السبت، 23 أغسطس 2025 09:17 م

لـ"أصحاب الروب الأسود"..وضع المحاماة فى عصر الذكاء الاصطناعى.. 7 عناصر تكشف مدى أهمية ومخاطر الـ"AI" فى حياة المحامى.. وتؤكد: "من لم يتقدم يتقادم".. وخبير: حوكمة الذكاء الاصطناعى مسئولية المحامى

لـ"أصحاب الروب الأسود"..وضع المحاماة فى عصر الذكاء الاصطناعى.. 7 عناصر تكشف مدى أهمية ومخاطر الـ"AI" فى حياة المحامى.. وتؤكد: "من لم يتقدم يتقادم".. وخبير: حوكمة الذكاء الاصطناعى مسئولية المحامى المحاماة والذكاء الاصطناعى - أرشيفية
السبت، 23 أغسطس 2025 12:00 م
كتب علاء رضوان

الخدمات القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل ChatGPT، شهدت خلال الفترة الماضية انتشارًا واسعًا بين جميع قطاعات المجتمع، بما في ذلك المهن القانونية والقضائية، فالسنوات السابقة بينت أن هناك تبنيًا واسعًا للذكاء الاصطناعي في مهنة المحاماة، مع وجود اختلافات إقليمية حسب حجم مكاتب وشركات المحاماة.   

 

فكلما كانت الشركة أكبر، زادت قدرتها على التكامل مع الذكاء الاصطناعي بشكل أفضل وأكثر تقدمًا؛ حيث تستخدم الشركات الكبيرة الذكاء الاصطناعي ليس فقط في الأعمال الإدارية الداخلية، بل أيضًا في البحث القانوني وتجميع المستندات وصياغة العقود وإجراء الفحص النافي للجهالة، مدعومة بنماذج لغوية كبيرة وخدمات الذكاء الاصطناعي.   

 

شء

 

المحاماة في عصر الذكاء الاصطناعي

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على المحاماة في عصر الذكاء الاصطناعي بين ثورة لا تنتظر، ومستقبل يصنعه الرواد، من خلال الإجابة على حزمة من الأسئلة أبرزها لم يعد السؤال الذي يطرح نفسه على كل محامٍ وقانوني ومستشار: كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساندني في عملي؟ بل بات السؤال الأكثر عمقًا وإلحاحًا: كيف أعيد هندسة مسيرتي المهنية برمتها، وأصوغ دوري الريادي في ضوء الإمكانات الهائلة التي يفتحها هذا العصر الجديد؟ - بحسب الخبير القانوني عمرو جيه، المحامى المتخصص في الذكاء الاصطناعي.

في البداية - لم تكن المحاماة يومًا مجرد مهنة تُمارس، بل هي رسالةٌ سامية، وضميرٌ يقظ، وفنٌ رفيع في إدارة دفة العدالة وصون الحقوق، وفي خضم التحولات المتسارعة التي يشهدها عالمنا اليوم، يبرز الذكاء الاصطناعي كقوة دافعة لا يمكن تجاهلها، بل كشريكٍ لا غنى عنه في صياغة مستقبل هذه المهنة العريقة – وفقا لـ"وجيه". 

 

ككس

 

من مجرد أداة مساعدة إلى ركيزة أساسية في الممارسة القانونية

 

إن الفارق الجوهري بين محامٍ يكتفي باستخدام الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة، وآخر يجعله ركيزةً أساسية في إعادة صياغة ممارسته القانونية، هو الفارق بين البقاء في ذيل الركب والتربع على صدارة المشهد، فإن تستعين بالذكاء الاصطناعي لتلخيص حكم قضائي معقد، أو لصياغة بندٍ تعاقدي دقيق، أو حتى لإعداد مسودة مذكرة قانونية، لهو أمرٌ لا يختلف كثيرًا عن تفويض هذه المهام لمعاونٍ قانوني متميز، إنها مجرد مساندة تقنية، وإن كانت ذات كفاءة عالية – الكلام لـ"وجيه".

أما النقلة النوعية، والطفرة الحقيقية في ممارسة المهنة، فتكمن في إعادة هندسة دورة العمل القانوني برمتها، تخيلوا معي نظامًا قانونيًا متكاملًا، حيث يدير الذكاء الاصطناعي خيوط التعاقد من لحظة الاستقبال الأولي للمولكل، مرورًا بمراحل الصياغة والتفاوض والمراجعة، وصولًا إلى إدارة الامتثال والمخاطر بشكل آني ومستمر – هنا - يصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من نسيج الممارسة القانونية، لا مجرد إضافة هامشية، حيث إنه تحول من "أداة مساعدة إلى ركيزة يعاد حولها بناء العمل القانوني"، حيث تُصاغ الممارسة القانونية بما يتناغم مع قدرات الأداة، لتُطلق العنان لإمكانات لم تكن لتُدرك من قبل – طبقا لـ"وجيه". 

