النفسية المدمرة لنساء غزة تمثلها السيدة نجوى العرقان، التي تصف أيامها داخل غزة بالسوداء في ظل عدم قدرتها على توفير الطعام بشكل يومي، بجانب النزوح المتكرر لعائلتها في شمال القطاع، واصفة ما تقوم به المرأة الفلسطينية لمواجهة عدوان الاحتلال بأنه الجهاد الأكبر للدفاع عن بلادها.
وتتحدث نجوى العرقان عن شعورها في ظل استمرار تلك الحرب الأبشع على القطاع قائلة:"أيامنا سوداء فقط في غزة، نحن بجانب نزوحنا المتكرر والبحث الدائم عن الطعام فإننا مطالبين يوميا بالغسيل اليدوي، والطبخ والعجين على النار وحمل الحياة، وأصبحت حياتنا كلها عذاب، ونبحث يوميا عن الطعام الذي يمكن أن نحضره لأبنائنا لأنه لا يوجد طعام في شمال غزة"، مضيفة :"نعيش جهاد أكبر، نحن في عذاب دائم أصبحنا نتمنى الشهادة ونأمل أن نرتاح".
مطالب للمجتمع الدولي بحماية المرأة الفلسطينية
وزارة الخارجية الفلسطينية وجهة رسالة للعالم في اليوم العالمى للمرأة، تطالب فيها المجتمع الدولى بضرورة حماية المرأة الفلسطينية، في ظل حق النساء والفتيات الفلسطينيات في العيش بأمان وسلام، والتمتع بالحماية القانونية اللازمة من جريمة الإبادة الجماعية، وعدوان الاحتلال غير القانوني المستمر والممنهج وواسع النطاق، وإرهاب مستعمريه، وضرورة إنهاء ممارساته العنصرية والإجرامية بحقهنّ.
ووفقا لما ذكره بيان الوزارة، فإن النساء الفلسطينيات هن الأكثر تضررا وتأثرا بجرائم وسياسات إسرائيل، وعرقلة وعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية العاجلة من الغذاء والدواء والاحتياجات الخاصة بالنساء والفتيات، يضاعف معاناتهن في ظل الإبادة، وهو ما تؤكد عليه جميع المؤسسات الدولية والأممية، وهناك 21 امرأة فلسطينية يواجهن ظروف اعتقال قاسية وغير إنسانية في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، ويتعرضن لشتى أشكال التعذيب والعزل الانفرادي، والإهمال الطبي.
وذكرت وزارة الخارجية الفلسطينية، أن العالم يحتفي بإنجازات النساء، ويجدد التزامه بالمساواة والعدالة، بينما تقف المرأة الفلسطينية في قلب معركة البقاء، وتواجه العبء الأكبر من الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية ومحاولات التهجير القسري والتطهير العرقي، مؤكدا على حق النساء والفتيات الفلسطينيات بالعيش بأمن وسلام كغيرهن من نساء العالم، ودولة فلسطين ستسعى لإزالة كافة أشكال التمييز والعنف ضدهن، مطالبا بضرورة دعوة اللجان الدولية، لإجراء تحقيق شامل لمختلف أشكال العنف الممنهج ضد المرأة الفلسطينية، ومسائلة ومحاسبة الاحتلال الاستعماري عن جرائمه وانتهاكاته المستمرة، وإرهاب مستعمريه، وإحقاق حقوق الشعب في تقرير المصير والاستقلال والعودة للاجئين الى درياهم التي شردوا منها، فورا ودون قيد أو شرط، وتجسيد دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس.
266 حالة اعتقال ضد النساء الفلسطينيات خلال 2024
خلال بيان الخارجية الفلسطينية، ذكرت أن هناك 21 امرأة فلسطينية يواجهن ظروف اعتقال قاسية، هو ما أكده تقرير صادر عن مؤسسات حقوق الأسرى عن تصاعد غير مسبوق في اعتقالات الاحتلال للنساء الفلسطينيات، بعدما سجلت خلال العام 2024 فقط 266 حالة اعتقال، ليرتفع إجمالي الاعتقالات منذ بدء حرب الإبادة إلى أكثر من 450 حالة اعتقال.
تأثير فقدان الأطفال على النساء الفلسطينيات
وبحسب تقرير الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني، عن المرأة الفلسطينية، فإنه يبرز معاناة الأمهات في غزة اللاتي يعشن بين كوابيس يومية واكتئاب متجذر، بينما يقضّ القلق مضاجعهن، وهن يحاولن، بإرادة ممزقة، الإمساك بيد ناجٍ، وتضميد جراح لا ترى، أمامهن مهمة شاقة تتجاوز إعادة بناء الحجر، لتصل إلى ترميم النفوس وإعادة الثقة في عالم قاسٍ، أجبرهن على العيش بين ألم الفقد وأمل لا ينطفئ.
