الثلاثاء، 06 مايو 2025 02:13 ص

"صرت أخاف أحلم".. أطفال غزة يصرخون للعالم من أجل إنقاذهم.. أم تودع طفلها: استشهد وهو جعان.. وأصدقاؤه يودعونه: من سيلعب معنا؟.. سوار عاشور رضيع 5 شهور لا يجد حليب وجسده يتحول لهيكل عظمي.. وخليل ماضي يفقد أسرته

"صرت أخاف أحلم".. أطفال غزة يصرخون للعالم من أجل إنقاذهم.. أم تودع طفلها: استشهد وهو جعان.. وأصدقاؤه يودعونه: من سيلعب معنا؟.. سوار عاشور رضيع 5 شهور لا يجد حليب وجسده يتحول لهيكل عظمي.. وخليل ماضي يفقد أسرته أطفال غزة
الإثنين، 05 مايو 2025 06:00 م
كتب أحمد عرفة
<< عائلتي أبو دقة والهسي تفقد معظم أطفالها أغلبهم أشقاء
<< 39 ألف يتيم في غزة وعدم وجود أي جهات قادرة على تقديم العون لهم
<< 846 حالة بتر بين الأطفال داخل القطاع
<< نادين بهار: حلم الطفولة تدمر وأسرتنا أصبحت مشردة
<< طفل يعيش مع والده المصاب بعد استشهاد أمه وشقيقته
<< مريم عبدالله تفقد حلمها في الذهاب لمدرستها ولقاء زملائها
 
 
مشهد تنقطع له القلوب، من فرط البؤس تعتقد أنه تمثيليا إلا أنه حقيقيا 100 %، أم في العشرينيات من عمرها تحتضن طفلها الشهيد، تبكي وزوجها وعائلتها تحاول التخفيف عنها، تصرخ "والله اشتريت له 5 أطقم جديدة ما ارتدى منهم واحد، والله كان ينتظر الغذاء مات جوعان ما فطر كويس، ليتنى كنت أنا.. قلبي مشعلل"، أمها تقف خلفها تقول "أشهد يا رب أننا رضينا"، ثم تنظر لأصدقائه الأطفال الذين تجمعوا حول جثمانه يبكون لتقول لهم " لا تبكوا قد كان يلعب معكم بالأمس وهو الآن عند الله"، بينما يرد الأطفال وهم يبكون "الله يرحمه من سيلعب معنا يا سعيد" – في إشارة إلى اسم الطفل الشهيد.
 
 
 
الأم المكلومة تبحث عن ابنتها الثانية التي لم يجدونها بعد القصف، زوجها يوعدها "والله سنجدها إن شاء الله" ويطبطب عليها ليطمئنها، بينما والد الأم يشد من عضدتها قائلا " يعوض الله.. والله إنا إن شاء الله لمنتصرون حسبنا الله ونعم الوكيل شفيعا لنا إن شاء الله، نفرح بالشهداء مهما صار فينا والله الدماء لن تذهب هدر"، لترد ابنته "والله يا أبي سميته على اسمك"، مشهد من فيديو قصير لإحدى المجازر التي شهدتها مدينة خان يونس بعد عودة الحرب لم يتعد الدقيقتين، ونظرا لقسوة ما يتضمنه لم ننشره لكن اكتفينا بإرفاق بعض الصور لتلك الأم والأب.
 
في فجر الثلاثاء 18 مارس الماضي، فوجئ سكان غزة بغارات عنيفة هي الأقوى منذ بداية العدوان لتعلن عودة الحرب من جديد بعد شهرين من الهدنة المؤقتة، القصف شمل كل ربوع القطاع مخلفا خلال ساعات قليلة أكثر من 400 شهيدا معظمهم من الأطفال، كان من بينهم 7 من أطفال عائلة أبو دقة الذين استشهدوا جميعا في نفس اليوم مع عائلتهم.
 
بأى ذنب قتلوا؟!
سبعة أطفال مثل الورد، ما إن سمعت عائلتهم "أبو دقة" خبر وقف إطلاق النار في 19 يناير إلا وعادت لأنقاض منازلها لتتجمع وتضمد جراح من فقدتهم العائلة خلال الحرب، خاصة مع الاستهداف المتكرر من جانب الاحتلال لمدينة خان يونس، حيث مسقط رأسهم، لم يتوقفوا كثيرا عند البكاء بل بدأوا يعيدون بناء ما هدمه جنود إسرائيل، كانت كل آمالهم أن تستمر الهدنة وتصبح دائمة إلا أن آلة الدمار كان لها قرارا آخر.
 
