يدخل قطاع غزة، يوما جديدا من الحصار المفروض عليه من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي تنفذ إبادة جماعية في حق الفلسطينيين منذ أكتوبر 2023، حيث تتصاعد وتيرة القتل الجماعي، وسط انعدام للماء والغذاء والدواء، في الوقت التي تستخدم فيه "تل أبيب" حجة توزيع المساعدات لقتل الفلسطينيين أثناء انتظارهم في مناطق حددها الاحتلال مسبقا والتي وصفت بـ"مصائد الموت".
وارتكب الاحتلال الإسرائيلي مجزرة جديدة ضد الفلسطينيين في غزة، السبت حيث قتل 27 مواطنا على الأقل وأصيب العشرات، في إطلاق قوات الاحتلال النار على المواطنين قرب مركز مساعدات شمال مدينة رفح جنوب القطاع.
وأفادت مصادر محلية، بأن قوات الاحتلال أطلقت النار صوب المواطنين من منتظري المساعدات قرب مركز مساعدات الشاكوش شمال رفح، ما أدى لاستشهاد 27 مواطنا وإصابة 180 آخرين، كما أفادت مصادر طبية، باستشهاد 60 فلسطينيا بنيران وقصف الاحتلال في القطاع.
ويعيش القطاع واحدة من أشدّ جرائم الحصار الجماعي في العصر الحديث، حيث يدخل الحصار المُحكم يومه الـ103 على التوالي، منذ أن أقدمت قوات الاحتلال "الإسرائيلي" على إغلاق كافة المعابر ومنعت دخول الغذاء والدواء والوقود.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن "المجاعة التي تضرب القطاع تشتد يوماً بعد يوم، وقد سجّلنا خلال الأيام الماضية عشرات حالات الوفاة نتيجة نقص الغذاء والمكملات الدوائية الأساسية، في مشهد إنساني بالغ القسوة. ويُمعن الاحتلال في جريمته بمنع إدخال الطحين وحليب الأطفال والمواد والمكملات الغذائية والطبية بشكل كامل، في سياسة ممنهجة لتجويع السكان وخاصة الأطفال وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة".
وأوضح أنه عدد الأطفال الذين استشهدوا بسبب سوء التغذية حتى الآن وصل إلى 67 طفلاً، بينما يواجه أكثر من 650,000 طفل دون سن الخامسة خطراً حقيقياً ومباشراً من سوء التغذية الحاد خلال الأسابيع القادمة من بين 1.1 مليون طفل في قطاع غزة.
وأضاف: "حالياً يعيش نحو مليون وربع المليون شخص في غزة حالة جوع كارثي، بينما يُعاني 96% من سكان القطاع من مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، من بينهم ما يزيد عن مليون طفل، وهو واقع صادم يعكس حجم المأساة الإنسانية غير المسبوقة في غزة".
وأدان بأشد العبارات هذه الجرائم المنظمة التي يرتكبها الاحتلال "الإسرائيلي" بحق أكثر من 2.4 مليون إنسان في قطاع غزة، محمل المسؤولية الكاملة عن جرائم الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج، كما حمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية للدول المنخرطة معه وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، وكذلك الدول المتواطئة بصمتها وشركاؤها الدوليون الذين يتعمّدون تعطيل أي مسار لوقف هذه الإبادة.
وتابع: "إننا وإذ نُطلق هذا التحذير الصارخ من تفاقم الكارثة الإنسانية، نطالب المجتمع الدولي، والدول العربية والإسلامية، وكل الأحرار في العالم، إلى التحرّك العاجل والفوري لكسر الحصار عن غزة، وإدخال المساعدات الغذائية والدوائية والإنسانية فوراً، وإنقاذ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من الموت جوعاً في وقت يقتل فيه الجوع ما عجزت عن قتله آلة الحرب والإبادة".
وفي السياق، حذّرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من أن انعدام المياه النظيفة في قطاع غزة، إلى جانب اكتظاظ الملاجئ وارتفاع درجات الحرارة، قد يؤدي إلى عواقب صحية وخيمة.
وقالت الأونروا، في بيان مقتضب عبر صفحتها على منصة "إكس"، السبت: "يجب رفع الحصار والسماح لنا باستئناف إيصال المساعدات الإنسانية، بما في ذلك مستلزمات النظافة، إلى غزة".
وأشارت إلى أن 800 شخص جائع قُتلوا، بعدما أُطلق عليهم النار أثناء محاولتهم الحصول على القليل من الطعام، مؤكدة أنه تم استبدال النظام الفعال بعملية احتيال قاتلة تهدف إلى إجبار الناس على النزوح وتعميق سياسة العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين في غزة.
من جانبه حذرت منظمة "أطباء بلا حدود" من أن سكان قطاع غزة، يواجهون أزمة متفاقمة من الجوع وسوء التغذية، وسط نقص حاد في الإمدادات الغذائية.
وذكرت المنظمة ـ في بيان عبر موقعها الرسمي، السبت، أن فرقها الميدانية لاحظت "ارتفاعا حادا وغير مسبوق" في معدلات سوء التغذية الحاد بين سكان القطاع، وأن مركزين صحيين تابعين لها في مدينة غزة وبلدة المواصي الساحلية يقدمان حاليا العلاج لأكثر من 700 امرأة حامل ومرضعة، إلى جانب نحو 500 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد أو المتوسط.
وبيّنت المنظمة أن عدد حالات سوء التغذية في مركزها بمدينة غزة تضاعف تقريبا 4 مرات خلال أقل من شهرين، حيث ارتفع من 293 حالة في مايو الماضي إلى 983 حالة مطلع يوليو الحالي، من بينها 326 حالة لأطفال تتراوح أعمارهم ما بين 6 -23 شهرا.
ونقل بيان المنظمة عن نائب المنسق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود في غزة محمد أبو مغيصيب، قوله "هذه هي المرة الأولى التي نشهد فيها هذا العدد الكبير من حالات سوء التغذية في غزة.. تجويع السكان في غزة أمر متعمد، ويمكن أن ينتهي غدا إذا سمحت السلطات الإسرائيلية بدخول كميات كافية من المواد الغذائية".
وأكدت المنظمة أن الوضع الإنساني في القطاع، بات يتطلب تدخلا عاجلا لضمان وصول المساعدات الغذائية والطبية إلى السكان المدنيين، مع استمرار العمليات العسكرية التي تزيد من تفاقم معاناة الأهالي، خاصة الأطفال والفئات الأكثر ضعفا.