السبت، 28 يونيو 2025 10:28 م

أوقفوا نزيف الدم على الأسفلت.. واقعة حادث "بنات العنب" تفتح ملف تعديل "الثغرة" بقانون العقوبات.. مطالب بتشريع ليصبح الحبس وجوبياً للحد من حوادث الطرق.. ضرورة إجراء تعديل شامل للمادة 238 من قانون العقوبات

أوقفوا نزيف الدم على الأسفلت.. واقعة حادث "بنات العنب" تفتح ملف تعديل "الثغرة" بقانون العقوبات.. مطالب بتشريع ليصبح الحبس وجوبياً للحد من حوادث الطرق.. ضرورة إجراء تعديل شامل للمادة 238 من قانون العقوبات جانب من الوقائع
السبت، 28 يونيو 2025 06:00 م
كتب علاء رضوان

في لحظة كارثية قاتلة، وعلى طريق وعر لا يرحم، تحولت رحلة عمل بريئة إلى مأتم جماعي، وامتلأت أرض الطريق الإقليمي بدماء وأشلاء فتيات خرجن بحثًا عن لقمة العيش، فعدن جثثًا هامدة داخل نعوش صامتة، لتكون 20 روحًا أزهقت أرواحهم في ثوانٍ، بينهن 19 فتاة من قرية كفر السنابسة، اصطدمت أحلامهن بقلب سيارة تريلا تسير في الاتجاه المعاكس، لتكتب نهاية مأساوية لا تنسى، وليعيش المصريين جميعاً ساعات من الحزن والآسى سجلها التاريخ.   

 

الواقعة التي خلعت قلوب المصريين جعلت خبراء القانون يوجهون لوماَ شديداَ لوقوف الجهة التشريعية مكتوفة الأيدي حتى تلك اللحظة أمام تعديل المادة 238 من قانون العقوبات لاسيما فقرتيها الأولى والثانية بأن تكون عقوبة الحبس "وجوبية" وليست "جوازية"، باعتبار أن مثل هذا الحادث لن يكون الأخير وقد يطال أبناء وأهلية كل المصريين في أي لحظة، طالما أن القانون مازال قاصرا لا يستطيع مواجهة هذا النوع من الجرائم بحزم شديد وعلى مستوى لائق فينتهي الأمر بـ"جنحة قتل خطأ" + "حبس سنه" للمتهم، ثم محاولات تصالح مع أهل المجني عليهم يضطرون بعدها للموافقة إما بسبب الضغط أو بسبب اليأس أو بسبب أن المحكمة ستستمر 4 أو 5 سنوات تنظر دعوى التعويض، ثم تمنح الأسرة 150 الف جنيه تعويض، ولا يستطيع صاحب الحق – أهلية المجنى عليهم – صرف المبالغ إلا بعد مرور 10 سنوات.  

 

ددس

 

أوقفوا نزيف الدم على الأسفلت

 

من جانبه – يقول الخبيرالقانونى والمحامى بالنقض محمد رشوان – لا يمكن انكار أن جهات التحقيق وعلى رأسها النيابة العامة تسعى جاهدة لإدانة المتهمين في مثل تلك القضايا من خلال التحليل لقائدي السيارات لإثبات أنه كان يتعاطى المخدرات أو كان كسراناَ وقت ارتكاب الحادث، وذلك من أجل تقديمه لمحاكمة جنائية عاجلة عادلة أو يتم تقديم المتهم في محضر منسوخ بالتعاطي بسبب نتيجة التحليل، ثم يحصل المتهم على البراءة، ومعظم الفقهاء والدستوريين يعلمون الأمر جيدا بسبب أمور قانونية باحتة وإجرائية معروفة، وكل الذى تسعى إليه النيابة العامة هو الوقوف إلى جانب الأهل المكلومين ومساعدتهم، ولكن يجب أن تكون هناك حزمة من التشريعات والإجراءات الوقائية لحماية الناس من فقدان ذويهم.

 

hq720

 

المشرع يجب أن ينظر للجريمة قبل وقوعها وليس بعدها

 

وبحسب "رشوان" في تصريح لـ"برلماني" – لوقف نزيف الدم على الأسفلت لابد من تعديل تشريعي سريع وحسام وفوري، وندعو أعضاء مجلس النواب بالتصدي الفوري من خلال تشريع يمنح نيابة المرور بإصدار قرار فوري بسحب الرخصة فورا من سائق أي مركبة متعاطي للمخدرات أو ثبت بالتحليل الفوري العشوائي ذلك، وهذا القرار يكون لمدة محددة تراها النيابة المختصة مثلا 6 شهور أو سنه، ويطبق فوراَ ولا يرفع إلا بتقرير من لجنة طبية بعدم وجود آثار المخدر أو المسكر في الدم، وإلا فيجدد القرار، وفى المرة الثالثة منع نهائي من القيادة، ومن حق الصادر بشأنه القرار يتظلم منه أمام قاضى الأمور المستعجلة خلال 10 أيام من القرار إذا رأى في ذلك ظلم له.