فجأة وبدون مقدمات عادت الحرب مقدما وبطريقة أكثر وحشية، وأصبح القصف شاملا في آن واحد، بدأت أمهات العائلة يجمعون شتاتهم مرة أخرى للعيش في منزل العائلة، تحولت ابتسامة الأطفال ولعبهم خلال فترة الهدنة إلى بكاء ورعب، لم يكن يعلمون أنه خلال ساعات سكون هذا التجمع هو الأخير لهؤلاء الذين استشهدوا في وقت واحد وأرواحهم تظل تلعن من أطلق تلك الصواريخ ومن صنعها وأرسلها.
 
صورة تداولها مواقع التواصل الاجتماعي لـ7 أطفال يجلسون في أريكة واحدة يتناولون العصير وينظرون للكاميرا التي تصورهم، ويبدوا أن الصورة التقطت خلال فترة الهدنة، وكانت الصورة الأخيرة لهم، لأن هذا التجمع لم يعد في الأرض بل أرواحهم جميعا أصبحت في السماء.
 
الاحتلال يقتل 490 طفلا منذ عودة الحرب
في 6 أبريل الماضي، أكد المكتب الإعلامي الحكومى في غزة، أن جيش الاحتلال قتل 490 طفلا منذ خرقه قرار وقف إطلاق النار، مع استمرار ارتكاب مجازره البشعة بحق المدنيين العُزَّل في القطاع، وفي مقدمتهم الأطفال، الذين أصبحوا الهدف الأول لغاراته العدوانية، لافتا إلى أن غزة تعيش الآن أمام واقع مرير، تُباد فيه الأسر بأكملها، وتُدفن الطفولة تحت ركام البيوت، ويُكتب تاريخ أسود جديد في سجل الجرائم التي لن تسقط بالتقادم، والأرقام وحدها كافية لتأكيد وجود سياسة قتل ممنهجة ومتعمدة ضد تلك الفئة، وليست مجرد أضرار جانبية كما تزعم تل أبيب لتبرير جرائمها أمام العالم.
 
استشهاد 7 أطفال من عائلة واحدة
استشهاد 7 أطفال من عائلة واحدة ليس مشهدا غريبا في تلك الحرب البشعة التي تشنها قوات الاحتلال على قطاع غزة، فبحسب إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة الصادرة في 18 أبريل، فهناك أكثر من 18 ألف طفل شهيداً من الأطفال، بينهم 281 طفلاً رضيعا وُلِدوا واستشهدوا خلال حرب الإبادة الجماعية، و892 طفلا استشهدوا خلال حرب الإبادة وعمرهم أقل من عام، و52 استشهدوا بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء وسياسة التجويع غالبيتهم أطفا، و17 استشهدوا نتيجة البرد الشديد في خيام النازحين بينهم 14 طفلاً.
 
هذا الاستهداف لم يكن الأول لتلك العائلة، بل في 6 نوفمبر الماضي استشهدت فلسطينيتان وأصيب أربعة آخرون جراء قصف قوات الاحتلال لمنزل المواطن رياض أبو دقة في بلدة الفخاري جنوب شرق خان يونس، فيما بحثت حينها طواقم الإنقاذ عن مفقودين تحت أنقاض المنزل المدمر، في محاولة للعثور على أحياء بين الركام.
 
الأمر لم يتوقف فقط عند استشهاد الأطفال بل أيضا هناك حالة سوء تغذية يعيشها أطفال غزة،  فوفقا للجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني، هناك 31 وفاة على الأقل بسبب سوء التغذية والجفاف بينهم 28 طفلا، حيث يتسارع انتشار سوء التغذية بصورة مخيفة ويصل إلى مستويات مدمرة في قطاع غزة نظرا للمستويات الشديدة من انعدام الأمن الغذائي وتفشي الأمراض الناتجة عن العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023، وعمد الاحتلال إلى إغلاق كافة المعابر المؤدية للقطاع ومنع شاحنات المساعدات من الدخول وبالذات إلى محافظتي غزة وشمال غزة.
 
