتاحف والوثائق التاريخية تحولت لركام
 
وإلى جانب المبانى الأثرية، قالت بلدية غزّة، فى أبريل الماضى، إنّ «الاحتلال تعمّد استهداف المبانى الأثرية والتاريخية والأرشيف المركزى التابع للبلدية والذى يضم نحو عشرات الآلاف من الوثائق التى تؤرّخ للمدينة وتراثها وتطوّرها العمرانى».
 
ويأتى متحف القرارة الثقافى، الذى كان يحتوى على أكثر من 3500 قطعة أثرية وتاريخية، فى مقدمة المتاحف المدمرة بشكل كامل، كما تعرّضت متاحف «خان يونس» ومتحف «قصر الباشا»ومتحف «مطاف الفندق» لدمار كبير.
 
لم يقف الأمر عند حد استهداف التاريخ بل امتد للحاضر والمستقبل أيضا، باغتيال نخبه من فنانين القطاع فى كل المجالات سواء تمثيل أو أدب أو فن تشكيلى والعزف والغناء، فى محاولة خبيثة لاجتثاث المواهب وإسكات أى محاولة لتوثيق جرائم الابادة، وكذلك للقضاء على أجيال من الموهبين، وتدمير المسارح والمراكز الفنية التى تعبر عن ثقافة وروح فلسطين.
 
ووفقا لوزارة الثقافة تم تدمير 32 مركزًا بين نادٍ ومسرح ومكتبة، من بينها «مركز رشاد الشوا الثقافى»، و«مركز سعيد المسحال للفنون»، ومسرح هولست، وقرية الفنون والحرف، والاتحاد العام للمراكز الثقافية، كما تم تدمير أرشيفات كاملة من الأفلام الوثائقية، والشرائط الصوتية، ولوحات لفنانين كبار.
 
استشهاد 118 فنانا وكاتبا وموسيقيا
فيما كشف الجهاز المركزى للاحصاء الفلسطينى أنه خلال العام 2024 فقط استشهاد 118 من العاملين فى القطاع الثقافى فى قطاع غزة، 20 كاتبا و30 فنانا تشكيليا و10 موسيقيين و58 فنانا، منهم الشاعر سليم النفار، والفنانة إيناس السقا، والفنان محمد الكحلوت، والكاتب عبدالرحمن حجاج، والكوميديان على نسمان.
 
كما اغتالت إسرائيل الفنانين الكوميديين محمود شراب ومحمد رضوان فى قصف مباشر استهدفهما فى مدينة غزة وخان يونس جنوب القطاع، والفنان المنشد حمزة أبو قينص واحد من أشهر المنشدين فى غزة.
 
وخسر قطاع الفن التشكيلى عددا من المميزين فى مقدمتهم الفنانة التشكيلة محاسن الخطيب، والفنان التشكيلى ورئيس منتدى الفن التشكيلى ثائر الطويل، والفنانة الشابة هبة زقوت، والفنانة التشكيلية حليمة كحلوت.
 
كما خسرت غزة أقلام مميزة مثل الشاعر الشهيد عمر فارس أبو شاويش، والروائى المعروف رفعت العرعير، ودرغام قريقع، فنان متعدد التخصصات، يُعرف بمسرحياته الساخرة الموجهة للأطفال.
 
ومع استمرار حرب الإبادة وفى ظل غياب وسائل مسح دقيقة للخسائر المادية والبشرية فالقائمة ستطول، ولكن رغما من ذلك سيظل الفن والتراث الفلسطينى شوكة فى حلق الاحتلال لن يستطيع كسرها.
 
خسائر القطاع الثقافى خلال العدوان الأخير على قطاع غزة بلغت 3.4 مليون دولار

الخسائر البشرية: 118 شهيدًا من القطاع الثقافى: «20 كاتبًا، 30 فنانًا تشكيليًا، 10 موسيقيين، 58 مسرحيًا وسينمائيًا»
 
32 مركزًا ثقافيًا مدمرًا: مركز رشاد الشوا، مركز سعيد المسحال للفنون، مسرح هولست، قرية الفنون والحرف
 
المواقع الأثرية والتراثية: 226 موقعًا أثريًا تضرر «من أصل 316»:
 
«138 دمارا كبيرا، 61 دمارا متوسطا، 27 دمارا طفيفا»
 
مواقع أثرية مدمرة: دير القديس هيلاريون، كنيسة القديس برفيريوس، المسجد العمرى الكبير، قلعة برقوق

موضوعات متعلقة :

الهلال الأحمر يقدم 2750 طن مساعدات غذائية بقافلة «زاد العزة» الـ30 إلى غزة

فى سابقة دبلوماسية.. جدل علنى بين الفاتيكان والرئاسة الإسرائيلية حول الجهة الداعية للقاء مرتقب بين البابا و هرتسوغ.. وسط دعوات متزايدة لإنهاء حرب غزة وتساؤلات حول قدرة ليو لعب دور الوسيط المحايد

النائب رياض عبد الستار: التصعيد الإسرائيلي في غزة انتهاك مرفوض وخطر على الأمن الإقليمي والعالمي

النائب خالد أبو الوفا: سياسة الاحتلال في غزة سياسة إجرامية تستوجب تحركاً دولياً عاجلاً لإنقاذ المدنيين

النائب سامح الشيمي: التوسع العسكري الإسرائيلي في غزة جريمة حرب منظمة وانتهاك صارخ لكل القوانين الدولية

وزير الأوقاف في ذكرى المولد: التجديد والأخلاق والإحسان 3 كلمات تلخص الرسالة المحمدية.. التجديد صناعة علمية تربط الشرع بالواقع لمواجهة التحديات.. ومصر بقيادة الرئيس السيسي تبذل الجهود لإطفاء نيران الحرب في غزة

خبير في شئون الجماعات الإرهابية: تحركات إخوانية تستغل "غزة" لتهديد سفاراتنا


الأكثر قراءة



print