 

794A6915-32EC-4E1E-A7DD-543C4FD1D024

 

حوكمة الذكاء الاصطناعي: مسؤولية المحامي قبل غيره

 

إن أخطر ما يواجه المؤسسات والكيانات القانونية اليوم ليس في ندرة الأدوات التكنولوجية، بل في غياب الضوابط الحاكمة لاستخدامها، ففي غياب إطار حوكمة واضح، قد تتحول هذه الأدوات من نعمة إلى نقمة، ومن عامل تمكين إلى مصدر للمخاطر، وهنا، يبرز دور المستشار القانوني كحارس أمين، وكقائدٍ لا بديل له في وضع الأطر التنظيمية والتشريعية التي تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي – هكذا يقول الخبير في الذكاء الاصطناعى.

 

إنها مسؤولية تاريخية تقع على عاتق المحامي: متى يُستخدم الذكاء الاصطناعي؟ ما هي حدود الاعتماد على مخرجاته؟ كيف نتحقق من دقتها وموثوقيتها؟ وما هي المخاطر المقبولة التي يمكن التعامل معها؟ هذه ليست أسئلة تقنية بحتة، بل هى أسئلة قانونية وأخلاقية بامتياز، تتطلب بصيرة قانونية نافذة، وحسًا أخلاقيًا رفيعًا، فإذا لم يقم المحامي بهذا الدور الريادي، تولاه غيره، وضاعت على المهنة فرصة أن تكون ربان السفينة في هذا البحر الجديد المتلاطم الأمواج، إنها فرصة لا تُعوض لصياغة المستقبل، لا مجرد التكيف معه. 

 

ظطس

 

الامتثال والمخاطر في ثوب جديد: من الرقابة اللاحقة إلى الوقاية الآنية

 

لقد كان الامتثال التقليدي يعتمد في جوهره على المراجعة اللاحقة والتدقيق اليدوي، وهي عملية بطيئة ومكلفة، وغالبًا ما تأتي بعد فوات الأوان. أما في زمن الذكاء الاصطناعي، فإن مفهوم الامتثال يتخذ ثوبًا جديدًا، ليصبح آنيًا، متصلًا، ولا يغفل لحظة واحدة، فلكم أن تتخيلوا أنظمة لمكافحة غسل الأموال - KYC/AML - أو لمراقبة الالتزامات البيئية والاجتماعية ESG، تُدار في الزمن الحقيقي، وتُنبّه إلى المخالفات المحتملة قبل وقوعها، لا بعد أن تستفحل وتتفاقم.

 

هنا، يتحول دور المستشار القانوني من مجرد مراجع ومدقق إلى مهندس للوقاية، وصانع للضوابط، فدوره يصبح في وضع القواعد الذكية، وتفسير الإشارات المعقدة التي يولدها الذكاء الاصطناعي، وتحويل التقنية من مجرد وسيلة للإصلاح بعد الضرر، إلى أداة وقائية تحمي المؤسسات من الانزلاق في مهاوي المخاطر، فهى نقلة نوعية من رد الفعل إلى استباق الأحداث، ومن معالجة الأخطاء إلى منعها من الأساس. 

 

شز

 

العقود من النصوص الجامدة إلى الأنظمة الحية المتفاعلة

 

لطالما كانت العقود هي عصب عمل المحامي، ولبنة الأساس في بناء العلاقات القانونية، وفي الماضي، كانت صياغة العقود ومراجعتها تستغرق وقتًا وجهدًا كبيرين، وتتطلب تركيزًا دقيقًا على كل بند وشرط، أما اليوم، فإن الذكاء الاصطناعي قادر على ما هو أبعد بكثير من مجرد صياغة بند أو مراجعة شرط. إنه قادر على تحويل العقود من نصوص جامدة إلى أنظمة حية متفاعلة.

 

ويُضيف "وجيه": إن المستقبل الذي نراه يتجلى أمام أعيننا هو أنظمة تفاوض آلية، قادرة على تحليل المخاطر، وموازنة المصالح، وتعديل البنود في لحظتها، بناءً على معطيات متغيرة. هذه الأنظمة تمنح رجل القانون القدرة على رؤية " الخريطة الكاملة " للعلاقة التعاقدية، وتحرره من الغرق في التفاصيل الدقيقة التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتولاها بكفاءة فائقة. من يسبق إلى تبني هذا النهج، يضع نفسه في موقع القيادة، ويصنع لنفسه ميزة تنافسية لا تُضاهى، فيما يبقى غيره أسير القلم والورقة، يصارع تحديات الماضي في زمن المستقبل. 

