الأربعاء، 02 يوليو 2025 01:11 ص

"سيدات غزة أيقونة الصمود خلال الحرب".. حامل تلد على كشاف الهاتف وتتحدى دبابة الاحتلال.. نساء يحلقن شعرهن لعدم توفر أدوات النظافة ويساعدن الرجال في إزالة الأنقاض.. والأرامل يجمعن الطعام لأطفالهن بعد فقدان الزوج

"سيدات غزة أيقونة الصمود خلال الحرب".. حامل تلد على كشاف الهاتف وتتحدى دبابة الاحتلال.. نساء يحلقن شعرهن لعدم توفر أدوات النظافة ويساعدن الرجال في إزالة الأنقاض.. والأرامل يجمعن الطعام لأطفالهن بعد فقدان الزوج سيدات غزة
الثلاثاء، 01 يوليو 2025 08:00 م
كتب أحمد عرفة
 
 
** 14700 امرأة فلسطينية تواجه واقعا مأساويا بعد فقدان أزواجهن
** سارة بهار: نتحمل مسئولية أكبر من طاقتنا ونحمل أغراض المنزل خلال عملية النزوح لمسافة
** أكثر من 300 حالة إجهاض بين النساء الحوامل
** ارتفاع زواج القاصرات نتيجة الفقر
** إصابات جسدية وعاهات دائمة تحرمهن من ممارسة الحياة بشكل طبيعي
** 70 % من المفقودين من النساء والأطفال
** 690 ألف امرأة وفتاة في فترة الحيض لا يحصلن إلا بشكل محدود على منتجات النظافة الخاصة
 
 
 
"زوجة أخي كانت ولادتها على كشاف الهاتف وما كان في المستشفى سوى طبيبة واحدة"، تتحدث سارة بهار عن أصعب رحلة شقاء لها عندما رافقت زوجة شقيقها إلى أقرب مركز طبي لتضع طفلها، حيث تصف الوضع حينها بالكارثي خاصة أن دبابة الاحتلال كان في أخر الشارع الذي تقطن فيه، بينما تخشى أن تصوب فوهة تلك الدبابة طلقاتها تجاههن، قائلة "كنا نسير في الشارع نحو المستشفى ونحن مرعوبين".
 
اقرأ أيضا:
زعيم المعارضة الإسرائيلية: حان وقت إنهاء الحرب فى غزة
 
 
75 % من ضحايا تلك الحرب من النساء والأطفال
ما تقوله سارة بهار الفتاة الفلسطينية المقيمة في حي الشجاعية تختصر بشكل كبير حجم الصمود والصبر الذي تحمله المرأة الفلسطينية التي تقاوم أبشع احتلال ومجازر إبادة جماعية، تفتح صدورها لرصاص إسرائيل دون خوف دون أن تترك أرضها وتهاجر، ضاربة أقوى مثل على القوة والصلابة، لم تخفيهم أحدث وأقوى الأسلحة، وسط خذلان من المجتمع الدولى، خاصة عندما نعلم أن 75 % من ضحايا تلك الحرب من النساء والأطفال.
 
في 11 مايو، كشف تقرير للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، تقريرا كشف فيه أن إسرائيل تقتل امرأة فلسطينية كل ساعة في غزة منذ 7 أكتوبر 2023، موضحا أن ️نمط الاستهداف المتكرر يؤكد أن تل أبيب تتعمد قتلهن كأداة للتدمير السكاني ضمن جريمة الإبادة الجماعية، كما أن ️معدل قتل الاحتلال الصادم وغير المسبوق للنساء يشمل فقط اللاتي قُتلن بالقصف المباشر، ولا يشمل من قضين بسبب الحصار والتجويع والحرمان من الرعاية الصحية.
 
60 ألف امرأة حامل في غزة تعاني ظروفًا بالغة السوء
وأضاف التقرير، أن ️المعطيات الميدانية تكشف نمطا منهجيا من قتل النساء الحوامل والأمهات الشابات مع أطفالهن كسلوك يهدد بصورة مباشرة مستقبل النسيج السكاني الفلسطيني، و️الاستهداف الإسرائيلي لا يقتصر على القتل، إذ تعاني 60 ألف امرأة حامل في غزة ظروفًا بالغة السوء نتيجة سوء التغذية والجوع بفعل الحصار الشامل، كما أن ️قتل النساء والأمهات، خاصة النساء الحوامل، يأتي ضمن نمط واضح من منع الولادات القسري الذي يصنف كركن أساسي من أركان جريمة الإبادة الجماعية، مطالبا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في القطاع بأفعالها كافة.
 
تتحدث سارة بهار معنا بينما أصوات القصف وزنانة الطائرات لم تتوقف، إلا أنها تؤكد بكل حزم وقوة أن هذا العدوان لن يفت في عضد نساء غزة، حيث تقول في تصريحات، إنه في الوقت الذي تتواصل معنا فيه تسقط القذائف بجوار منطقتهم بينما جاءت لهم أوامر إخلاء للمنطقة، وسط تكرار للنزوح بشكل مستمر من وقت أخر ثم العودة مرة أخرى للمنزل.
 
معاناة المرأة داخل قطاع غزة
النساء يسرن مسافات طويلة لإحضار الطعام ويقمن بأعمال الرجال في إزاحة الأنقاض
"معاناة المرأة الفلسطينية زادت بشكل كبير منذ بداية الحرب، حيث صرنا نقوم بأعمال كثيرة صعبة علينا منها نقل المياه من الدور الاول للخامس، وإشعال النار أكثر من مرة في اليوم عبر الحطب والطبخ عليها، والسير مسافات طويلة بخوف ورعب كي نصل للمكان الذي نريد الوصول له"، حيث تشرح سارة بهار حجم معاناة المرأة في ظل استمرار حرب الإبادة، مضيفة : نعيش في بيوتنا في رعب وخوف ونتحمل مسئولية أكبر من طاقتنا وأصبحنا نقوم بعمل نفس أعمال الرجال من إزاحة الأنقاض وجلب الطعام وحمل الفرشات وأغراض المنزل خلال عملية النزوح ونسير بها لمسافة كبيرة للوصول لمخيم نزوح أخر وتنفيذ أوامر الإخلاء".
 
