السبت، 09 أغسطس 2025 12:10 ص

مشاهير "التيك توك" خلف القضبان.. سوزى الأردنية متهمة بغسل 15 مليون جنيه فى العقارات ومداهم 65 مليونا .. وشاكر محظور محاصر بتهمة تعاطى المخدرات وحيازة سلاح.. وأم مكة وأم سجدة تواجهان تهمة غسيل الأموال

مشاهير "التيك توك" خلف القضبان.. سوزى الأردنية متهمة بغسل 15 مليون جنيه فى العقارات ومداهم 65 مليونا .. وشاكر محظور محاصر بتهمة تعاطى المخدرات وحيازة سلاح.. وأم مكة وأم سجدة تواجهان تهمة غسيل الأموال المال الحرام للتيك توكرز
الجمعة، 08 أغسطس 2025 06:00 م
كتب أحمد حسني – أحمد عبد الهادي
المال الحرام من خلف الشاشات.. مشاهير "التيك توك" خلف القضبان
 
النيابة تتحفظ على أموال وحسابات المتهمين
 
خبراء القانون: العقوبات تبدأ من السجن 7 سنوات وغرامات ضخمة
 
لم يكن يتوقع ملايين المتابعين أن تتحول شهرة بعض نجوم "تيك توك"، إلى كابوس ينتهي خلف القضبان، لكن الأيام الأخيرة حملت مفاجأة مدوية، حين داهمت قوات الأمن منازل أشهر "التيك توكرز"، لتسقط أسماء لامعة في قبضة القانون " سوزي الأردنية، شاكر محظور، مداهم، أم مكة، أم سجدة، محمد عبد العاطي، وعلياء قمرون"، جميعهم وجدوا أنفسهم أمام تهم ثقيلة تبدأ بـ"نشر الفجور" ولا تنتهي عند "غسل الملايين"، وبينما تتسرب التفاصيل من أروقة النيابة، تتكشف خيوط شبكة مالية معقدة، تكشف كيف تحولت مقاطع الفيديو المثيرة للجدل إلى مصدر أرباح طائلة، ثم إلى استثمارات عقارية ضخمة، في محاولة لإخفاء آثارها المشبوهة.
 
أجهزة الأمن ألقت القبض على العديد من "التيك توكرز" بعد تحريات موسعة نفذها قطاع مكافحة جرائم الأموال العامة والجريمة المنظمة، كشفت عن شبكة من المعاملات المالية المشبوهة المرتبطة بأنشطتهم على الإنترنت.
 
-من الفيديوهات المُثيرة إلى التحقيقات المكثفة
وفقًا لمصادر أمنية، بدأت خيوط القضية حين رصدت الأجهزة المختصة زيادة غير مبررة في أرصدة عدد من الحسابات البنكية العائدة للمتهمين، بالتوازي مع نشرهم محتوى اعتبرته السلطات خادشًا للحياء ومخالفًا لقيم المجتمع، بهدف جذب المشاهدات وتحقيق أرباح مالية ضخمة من الإعلانات والهدايا الافتراضية عبر "تيك توك".
سوزي الأردنية، التي كانت تحظى بمتابعة واسعة على المنصة، خضعت لتحقيقات مطولة أمام النيابة، التحقيقات كشفت أنها حققت أرباحًا تقارب 15 مليون جنيه من نشاطها، لكنها لم تكتفِ بإنفاق هذه الأموال، بل قامت بضخها في شراء عقارات ووحدات سكنية داخل مصر، في محاولة لإضفاء الصفة المشروعة عليها وإخفاء مصدرها الحقيقي، وكشف التحقيقات عن غسل البلوجر محمد خالد المعروف إعلاميًا بـ“مداهم” 65 مليون جنيه من أرباح نشر فيديوهات خادشة للحياء، عبر شراء عقارات وسيارات وتأسيس شركات.
 
الأمر لم يقتصر على سوزي فقط، بل شمل بقية الأسماء، حيث تبين أن "شاكر محظور" و"أم مكة" و"أم سجدة" و"محمد عبد العاطي" و"علياء قمرون"، جميعهم تورطوا في تحويل أرباحهم من نشاطات غير مشروعة على "تيك توك" إلى استثمارات عقارية أو معاملات مالية معقدة، في صورة كلاسيكية لجريمة غسل الأموال.
 