 

شسي

 

الإدارة القانونية من موقع الدفاع إلى موقع المبادرة وصناعة النمو

 

كثيرًا ما يُنظر إلى الإدارات القانونية في الشركات والمؤسسات على أنها " عنق زجاجة"، تبطئ سير العمل وتعيق الابتكار غير أن الذكاء الاصطناعي يمنح هذه الإدارات فرصة نادرة، بل ذهبية، لتتحول من عبء إداري إلى قوة دفع حقيقية، ومحرك أساسي للنمو والازدهار، فالمحامي الذي يعيد تصميم مسارات عمله، ويتبنى نهج "الذكاء الاصطناعي أولًا"، يختصر الزمن، ويضاعف القيمة، ويبرهن أن القانون ليس عائقًا، بل شريكًا استراتيجيًا في تحقيق النجاح والتميز. 

 

إن إعادة هندسة العمليات القانونية باستخدام الذكاء الاصطناعي لا تعني الاستغناء عن المحامي، بل تعني تحريره من المهام الروتينية المتكررة، ليتفرغ للمهام الأكثر تعقيدًا وإبداعًا، مثل صياغة الاستراتيجيات القانونية المعقدة، وتقديم الاستشارات ذات القيمة المضافة العالية، والتفاوض على الصفقات الكبرى. هكذا، تتحول الإدارة القانونية من مجرد قسم إداري إلى مركز للابتكار، ومصدر للقيمة، وشريك لا غنى عنه في رسم ملامح المستقبل. 

 

677f0c878ffb42.77615893~1

 

استباق اللحظة: القيادة لمن يجرؤ

 

إن هذه النافذة، نافذة التحول الرقمي في المجال القانوني، لن تظل مفتوحة طويلًا. فكما كان السبق إلى تبني التكنولوجيا الحديثة في العقود الماضية ميزة لا تُعوّض، فإن من يخطو اليوم بخطى واثقة نحو "القانون المتمحور حول الذكاء الاصطناعي"، سيُصبح بلا شك في موقع القيادة. إنه ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة حتمية لمن يريد أن يبقى في طليعة المهنة، وأن يصنع الفارق في عالم يتغير بوتيرة غير مسبوقة.

 

ومن يتأخر، أو يتردد، أو يكتفي بالمراقبة من بعيد، سيجد نفسه تابعًا لغيره، يسير خلف الركب لا في طليعته. إنها دعوة لكل محامٍ، ولكل قانوني، ولكل مستشار، أن يستشرف المستقبل، وأن يمتلك الجرأة على التغيير، وأن يبادر إلى تبني هذه التقنيات، لا كأدوات فحسب، بل كفلسفة عمل، وكطريقة تفكير. إنها دعوة لصناعة المستقبل، لا مجرد التكيف معه. 

 

اصل 1

 

المحامي صانع المستقبل

 

إن الذكاء الاصطناعي ليس خصمًا للمحامي، بل هو دعوة ملهمة لإعادة اكتشاف الدور، وتجديد الرسالة، وصياغة مستقبل أكثر إشراقًا للمهنة، خاصة وأنه أن تكون محاميًا في زمن الذكاء الاصطناعي لا يعني أن تحفظ أدواته عن ظهر قلب، بل أن تعيد صياغة عملك - في العقود، والحوكمة، والامتثال، وإدارة المخاطر، وحتى في استراتيجيات التقاضي - بما يجعلك أنت من يقود التحول، لا من ينقاد إليه.

 

وفى الأخير يؤكد "وجيه": هكذا، يُكتب للمحامي أن يبقى حجر الزاوية، لا في نصوص القانون وحدها، بل في صناعة المستقبل، وفي بناء مجتمعات أكثر عدلًا وإنصافًا، إنها ليست نهاية عصر، بل هي بداية عصر جديد، عصر المحامي الرائد، الذي يجمع بين أصالة المهنة وعراقتها، وبين حداثة التقنية وابتكاراتها، ليصنع بذلك تاريخًا جديدًا للمحاماة، تاريخًا يليق بعظمة هذه الرسالة الخالدة.

 
اصل 2
 

 

 
464968529_1097830149012565_6926530018430277433_n
 
الخبير القانوني عمرو جيه، المحامى المتخصص في الذكاء الاصطناعي
 

print