سوار عاشور، الرضيعة التي تبلغ من العمر خمسة أشهر  فقط، قدرها أنها عندما فتحت عينيها إلى الدنيا لأول مرة لم تسمع زغاريد وأفراح بمولدها بل أصوات القصف والقتل، لم يرحم الاحتلال هذه الملاك الصغيرة أو يتعاطف العالم مع صراخها الدائم بحثا عن الحليب للرضاعة، فمع استمرار منع الاحتلال دخول المساعدات أصبح جسمها نحيلا، وعظامها تبرز من جسدها وتنتظر الموت في أية لحظة مع استمرار العدوان، واصبح لسان حال أسرتها وهم ينظرون للصغيرة وهي تصارع الجوع يوميا بأي ذنب نعاقب !
 
 
الأطفال يشكلون 43% من سكان فلسطين وغزة تتصدر بـ 47%
بحسب الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني الصادر في 3 أبريل الماضي، فقد أظهرت التقديرات الديموغرافية أن عدد سكان دولة فلسطين بلغ نحو 5.5 مليون نسمة مع نهاية العام 2024، وشكل الأطفال دون سن 18 عاماً 43% من إجمالي السكان؛ أي ما يقارب 2.38 مليون طفل/ة،  بواقع 1.39 مليون في الضفة الغربية و0.98 مليون في قطاع غزة، والفئة العمرية دون 15 عاماً، بلغت نسبتهم 37% من إجمالي السكان، ما يعادل حوالي 2.03 مليون طفل/ة، منهم 1.18 مليون في الضفة الغربية و0.9 مليون في قطاع غزة، كما شكّلت الفئة العمرية دون 18 عاماً نحو 47% من سكان غزة،  مقارنة بـ 41% في الضفة الغربية، بينما بلغت نسبة الأطفال دون 15 عاماً 40.3% في قطاع غزة.
 
39 ألف يتيم في قطاع غزة
مع تزايد أعداد الضحايا أصبح عدد الأطفال اليتامى في غزة كبير للغاية، حيث لا يجدون رعاية في ظل استمرار العدوان وعدم وجود أي جهات سواء محلية أو أممية قادرة على تقديم العون لهم، فأصبح هناك 39,384 طفلاً فقدوا أحد والديهم أو كليهما بحسب الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني، بينهم حوالي 17,000 طفل حرموا من كلا الوالدين، ليجدوا أنفسهم في مواجهة قاسية مع الحياة دون سند أو رعاية.
 
خليل ماضي.. صاحب العامين استشهدت أسرته بالكامل ويعيش مع عمه
الطفل خليل أحمد ماضي، ابن العامين ونصف، أصبح يعيش وحيدا مع عمه سهيل ماضي، بعد أن استهدف الاحتلال منزل أسرته في 5 ديسمبر 2023، استشهد فيها والده ووالدته وثلاثة من أشقائه ولم يبق سواه فقط من تلك الأسرة، حينها كان عمره عام تقريبا، ليجد نفسه وسط عائلة شقيق والده تبحث له عن لبن الأطفال وسط شح كبير وعدم توافره لأوقات عديدة، ويصبح مثل أقرانه الرضع مضطرون ليشهدون بأم أعينهم مجازر والأشلاء والنزوح من مكان لأخر، فبينما الأطفال في كل بقاع العالم يشاهدون الرسوم المتحركة ويلهون في المنتزهات، بينما في القطاع الوضع مختلف تماما، فلا مكان للهو أو اللعب بل الرعب والخوف الذي يحيط بهم طوال الوقت.
 
ياسمين ماضي، عمة الطفل خليل، توضح من ناحيتها بأن ابن شقيقها الذي كان متواجدا في منزل العائلة وقت القصف الاحتلال للبيت، واستشهد العشرات من أفراد العائلة بينهم أسرة كاملة لم ينج منها سوى هذا الطفل، ومنذ ذلك الحين أصبح عيش مع عمه وأسرته نازحين من وقت لأخر.
 
وحول كيف يوفر سهيل ماضي الغذاء التكميلي لنجل شقيقه، تضيق ياسمين ماضي، إن العم وضعه المادي جيد واستطاع أن يوفر له كافة الأنظمة الغذائية التي يحتاجها والتي تتوافر بغزة ولكن بصعوبة بالغة وتعب ومشقة، خاصة أن الطفل كان مصابا ومكث لوقت كبير في المستشفى والحمد لله بعناية الله ورحمته تم معالجته من الإصابة وهو الآن بصحة جيدة.
 