خلال تقرير صادر عن الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني في 8 مارس الماضي، سلط الضوء على تضحيات سيدات غزة، فمنذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع، ما زالت المرأة الفلسطينية تواجه تحديات جسيمة للتعافي واستعادة الحياة الطبيعية، و70% من المفقودين من النساء والأطفال، وما يقارب مليونَي شخص اضطروا للنزوح من منازلهم خلال الحرب على القطاع، نصفهم من النساء.
 
14700 امرأة فلسطينية تواجه واقعا مأساويا بعد فقدان أزواجهن
وأضاف التقرير أنه في ظل هذه التحديات الإنسانية القاسية، تواجه 14700 امرأة فلسطينية واقعا مأساويا بعد فقدان أزواجهن، ليصبحن المعيلات الوحيدات لأسر حرمت من عائلها الأساسي، ويتحملن هؤلاء النساء أعباءا ثقيلة لتأمين لقمة العيش ورعاية الأبناء، في ظل ظروف اقتصادية خانقة تفاقمت بفعل الحصار والدمار، وإضافة إلى صعوبة الحفاظ على استقرار الأسر، فإنهن يواجهن تحديات مضاعفة في إعالة عائلات فقدت سندها، وتربية أطفال بين أنقاض المنازل، في ظل شح الموارد الذي يفاقمه الحصار.
 
 
صعوبة الحياة في الخيام
وتحكى الإعلامية الفلسطينية فاطمة أبو نادي جانب من تحمل المرأة الكثير من المصاعب التي تصفها بأنها فوق طاقة البشر، حيث تتحدث عن معاناتها، قائلة :"ملامح الجسد كلها تغيرت 180 درجة، والبشرة أصبحت محترقة من حرارة الشمس وأول ساعات الصباح الساعة الثامنة صباحا لا أجد في الخيمة سوى نصف متر هي التي أضع نفسي بها وأحاول أن أهرب من الحر ويظل الجو كذلك حتى قبل العصر حتى وجبة الإفطار التي نجدها بصعوبة كبيرة للغاية حيث لا يوجد غاز للطهي فنضطر لإعدادها عبر إشعال الحطب".
 
وتضيف "أبو نادي"، في تصريحات، أن أغلب النساء لا يعدن وجبة الغداء في فترة الظهر بسبب الحرارة الشديدة فيضطررن لإعدادها بعد العصر لأن الطقس صعب للغاية في المخيمات، مشيرة إلى أنها اضطرت للنزوح مرتين الأولى من الشمال لرفح ثم نزحت إلى خان يونس ولكن النزوح الأخير مختلف للغاية، فهناك حالة قهر وإعياء تام والجسد به تعب ودرجة الحرارة الشمس حارقة ولا أحد يعرف أين سيذهب مرة أخرى وهو ما يزيد من معاناتها.
 
 
690 ألف امرأة وفتاة في فترة الحيض لا يحصلن على منتجات النظافة الخاصة
أطلقت وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية في 10 مارس رسائل تحذيرية من انعكاس الأوضاع في غزة على قطاعي المرأة والطفل في القطاع، والقدرة على حمايتهم وتوفير سبل الرعاية لهم وهو ما يفاقم من معاناة الاطفال والنساء ويعرض حياتهم للخطر الشديد نتيجة نقص الاحتياجات الأساسية وأدنى متطلبات الحياة، كما تشكل النساء والأطفال ما نسبته 69% من إجمالي الجرحى البالغ عددهم 111,759 جريحاً. 
 
وأكد تقرير الوزارة، أنه من المقرر أن تلد ما يقدر بنحو 50 ألف امرأة حامل في غزة في ظروف مزرية، كما تيتم أكثر من 38 ألف طفل منهم 17 ألف طفل فقدوا كلا الوالدين، وهناك أكثر من 690 ألف امرأة وفتاة في فترة الحيض لا يحصلن إلا بشكل محدود على منتجات النظافة الخاصة بالدورة الشهرية، وفقا لصندوق الأمم المتحدة للسكان، داعيا كافة المؤسسات والهيئات والمنظمات الدولية إلى ضرورة توفير دخول الدواء والغذاء وكافة الاحتياجات الانسانية الضرورية لأهالي القطاع وأهمها احتياجات النساء والأطفال.
 
وأشار إلى ضرورة وقوف  المجتمع الدولي أمام مسؤولياته والخروج من دائرة الصمت والإدانة إلى دائرة القرار والالتزام بتنفيذ ما أصدره من مرجعيات دولية للقانون الدولي الإنساني في إطار الالتزام بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الانسان، لوقف الحصار  المفروض على الشعب الفلسطيني وتوفير الحماية الدولية له.
 
