أصدر البنك الدولي، تقريرًا حديثًا يستعرض فيه أبرز نتائج دعمه التنموي لمصر حتى منتصف عام 2025، وذلك في إطار الشراكة القُطرية الممتدة بين الجانبين، والتي ترتكز على التنمية المستدامة وتعزيز الاستثمارات في رأس المال البشري والبنية التحتية، ويعكس التقرير صورة إيجابية ومتكاملة لثمار التعاون طويل الأمد، والذي ترك أثرًا مباشرًا في حياة ملايين المصريين، خاصة في المناطق الأكثر احتياجًا.
أشار البنك إلى أن محفظته الحالية في مصر تُظهر التزامًا قويًا بدعم الفئات الأولى بالرعاية، إذ خُصص أكثر من ثلث التمويل لقطاعات التنمية البشرية، وعلى رأسها التعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية، ويواصل البنك دعمه لبرنامج "تكافل وكرامة" الذي يُعد أضخم برامج الدعم النقدي المشروط في البلاد، ويغطي أكثر من 5.2 مليون أسرة، غالبيتها من النساء، ما يعكس البعد الاجتماعي والاقتصادي للبرنامج في دعم الفئات المهمشة ومساعدتها على مجابهة الأزمات المناخية والاقتصادية.
في قطاع التعليم، ساعدت مشاريع البنك في تطوير البيئة التعليمية في مراحل التعليم الأساسي والثانوي، من خلال تحسين نظم الامتحانات، وتدريب المعلمين، وتوفير قنوات رقمية مبتكرة للتعلم، وانعكس هذا الدعم بشكل مباشر على أداء أكثر من 3.6 مليون طالب، وسط توجه عام نحو التركيز على مهارات التفكير النقدي والابتكار، بدلًا من الاعتماد التقليدي على الحفظ والتلقين.
أما على صعيد القطاع الصحي، كان للبنك الدولي دورًا فاعلًا في تعزيز جهود الدولة لمكافحة الأمراض المزمنة والمعدية، وتبرز مساهمته في حملة "100 مليون صحة"، التي أجرت فحوصات شاملة لملايين المواطنين، وأسفرت عن علاج أكثر من 4 ملايين مصاب بفيروس "سي"، كما ساعد البنك في تطوير خدمات 600 وحدة رعاية أولية وتوسيع منظومة التأمين الصحي الشامل، ليصل عدد المنتفعين إلى 3.8 مليون مواطن حتى منتصف 2025.
ولم تغب مشروعات البنية التحتية والنقل عن أولويات التعاون، استفاد أكثر من 30 مليون شخص من تحسين خدمات السكك الحديدية والنقل العام، خاصة في دلتا وصعيد مصر، كما تم دعم مشروعات الصرف الصحي وتحسين جودة المياه، بما في ذلك إيصال الخدمة لنحو 1.1 مليون شخص لم يكن لديهم سابقًا وصول دائم لهذه الخدمات الحيوية.
في مجال دعم المشروعات الصغيرة وريادة الأعمال، وفر البنك الدولي تمويلات وخدمات غير مالية لآلاف الشباب والنساء، ما ساهم في خلق أكثر من 400 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، ضمن مشروع "تحفيز ريادة الأعمال من أجل خلق وظائف"، الذي يُعد أحد النماذج الناجحة في دمج الفئات غير المصرفية في الاقتصاد الرسمي.
كذلك، ساهم مشروع التمويل العقاري المدعوم من البنك الدولي في إتاحة السكن الملائم لأكثر من 600 ألف أسرة منخفضة الدخل، مع ضمان أن تكون النسبة الأكبر من المستفيدين من النساء، بما يدعم استقرار الأسرة المصرية ويعزز العدالة الاجتماعية.
جدير بالذكر أن مصر تُعد من الدول المؤسسة للبنك الدولي، وقد استفادت من تمويل 201 مشروعًا بقيمة 27.5 مليار دولار منذ عام 1959، شملت قطاعات قناة السويس، والطاقة، والتعليم، والرعاية الصحية، وتمكين المرأة والشباب، وتُعد هذه الشراكة نموذجًا لما يمكن أن يحققه التعاون بين المؤسسات الدولية والدول ذات الأولوية التنموية الواضحة، حين يكون موجهًا بدقة نحو تحسين جودة الحياة وتكافؤ الفرص.