التقرير يكشف تأثير فقدان الأمهات لأطفالهن خلال الحرب، حيث إن فقدان أكثر من 18 ألف طفل فلسطيني ليس مجرد رقم عابر، بل جرح غائر في ذاكرة أمهات حملن أحلام أطفالهن تحت أنقاض العدوان، وتبقى مشاهد الفقدان شاهدة على مآس لا تنسى لفلذات أكباد خُطفوا من بين الأيدي، تاركين ورائهم قلوبا تنزف حرمانا، وأرواحا مثقلة بصدمات عميقة، والأمر يتجاوز فقدان الأرواح إلى تحديات صحية ونفسية هائلة، ويشكل عبئا إضافيا على النساء اللاتي يتحملن عبء رعاية أطفالهن في ظل غياب الخدمات الأساسية.
معاناة المرأة في غزة لتوفير رعاية صحفية لأطفالها
تشير بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن حوالي 15 طفلاً، في المتوسط، أصيبوا يوميا بإعاقات قد تستمر مدى الحياة، نتيجة استخدام أسلحة متفجرة في العدوان، ما يعني أن هناك حوالي 7,065 طفلاً أصيبوا بإعاقات خلال العدوان، وهو ما يشمل فقدان الأطراف والبصر والسمع، وهو ما يزيد الأعباء على المرأة الفلسطينية، خاصة أن النساء في غزة يعانين من صعوبة تأمين احتياجاتهن الأساسية مثل الغذاء والماء، وفي الوقت نفسه يعجزن عن توفير الرعاية الصحية اللازمة لأطفالهن المصابين، بسبب انهيار النظام الصحي في القطاع ، وقيود الاحتلال المفروضة على إدخال الإمدادات الطبية الحيوية، واستهداف المستشفيات والطواقم الطبية، ما جعل الأطفال المصابين عرضة للإعاقات المتزايدة، مثل البتر الذي أصاب أكثر من 4,500 شخص، منهم 18% من الأطفال، فضلاً عن زيادة المخاطر الصحية؛ مثل تشوهات العمود الفقري، وهشاشة العظام، بسبب نقص الأطراف الصناعية والرعاية الطبية.
تشريد نساء غزة بعد دمار الوحدات السكنية
ووفقا لتأكد تقري الجهاز المركزي للإحصاء، فإن تضرر 437,600 وحدة سكنية جراء الحرب أدى إلى تشريد آلاف النساء والأسر الفلسطينية، حيث وجدت العديد منهن أنفسهن مضطرات للعيش في خيام مؤقتة بعد فقدان منازلهن، التي كانت تمثل لهن ملاذاً آمنا، ما يجعل المرأة تواجه تحديات مضاعفة، وتعاني من صعوبة تأمين احتياجاتها الأساسية، إضافة إلى العناية بالأطفال والمرضى في غياب الرعاية الصحية.
وتتحمل المرأة العبء الأكبر في رعاية الأسرة وسط بيئة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، ما يزيد من معاناتها النفسية والجسدية، خاصة الخيام لا توفر الحد الأدنى من الأمان أو الخصوصية، ما يعمق الأزمة الإنسانية، وفي ظل غياب البنية التحتية الأساسية، تتفاقم الأزمات الصحية والاجتماعية، وتعيش النساء تحت وطأة الظروف القاسية من البرد القارس، أو الحرارة الشديدة، مع محدودية الوصول إلى الرعاية الطبية والخدمات الأساسية، ما يجعل حياتهن تحدياً مستمراً للبقاء على قيد الحياة، وأصبح الدمار يطغى على تفاصيل الحياة اليومية داخل القطاع مع استمرار الحرب، مما يجعل النساء يجدن أنفسهن محاصرات في ظروف صعبة لا تطاق، وأصبحت الخيام ملاذهن الوحيد، ولكنها لا توفر الأمان أو الخصوصية الضرورية لكرامتهن.
النساء يشكلن 49% من إجمالي عدد السكان في فلسطين
ووفقا للهرم السكاني الفلسطيني، تشكل المرأة الفلسطينية نصف المجتمع وعموده الفقري، حيث بلغت نسبتها 49% من إجمالي عدد السكان في فلسطين مع نهاية العام 2024، بما يعادل 2.71 مليون أنثى، توزعن بواقع 1.65 مليون في الضفة الغربية و1.06 مليون في قطاع غزة، وهو ما يجعلها تلعب دورا حيويا في مختلف مجالات الحياة، فهي شريكة أساسية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما أنها ركيزة مهمة في تعزيز الصمود الوطني ومواجهة التحديات التي يفرضها الواقع الفلسطيني.
