وسط أجواء إيمانية مفعمة بالسكينة والروحانية، تواصل بعثة الحج المصرية أعمال تفويج الحجاج من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وذلك عقب انتهاء ضيوف الرحمن من أداء مناسك الحج لهذا العام، والتي مرت بفضل الله بسلاسة وانتظام، وسط تنظيم دقيق وتعاون مكثف بين مختلف الجهات المعنية، وفي مقدمتها وزارة الداخلية.
وتأتي عمليات التفويج في إطار خطة متكاملة وضعتها البعثة المصرية منذ بداية الموسم، لتأمين تنقلات الحجاج وتيسير رحلاتهم بين المدن المقدسة، مع توفير وسائل النقل والإقامة والرعاية الصحية، حرصًا على راحتهم وسلامتهم حتى عودتهم إلى أرض الوطن.
وفي هذا السياق، تستعد مجموعة من أسر الشهداء، من الحجاج المصريين، لمغادرة المدينة المنورة اليوم الجمعة، بعد أن أمضوا فيها عدة أيام زاروا خلالها أبرز المعالم الإسلامية، وفي مقدمتها الروضة الشريفة، والبقيع، وجبل أحد، حيث استشعروا عظمة المكان وعمق الارتباط الروحي بالتاريخ النبوي الشريف.
وقد أعرب عدد من الحجاج من أسر الشهداء عن امتنانهم لما لمسوه من اهتمام بالغ وتكريم يليق بتضحيات أبنائهم، مؤكدين أن الرحلة كانت مريحة ومنظمة، وأنهم تلقوا معاملة كريمة منذ لحظة مغادرتهم الأراضي المصرية وحتى وصولهم إلى الديار المقدسة.
وقال أحد الحجاج من أسر الشهداء إن التيسيرات التي وفرتها وزارة الداخلية كانت محل تقدير كبير، بدءًا من الإجراءات الإدارية وحتى الخدمات المقدمة في مقار الإقامة والتنقل.
وحرصت وزارة الداخلية على توفير أقصى درجات الرعاية لحجاج البعثة الرسمية، لا سيما كبار السن من خلال فرق طبية وإدارية تعمل على مدار الساعة لمتابعة كل صغيرة وكبيرة، والتدخل الفوري حال وجود أي طارئ، وهو ما ساهم في إنجاح موسم الحج وخروجه بصورة مشرفة.
كما شهد موسم الحج إشادات واسعة من الحجاج المصريين بالخدمات المقدمة لهم، والتي وصفوها بالاستثنائية، سواء على صعيد السكن أو النقل أو الإرشاد الديني، مشيرين إلى أن التعامل معهم كان يتسم بالاحترام والحرص على التيسير، وهو ما خفف من مشقة أداء الشعائر، خاصة في ظل درجات الحرارة المرتفعة والزحام في بعض المواقع.
وأكد مساعد وزير الداخلية للشؤون الإدارية، رئيس بعثة الحج المصرية، أن عمليات التفويج من الأراضي المقدسة إلى مصر مستمرة وفق جدول زمني دقيق، بالتنسيق مع شركة مصر للطيران، مشيرًا إلى أن البعثة تضع في مقدمة أولوياتها توفير أقصى درجات الراحة للحجاج في مرحلة العودة، تمامًا كما كانت الحال في أثناء أداء المناسك.
وأوضح أن وزارة الداخلية سخرت إمكاناتها البشرية واللوجستية لضمان راحة الحجاج وسلامتهم، مؤكدًا أن فرق البعثة لا تزال تعمل بكامل طاقتها في المدينة المنورة ومكة المكرمة لمتابعة أوضاع الحجاج والإشراف على تسهيل إجراءات العودة، من خلال فرق إدارية وطبية متخصصة ترافق الحجاج في كل مراحل رحلتهم.
وتابع أن الوزارة، بالتعاون مع السلطات السعودية، عملت منذ بداية الموسم على ضمان توفير وسائل النقل المناسبة داخل المشاعر، وكذلك الإقامة في مواقع قريبة من أماكن أداء المناسك، مما ساعد في تخفيف المشقة التي قد يواجهها الحجاج، وأتاح لهم التركيز على الجانب الروحي دون عناء.
وأشار إلى أن البعثة لم تسجل حالات حرجة بين الحجاج المصريين، وأن معظم الحالات الصحية التي ظهرت كانت بسيطة وتم التعامل معها ميدانيًا، أو من خلال المستشفيات السعودية التي قدمت مستوى عاليا من الخدمة والرعاية.