أطفال غزة تحت وطأة الظروف المأساوية
هؤلاء الأطفال يعيشون الآن في ظروف مأساوية، حيث اضطر الكثير منهم للجوء إلى خيام ممزقة أو منازل مهدمة، في ظل غياب شبه تام للرعاية الاجتماعية والدعم النفسي، كما أن المعاناة لا تقتصر على فقدان الأسرة والمأوى، بل تمتد إلى أزمات نفسية واجتماعية حادة، حيث يعانون من اضطرابات نفسية عميقة، مثل الاكتئاب والعزلة والخوف المزمن، في غياب الأمان والتوجيه السليم، إضافة إلى ضعف التعلم والتطور الاجتماعي، ليجدوا أنفسهم فريسة لعمالة الأطفال، أو الاستغلال في بيئة قاسية لا ترحم.
 
هنا يفسر الدكتور خالد السعيدنى، طبيب الأطفال بمستشفى شهداء الأقصى معاناة الأطفال بالقطاع، موضحا أن نتيجة عيش النازحين فى الخيام وعدم توافر البنية التحتية، مما أدى إلى انتشار الفيروسات بين الأطفال، بجانب انتشار شلل الأطفال الذي انتهى منذ سنوات داخل القطاع.
 
ويضيف طبيب الأطفال الفلسطيني في تصريحات خاصة "، أن عدم توافر المياه بجانب المنظفات والصابون يجعل القطاع بيئة مناسبة لانتشار الأمراض الفيروسية والصدرية، خاصة أن المياه ليست نظيفة، بجانب انتشار الأمراض الجلدية للأطفال والجروح.
 
أطفال غزة بين قصف العدوان وانهيار النظام الصحي
تقرير الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني الذي تحدثنا عنه سالفا نقل بيانات صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية  عن واقع كارثي عاشه أطفال غزة ذوو الإعاقة نتيجة العدوان الإسرائيلي، حيث أصيب 15 طفلاً يومياً بإعاقات دائمة بسبب استخدام أسلحة متفجرة محظورة دولياً، ليصل إجمالي الإصابات إلى 7,065 طفلاً، بينهم مئات فقدوا أطرافهم أو بصرهم أو سمعهم،  كما سجل 4,700 حالة بتر، 18% منها أي ما يعادل 846 حالات بين الأطفال، ما زاد من تعقيد المأساة. 
 
 
ويواجه الأطفال الفلسطينيون في غزة كارثة مزدوجة، بحسب التقرير الأممي، نتيجة الإعاقات الجسدية والنفسية، إضافة إلى انهيار النظام الصحي نتيجة تدمير المستشفيات، ومنع دخول الإمدادات الطبية والأطراف الصناعية، كما أدى انتشار سوء التغذية إلى تفاقم التشوهات العظمية وإعاقة التئام الجروح، ومحاصرة خطرُ الموت نحو 7,700 طفل من حديثي الولادة بسبب نقص الرعاية الطبية، حيث عملت المستشفيات المتبقية بقدرة محدودة جداً، ما يعرّض حياة الأطفال للخطر، ومع نقص الحاضنات وأجهزة التنفس والأدوية الأساسية، تدهورت الظروف الصحية، ما يزيد من احتمالات وفاتهم.
 
عودة شلل الأطفال إلى قطاع غزة بعد 25 عاماً
وخلال الحرب، شهد القطاع انتشار فيروس شلل الأطفال للمرة الأولى منذ 25 عاما، وبالتحديد في يوليو الماضي وفقا لما ذكره تقرير الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني، بسبب انخفاض نسبة التطعيم من 99% إلى 86% نتيجة الأوضاع الصحية الصعبة، فيما  نفذت منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة الأخرى ووزارة الصحة الفلسطينية ثلاث جولات تطعيم لمكافحة انتشار المرض، ومن المتوقع تسجيل حوالي 60,000 حالة من سوء التغذية الحاد بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 59 شهراً خلال الفترة الممتدة من يوليو 2024 إلى أغسطس 2025، وهو يعني أن هؤلاء الأطفال يعانون من نقص حاد في المواد الغذائية الأساسية التي تؤثر، بشكل كبير، على صحتهم ونموهم، من بينها 12,000 حالة من سوء التغذية الحاد الوخيم، وهو أسوأ شكل من سوء التغذية، وقد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة تشمل الفشل العضوي أو الموت، كما ستحتاج 16,500 امرأة حامل ومرضع إلى العلاج بسبب سوء التغذية الحاد، ما يؤثر، بشكل كبير، على صحتهن وصحة أطفالهن، وقد يؤدي إلى مضاعفات صحية أثناء الحمل والولادة.
 
