على مدار أكثر من ستة عقود، شكّلت الشراكة بين مصر والبنك الدولي أحد أعمدة التعاون الدولي في مجالات التنمية، حيث كانت مصر من أوائل الدول المؤسسة للبنك ومؤسساته التابعة عام 1945، كما انضمت رسميًا إلى برامجه التمويلية عام 1959، ومنذ ذلك الحين، دعمت مجموعة البنك الدولي مصر في تنفيذ برامج تنموية كبرى غطّت قطاعات البنية التحتية، والطاقة، والتعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية، وتمكين القطاع الخاص.
واليوم، ومع تزايد التحديات العالمية والإقليمية، من تغير المناخ إلى تداعيات جائحة كوفيد-19 والأزمات الجيوسياسية، يؤكد البنك الدولي التزامه بمساندة مصر في تحقيق تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة، ويأتي ذلك في إطار الشراكة القطرية للفترة 2023 – 2027، الذي يُعد بمثابة خارطة طريق مشتركة لتعزيز القدرة الاقتصادية والاجتماعية للدولة المصرية.
في هذا الإطار، أصدر البنك الدولى تقريرًا يكشف فيه آخر تطورات الشراكة مع الحكومة المصرية في إطار الشراكة القطرية للفترة 2023 – 2027، حيث أكد البنك الدولى أن مصر تُعد حاليًا ثالث أكبر شريك للبنك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بينما تضم المحفظة الجارية في "القاهرة" نحو 13 مشروعًا بقيمة 6.5 مليار دولار.
من جانبها، أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى مجموعة البنك الدولي، أن مصر تعتبر شريكًا محوريًا للبنك في المنطقة، وأن الشراكة القائمة منذ عقود ساهمت في دعم الأولويات الوطنية.
وأشارت في تصريح لها، إلى أن التعاون مع البنك يقوم على الملكية الوطنية ويتكامل مع رؤية مصر 2030 وبرنامج عمل الحكومة، لاسيما في مجالات الاستثمار في رأس المال البشري، والأمن الغذائي، وتمكين القطاع الخاص.
من الجدير بالذكر، أنه منذ بدء التعاون عام 1959، موّل البنك الدولي أكثر من 201 مشروع بقيمة 27.5 مليار دولار، كان أبرزها في مجالات البنية التحتية "النقل، الكهرباء، المياه والصرف الصحي"، وتنمية رأس المال البشري من خلال برامج التعليم والصحة، إضافة إلى الإصلاحات الاقتصادية.
وبحسب التقرير الصادر عن البنك الدولى والذى أعلنته وزارة التخطيط، يركّز الإطار الحالي للتعاون بين مصر والبنك الدولى على 3 محاور رئيسية، هى:
1- تعزيز خلق فرص العمل من خلال القطاع الخاص، عبر تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة.
2- حسين نتائج رأس المال البشري في مجالي الصحة والتعليم.
3- زيادة القدرة على الصمود أمام الصدمات الاقتصادية والبيئية، مثل الأزمات المناخية والجيوسياسية.
فيما تتمثل أبرز الإنجازات المحققة من تلك الشراكات حتى الآن، في:
- وصول الخدمات الصحية والغذائية إلى 6.3 مليون شخص.
- تحسين جودة التعليم لـ 3.6 مليون طالب.
- توفير الدعم الغذائي لـ 2.2 مليون مواطن.
- استفادة 1.1 مليون شخص من خدمات صرف صحي مُحسنة.
- وصول خدمات السكك الحديدية المطورة إلى 30.3 مليون مواطن.
- تحسين الخدمات والبنية التحتية في صعيد مصر لصالح 8 ملايين مواطن.
- إتاحة الخدمات المالية لـ 750 ألف شخص.
كما تطرق التقرير، إلى برنامج تكافل وكرامة، والذى يمثل نموذجًا للتعاون المصري مع البنك الدولي، حيث استفاد منه حتى منتصف 2025 أكثر من 5.2 مليون أسرة، أي ما يقرب من 17 مليون فرد، 75% منهم من النساء، كما ساعد برنامج "تحفيز ريادة الأعمال لخلق الوظائف" في توفير التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة وخلق 400 ألف فرصة عمل، نصفها تقريبًا للشباب والنساء.
وفي قطاع الطاقة، أسهم البنك الدولي عبر ذراعيه "مؤسسة التمويل الدولية IFC، والوكالة الدولية لضمان الاستثمار MIGA" في دعم سياسة تعريفة التغذية، التي مهدت لإنشاء مجمع بنبان للطاقة الشمسية في أسوان بقدرة إنتاجية بلغت 1465 ميجاوات، ليصبح أحد أكبر مشروعات الطاقة النظيفة في العالم، وفقًا لما ذكره البنك الدولى في تقريره.
أيضًا، إلى جانب التمويل، لعب البنك الدولي دورًا في تقديم التقارير الاقتصادية والتحليلات التشخيصية التي تدعم عملية صنع القرار في مصر، ومن أبرزها تقرير استعراض الإنفاق العام لقطاعات تنمية الإنسان، الذي وفر بيانات وإرشادات مهمة لتحسين كفاءة الإنفاق في الصحة والتعليم.
ورغم الإنجازات المحققة، أكد البنك الدولي في تقريره، أن مسيرة التنمية في مصر ما زالت أمامها الكثير من التحديات والفرص، مشددًا على استمرار التزامه بدعم الدولة في مساعيها نحو تعزيز النمو الاقتصادي، وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وبناء اقتصاد أكثر مرونة وشمولًا.