ومع بدء العد التنازلي لمغادرة آخر فوج من الحجاج المصريين خلال الأيام المقبلة، يتواصل العمل الدؤوب من جانب البعثة الرسمية لضمان اكتمال الرحلات الجوية في مواعيدها المقررة، دون تأخير أو أي عراقيل، وسط متابعة دقيقة من غرفة العمليات المركزية بوزارة الداخلية.
وفي مشاهد اختلطت فيها دموع الوداع بالدعوات الصادقة، حرص الحجاج المصريون على توثيق لحظاتهم الأخيرة في المدينة المنورة ومكة المكرمة، عبر الصور ومقاطع الفيديو، التي ستظل شاهدة على رحلة روحانية لا تُنسى، كانت مليئة بالتجليات والمواقف المؤثرة.
وبين الزحام والسكينة، والمشقة والرضا، اختتم الحجاج المصريون مناسكهم بروح من الطمأنينة، وبقلوب ملأها الرجاء بأن يكون حجهم مبرورًا وسعيهم مشكورًا، وأن يُعاد عليهم أعوامًا مديدة، وقد تحققت أمانيهم واستجيبت دعواتهم.
وأكد الدكتور محمد مصطفى، رئيس بعثة الحج الطبية، أن جميع الحجاج المصريين بخير ويتلقون الرعاية الطبية اللازمة على مدار الساعة، لا سيما كبار السن ، مشيرًا إلى أن الفرق الطبية المنتشرة في مقار إقامة الحجاج تواصل عملها دون توقف لضمان استقرار الحالة الصحية للجميع.
وأوضح مصطفى في تصريحات خاصة، أن البعثة الطبية كثفت من تواجدها خلال أيام التشريق وحتى انتهاء مناسك الحج، حرصًا على تقديم الدعم الطبي الفوري للحالات الطارئة، إلى جانب المتابعة الدورية للحجاج داخل مقار السكن. وأشار إلى أن الفرق الطبية مدعومة بعدد كافٍ من الأطباء المتخصصين والممرضين، فضلًا عن تجهيز العيادات الطبية بالمستلزمات الضرورية والأدوية اللازمة.
وأضاف أن العيادات الطبية في المدينة المنورة بدأت في رفع درجة الاستعداد لاستقبال الحجاج المصريين القادمين من مكة بعد انتهاء مناسك الحج، مؤكدًا أن هناك تنسيقًا مستمرًا بين فرق العمل في مكة والمدينة لضمان انسيابية نقل المرضى وتوفير الرعاية المناسبة لهم فور وصولهم.
كما لفت إلى أن البعثة لم تسجل حتى الآن أي حالات وبائية أو أمراض جماعية، وأن جميع الحالات التي استقبلتها العيادات كانت في إطار المتوقع، وتم التعامل معها بشكل مهني وسريع، مشيدًا بالتزام الحجاج بالإرشادات الصحية والتعليمات الوقائية.
وأعلنت وزارة الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية عن إتاحة إصدار شهادات إلكترونية للحجاج والعاملين في موسم حج 1446هـ، عبر تطبيق "نسك"، في خطوة تهدف إلى توثيق التجربة الإيمانية للحاج، وتكريم من ساهموا في إنجاح الموسم وخدمة ضيوف الرحمن.
ويتيح التطبيق لحجاج بيت الله الحرام الحصول على شهادة إتمام الحج إلكترونيًا فور الانتهاء من أداء المناسك، من خلال خطوات مبسطة تشمل تسجيل الدخول، اختيار التصميم المناسب للشهادة، ثم إصدارها وحفظها بصيغة رقمية.
وتُعد هذه الخدمة وسيلة حديثة للتوثيق، تمنح الحاج ذكرى رمزية تعبّر عن فخره بأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، كما تسهم في حفظ تفاصيل هذه اللحظة الإيمانية الخاصة.
وفي إطار متصل، وفّرت الوزارة إمكانية إصدار شهادات شكر وتقدير للعاملين تحت مظلتها من مختلف الجهات، وذلك تكريمًا لجهودهم التنظيمية والميدانية والإنسانية التي ساعدت في نجاح الموسم وخدمة الحجاج بأفضل صورة ممكنة.
وتأتي هذه المبادرة ضمن منظومة الخدمات الرقمية التي يقدمها تطبيق "نسك" للمستخدمين في مختلف دول العالم، في مسعى لتعزيز جودة رحلة الحج، ودعم التحول الرقمي بما ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.