"طلب عاجل لوقف تنفيذ حكم إعدام نورهان خليل قاتلة بورسعيد".. أحد أبرز العناوين التي تصدرت المشهد خلال الساعات الماضية، حيث تقدم المحامى هاني سامح، بطلب لوزير العدل والنائب العام لوقف تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق الفتاة نورهان خليل، البالغة من العمر 20 عاماً، والمحكوم عليها في القضية رقم 816 لسنة 2022 جنايات بورفؤاد ثان المؤيد من محكمة النقض بتاريخ 19 مايو بالإعدام شنقا، لإتهامها بقتل والدتها.
الطلب المقيد برقم 9965396 استند إلى تنازل الورثة أولياء الدم، وتسجيلهم الرسمي للتصالح والعفو عن المحكوم عليها، مدعوماً بقرار برلماني خاص بتعديل قانون الإجراءات الجنائية صدر في 24 فبراير يجيز الصلح في قضايا القتل العمد ويترتب عليه وجوب تخفيف العقوبة، بما يعكس روح العفو والرحمة، ويتماشى مع المبادئ الإنسانية التي تقدس الحياة، يأتي ذلك في الوقت الذى لم يتم التصديق على القانون – حتى كتابة تلك السطور – على الرغم من أن هناك قطاعا عريضا من القانونيين والدستوريين طالبوا بعدم التصديق على مشروع قانون الإجراءات الجنائية، الذي أقره مجلس النواب بصورة نهائية "نظرًا للخطورة التي يشكلها ذلك القانون على مستقبل الحريات".
طلب عاجل لوقف تنفيذ حكم إعدام نورهان خليل قاتلة بورسعيد
ونعود مرة أخرى للطلب العاجل لوقف تنفيذ حكم إعدام نورهان خليل قاتلة بورسعيد، والذى نص صراحة على أن هناك عيوب إجرائية جسيمة شابت القضية، منها سرعة إصدار حكم الإعدام في جلسة واحدة استغرقت دقائق، وحرمان نورهان من حقوقها القانونية، بما في ذلك حق الصمت وحق حضور محامٍ أثناء الاستدلالات والتحقيقات وتمثيل الجريمة، كما أُشار إلى تقصير المحامية الموكلة بالدفاع، التي قدمت صحيفة طعن بالنقض شكلية مستعينة بتوقيع صوري لمحامي نقض، فضلاً عن تأييد الحكم في جلسة نقض لم تتجاوز الساعة.
"الطلب" أكد أن الإعدام تأثر بضغوط إعلامية واجتماعية غوغائية، استهدفت سلوك نورهان الشخصي، وتحديداً ممارستها علاقة جنسية خارج إطار الزواج، مما يشير إلى أن العقوبة كانت بمثابة تنكيل اجتماعي، واستند "الطلب" أيضاً إلى التوجه العالمي نحو إلغاء عقوبة الإعدام، حيث ألغت 112 دولة هذه العقوبة بالكامل، و23 دولة أخرى أوقفت تنفيذها عملياً، وفق تقارير دولية حتى ديسمبر 2023، وتشمل هذه الدول دولاً أوروبية مثل فرنسا وألمانيا، وأفريقية مثل جنوب أفريقيا ورواندا، وأمريكية مثل كندا والمكسيك، كما أن الواقع أثبت أن عقوبة الإعدام لا تحقق الردع المرجو، بينما تظل عرضة للأخطاء القضائية غير القابلة للتصحيح.
استند على تعديلات قانون الإجراءات التي تمنح الورثة حق إلغاء الإعدام
ووفقا لـ"الطلب": فإن تنفيذ الإعدام يخالف الشريعة الإسلامية التي تعلي من قيمة العفو والصلح، خاصة بعد تنازل الورثة أولياء الدم، كما يتعارض مع حرمة تنفيذ الإعدام في الأشهر الحرم وفق المادة الثانية من الدستور المصري، وفي الختام ناشد "الطلب" الجهات المعنية بوقف تنفيذ حكم الإعدام فوراً، وإلغائه أو استبداله بعقوبة أخرى، حفاظاً على حياة فتاة يافعة، وتجنباً لظلم لا يمكن تداركه، مؤكدا أن العدالة الحقيقية لا تنفصل عن الرحمة والحكمة، وأن إزهاق روح نورهان في ظل هذه الظروف الملتبسة سيكون جرحاً عميقاً في ضمير الأمة.