 

ووفقا لـ"رشوان": َلكن في حالة قيادة السيارة أو المركبة بالرغم في صدور أمر المنع تكون العقوبة الحبس سنه مع النفاذ أو الغرامة بحد أدنى 100 ألف جنيه مع التشدد في حالة العود وهذا بخلاف اي عقوبة مقرره أخرى، ليكون الأساس التشريعي هو جريمة تعريض حياة المواطنين للخطر على الرغم من منع القيادة لمدة معينة، وهذا هو انسب حل في رأيي المتواضع للحد من هذه المهزلة المتكررة، وذلك من أجل منع وقوع الكوارث قبل وليس بعد ارتكابها، ومن المقرر أن نص المادة 238: "من تسبب خطأ في موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تجاوز 200 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. 

 

--سس

الخبير القانونى محمد رشوان 

 

العقوبات المقررة وفقا لنص المادة 238 عقوبات

 

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 5 سنين وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطياً مسكراً أو مخدراً عند ارتكابه الخطأ الذي نجم عنه الحادث أو نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنين إذا نشأ عن الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على عشر سنين"، ومن المعلوم أن الفقرتين الثانية والثالثة متوافرين والفقرة الأخيرة بتشدد العقوبة الى 10 سنوات "مسكر ومقتل أكثر من 3". 

 

ثغرة في المادة 238 عقوبات بأن الحبس جوازيا وليس وجوبيا

 

في سياق أخر – طالب الخبير القانوني والمحامى عمر عبد السلام، بتعديل المادة 238 من قانون العقوبات لاسيما فقرتيها الأولى والثانية بأن تكون عقوبة الحبس "وجوبية" وليست "جوازية"، حيث أن عقوبة الحبس فقط "وجوبية" فى الفقرة الثالثة من هذه المادة حال إذا ترتب عن الفعل الخاطئ وفاة أكثر من 3 أشخاص، والسبيل الوحيد للحد من حوادث السيارات هو تعديلا شاملا للمادة 238 من قانون العقوبات، حيث أن المادة غير مناسبة فى ظل متغيرات طرأت على التركيبة المجتمعية من انتشار المخدرات والمسكرات جعلت من قائدى المركبات أشبه بالمغيبين غير عابئين بأرواح الناس، وقد ساعدهم على ذلك مادة مرنة بالية تركت السلطة التقديرية للمحكمة مصدرة الحكم "فقد خيرت المادة المحكمة بين الحكم بالحبس والغرامة أو أيهما". 

 

ددسس

 

ويضيف "عبد السلام" في تصريحات خاصة لـ"برلماني" - الغريب أن الفقرة الأخيرة من ذات المادة تضمنت فقرة من الممكن أن ترقى بها إلى مراتب عدم الدستورية بأن اشترطت هذه الفقرة لوجوب الحبس أن ينشأ عن الفعل الخاطئ وفاة أكثر من 3 أشخاص وهو تمييزا – فيه نظر - لم يساوى بين الأرواح التي أزهقت بأن تكون الأفضلية فى تطبيق عقوبة الحبس وجوبيا أن يكون هناك قتلى أو موتى لأكثر من 3 أشخاص، والأمر منتقد جدا فقد يكون وفاة شخص واحد أشد وطأة من مقتل أكثر من شخص فقط يكون شخصا واحد هو العائل الوحيد لأسرته فموته يعنى فقدان الأسرة لعائلها وتشردها".

 

مقترحات بالعقوبات.. تعرف عليها

 

وأشار الخبير القانوني: إلى أنه يكفى أننا نستشهد بالمشرع الأول والأعظم – المولى عز وجل -  فى سورة المائدة قوله تعالى: "ومن قتل نفس بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا"، سبحانه وله المثل الأعلى لم يجعل الأفضلية لعدد القتلى بل تساوى الأمر لديه النفس الواحدة مع غيرها بل زيادة فى تعظيم الأمر قرر أن هذه الجريمة تتساوى عنده بقتل الناس جميعا، وانطلاقا من مقولة "من أمن العقاب أساء الأدب" تلك هي المعضلة في جرائم قتل ترتكب بشكل دوري بفعل تهور واستهانة بأرواح ابرياء حتى أنه لا تمر ساعة إلا وتطالعنا الاخبار والمواقع عن حوادث بشعة ترتكب  في الطرق والنتيجة إزهاق أرواح أبرياء.

 

طط

 

ويضيف "عبد السلام": أن سكوتنا جميعا عن تعديل هذه المادة هو ما يجعل منا شركاء أصليين في الجريمة وفقدان العقوبة لأهم ميزة وفشلها في تحقيق الردع العام والخاص واخفاق المشرع في وظيفته المتمثلة في تنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع، وأرى أن السبيل الوحيد للحد من ارتكاب هذه الجريمة هو تعديلا شاملا للمادة 238 من قانون العقوبات يكون قوامه الأساسي، وجوبية عقوبة الحبس في كل الأحوال من مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد عن 10 سنوات بغض النظر عن عدد الوفيات التي نجمت عن ارتكاب الجريمة، وبغض النظر عن صور أو أسباب ارتكاب  الفعل الخاطئ العبرة فى ثبوت فعل الخطأ وهو أمرا بات يسيرا بفضل انتشار كاميرات المراقبة فى جميع الطرق وهو ما يسهل من مهمة إثبات التهمة على مرتكبها، ولا يصح التعلل بأنها جريمة غير عمدية العبرة.  

 

سس

 

ددؤؤ

الخبير القانونى عمر عبد السلام

 
 

الأكثر قراءة



print