أوضاع مأساوية لسيدات غزة.. نساء يحلقن شعرهن لعدم توفر أدوات النظافة وبعضهن فقدن الرحم
خلال بيان وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية، تحدث عن السيدات اللاتي في فترة الحيض ويعشن في معاناة صعبة، وهو ما تكشفه المهندسة دعاء صالح، مدير مشاريع مؤسسة إنقاذ الطفل في فلسطين التابعة لشبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، التي تؤكد أن المكان الذي تعيش فيه المرأة في غزة يحتوي على عدد كبير من الأشخاص يعيشون فيه ولا يوجد حمامات كافية حتى مستلزماتها الصحية العادية والأساسية غير متوفرة، والعديد من الفتيات والنساء اضطررن إلى قص شعرهن لعدم توفر أدوات النظافة والمياه وتعاني العديد منهن من أمراض جلدية، بالإضافة إلى انتشار العديد من الأوبئة ومنها التهاب الكبد الوبائي، كما أن عدم وجود أدوات نظافة شخصية أو بامبرز للنساء الحائض يزيد من معاناتهم ويتسبب لهم في أمراض.
 
وتضيف في تصريحات، أن المرأة الفلسطينية وضعها صعب للغاية سواء متزوجة أو غير متزوجة، وتفتقر أدنى مقومات الحياة الآدمية التي تحفظ كرامتها ولا يوجد خصوصية لها نهائيا لأن الوضع فوق السيء الذي تعيش فيه في مخيمات النزوح ومراكز الإيواء، مؤكدة أن المرأة المعيلة سواء أرملة أو زوجها مفقود أو جريح، تتحمل مسؤولية الأسرة كاملة وتحاول بشتى الطرق والوسائل الحصول على أي مصدر دخل حفاظا على كرامتها ولتستطيع تحمل نفقات أسرتها، حيث تضطر إلى أن تساعد الأخريات في صناعة الخبز مثلا أو غسيل الملابس أو حياكة ملابس بطرق بدائية للأطفال حديثي الولادة أو بعض الملابس للنساء الأخريات.
 
وبشأن معاناة السيدات الحوامل في غزة، تقول دعاء صالح :"الحوامل حدث ولا حرج، حيث يعانون من سوء تغذية وفقر دم وعدم وجود رعاية طبية لهن ويلدن في ظروف صعبة وكثير منهن فقدن الرحم لعدم توفر الأساسيات في المستشفيات".
 
 
أكثر من 300 حالة إجهاض بين النساء الحوامل
وبحسب الإحصائية الصادرة عن المكتب الإعلامي الحكومى في غزة، فإن هناك 12400 شهيدة، وصل منهن للمستشفيات 8968، وهناك 7950 أم شهيدة، بجانب أكثر من 300 حالة إجهاض بين النساء الحوامل، بسبب نقص العناصر الغذائية الضرورية من بين 60,000 سيدة حامل مُعرَّضة للخطر لانعدام الرعاية الصحية.
 
صرخة سيدة حامل: لا أجد شيئا أتوحم عليه
حنان التتر، سيدة فلسطينية حامل في أولى شهور الحمل بعد زواجها في شهر فبراير الماضي، تفتقر تماما لكل المقومات الغذائية الخاصة لتلك الفئة، حيث لا أغذية صحية مناسبة لها وكذلك لا يوجد مركز صحي قريب تحصل من خلاله على خدمات الصحة الإنجابية، وبين هذا وذاك يراودها القلق والخوف على مستقل جنين ما زال في بطن أمه مع استمرار تلك الحرب الغاشمة ضد المدنيين.
 
"أي شيئ بتوحم عليه غير موجود"، هنا تستهل حنان التتر حديثها معنا عن تلك المعاناة التي تعيشها يوميا، حيث تؤكد أنها كثيرا ما تشعر بالجوع ليلا ولكنها لا تجد ما يسد جوعها، خاصة أنها تعتمد مثل باقي أفراد عائلتها على المعلبات وهي أغذية غير مناسبة تماما للسيدات الحوامل.
 
وتقول "التتر"، في تصريحات، إن أبرز أشكال تلك المعاناة تتمثل في قلة توفر الغذاء المتوازن والمغذي، وارتفاع الأسعار بشكل مرعب.، خاصة أن السيدات الحوامل لا يستطعن الحصول على وجبات غنية بالبروتين، والفواكه، والخضار يوميا.
 
وتتحدث أيضا عن انعدام الخدمات الصحية لها ولباقي أقارنها ، مشيرة إلى أن خدمات الصحية الإنجابية تكاد تكون منعدمة والرعاية الصحية تشهد نقص شديد، حيث لا يوجد علاج بالمستشفيات العامة، ولابد من شراء العلاج في بعض الأحيان، وفي كثير من الأوقات هناك صعوبة للوصول للعيادات للمتابعة نظرا لتعرض المنطقة للقصف.
 
وتؤكد أنها تعيش في خوف دائم من القصف والانفجارات، خاصة ليلا، كما أن الشعور بعدم الأمان حتى داخل البيت يؤثر على صحتها النفسية وعلى الجنين، لافتة إلى أدوات النظافة الخاصة بالحوامل موجودة بعدد قليل للغاية وأسعارها مرتفعة بشكل كبير مما يجعل عدد قليل يستطيع شرائها في ظل شح بأدوات النظافة، قائلة :"وصلنا لمرحلة أننا نستخدم دواء الجلي لغسيل الايدين وغسيل الملابس".
 
المرأة الفلسطينية رمز الإرادة الصلبة والصمود الأسطوري
في اليوم العالمي للمرأة، أصدرت وزارة شؤون المرأة الفلسطينية، بيانا أكدت فيه أهمية تجديد الالتزام بتعزيز حقوق المرأة الفلسطينية في كافة المجالات، بما في ذلك مواجهة التوسع الاستعماري ومحاولات التهجير والتوطين، موضحة أن تمكين المرأة الفلسطينية ليس مجرد قضية حقوقية واجتماعية، بل هو شرط أساسي لتحقيق العدالة الوطنية والتنمية المستدامة.
 