-فحص حسابات وأملاك وتجميد أرصدة
مصدر قضائي كشف أن النيابة أصدرت أوامر بفحص شامل لجميع الحسابات البنكية المحلية والدولية للمتهمين، إلى جانب مراجعة الأملاك المسجلة بأسمائهم أو أسماء أقاربهم، كما تم التحفظ على الأموال والأصول لحين الانتهاء من التحقيقات، وذلك لمنع تهريبها أو التصرف فيها.
وبحسب نفس المصدر، فإن التحريات الأولية أشارت إلى وجود تحويلات مالية من خارج مصر إلى حسابات المتهمين، بعضها قادم من منصات دفع إلكتروني مرتبطة بتيك توك، وأخرى مجهولة المصدر، ما عزز شبهة غسل الأموال.
 
- تبريرات المتهمين في التحقيقات
التيك توكر سوزي الأردنية نفت علمها بنشر مقاطع فيديو خادشة، ولم تعترف بغسيل الأموال أمام النيابة المختصة، ما دفع قاضي المعارضات تجديد حبسها 15 يوما على ذمة التحقيقات.
 
أما التيك توكر المعروف باسم " شاكر محظور"، والذي يتهم بنشر فيديوهات خادشة إلى جانب تهمتي التعاطي وحيازة سلاح ناري، وغسيل الأموال، نفى قصده بالإساءة أو تعاطي المخدرات.
التيك توكر علياء قمرون قالت أمام النيابة إنها كانت تهدف فقط لتكوين وتجهيز نفسها من أموال "التيك توك"، وأنها لم تقصد الاساءة أو نشر فيديوهات خادشة.
 
-عقوبات رادعة
القضية تخضع حاليًا لأحكام قانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002 وتعديلاته، الذي ينص على أن العقوبة قد تصل إلى السجن لمدة لا تقل عن سبع سنوات، وغرامة مالية تبدأ من مائة ألف جنيه وتصل إلى خمسة ملايين جنيه، أو ما يعادل قيمة الأموال محل الجريمة أيهما أكبر.
القانون يتيح أيضًا مصادرة الأموال والأدوات المستخدمة في الجريمة، وحرمان المحكوم عليهم من مزاولة بعض الأنشطة التجارية أو إغلاق المنشآت التي استُخدمت في عمليات الغسل.
إلى جانب ذلك، يواجه المتهمون اتهامات بنشر محتوى مخل بالآداب والتحريض على الفسق، وهي تهم يعاقب عليها القانون المصري وفق مواد قانون العقوبات، التي قد تصل عقوبتها إلى الحبس والغرامة.
 
- ساحة للجرائم الإلكترونية
القضية الأخيرة أعادت فتح ملف استغلال تطبيق "تيك توك" في جرائم إلكترونية متعددة، بدءًا من التحريض على الفجور، مرورًا بالاحتيال الإلكتروني، وصولًا إلى غسل الأموال.
 
فالتطبيق، الذي يتيح للمستخدمين الحصول على أرباح مباشرة من المشاهدات والهدايا الافتراضية، بات بيئة خصبة لبعض المحتالين والمخالفين، حيث يتم تحويل الهدايا الافتراضية إلى أموال حقيقية عبر وسطاء أو منصات دفع دولية، ثم إعادة ضخها في استثمارات غير مشروعة.
 
-كيف يتم غسيل الأموال؟
غسل الأموال هو عملية تحويل الأموال الناتجة عن أنشطة غير مشروعة، مثل الاتجار بالمخدرات أو الدعارة أو الاحتيال الإلكتروني، إلى أموال تبدو وكأنها ناتجة عن أنشطة قانونية.
 
وتتم العملية عبر ثلاث مراحل:
-الإيداع: عبر إدخال الأموال غير المشروعة في النظام المالي عبر إيداعها في البنوك أو شراء أصول.
-التغطية (التمويه): تنفيذ سلسلة من المعاملات المالية المعقدة لإخفاء المصدر الأصلي للأموال.
-الدمج: إعادة إدخال الأموال في الاقتصاد كأرباح مشروعة، مثل شراء عقارات أو شركات.
وفي حالة تيك توك، يُشتبه في أن الأرباح المحققة من نشر محتوى مخالف للقانون تم إيداعها وتحويلها ثم دمجها في استثمارات عقارية، في محاولة لإخفاء مصدرها الحقيقي.
 
-الإنكار وطلب البراءة وصدمة الاب
محامي سوزي الأردنية أكد أن موكلته تنفي جميع الاتهامات، مشيرًا إلى أن فريق الدفاع سيقدم مستندات لإثبات أن الأموال المتحصلة جاءت من أنشطة قانونية داخل وخارج مصر، أما والد سوزي كشف أنه صدم من اتهام أبنته بغسيل الأموال، مؤكدا أنهم لا يمتلكوا إلا شقة سكنية في منطقة شعبية في القاهرة وهي التي يسكنوها حتى الان.
 
