في التاريخ محطات لا تُقاس بعدد الهتافات ولا بسطوع الشعارات، بل تُقاس بقدرتها على ترسيم حدود البقاء، وثورة 30 يونيو هى واحدة من هذه المحطات المفصلية، حيث قرر الشعب المصري أن يكون شريكًا لا متفرجًا، وأن يسحب ثقته من جماعة أرادت لمصر أن تكون فرعًا في تنظيم دولي، لا وطنًا مستقلاً بسيادته ومؤسساته.
بدورها قالت النائبة إيمان العجوز، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، إن ثورة 30 يونيو كانت صمام أمان أمام كارثة كانت وشيكة، تمثلت في محاولة الجماعة إعادة تعريف مصر على أساس أيديولوجي ضيق، يتناقض مع هويتها المتنوعة.
وأضافت أن مصر كانت تتجه إلى مسار تفكك داخلي، على غرار ما حدث في دول أخرى، وأن الثورة الشعبية التي دعمتها المؤسسة العسكرية منعت السقوط في الفراغ.
وأكدت أن الإخوان لم يكونوا مجرد فصيل سياسي بل مشروعًا متكاملًا لتفكيك الدولة، وتحويلها إلى أداة طيعة في يد التنظيم الدولي، مضيفة أن الشعب المصري واجه هذا المشروع بثقافة وطنية أعمق من كل محاولات الغسيل العقائدي.
فيما ترى النائبة أمل رمزي، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشيوخ، أن ثورة 30 يونيو لم تكن مجرد رد فعل غاضب، بل كانت لحظة وعي وطني شامل، تراجع فيها المصريون عن طريق كان سيؤدي إلى انهيار الدولة بالكامل.
وقالت إن الجماعة التي تولّت الحكم لم ترَ في مصر وطنًا، بل غنيمة سياسية ومنصة لنشر مشروعها المغلق، لافتة إلى أن الجماهير خرجت لأنها شعرت بأن القرار المصري لم يعد مصريًا، وأن مؤسسات الدولة تحولت إلى أدوات في يد تنظيم فوق وطني.
وأكدت رمزي أن ما تم في 30 يونيو لم يكن إسقاط حكم، بل إجهاض مشروع كان يهدد فكرة الدولة من جذورها، مضيفة: "ليست كل الثورات صاخبة، فبعضها يولد من صمت الشعوب العميق حين تدرك الخطر".
كما قال النائب أحمد سمير زكريا، عضو مجلس الشيوخ، إن لحظة 30 يونيو كانت وقفة مصرية عظيمة أمام مشروع يتجاوز حدود السياسة، ويتغلغل إلى مفاصل الدولة، مهددًا كيانها.
وأضاف: "الذي كان يُراد لمصر أن تصبحه ليس دولة بالمعنى المؤسسي، بل كياناً مرنًا يُدار من خارجها ويُوظف لغيرها".
وأكد أن الجماعة لم تكن تمارس السياسة بل الهيمنة، وأن تدخل القوات المسلحة بقيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسي آنذاك كان قرارًا وطنيًا لحماية البنيان الوطني من الانهيار، تمامًا كما تحولت دول مثل ليبيا واليمن إلى مشاهد من الفوضى، حين تأخرت شعوبها في إدراك اللحظة الفارقة.
وشدد على أن بناء الجمهورية الجديدة هو استمرار لتلك اللحظة المؤسسة، التي أعادت ترتيب الأولويات: الدولة أولًا، لا التنظيم، والهوية الجامعة لا الشقاق الطائفي.
من جانبه، اعتبر النائب سامح الشيمي، عضو مجلس الشيوخ، أن 30 يونيو لم تكن انتفاضة عاطفية بل لحظة وعي جماهيري تجاوز الشعارات، حين انكشف مشروع الإخوان باعتباره محاولة هيمنة كاملة على مفاصل الدولة.
وقال إن الجماعة تعاملت مع الدولة كمنصة للتمكين، لا ككيان سيادي مستقل، وكان لا بد من مواجهة هذا المنطق بمشروع وطني مضاد. مؤكدا أن من يقرأ التاريخ السياسي لمصر يدرك أن تلك اللحظة أعادت الدولة إلى مسارها الطبيعي، بعيدًا عن أفخاخ الأدلجة والتنظيمات الخارجة عن السياق الوطني.
وأوضح النائب عبد الرحيم كمال، عضو مجلس الشيوخ، أن ثورة 30 يونيو كانت لحظة فاصلة قررت فيها مصر أن لا تغيب، مضيفًا أن الشعب خرج ليس فقط لإسقاط نظام، بل لاسترداد الوطن من مسار كان سينتهي به كيانًا مفرغًا من هويته.
وقال إن مصر في تلك اللحظة لم تخرج فقط من مأزق، بل استعادت مشروع الدولة، مؤكدًا أن كل ما تحقق لاحقًا من إصلاح اقتصادي ودور إقليمي واستقرار سياسي كان ثمرة تلك اللحظة المؤسسة.
وتابع: "ليست قيمة 30 يونيو في أنها غيّرت حكمًا، بل في أنها أنقذت وطنًا من الغياب... وما حدث بعدها لم يكن استقرارًا فحسب، بل استعادة كاملة لمعنى الدولة.، وأن ما بدأه الشعب المصري في 30 يونيو لا يزال مشروعًا مستمرًا، فاستعادة الدولة ليست حدثًا مؤقتًا، بل مسار طويل يتطلب تثبيت الهوية، وترسيخ المؤسسات، ورفض أي مشروع يتجاوز الوطن.