ولفتت الوزارة إلى التزامها العمل على تعزيز مشاركة المرأة السياسية، ودعمها في مواقع صنع القرار، وتعزيز مساهمتها في التنمية الاقتصادية، والتعليم، والعمل، موجهة التحية للمرأة الفلسطينية، الصامدة والباسلة، التي تتصدى للعدوان الإسرائيلي بكل شجاعة وعزيمة، قائلة إنها هي رمز الإرادة الصلبة والصمود الأسطوري، حيث تقف ثابتة في وجه التحديات والاعتداءات المستمرة على حقوق شعبنا في قطاع غزة، والضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، والشتات.
 
المرأة الأكثر تضررا من النزوح و15% من هؤلاء النساء يعانين من مضاعفات الحمل
وزيرة شئون المرأة الفلسطينية منى الخليلي تكشف حجم تأثير العدوان على السيدات الفلسطينيات، موضحة أن حرب الإبادة أدت إلى معايشة النساء لظروف معيشية قاسية وصعوبة في توفير الاحتياجات الأساسية للأسرة مثل الماء والغذاء والملابس والدواء، خاصة النساء اللاتي هجرن ونزحن قسرا مع عوائلهن، فهن الأكثر تأثرا بحالة النزوح والتنقل المستمر، حيث فقدن الخصوصية التامة بسبب تواجدهن خارج منازلهن واضطرارهن للوقوف طوابير أمام دورات المياه.
 
وتؤكد "الخليلى" ، أن صحة النساء تأثرت بشكل مباشر وواضح في ظل النقص الحاد في الخدمات الصحية والأدوية، خاصة المريضات والجرحى منهن، إصافة إلى تأثرهن بانهيار البنية التحتية للخدمات الانجابية، حيث قدّر عدد النساء والفتيات في سن الإنجاب في غزة حوالي 650 ألفا، وهناك 1 من كل 4 منهن يحتجن إلى الحصول على خدمات الصحة الانجابية، وهناك معدل 200 حالة ولادة يومية، ومن المتوقع أن 15% من هؤلاء النساء يعانين من مضاعفات الحمل والولادة وجعلهن عرضة للولادات المبكرة او الاجهاض ما ينذر بارتفاع في معدل وفيات الأمومة.
 
"نساء قادرات على التغيير" لدعم المرأة الفلسطينية نفسيا
ويعمل مركز الإرشاد النفسي والاجتماعي للمرأة على تنفيذ جلسات دعم نفسي للسيدات في غزة ضمن مشروع "نساء قادرات على التغيير"، ضمن أنشطة مشروع "نساء قادرات على التغيير"، الذي يهدف إلى تمكين النساء ومساعدتهن في التعامل مع التحديات النفسية والاجتماعية المتفاقمة في ظل الظروف الراهنة.
تأتى تلك الجلسات في محاولة لمساعدة المرأة الفلسطينية في تخطى أهوال الحرب، حيث تنفذ تلك الفعاليات في مراكز الإيواء وخيم النزوح، غب ظل معاناة النساء من ظروف إنسانية ونفسية صعبة نتيجة استمرار العدوان وتكرار النزوح، مما يجعل التدخل النفسي ضرورة ملحة لتعزيز قدرتهن على الصمود، وتهدف هذه الجلسات إلى تعزيز الصحة النفسية للنساء من خلال تقديم الدعم العاطفي والاستشارات  النفسية، ومساعدتهن على التكيف مع الضغوط اليومية الناتجة عن الأوضاع المعيشية والإنسانية الصعبة.
 
ارتفاع زواج القاصرات نتيجة الفقر
ووفقا لأخر تقرير لاتحاد لجان العمل النسائي بغزة في 26 يونيو، فإن تلك الحرب تسببت في تعرض النساء لصدمات نفسية وفقدان أفراد الأسرة والمأوى نتيجة القصف المتكرر، بجانب إصابات جسدية وعاهات دائمة تحرمهن من ممارسة الحياة بشكل طبيعي، في ظل غياب الدعم النفسي والصحي الملائم في ظل انهيار القطاع الصحي، لافتا إلى أن العدوان تسبب في ارتفاع زواج القاصرات نتيجة الفقر، مما يعمّق التهميش بحق الفتيات، بجانب نقص الدعم النفسي والاجتماعي للفتيات في المدارس والمخيمات.
 
التقرير ذكر أن القرار 1325 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2000، هدف إلى حماية النساء والفتيات أثناء النزاعات المسلحة، وإشراكهن في عمليات صنع القرار وبناء السلام، وضمان وصول السيدات المتأثرات بالحرب إلى المساعدات والخدمات الأساسية لكن في غزة، لا يزال تطبيق القرار 1325 غائبًا، حيث لم تُمنح النساء الفلسطينيات الحماية الكافية من آثار الحرب، ولم يُشركن في عمليات اتخاذ القرار المتعلقة بالأمن والسلام، ولم يتم توفير آليات لمحاسبة الأطراف التي ترتكب تلك الانتهاكات، مشيرا إلى ضرورة الضغط الدولي من أجل تطبيق هذا القرار الأممي وتوفير الدعم النفسي، الصحي، والاقتصادي للنساء، ودعم مبادرات ومؤسسات نسوية فاعلة تعمل على تمكين المرأة في غزة.
 
نفسيات مدمرة لنساء غزة بفعل الحرب
النفسية المدمرة لنساء غزة تمثلها السيدة نجوى العرقان، التي تصف أيامها داخل غزة بالسوداء في ظل عدم قدرتها على توفير الطعام بشكل يومي، بجانب النزوح المتكرر لعائلتها في شمال القطاع، واصفة ما تقوم به المرأة الفلسطينية لمواجهة عدوان الاحتلال بأنه الجهاد الأكبر للدفاع عن بلادها.
 