أسباب تعتمد الاحتلال استهداف نساء غزة
الفن هو عنوان الحقيقة ومرآه للواقع، لذلك شهادة فنانة فلسطينية تكشف شهادتها عن حجم معاناة المرأة الفلسطينية، فرفيدة سحويل، التي تواجه رصاص الاحتلال وقصفه بالفن والرسم التشكيلي للتعبير عن حجم المرأة، تؤكد أن الاحتلال يمنع نساء غزة من الحصول على احتياجاتهن الخاصة بطرق متعددة، أبرزها فرض الحصار المشدد الذي يحد من دخول المستلزمات الأساسية الخاصة بالصحة النسائية، بالإضافة إلى قصف المرافق الصحية وتعطيل المستشفيات، مما يجعل الحصول على الرعاية الطبية، خاصة في حالات الولادة والمرض، أمراً بالغ الصعوبة، وكذلك تدمير البنية التحتية يعقد حصولهن على الماء النظيف والصرف الصحي، مما يزيد من معاناتهن في إدارة احتياجاتهن اليومية، مما يفاقم معاناتهن في ظل أوضاع غير آدمية.
"هذا الاستهداف المتعمد يعود إلى سياسة الاحتلال في استهداف الفئات الأضعف والأكثر تأثيراً في النسيج الاجتماعي بهدف كسر إرادة الشعب الفلسطيني عبر تدمير العائلات وإضعاف المجتمع"، حيث تشرح رفيدة سحويل في تصريحات خاصة أسباب تعمد الاحتلال قتل المرأة الفلسطينية، مشيرة إلى أن إسرائيل تستهدف البنية الاجتماعية للشعب الفلسطيني، في ظل أن المرأة هي عماد الأسرة، بينما الأطفال هم المستقبل، وإبادة هذه الفئات ليس مجرد استهداف عشوائي، بل هو سياسة ممنهجة لقتل الأمل، واستهدافهم يولد خسائر نفسية وإنسانية عميقة، وتحويل المعاناة إلى إرث جماعي يعمّق الألم لأجيال.
وتؤكد أن قتل الأمهات يفاقم معاناة الأجيال القادمة ويزيد من تفكك الأسر، خاصة أن الاحتلال يستخدم هذا النهج كوسيلة للإرهاب الجماعي وكسر الصمود الفلسطيني، وقصف المنازل دون إنذار، واستهداف أماكن الإيواء، والمذابح الجماعية في الشوارع، كلها تكتيكات ترسل رسالة واضحة تل أبيب تريد قتل الفلسطينيين ببطء، ليس فقط بالأجساد، بل بتحطيم الروح الجماعية التي تبقيهم صامدين.
كثير من النساء يلدن في العراء وبالشوارع
وتوضح "سحويل"، أن الحوامل في غزة يعشن كابوسًا يوميًا، حيث المعاناة تفاقمت بشكل مأساوي بسبب انهيار المنظومة الصحية نتيجة القصف والحصار. المستشفيات لم تعد قادرة على استقبال الأعداد المتزايدة من الحوامل، فلا رعاية طبية، لا غذاء مناسب، ولا أمان نفسي، وكثير منهن يلدن في العراء، أو في المستشفيات التي تحولت إلى مقابر بفعل القصف، والمئات من النساء فقدن أطفالهن بسبب سوء التغذية أو النزيف غير المعالج، هناك قصص عن أمهات أُجبرن على الولادة في الشوارع، والكثير منهن يلدن في ظروف غير إنسانية دون أطباء أو مسكنات ألم.
كما تؤكد أن هناك نساء حوامل نزفن حتى الموت لأن سيارات الإسعاف غير قادرة على الوصول إليهن، والاحتلال لا يقتل الأجنة بالصواريخ فقط، بل بترك الأمهات يمتن من الإهمال القسري، ونقص الغذاء والمياه الملوثة يزيدان من مخاطر الإجهاض والولادات المعقدة، مما يجعل تجربة الحمل والولادة في غزة تجربة مرعبة تهدد حياة الأمهات والأطفال.