جاء في ملخص الأسباب الداعية لوقف التنفيذ وإلغاء العقوبة أو استبدالها تنازل أولياء الدم وعفوهم الكامل عن القصاص، وتوثيقهم للتصالح بموجب مستندات رسمية، مع صدور موافقة برلمانية واضحة على إجازة هذا الصلح وتأثيره المباشر في تخفيف العقوبة وفق الشريعة الإسلامية والقانون وكذلك الانتهاك صارخ لحقوق المحكوم عليها في الدفاع، بدءًا من حرمانها من ضمانات التحقيق، مرورًا بجلسة محاكمة أولى من دقائق بجلسة واحدة انتهت بالحكم بالإعدام، وانتهاءً بتأييد النقض في جلسة لم تتجاوز الساعة، وكذلك تطبيق العقوبة في مناخ اجتماعي مشحون، خضع لتحريض غوغائي وضغط إعلامي، جرى فيه استغلال السلوك الشخصي للفتاة كوسيلة للانتقام المجتمعي تحت ستار القانون.
وروح الشريعة الإسلامية التي تحث على العفو
وتابعت "الأسباب": وكذلك مخالفة الحكم لأصول الشريعة الإسلامية التي جعلت للعفو والصلح منزلة تفوق الاعدام والقصاص، فضلًا عن حرمة تنفيذ الإعدام في الأشهر الحرم، وكذلك عدم منطقية العقوبة في ظل وجود عشرات السوابق القضائية التي انتهت إلى تخفيف الإعدام أو استبداله بعقوبات سالبة للحرية، رغم ظروف أكثر جسامة، وكذلك ثبوت افتقار المحكوم عليها إلى دفاع حقيقي، واختلال إجراءات الطعن بالنقض بتقديم صحيفة طعن غير صحيحة شكلًا وموضوعًا من محامية استغلت توقيع صوري لمحامي نقض، وكذلك التوجه العالمي المتصاعد نحو إلغاء عقوبة الإعدام، وتأكيد المواثيق الدولية على كونها إجراء لا يمكن تصحيحه، لا يتحمل الخطأ، وقد ثبت تاريخيًا أن العدالة البشرية قد تخطئ وتندم بعد فوات الأوان.
ويتسند إلى الشريعة المسيحية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان
وجاء في العريضة أن كثر من ثلثي دول العالم عقوبة الإعدام قانونًا أو عمليًا حتى ديسمبر 2023، وفقًا لتقارير يبلغ عدد الدول التي ألغت عقوبة الإعدام بالكامل 112 دولة، بينما ألغت 9 دول أخرى العقوبة للجرائم العادية فقط، و23 دولة ألغتها عمليًا "لم تنفذ أحكام إعدام منذ 10 سنوات على الأقل مع سياسة أو ممارسة راسخة بعدم التنفيذ"، تشمل الدول التي ألغت عقوبة الإعدام بالكامل أوروبا: فرنسا (1981)، ألمانيا، إيطاليا، إسبانيا، البرتغال، النمسا، بلجيكا، كرواتيا، الدنمارك، إستونيا، فنلندا، اليونان، المجر، أيرلندا، لاتفيا، ليتوانيا، لكسمبورغ، مالطة، هولندا، النرويج، بولندا، السويد، سويسرا، المملكة المتحدة، وغيرها. بيلاروسيا هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي لا تزال تنفذ الإعدام.
المحامى هانى سامح - مقدم الطلب
وإلغاء عقوبة الإعدام بأكثر من 144 دولة
أفريقيا: جنوب أفريقيا، أنغولا، بنن (2016)، بوروندي (2009)، ساحل العاج (2000)، الكونغو (2015)، جيبوتي، غابون (2010)، غانا (2023)، غينيا، غينيا الاستوائية، مدغشقر (2015)، موزمبيق، رواندا (2007)، السنغال (2004)، توغو (2009).