وتتحدث نجوى العرقان عن شعورها في ظل استمرار تلك الحرب الأبشع على القطاع قائلة:"أيامنا سوداء فقط في غزة، نحن بجانب نزوحنا المتكرر والبحث الدائم عن الطعام فإننا مطالبين يوميا بالغسيل اليدوي، والطبخ والعجين على النار وحمل الحياة، وأصبحت حياتنا كلها عذاب، ونبحث يوميا عن الطعام الذي يمكن أن نحضره لأبنائنا لأنه لا يوجد طعام في شمال غزة"، مضيفة :"نعيش جهاد أكبر، نحن في عذاب دائم أصبحنا نتمنى الشهادة ونأمل أن نرتاح".
 
مطالب للمجتمع الدولي بحماية المرأة الفلسطينية
وزارة الخارجية الفلسطينية وجهة رسالة للعالم في اليوم العالمى للمرأة، تطالب فيها المجتمع الدولى بضرورة حماية المرأة الفلسطينية، في ظل حق النساء والفتيات الفلسطينيات في العيش بأمان وسلام، والتمتع بالحماية القانونية اللازمة من جريمة الإبادة الجماعية، وعدوان الاحتلال غير القانوني المستمر والممنهج وواسع النطاق، وإرهاب مستعمريه، وضرورة إنهاء ممارساته العنصرية والإجرامية بحقهنّ.
 
ووفقا لما ذكره بيان الوزارة، فإن النساء الفلسطينيات هن الأكثر تضررا وتأثرا بجرائم وسياسات إسرائيل، وعرقلة وعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية العاجلة من الغذاء والدواء والاحتياجات الخاصة بالنساء والفتيات، يضاعف معاناتهن في ظل الإبادة، وهو ما تؤكد عليه جميع المؤسسات الدولية والأممية، وهناك 21 امرأة فلسطينية يواجهن ظروف اعتقال قاسية وغير إنسانية في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، ويتعرضن لشتى أشكال التعذيب والعزل الانفرادي، والإهمال الطبي.
 
وذكرت وزارة الخارجية الفلسطينية، أن العالم يحتفي بإنجازات النساء، ويجدد التزامه بالمساواة والعدالة، بينما تقف المرأة الفلسطينية في قلب معركة البقاء، وتواجه العبء الأكبر من الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية ومحاولات التهجير القسري والتطهير العرقي، مؤكدا على حق النساء والفتيات الفلسطينيات بالعيش بأمن وسلام كغيرهن من نساء العالم، ودولة فلسطين ستسعى لإزالة كافة أشكال التمييز والعنف ضدهن، مطالبا بضرورة دعوة اللجان الدولية، لإجراء تحقيق شامل لمختلف أشكال العنف الممنهج ضد المرأة الفلسطينية، ومسائلة ومحاسبة الاحتلال الاستعماري عن جرائمه وانتهاكاته المستمرة، وإرهاب مستعمريه، وإحقاق حقوق الشعب في تقرير المصير والاستقلال والعودة للاجئين الى درياهم التي شردوا منها، فورا ودون قيد أو شرط، وتجسيد دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس.
 
266 حالة اعتقال ضد النساء الفلسطينيات خلال 2024
خلال بيان الخارجية الفلسطينية، ذكرت أن هناك 21 امرأة فلسطينية يواجهن ظروف اعتقال قاسية، هو ما أكده تقرير صادر عن مؤسسات حقوق الأسرى عن تصاعد غير مسبوق في اعتقالات الاحتلال للنساء الفلسطينيات، بعدما سجلت خلال العام 2024 فقط 266 حالة اعتقال، ليرتفع إجمالي الاعتقالات منذ بدء حرب الإبادة إلى أكثر من 450 حالة اعتقال.
 
تأثير فقدان الأطفال على النساء الفلسطينيات
وبحسب تقرير الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني، عن المرأة الفلسطينية، فإنه يبرز معاناة الأمهات في غزة اللاتي يعشن بين كوابيس يومية واكتئاب متجذر، بينما يقضّ القلق مضاجعهن، وهن يحاولن، بإرادة ممزقة، الإمساك بيد ناجٍ، وتضميد جراح لا ترى، أمامهن مهمة شاقة تتجاوز إعادة بناء الحجر، لتصل إلى ترميم النفوس وإعادة الثقة في عالم قاسٍ، أجبرهن على العيش بين ألم الفقد وأمل لا ينطفئ.
 
التقرير يكشف تأثير فقدان الأمهات لأطفالهن خلال الحرب، حيث إن فقدان أكثر من 18 ألف طفل فلسطيني ليس مجرد رقم عابر، بل جرح غائر في ذاكرة أمهات حملن أحلام أطفالهن تحت أنقاض العدوان، وتبقى مشاهد الفقدان شاهدة على مآس لا تنسى لفلذات أكباد خُطفوا من بين الأيدي، تاركين ورائهم قلوبا تنزف حرمانا، وأرواحا مثقلة بصدمات عميقة، والأمر يتجاوز فقدان الأرواح إلى تحديات صحية ونفسية هائلة، ويشكل عبئا إضافيا على النساء اللاتي يتحملن عبء رعاية أطفالهن في ظل غياب الخدمات الأساسية.
 