بيع النساء لمجوهراتها وملابسها لتأمين حياة أسرتها
وتكشف تأثير المجاعة على النساء، حيث تتحول المرأة إلى مقاتلة يومية من أجل البقاء، تجمع الحطب، تقتات على ما تبقى من طعام المساعدات، تبتكر طرقًا لتحضير الوجبات من لا شيء، وفي المخيمات، يقفن لساعات في طوابير الطعام، يكافحن لأجل لقمة تقي أطفالهن الجوع، وبعضهن اضطررن لبيع ممتلكاتهن القليلة، وحتى أشياء شخصية كالمجوهرات أو الملابس من أجل تأمين الحد الأدنى من الحياة، لكن الأخطر من ذلك هو الشعور بالعجز أمام بكاء الأطفال الجوعى، والاضطرار لاتخاذ قرارات مؤلمة، مثل من سيأكل ومن سينام جائعًا.
"المرأة الفلسطينية تتحمل أعباءً مزدوجة، حيث تسعى لرعاية أطفالها في ظروف قاسية داخل المخيمات، دون مأوى أو غذاء كافٍ، وفي الوقت ذاته تضطر للبحث عن أي وسيلة لكسب العيش سواء من خلال العمل اليدوي، أو تبادل الطعام والمساعدات مع الآخرين، أو حتى اللجوء إلى الطهو على النار وجمع الحطب في ظل شح الموارد"، هنا تشرح "سحويل" طرق مواجهة المرأة للمجاعة، حيث تظل النساء عماد الأسرة، وهن الأكثر قدرة على إدارة الأزمات بإيجاد حلول إبداعية للبقاء على قيد الحياة.
وبشأن تأثير تكرار النزوح المتكرر على السيدات في غزة، توضح أن هذا النزوح ليس مجرد مغادرة منزل، بل هو خلع جذور الإنسان من أرضه وترك كل الذكريات خلفه، وهذا يمثل مأساة لا تنتهي للنساء اللاتي يحملن أطفالهن على أكتافهن، وحقائب من بقايا الحياة، ويهربن بلا وجهة، ويبحثن عن مأوى في مدارس مكتظة أو أماكن غير مجهزة للسكن، قائلة :" في كل مرة، عليهن إعادة بناء عالمهن من الصفر، داخل خيام لا تقي بردًا ولا حرًا، وكل مكان هو محطة مؤقتة، وكل لحظة هي خوف من نزوح جديد، وتتحمل المرأة هذه الأعباء رغم الألم النفسي والجسدي، لأنها تشعر بالمسؤولية تجاه أسرتها، وتحاول التأقلم مع كل وضع جديد، سواء من خلال تنظيم أماكن النوم والطعام، أو توفير بيئة آمنة للأطفال وسط الفوضى والدمار وتبقى واقفة، تصنع من الركام وطنا مؤقتا، وتمنح أطفالها شعورا زائفا بالأمان، رغم أنها نفسها لا تشعر به".
كثير من سيدات غزة تحولن لأباء بعد فقدان العائل، حيث تؤكد إحصائية المكتب الإعلامي الحكومي أن هناك أكثر من 14700 أرملة داخل القطاع، وهذا ما تتحدث عنه رفيدة سحويل، حين يُقتل الزوج أو الأب، وتنهار الأسرة بأكملها، وتجد النساء أنفسهن فجأة مسؤولات عن أطفالهن، حيث إن فقدان العائل يضع المرأة أمام مسؤوليات جسيمة، وتصبح الأم والأب في آن واحد، مسئولة عن توفير الطعام، وحماية الأسرة من الضياع، والرعاية العاطفية للأطفال وسط الحرب، وكل ذلك وسط حرب لا ترحم، وبعضهن يعملن رغم القصف، في ظل الدمار وانعدام الموارد، وتعتمد النساء على التضامن المجتمعي، والمساعدات القليلة المتاحة، وعلى إرادتهن القوية في الاستمرار، ويبدأن بالعمل رغم المخاطر، مثل إعداد الطعام وبيعه أو التطوع في المستشفيات والملاجئ، بينما أخريات يعتنين بأطفالهن رغم الألم النفسي الكبير، مؤكدة أن الحرب سرقت منهن الأمن، لكنها لم تسلبهن القوة والإصرار على البقاء والتكيف مع حياة تزداد قسوة كل يوم. ومع ذلك، تبقى المرأة في غزة صامدة، لأنها ببساطة لا تملك ترف الانهيار.