10 آلاف طفل دون سن 6 شهور يحتاجون لتغذية تكميلية في غزة
هنا يؤكد كاظم أبو خلف المتحدث باسم اليونيسف، أن الأطفال كانوا أول من عانوا منذ عودة الحرب على غزة في 18 مارس في الساعة الثانية فجرا، حيث كانت أول ضربة متسببة في عدد كبير من الشهداء المدنيين معظمهم من الأطفال لأنهم أغلب الضحايا في تلك الحروب سواء في فلسطين أو في أي منطقة في العالم.
 
معاناة الأطفال لم تبدأ فقط مع عودة القتال بل أيضا خلال فترة الهدنة، وهو ما يتحدث عنه المتحدث باسم اليونيسف، في تصريحات خاصة، موضحا أنه قبل تجدد الحرب كان هناك وقف لدخول أي نوع من أنواع المساعدات منذ 2 مارس، وحتى الآن لا يوجد أي مساعدات تدخل نهائيا سواء طعام أو مساعدات طبية، ومخزونات والتركيبة الغذائية للأطفال الرضع تنخفض بشكل سريع للغاية.
 
منع الاحتلال دخول المساعدات أحدث كارثة صحية خاصة لدى الرضع، حيث يتطرق "أبو خلف" إلى عدم وجود أطعمة متوافرة لحديثى الولادة، قائلا :"لدينا كمية تكفى أقل من 400 طفل فقط ويقابل ذلك 10 آلاف طفل دون سن 6 شهور يحتاجون لتغذية تكميلية وخلال فترة الهدنة بدأنا بإخراج بعض الأطفال من دائرة سوء الأغذية ولكن مع عودة الحرب أصبح هناك انتكاسة وعودة للمربع الأول، ولم يعد الحصار أزمة لوجيستية فحسب بل أصبح سبب مباشر للوفاة للأطفال الرضع لأنهم الفئة الأكثر تضررا".
 
ويوضح أن المستشفيات هي الأماكن الأكثر تضررا وتعاني من نقص أجهزة التنفس الصناعي للأطفال حديثي الولادة والمضادات الحيوية الوريدية والدعم الغذائي الأساسي مثل المكمل الغذائي الوريدي الذي ينهار مع انهيار النظام الصحي تحت وطأة هذه القيود الإسرائيلية، بجانب أزمة المياه في شمال غزة حيث يحصل السكان على مياه بكميات قليلة من خلال الشاحنات التي تنقلها اليونيسف.
 
الجريمة التي ارتكبها الاحتلال ضد أطفال عائلة أبو دقة، كررها بعد ما يقرب من شهرين ضد أطفال هائلة "الهسي"، فخلال قصف إسرائيلي في شمال غزة ليلة 16 أبريل، استشهد أربعة أطفال بينهم ثلاث أشقاء بعد استهداف منزل سميح خضر الهسي في جباليا النزلة، وهم وسيم محمد الهسي 10 سنوات، ومهند محمد الهسي خمس سنوات، وخولة محمد الهسي ثلاث سنوات، وميار هيثم الهسي عامان.
 
طفلة اغتالها الاحتلال في يوم الطفل الفلسطيني
ويحتفل الفلسطينيون في 5 أبريل من كل عام بيوم الطفل الفلسطيني، خرجت طفلة مع أسرتها خلال رحلة البحث عن الطعام والمياه إلا أنها لم تعود للخيمة مرة أخرى بعد أن طالها رصاص القناصة أمام أعين أسرتها، لم يشفع لها فستانها الأزرق والذي يشبه إلى حد كبير رمز السلام في الأمم المتحدة من النجاة أمام آلة الإجرام الإسرائيلية، حينها علق فلسطينيون على تلك الواقعة التي أثارت حالة غضب كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وركزوا على فستانها الأزرق الذي لا يعلم أحد ما إن كانت تلك الطفلة تعرف شيئًا عن المنظمة الدولية أو عن مسؤولياتها الإنسانية والقانونية، ولكن فستانها الأزرق بدا وكأنه مناداة أخيرة، في وجه عالم أصم لم يتحرك لإنقاذها وأقارنها.
 