-كيف تغيرت ملامح المحتوى؟
القضية أثارت موجة من النقاشات حول التغيرات في ثقافة المحتوى على الإنترنت، وكيف تحولت بعض المنصات إلى ساحات لعرض سلوكيات بعيدة عن قيم وتقاليد المجتمعات العربية.
ففي الوقت الذي صُممت فيه منصات مثل تيك توك لتكون فضاءً للإبداع والمواهب، استغلها البعض لتحقيق مكاسب مالية عبر إثارة الجدل وتجاوز الخطوط الحمراء، وهو ما يثير تساؤلات حول دور الأسرة، والمدرسة، ووسائل الإعلام في توعية الشباب بمخاطر الانجراف وراء هذا النوع من الشهرة السريعة.
ويرى خبراء أن هذه الظاهرة تمثل تحديًا ثقافيًا وأخلاقيًا، إذ تهدد البنية القيمية للمجتمع، وتفتح الباب أمام جرائم اقتصادية وقانونية، قد تبدأ بفيديو قصير وتنتهي بجرائم مالية معقدة.
القضية لم تصل بعد إلى نهايتها، لكن المؤكد أنها ستشكل سابقة قانونية مهمة في التعامل مع جرائم الإنترنت وغسل الأموال عبر المنصات الرقمية. كما أنها ناقوس خطر يدق أبواب المجتمع، ليذكرنا بأن ما يحدث خلف شاشات الهواتف يمكن أن تكون له تبعات قانونية خطيرة، وأن الثقافة والقيم ليست مجرد شعارات، بل حصن يحمي الأجيال من الانزلاق إلى مسارات مظلمة.
 
-تيك توك يتعاون سريعا:
ووسط ما حدث قررت منصة تيك توك حذف 2.9 مليون فيديو فى مصر خلال الربع الأول من عام 2025 (من يناير لمارس) لانتهاكها إرشادات المجتمع، حيث أفادت المنصة أن 99.6% من هذه الفيديوهات حُذفت بشكل استباقي، أي قبل إبلاغ المستخدمين عنها، وذلك بحسب موقع bajanews المكسيكى، وأوضحت المنصة في بيان لها أن 94.3% من المحتوى المخالف حُذفت خلال 24 ساعة، بالإضافة إلى ذلك، حظرت تيك توك 347,935 مُضيف بث مباشر، وأوقفت 587,246 بثًا آخر لانتهاكها سياساتها.
 
آراء عدد من القانونيين حول المسؤولية الجنائية لهؤلاء المتهمين:
 
غسل الأموال.. يوضح المستشار أشرف ناجي أن غسل الأموال تهمة لا تُثبت إلا بدليل قاطع على أن المتهم حصل على أموال من مصادر غير مشروعة، ثم حاول إضفاء الشرعية عليها عبر أنشطة ظاهرها قانوني، مضيفًا: في حالة التيك توكرز، إن لم يثبت أن الأموال جاءت من مصدر غير قانوني مثل الاتجار بالمخدرات أو استغلال الأطفال، فلا يمكن الحديث عن غسل أموال بالمعنى القانوني.
 
نشر محتوى خادش.. أن القانون رقم 175 لسنة 2018 الخاص بمكافحة الجرائم الإلكترونية، يتضمن عقوبات مشددة على نشر محتوى يتعارض مع قيم المجتمع، وإذا تم إثبات أن المحتوى فيه تحريض على الفسق أو إشارات جنسية صريحة، فإن العقوبة قد تصل إلى الحبس لمدة 3 سنوات وغرامة تصل إلى 300 ألف جنيه، وحجة “حرية التعبير” لا تنطبق عندما يتجاوز المحتوى حدود الذوق العام، مشيرًا إلى أن: القضاء بدأ يتعامل بجدية مع فكرة التأثير المجتمعي السلبي لهؤلاء المؤثرين، خصوصًا إذا ارتبطت المحتويات بسلوكيات منحرفة تؤثر في فئة القُصَّر.
 
الحيازة بقصد التعاطي.. أن حيازة المواد المخدرة مثل الحشيش أو الكريستال (الإيس)، حتى لو كانت للتعاطي الشخصي، تُعد جنحة عقوبتها الحبس من سنة إلى 3 سنوات حسب المادة 37 من قانون المخدرات، وإذا ثبت تعاطي المتهم، فهناك عقوبات تأديبية أيضًا، خاصة لو كان له تأثير على المراهقين.
 
حيازة سلاح دون ترخيص.. أن التهمة الأخطر التي وُجهت لأحد التيك توكرز المقبوض عليهم هي حيازة سلاح ناري دون ترخيص، وهذه جناية عقوبتها قد تصل إلى السجن المشدد لمدة 7 سنوات، وإذا اقترنت بجرائم أخرى كالمخدرات، تصبح القضية مركبة ومعقدة.

print