تضحيات الصحفيات لتوثيق جرائم الاحتلال
الصحفيات الفلسطينيات قدمن نموذجا مشهودا في توثيق تلك الحرب الغاشمة على القطاع، والتضحية بأنفسهن من أجل توصيل رسالة سكان القطاع وتعريف العالم حجم المجازر التي ترتكبها إسرائيل، وجن أنفسهن يحملن رسالة عظيمة بتوعية العامل بالقضية الفلسطينية، مما زاد من الأعباء عليهن، وهو ما تتحدث عنه الصحفية الفلسطينية يافا أبو عكار، التي تتحدث عن تجربتها في تغطية الجرائم التي يشهدها القطاع، قائلة :"فتحت عيوني على صوت أخبار استهداف الجائعين أثناء ذهابهم لمركز المساعدات ،ما لحقت أتنفس، وجدت صور ريم زيدان استشهدت وهي بتدوّر على لقمة لأولادها الثمانية، يعني حتى الخبز صار يقتل".
وتضيف :"كل الأخبار وجع كل الرسائل صريخ وكل مكالمة من خان يونس فيها دعاء، فيها قهر، وأنا بكلمهم على التليفون كي ما يحسّوا بدمعتي بس أنا بنهار، والشارع مرآة جهنم ناس تنام على الرمل بدون فراش ، بدون خيم أطفال حفاة ونساء يصرخن أبحث على ابن، على دواء، وفي وسط الركام والناس تبكي نحن نعيش، حسّيت أني مجرد إنسانة ضائعة في الكاميرا شو بدي أوثق؟ المجزرة؟ ولا أصوات الأطفال الذين يودعون أمهاتهم، ونحن نقاوم بالدمعة بالصبر بالكلمة، وأنا شاهدة وساكتة ومش ساكتة، بخرج على الهواء لأنى إذا لم أخرج أموت".
نقابة الصحفيين الفلسطينيين، من جانبها أبرزت دور الصحفيات الفلسطينيات اللاتي دفعن ثمنا باهظا من أجل نقل الحقيقة وحرب الإبادة، موضحة أن تلك الفئة تتعرض لأبشع أنواع الجرائم والانتهاكات والاستهداف الممنهج، سواء بالقتل والقصف والاعتقال أو المنع من التغطية أو التهجير القسري.
وأشارت إلى أنه منذ بدء الحرب الإسرائيلية استشهد 27 من الزميلات الصحفيات في أكبر عملية استهداف لهن على مستوى العالم، كما اعتقل الاحتلال 14 صحفية، أفرج عنهن جميعا في وقت لاحق، كما أصيبت العشرات من الزميلات الصحفيات في القطاع والضفة الغربية بما فيها القدس إصابات مختلفة، فضلا عن تدمير منازل ما لا يقل عن 150 صحفية في غزة، وعمليات النزوح المتكررة لهن، وتدمير عشرات المؤسسات الاعلامية.
وأكدت لجنة النوع الاجتماعي بالنقابة، أن الصحفيات الفلسطينيات يواجهن استهدافًا مضاعفًا، حيث لا يقتصر القمع على الاعتداءات الجسدية والمنع من التغطية، بل يمتد ليشمل استهداف منازلهن وعائلاتهن، والحرمان من حرية العمل والتنقل، وتهديد حياتهن بشكل مباشر، موثقة شهادات لصحفيات فقدن أسرهن بالكامل، وأخريات نزحن قسرًا وفقدن منازلهن نتيجة القصف الإسرائيلي، فيما تستمر عمليات الاستهداف الميداني لكل من تحمل الكاميرا أو القلم لتنقل الحقيقة، حيث يكشف هذا الواقع المرير أن تل أبيب سعى جاهدًا لتصفية الصحافة الفلسطينية وإقصاء صوت المرأة الصحفية من المشهد الإعلامي.
ودعت إلى توفير الحماية الدولية العاجلة للصحفيين والصحفيات في فلسطين، وإرسال لجان تحقيق مستقلة لرصد الجرائم الإسرائيلية بحقهم، وإدراج الاحتلال ضمن القائمة السوداء للدول التي تستهدف الصحفيين، ومحاسبته قانونيًا على جرائمه أمام المحكمة الجنائية الدولية، وإلزام تل أبيب على احترام القانون الدولي، ووقف استهداف الصحفيات ووسائل الإعلام الفلسطينية فورًا، وتقديم دعم دولي للصحفيات الفلسطينيات اللواتي فقدن منازلهن أو نزحن قسرًا أو تعرضن للتهديدات المباشرة بسبب عملهن الصحفي.
النقابة بعثت رسالة تحدي لقوات الاحتلال في غزة قائلة :"ستظل الصحفيات الفلسطينيات صوت الحقيقة، وسيواصلن نقل معاناة شعبهن رغم القمع والاستهداف، وسيبقين في مقدمة المشهد الإعلامي، يدافعن عن الحقيقة، ويواصلن التغطية وكشف الجرائم ويؤدين رسالتهن الوطنية بكل أمانة ومهنية".