 
حمزة يحرم من أمه وشقيقته ويعيش مع والده المصاب
حمزة طفل لم يبلغ سوى 5 سنوات فقط، التحق بمرحلة الروضة، كان قبل العدوان يعيش طفولته بشكل معتاد بين أسرة مكونة من أم وشقيق وأب وكانت الحياة تمضى بهم هانئة مستقرة، إلا أن جاء العدوان ليشتت شمل تلك العائلة الصغيرة بعد استشهاد أمه وشقيقه، بينما أصبح الأب مصابا نتيجة الاستهداف، وهو ما انعكس بالسلب على الحالة النفسية لهذا الطفل.
 
ويقول "حمزة": كنت أعيش هانئا كأى طفل منتظما بمرحلة الروضة فى إحدى المدارس الابتدائية بجنوب بغزة أنتظر نهاية اليوم الدراسى لأعود مسرعا إلى منزلنا بجنوب غزة لأقفز فى أحضان أمى ومشاركة شقيقى اللعب بعد الانتهاء من الواجبات الدراسية واللذين حرمت منهما ولن أتمكن من رؤيتهما للأبد بعد استشهادهما فى مجزة الفاخورة يوم 14 أكتوبر 2023، حيث هدم الاحتلال منزلنا وحرمونى من أمى وشقيقى ولم يتبق من أسرتى سوى أبى المصاب وأعيش ظروفا نفسية وإنسانية صعبة.
ويضيف: ما أتمناه حقا فى الوقت الحالي وقف الحرب ونهاية العدوان على غزة لنعرف معنى الاستقرار الذى فقدناه منذ عدة شهور، حيث مرت علينا أوقات ثقيلة والنزوح من مكان لآخر طلبا للأمن أو بحثا عن الطعام، ونتمنى أن تعود الحياة لطبيعتها، ويسود الأمن والأمان، وأستعيد حقوق الطفولة التى سلبت منى بفعل العدوان.
 
"نحو 1.9 مليون فلسطيني بينهم عشرات آلاف الأطفال نزحوا قسريا بشكل متكرر منذ بدء الحرب في غزة"، هذا ما تؤكده وكالة الأونروا في 6 أبريل الماضي بحسب بيان لها، موضحة أن انهيار وقف إطلاق النار تسبب في موجة نزوح أخرى شملت أكثر من 142 ألف شخص.
 
أكثر من 17 ألف طفل منفصلون عن أسرهم في القطاع
كما خرج تقرير لمنظمة الأمم المتحدة في 24 يناير الماضي يوضح أن أكثر من 17 ألف طفل منفصلون عن أسرهم في القطاع، و نحو 150 ألف امرأة حامل وأم بحاجة ماسة إلى خدمات صحية عاجلة في غزة، حيث إن الحرب أدت إلى استشهاد الأطفال وتجويعهم وتجمدهم بردا حتى الموت، حيث قال مدير مكتب الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة "أوتشا" توم فليتشر، إن العدوان أدى لاستشهاد الأطفال وتجويعهم وتجمدهم بردا حتى الموت، وتيتمهم وفصلهم عن ذويهم، كما أن جيلا كاملا تعرض للترويع وكثير منهم فقدوا حياتهم قبل أن يتمكنوا من التنفس لأول مرة مع أمهاتهم أثناء الولادة.
 
أحد هؤلاء الأطفال الذين فقدوا حلمهم في حياة سعيدة، هي الطالبة مريم عبدالله، بالصف الثانى الابتدائى، التي هدم الاحتلال مدرستها فى إحدى الغارات على غزة، بينما أصيبت والدتها ببتر في ساقها، تعبر عن أمنيتها في أن تعود لمدرستها التي اعتادت الذهاب لها يوميا قبل العدوان، قائلة: أتمنى العودة للدراسة وأذهب إلى مدرستى والتقى بأصدقائى وزملائي، ولكن الاحتلال هدم مدرستى وأتمنى توقف الحرب وتحقيق حلمى وأصبح طبيبة وارتداء البالطو لعلاج المصابين والجرحى.
 