معاناة المرأة في غزة لتوفير رعاية صحفية لأطفالها
تشير بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن حوالي 15 طفلاً، في المتوسط، أصيبوا يوميا بإعاقات قد تستمر مدى الحياة، نتيجة استخدام أسلحة متفجرة في العدوان، ما يعني أن هناك حوالي 7,065 طفلاً أصيبوا بإعاقات خلال العدوان، وهو ما يشمل فقدان الأطراف والبصر والسمع، وهو ما يزيد الأعباء على المرأة الفلسطينية، خاصة أن النساء في غزة يعانين من صعوبة تأمين احتياجاتهن الأساسية مثل الغذاء والماء، وفي الوقت نفسه يعجزن عن توفير الرعاية الصحية اللازمة لأطفالهن المصابين، بسبب انهيار النظام الصحي في القطاع ، وقيود الاحتلال المفروضة على إدخال الإمدادات الطبية الحيوية، واستهداف المستشفيات والطواقم الطبية، ما جعل الأطفال المصابين عرضة للإعاقات المتزايدة، مثل البتر الذي أصاب أكثر من 4,500 شخص، منهم 18% من الأطفال، فضلاً عن زيادة المخاطر الصحية؛ مثل تشوهات العمود الفقري، وهشاشة العظام، بسبب نقص الأطراف الصناعية والرعاية الطبية.
 
تشريد نساء غزة بعد دمار الوحدات السكنية
ووفقا لتأكد تقري الجهاز المركزي للإحصاء، فإن تضرر 437,600 وحدة سكنية جراء الحرب أدى إلى تشريد آلاف النساء والأسر الفلسطينية، حيث وجدت العديد منهن أنفسهن مضطرات للعيش في خيام مؤقتة بعد فقدان منازلهن، التي كانت تمثل لهن ملاذاً آمنا، ما يجعل المرأة تواجه تحديات مضاعفة، وتعاني من صعوبة تأمين احتياجاتها الأساسية، إضافة إلى العناية بالأطفال والمرضى في غياب الرعاية الصحية.
 
وتتحمل المرأة العبء الأكبر في رعاية الأسرة وسط بيئة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، ما يزيد من معاناتها النفسية والجسدية، خاصة  الخيام لا توفر الحد الأدنى من الأمان أو الخصوصية، ما يعمق الأزمة الإنسانية، وفي ظل غياب البنية التحتية الأساسية، تتفاقم الأزمات الصحية والاجتماعية، وتعيش النساء تحت وطأة الظروف القاسية من البرد القارس، أو الحرارة الشديدة، مع محدودية الوصول إلى الرعاية الطبية والخدمات الأساسية، ما يجعل حياتهن تحدياً مستمراً للبقاء على قيد الحياة، وأصبح الدمار يطغى على تفاصيل الحياة اليومية داخل القطاع مع استمرار الحرب، مما يجعل النساء يجدن أنفسهن محاصرات في ظروف صعبة لا تطاق، وأصبحت الخيام ملاذهن الوحيد، ولكنها لا توفر الأمان أو الخصوصية الضرورية لكرامتهن.
 
النساء يشكلن 49% من إجمالي عدد السكان في فلسطين
ووفقا للهرم السكاني الفلسطيني، تشكل المرأة الفلسطينية نصف المجتمع وعموده الفقري، حيث بلغت نسبتها 49% من إجمالي عدد السكان في فلسطين مع نهاية العام 2024، بما يعادل 2.71 مليون أنثى، توزعن بواقع 1.65 مليون في الضفة الغربية و1.06 مليون في قطاع غزة، وهو ما يجعلها تلعب دورا حيويا في مختلف مجالات الحياة، فهي شريكة أساسية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما أنها ركيزة مهمة في تعزيز الصمود الوطني ومواجهة التحديات التي يفرضها الواقع الفلسطيني.
 
 
أسباب تعتمد الاحتلال استهداف نساء غزة
الفن هو عنوان الحقيقة ومرآه للواقع، لذلك شهادة فنانة فلسطينية تكشف شهادتها عن حجم معاناة المرأة الفلسطينية، فرفيدة سحويل، التي تواجه رصاص الاحتلال وقصفه بالفن والرسم التشكيلي للتعبير عن حجم المرأة، تؤكد أن الاحتلال يمنع نساء غزة من الحصول على احتياجاتهن الخاصة بطرق متعددة، أبرزها فرض الحصار المشدد الذي يحد من دخول المستلزمات الأساسية الخاصة بالصحة النسائية، بالإضافة إلى قصف المرافق الصحية وتعطيل المستشفيات، مما يجعل الحصول على الرعاية الطبية، خاصة في حالات الولادة والمرض، أمراً بالغ الصعوبة، وكذلك تدمير البنية التحتية يعقد حصولهن على الماء النظيف والصرف الصحي، مما يزيد من معاناتهن في إدارة احتياجاتهن اليومية، مما يفاقم معاناتهن في ظل أوضاع غير آدمية. 
 
"هذا الاستهداف المتعمد يعود إلى سياسة الاحتلال في استهداف الفئات الأضعف والأكثر تأثيراً في النسيج الاجتماعي بهدف كسر إرادة الشعب الفلسطيني عبر تدمير العائلات وإضعاف المجتمع"، حيث تشرح رفيدة سحويل في تصريحات خاصة  أسباب تعمد الاحتلال قتل المرأة الفلسطينية، مشيرة إلى أن إسرائيل تستهدف البنية الاجتماعية للشعب الفلسطيني، في ظل أن المرأة هي عماد الأسرة، بينما الأطفال هم المستقبل، وإبادة هذه الفئات ليس مجرد استهداف عشوائي، بل هو سياسة ممنهجة لقتل الأمل،  واستهدافهم يولد خسائر نفسية وإنسانية عميقة، وتحويل المعاناة إلى إرث جماعي يعمّق الألم لأجيال.
وتؤكد أن قتل الأمهات يفاقم معاناة الأجيال القادمة ويزيد من تفكك الأسر، خاصة أن الاحتلال يستخدم هذا النهج كوسيلة للإرهاب الجماعي وكسر الصمود الفلسطيني، وقصف المنازل دون إنذار، واستهداف أماكن الإيواء، والمذابح الجماعية في الشوارع، كلها تكتيكات ترسل رسالة واضحة تل أبيب تريد قتل الفلسطينيين ببطء، ليس فقط بالأجساد، بل بتحطيم الروح الجماعية التي تبقيهم صامدين. 
 