الأمريكتان: كندا، المكسيك، الأرجنتين، بوليفيا، كولومبيا، كوستاريكا، الإكوادور، هايتي (1987)، هندوراس، نيكاراغوا، بنما، باراغواي، الأوروغواي، فنزويلا، الجمهورية الدومينيكية (1966).
آسيا والمحيط الهادئ: أستراليا، نيوزيلندا، كمبوديا، منغوليا، نيبال، تيمور الشرقية، فيجي، جزر مارشال، ميكرونيزيا، بالاو، جزر سليمان.
ومن الدول التي ألغت عقوبة الإعدام مؤخرًا: ماليزيا (ألغت الإعدام الإلزامي في 2023)، غانا (2023)، سيراليون، وغينيا الاستوائية.
في المقابل، دول مثل افغانستان، إيران، العراق، واليمن لا تزال تطبق العقوبة بكثرة.
ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب
وفى هذا الشأن تقول الخبير القانوني والمحامية رحاب سالم، أن جرائم القتل شرعا مصنفة على أنها من جرائم القصاص "ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب"، وفى سورة الأسراء "ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا"، ويجوز فيها الدية والعفو والتصالح وكل هذه المعانى لولى الدم، والقانون المصرى لا يرتب على التصالح أو الدية أثراً ملزماً للمحكمة الجنائية، ولكن جرى العمل على أنه متى أفصح أولياء الدم عن أنهم قد تصالحوا أو قبلوا الدية أو عدلوا عن أقوالهم إذا كانوا من شهود الرؤية في القضية، فأحيانا تقول ثقيلة على النفس، فنظرا لرفع الحرج عن النفس حتى في الفقه الإسلامي يكفى "العدول".
وبحسب "سالم" في تصريح لـ"برلماني": فالمحاكم تضع نصب أعينها هذا الأمر عند تقدير العقوبة، لكن في بعض الأحيان قد تلتفت المحكمة عن هذا كلية، وتنتهى للقضاء في القضية كما لو كان لا يوجد فيها تصالح أو عفو ولا دية، ولكن بعض التشريعات العربية تأخذ بقبول الدية بعضها يجعل من فكرة الدية سبباً لإنقضاء الدعوى الجنائية صلحا، والبعض الأخر يجعلها عذراً قضائيا مُخففا يهبط بالعقوبة المقررة للجريمة إلى عقوبة الحبس الذى لا يزيد عن 3 سنوات.
نص مادة جديدة في القانون تبيح التصالح لولى الدم
يشار إلى أنه لازالت ردود الفعل مستمرة حول موافقة مجلس النواب، برئاسة حنفي جبالي، على مقترح تقدم به رئيس لجنة الشؤون الدينية، الدكتور علي جمعة، بإضافة مادة جديدة إلى مشروع قانون الإجراءات الجنائية، والتي تهدف إلى منح ورثة الضحية أو ولي الدم الحق في التصالح في قضايا القتل، وذلك في إطار الحد من قضايا الثأر التي تؤثر سلبا على الاستقرار المجتمعي، ووفقا للمادة الجديدة، يمكن لورثة الضحية أو وكيلهم الخاص إثبات الصلح في الجرائم المنصوص عليها، وذلك حتى يصدر حكم نهائي في القضية.
ويترتب على هذا الصلح تخفيف العقوبة وفقا للمادة 17 من قانون العقوبات، مع الحفاظ على سلطة رئيس الجمهورية في العفو عن العقوبة أو تخفيفها، وتنص المادة على: "مع عدم الإخلال بسلطة رئيس الجمهورية في العفو عن العقوبة أو تخفيفها، يجوز لورثة المجني عليه أو وكيله الخاص إثبات الصلح في أية حالة كانت عليها الدعوى إلى أن يصدر فيها حكم بات في الجرائم المنصوص عليها في المواد 234 و235 و236 الفقرتين الأولى والثانية من قانون العقوبات، ويترتب على الصلح في هذه الحالة تخفيف العقوبة وفقا للمادة 17 من قانون العقوبات".