لن تستطيع مريم رؤية الكثير من زملائها، بعد استشهاد الآلاف من الطلاب، ووفقا لأخر إحصائية صادرة عن وزارة التربية والتعليم العالى الفلسطينية في 6 أبريل الماضي، فإن أكثر من 17 ألف طفل استشهدوا منذ السابع من أكتوبر 2023، وغالبيتهم من طلبة المدارس.
 
 
العدوان يدمر حق التعليم لجيل فلسطيني كامل
بعد حديث الطفلة مريم عبدالله، لابد أن نعود مجددا لتقرير الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني، والذي يبرز أزمة التعليم في القطاع والذي أصبح ضحية رئيسية للعدوان المستمر، حيث دمرت إسرائيل 11 مدرسة حكومية بشكل كامل، و241 مدرسة حكومية تعرضت لأضرار بالغة، إضافة إلى تعرض 89 مدرسة تابعة للأونروا إلى قصف وتخريب، وحرم 700 ألف طالب/ة من حقهم الأساسي في التعليم للعام الدراسي 2024/2025، كما حُرم حوالي 39 ألف طالب/ة من حقهم في تقديم امتحان شهادة الثانوية العامة للعام الدراسي 2023/2024. 
 
الدمار الإسرائيلي لم يقتصر على المباني بحسب المركزى للإحصاء الفلسطيني، بل طال الأرواح، حيث استشهد 12,441 طالباً/ة و519 معلماً/ة تحت القصف، بينما أصيب 19,819 طالباً/ة و2,703 معلماً/ة بجروحٍ متفاوتة الخطورة، كما لا توجد حتى الآن معلومات دقيقة حول عدد طلبة المدارس والكوادر التعليمية الذين تم اعتقالهم من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال العمليات البرية في مختلف مناطق قطاع غزة.
 
كما تسبب العدوان في انقطاع الدراسة النظامية لمدة عامين دراسيين متتاليين، حيث توقفت الدراسة لمدة 300 يوم دراسي حتى تاريخ 28/01/2025، حيث يذكر "تقرير الإحصاء الفلسطيني"، أنه على الرغم من اعتماد وزارة التربية والتعليم الفلسطينية لمسارات تعليمية بديلة مثل التعليم الإلكتروني المتزامن وغير المتزامن والمدارس المؤقتة، تشير بيانات الوزارة إلى أن أكثر من 298 ألف طالب وطالبة في قطاع غزة ملتحقون بالمدارس الافتراضية إلا أن العديد من هؤلاء الطلاب لم يتمكنوا من تلقي تعليمهم بشكل فعّال طوال هذه الفترة، بسبب عدم وجود مناطق آمنة، إضافة إلى انقطاع الكهرباء والإنترنت، وقلة توفر الأجهزة اللازمة، ما يُنذر بفجوة تعليمية تهدد مستقبل جيل بأكمله.
 
 
هذا ما تتحدث عنه الطفلة الفلسطينية، نادين بهار، الطالبة بالمرحلة الابتدائية والتي تعيش في شمال القطاع، والتي توضح شعورها المأساوي بسبب انقطاعها لعامين عن الدراسة، وعدم قدرتها على اللعب مع شقيقاتها الأربعة نتيجة استمرار القصف وعودة الحرب من جديد.
 
وتؤكد نادين بهار، أن حلمها في طفولة سعيدة تدمر، خاصة بعدما قصف الاحتلال منزل العائلة في شرق غزة بعد عودة القتال، وأصبحت الأسرة مشردة وهناك نزوح متكرر مما يزيد من حجم التعب والإرهاب، مشيرة إلى أن شعور الرعب والخوف لديها ولدى شقيقاتها لا يوصف إلا من يجربه ويرى مشاهد القتل والدمار يوميا أمام عينه.
 
وفى 16 أبريل، نظم عدد من الأطفال في مدينة بيت لاهيا وقفة احتجاجية، حصلنا على عدد من الصور للمظاهرة رفعوا فيها لافتات "صرت أخاف أنى أحلم" ومطالبين بوقف الحرب، في محاولة لكسب تعاطف المجتمع الدولي لوقف حد لتلك المذابح الإسرائيلية اليومية.
 

 


print