كثير من النساء يلدن في العراء وبالشوارع
وتوضح "سحويل"، أن الحوامل في غزة يعشن كابوسًا يوميًا، حيث المعاناة تفاقمت بشكل مأساوي بسبب انهيار المنظومة الصحية نتيجة القصف والحصار. المستشفيات لم تعد قادرة على استقبال الأعداد المتزايدة من الحوامل، فلا رعاية طبية، لا غذاء مناسب، ولا أمان نفسي، وكثير منهن يلدن في العراء، أو في المستشفيات التي تحولت إلى مقابر بفعل القصف، والمئات من النساء فقدن أطفالهن بسبب سوء التغذية أو النزيف غير المعالج، هناك قصص عن أمهات أُجبرن على الولادة في الشوارع، والكثير منهن يلدن في ظروف غير إنسانية دون أطباء أو مسكنات ألم.
 
كما تؤكد أن هناك نساء حوامل نزفن حتى الموت لأن سيارات الإسعاف غير قادرة على الوصول إليهن، والاحتلال لا يقتل الأجنة بالصواريخ فقط، بل بترك الأمهات يمتن من الإهمال القسري، ونقص الغذاء والمياه الملوثة يزيدان من مخاطر الإجهاض والولادات المعقدة، مما يجعل تجربة الحمل والولادة في غزة تجربة مرعبة تهدد حياة الأمهات والأطفال. 
 
بيع النساء لمجوهراتها وملابسها لتأمين حياة أسرتها
وتكشف تأثير المجاعة على النساء، حيث تتحول المرأة إلى مقاتلة يومية من أجل البقاء، تجمع الحطب، تقتات على ما تبقى من طعام المساعدات، تبتكر طرقًا لتحضير الوجبات من لا شيء، وفي المخيمات، يقفن لساعات في طوابير الطعام، يكافحن لأجل لقمة تقي أطفالهن الجوع، وبعضهن اضطررن لبيع ممتلكاتهن القليلة، وحتى أشياء شخصية كالمجوهرات أو الملابس من أجل تأمين الحد الأدنى من الحياة، لكن الأخطر من ذلك هو الشعور بالعجز أمام بكاء الأطفال الجوعى، والاضطرار لاتخاذ قرارات مؤلمة، مثل من سيأكل ومن سينام جائعًا. 
 
"المرأة الفلسطينية تتحمل أعباءً مزدوجة، حيث تسعى لرعاية أطفالها في ظروف قاسية داخل المخيمات، دون مأوى أو غذاء كافٍ، وفي الوقت ذاته تضطر للبحث عن أي وسيلة لكسب العيش سواء من خلال العمل اليدوي، أو تبادل الطعام والمساعدات مع الآخرين، أو حتى اللجوء إلى الطهو على النار وجمع الحطب في ظل شح الموارد"، هنا تشرح "سحويل" طرق مواجهة المرأة للمجاعة، حيث تظل النساء عماد الأسرة، وهن الأكثر قدرة على إدارة الأزمات بإيجاد حلول إبداعية للبقاء على قيد الحياة. 
 
وبشأن تأثير تكرار النزوح المتكرر على السيدات في غزة، توضح أن هذا النزوح ليس مجرد مغادرة منزل، بل هو خلع جذور الإنسان من أرضه وترك كل الذكريات خلفه، وهذا يمثل مأساة لا تنتهي للنساء اللاتي يحملن أطفالهن على أكتافهن، وحقائب من بقايا الحياة، ويهربن بلا وجهة، ويبحثن عن مأوى في مدارس مكتظة أو أماكن غير مجهزة للسكن، قائلة :" في كل مرة، عليهن إعادة بناء عالمهن من الصفر، داخل خيام لا تقي بردًا ولا حرًا، وكل مكان هو محطة مؤقتة، وكل لحظة هي خوف من نزوح جديد، وتتحمل المرأة هذه الأعباء رغم الألم النفسي والجسدي، لأنها تشعر بالمسؤولية تجاه أسرتها، وتحاول التأقلم مع كل وضع جديد، سواء من خلال تنظيم أماكن النوم والطعام، أو توفير بيئة آمنة للأطفال وسط الفوضى والدمار وتبقى واقفة، تصنع من الركام وطنا مؤقتا، وتمنح أطفالها شعورا زائفا بالأمان، رغم أنها نفسها لا تشعر به".
 
كثير من سيدات غزة تحولن لأباء بعد فقدان العائل، حيث تؤكد إحصائية المكتب الإعلامي الحكومي أن هناك أكثر من 14700 أرملة داخل القطاع، وهذا ما تتحدث عنه رفيدة سحويل، حين يُقتل الزوج أو الأب، وتنهار الأسرة بأكملها، وتجد النساء أنفسهن فجأة مسؤولات عن أطفالهن، حيث إن فقدان العائل يضع المرأة أمام مسؤوليات جسيمة، وتصبح الأم والأب في آن واحد، مسئولة عن توفير الطعام، وحماية الأسرة من الضياع، والرعاية العاطفية للأطفال وسط الحرب، وكل ذلك وسط حرب لا ترحم، وبعضهن يعملن رغم القصف، في ظل الدمار وانعدام الموارد، وتعتمد النساء على التضامن المجتمعي، والمساعدات القليلة المتاحة، وعلى إرادتهن القوية في الاستمرار، ويبدأن بالعمل رغم المخاطر، مثل إعداد الطعام وبيعه أو التطوع في المستشفيات والملاجئ، بينما أخريات يعتنين بأطفالهن رغم الألم النفسي الكبير، مؤكدة أن الحرب سرقت منهن الأمن، لكنها لم تسلبهن القوة والإصرار على البقاء والتكيف مع حياة تزداد قسوة كل يوم. ومع ذلك، تبقى المرأة في غزة صامدة، لأنها ببساطة لا تملك ترف الانهيار.
 
