في لحظة تاريخية تمثل تحولًا استراتيجيًا بارزًا في مسار العلاقات الدولية، جاءت زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانج، إلى القاهرة لتعكس عمق الشراكة المتنامية بين مصر والصين، وتُرسّخ أسس تعاون مستقبلي قائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
هذه الزيارة رفيعة المستوى لم تكن مجرد لقاءات بروتوكولية، بل مثلت تجسيدًا عمليًا لاتفاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة الموقعة بين البلدين في عام 2014، والتي دخلت الآن مرحلة جديدة من التكامل السياسي والاقتصادي والثقافي، نحو بناء مستقبل تنموي مستدام يخدم الشعبين.
في ظل عالم تتزايد فيه التحديات الجيوسياسية والاقتصادية، تبقى العلاقات المصرية - الصينية نموذجًا فريدًا للصداقة طويلة الأمد والتعاون القائم على الثقة والرؤية المشتركة.
وقد جاءت تصريحات عدد من أعضاء مجلس النواب لتؤكد الأهمية الاستثنائية لهذه الزيارة ونتائجها النوعية التي من شأنها أن تدعم ركائز التنمية في مصر وتفتح آفاقًا رحبة للاستثمار والشراكة.
أكد النائب أحمد عاشور أن زيارة لي تشيانج إلى القاهرة مثلت دفعة قوية للعلاقات الاستراتيجية بين البلدين، مشيرًا إلى أن اتفاقيات التعاون الجديدة، وعلى رأسها أول استراتيجية إنمائية لمدة خمس سنوات، والاتفاق الإطاري لمبادلة الديون، تُعد خطوات جوهرية نحو تحقيق التنمية المستدامة والتكامل الاقتصادي.
ونوّه عاشور إلى أن هذه الزيارة ليست فقط انعكاسًا لتاريخ طويل من التعاون، بل أيضًا لبُعد استراتيجي يعكس إرادة سياسية واعية تعمل على تعظيم الاستفادة من الدبلوماسية الاقتصادية المصرية، وأشاد بالتركيز على توطين التكنولوجيا، وتعزيز البنية التحتية، وخلق فرص استثمارية مشتركة في إطار مبادرة الحزام والطريق، التي تمثل منصة للتنمية العابرة للقارات.
من جانبها، أكدت النائبة هند رشاد، أمين سر لجنة الإعلام والثقافة بمجلس النواب، أن زيارة لي تشيانج تُعد تجسيدًا ملموسًا لمسيرة التعاون الممتدة بين مصر والصين، مشيرة إلى أن الاتفاقات الموقعة تمثل تطورًا استراتيجيًا في مختلف مجالات التنمية.
وأبرزت رشاد أن هذه الزيارة تعكس نجاح السياسة الخارجية المصرية في بناء شراكات تنموية متوازنة مع القوى الدولية، مشددة على أن الاتفاقات، خاصة في مجالات توطين الصناعة والتكنولوجيا، ستدفع بعجلة الاقتصاد وتفتح آفاقًا واسعة أمام الشباب والكوادر الوطنية.
النائبة مايسة عطوة عبّرت عن بالغ تقديرها للعلاقات العريقة بين البلدين، ووصفت زيارة لي تشيانج بأنها علامة فارقة تؤكد عمق الصداقة والتفاهم المشترك. وأشارت إلى أن هذه الشراكة ترتكز على قيم حضارية مشتركة واحترام متبادل، وتمتد إلى ملفات حيوية أبرزها البنية التحتية، الصناعة، وتكنولوجيا المستقبل.
وأكدت عطوة على أهمية الاحتفال بمرور 70 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، باعتبارها مناسبة لتوسيع دائرة التعاون، وتدشين مبادرات جديدة في مجالات التنمية المستدامة، وتعزيز السلام الإقليمي والدولي.
أما النائب أحمد إدريس، فقد اعتبر أن زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني تدشن مرحلة جديدة من التعاون التنموي، مشيرًا إلى أن اتفاقية التعاون الإنمائي (2025 – 2029)، إلى جانب وثائق التعاون الأخرى، ستُسهم في دعم أولويات الدولة في قطاعات التعليم، الصحة، الاقتصاد الرقمي، وتغير المناخ.
وأشار إدريس إلى أهمية الاتفاق على مبادلة الديون كأداة فعالة لدعم التمويل التنموي المستدام، مؤكدًا أن مصر أصبحت نموذجًا ناجحًا في هذا الإطار، وتملك القدرة على استقطاب الدعم الدولي لتطوير بنيتها الاقتصادية والاجتماعية.
تعكس زيارة لي تشيانج إلى القاهرة ما يمكن تسميته بـ"تجديد الثقة الاستراتيجية" بين مصر والصين، وتؤسس لمرحلة من الشراكة الممتدة التي تستجيب لتطلعات شعبي البلدين في الاستقرار، والتنمية، والازدهار.
ومع التوقيع على اتفاقيات تنموية واقتصادية رائدة، وتعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا، والتعليم، والبنية التحتية، تُمثل العلاقات المصرية-الصينية نموذجًا حيًا للشراكة الرشيدة القائمة على المصالح المشتركة والتنمية المتبادلة ، في عالم يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى نماذج تعاونية ملهمة تقود إلى مستقبل أكثر استدامة وعدالة.