تضحيات الصحفيات لتوثيق جرائم الاحتلال
الصحفيات الفلسطينيات قدمن نموذجا مشهودا في توثيق تلك الحرب الغاشمة على القطاع، والتضحية بأنفسهن من أجل توصيل رسالة سكان القطاع وتعريف العالم حجم المجازر التي ترتكبها إسرائيل، وجن أنفسهن يحملن رسالة عظيمة بتوعية العامل بالقضية الفلسطينية، مما زاد من الأعباء عليهن، وهو ما تتحدث عنه الصحفية الفلسطينية يافا أبو عكار، التي تتحدث عن تجربتها في تغطية الجرائم التي يشهدها القطاع، قائلة :"فتحت عيوني على صوت أخبار استهداف الجائعين أثناء ذهابهم لمركز المساعدات ،ما لحقت أتنفس، وجدت صور ريم زيدان استشهدت وهي بتدوّر على لقمة لأولادها الثمانية، يعني حتى الخبز صار يقتل".
 
وتضيف :"كل الأخبار وجع كل الرسائل صريخ وكل مكالمة من خان يونس فيها دعاء، فيها قهر، وأنا بكلمهم على التليفون كي ما يحسّوا بدمعتي بس أنا بنهار، والشارع مرآة جهنم ناس تنام على الرمل بدون فراش ، بدون خيم أطفال حفاة ونساء يصرخن أبحث على ابن، على دواء، وفي وسط الركام والناس تبكي نحن نعيش، حسّيت أني مجرد إنسانة ضائعة في الكاميرا شو بدي أوثق؟ المجزرة؟ ولا أصوات الأطفال الذين يودعون أمهاتهم، ونحن نقاوم بالدمعة بالصبر بالكلمة، وأنا شاهدة وساكتة ومش ساكتة، بخرج على الهواء لأنى إذا لم أخرج أموت".
 
نقابة الصحفيين الفلسطينيين، من جانبها أبرزت دور الصحفيات الفلسطينيات اللاتي دفعن ثمنا باهظا من أجل نقل الحقيقة وحرب الإبادة، موضحة أن تلك الفئة تتعرض لأبشع أنواع الجرائم والانتهاكات والاستهداف الممنهج، سواء بالقتل والقصف والاعتقال أو المنع من التغطية أو التهجير القسري.
 
وأشارت إلى أنه منذ بدء الحرب الإسرائيلية استشهد 27 من الزميلات الصحفيات في أكبر عملية استهداف لهن  على مستوى العالم، كما اعتقل الاحتلال 14 صحفية، أفرج عنهن جميعا في وقت لاحق، كما أصيبت العشرات من الزميلات الصحفيات في القطاع والضفة الغربية بما فيها القدس إصابات مختلفة، فضلا عن تدمير منازل ما لا يقل عن 150 صحفية في غزة، وعمليات النزوح المتكررة لهن، وتدمير عشرات المؤسسات الاعلامية.
 
وأكدت لجنة النوع الاجتماعي بالنقابة، أن الصحفيات الفلسطينيات يواجهن استهدافًا مضاعفًا، حيث لا يقتصر القمع على الاعتداءات الجسدية والمنع من التغطية، بل يمتد ليشمل استهداف منازلهن وعائلاتهن، والحرمان من حرية العمل والتنقل، وتهديد حياتهن بشكل مباشر، موثقة شهادات لصحفيات فقدن أسرهن بالكامل، وأخريات نزحن قسرًا وفقدن منازلهن نتيجة القصف الإسرائيلي، فيما تستمر عمليات الاستهداف الميداني لكل من تحمل الكاميرا أو القلم لتنقل الحقيقة، حيث يكشف هذا الواقع المرير أن تل أبيب سعى جاهدًا لتصفية الصحافة الفلسطينية وإقصاء صوت المرأة الصحفية من المشهد الإعلامي.
 
ودعت إلى توفير الحماية الدولية العاجلة للصحفيين والصحفيات في فلسطين، وإرسال لجان تحقيق مستقلة لرصد الجرائم الإسرائيلية بحقهم، وإدراج الاحتلال ضمن القائمة السوداء للدول التي تستهدف الصحفيين، ومحاسبته قانونيًا على جرائمه أمام المحكمة الجنائية الدولية، وإلزام تل أبيب على احترام القانون الدولي، ووقف استهداف الصحفيات ووسائل الإعلام الفلسطينية فورًا، وتقديم دعم دولي للصحفيات الفلسطينيات اللواتي فقدن منازلهن أو نزحن قسرًا أو تعرضن للتهديدات المباشرة بسبب عملهن الصحفي.
 
النقابة بعثت رسالة تحدي لقوات الاحتلال في غزة قائلة :"ستظل الصحفيات الفلسطينيات صوت الحقيقة، وسيواصلن نقل معاناة شعبهن رغم القمع والاستهداف، وسيبقين في مقدمة المشهد الإعلامي، يدافعن عن الحقيقة، ويواصلن التغطية وكشف الجرائم ويؤدين رسالتهن الوطنية بكل أمانة ومهنية".
 
 
 
 

 


print