الأحد، 05 مايو 2024 07:09 م

الكيل بمكيالين.. الأمم المتحدة تتجاهل الكوارث البيئية بفلسطين.. مصر ترفض ازدواجية المعايير.. وزيرة البيئة: صندوق الخسائر والأضرار لن يصرف تعويضات إلا للكوارث الطبيعية.. وما يحدث حرب إبادة ودمار متعمد

الكيل بمكيالين.. الأمم المتحدة تتجاهل الكوارث البيئية بفلسطين.. مصر ترفض ازدواجية المعايير.. وزيرة البيئة: صندوق الخسائر والأضرار لن يصرف تعويضات إلا للكوارث الطبيعية.. وما يحدث حرب إبادة ودمار متعمد غزة
الإثنين، 18 مارس 2024 11:00 ص
كتبت منال العيسوى
• خبراء البيئة يطالبون بتعويض غزة عن الدمار في البنية التحتية كما حدث مع الكويت 
 
• وزيرة البيئة الفلسطينية تطالب الأمم المتحدة بنزول لجنة خلال أول هدنة  للحرب لتقييم الوضع البيئي 
 
• ياسمين فؤاد: حماية الموارد الطبيعية للشعب الفلسطيني أبسط حقوقه
 
الكيل بمكيالين، هو منطق يعكس مفهوم التحيز وعدم الحيادية، وهو منطق قد يقبل أحيانا في المصالح العالمية والسياسية، لكنه غير مقبول بالمرة فيما يخص الحق في الحياة على كوكب الأرض، وهو المنطق الذى ظهر جليا خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة والذى عقد بمقره في نيروبي، حين دارات مناقشات لمدة أسبوع حول قضايا التغير المناخى والتنوع البيولوجى، والتصحر، والتجاهل التام للكوارث البيئية وخاصة التي تحدث في المنطقة العربية وخاصة في فلسطين والسودان، ومثلها في أوكرانيا.
 
خلال هذا التقرير نكشف الستار عن سياسة الكيل بمكيالين التي تتبعها أعلى سلطة في القرارات البيئية وهى الجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة ، فيما يخص التعامل مع المنطقة العربية، وتصدرها مشهد غزة وفلسطين، بعيدا عن الانتهاك الإنساني للحق في الحياة، تدمير البنية التحتية والموارد الطبيعية وهى حق الشعب الفلسطيني في الاستمرار على كوكب الأرض، لأن ما يحدث هو إبادة متعمدة للبشر ومواردهم الطبيعية.
 
اجتماع الأمم المتحدة للبيئة الأخير الذى عقد في نيروبي، وشاركت فيه وزيرة البيئة المصرية الدكتورة ياسمين فؤاد، كان نموذجا صارخا لتطبيق سياسة الكيل بمكيالين في الملف البيئي في فلسطين والسودان وأوكرانيا، حيث كانت وزيرة البيئة شاهد عيان على نقاش لمدة أسبوع خلال الاجتماع الأخير بنيروبي، وتم تجاهل ما يحدث في فلسطين،  والذى تم التصدي له بحسم من خلال كلمة مصر التي أعلنت رفضها لهذا التحيز ووصفته بالازدواجية في المعايير، والمطالبة بإرساء قواعد عادلة، حيث كان بيان مصر بيانا مختلفا عن المجموعة العربية، وتمت المطالبة بألا يتم استخدام الازدواجية في هذا المحفل الدولي الخاص بالتعاون متعدد الأطراف البيئي.
 
خلال السطور القادمة نرصد ماهي سياسة الكيل بمكيالين فى ملف البيئة بفلسطين ، وما الوضع البيئي التى وصلت اليه، وماهي الحلول المقترحة للتعامل مع هذا الملف، وماهي خطة وزارة البيئة المقبلة، وخاصة مع تأكيدها على أهمية ربط الملف البيئي بالقضية الفلسطينية، وكيف يرصد خبراء البيئة في الوطن العربي الوضع المتدهور في فلسطين.
 
سياسة الكيل بمكيالين
 
الكيل بمكيالين منطق ومفهوم سياسى تم صياغته حديثا وبالتحديد عام 1912 ويتضمن مجموعة من المبادئ ذات أحكام مختلفة لمجموعة من الناس بالمقارنة مع مجموعة أخرى، ويمكن وصفها بأنها نوع من التحيز وغير عادل لأنها تنتهك مقولة أساسية في الفقه القانوني الحديث في كل المواثيق الدولية، وهى ان جميع الأطراف يجب أن تقف على قدم المساواة أمام القانون، عملا بمبدأ العدالة المعروفة باسم الحياد، والذي يقوم على أساس افتراض أن نفس المعايير ينبغي أن تطبق على جميع الناس، ومفهوم العدالة المناخية كان أحد المفاهيم التي طالبت بها قمم المناخ الرئيسية خلال الأعوام الماضية منذ cop27، تلها cop28، 
 
السلطة الأعلى في القرار تتجاهل الكوارث البيئية في فلسطين والسودان
 
كل عام هناك مجموعة من المحافل الدولية، ينعقد على مستوى العالم أشهرها مؤتمر المناخ، بالتوازي مع محافل أخرى سنوية أهمها محفل الجمعية العامة للبيئة والذى عقد بمقره في مدينة نيروبي بكينيا، ضمن فعاليات أعمال الدورة السادسة وانتهت أعماله الأسبوع الماضي،  هي أعلى هيئة لصنع القرار في العالم بشأن البيئة، حيث أنها تعالج التحديات البيئية الحرجة التي تواجه العالم، الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال اجتماعاتها هذا العام اهتمت بمناقشة عددا من القضايا البيئية مثل التصحر والتنوع البيولوجي والتغير المناخي، وتم إضافة الحد من التلوث البلاستيكي.
 
وزيرة البيئة : لابد من ربط القضية الفلسطنية بالملف البيئي 
أوضحت وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد في تصريحات خاصة، أن الموقف المصرى واضح تجاه القضية الفلسطينية، حيث كان هناك قرار مقدم من دولة أوكرانيا يتحدث عن الحرب دون تسليط الضوء على ما يحدث فى الأراضى الفلسطينية، ولكن قامت مصر والمجموعة العربية بالتأكيد على ضرورة أن يكون القرارعام وشامل، و لا يتحدث فقط عن اوكرانيا، بل لابد وأن يسلط الضوء على ما يحدث من انتهاكات على الأراضى الفلسطينية وتأثيراته البيئية على الشعب الفلسطيني، وحق هذا الشعب فى العيش الآمن وفى الحصول على  احتياجاته الاساسية من الموارد الطبيعية.
 
وواصلت وزيرة البيئة تأكيدها على أهمية البيان المصري الداعي إلى عدم الانحياز، و إلى تأكيد مبادئ وأهداف التعاون البيئي متعدد الأطراف والذى يواجه خطر ويواجه ازدواجية فى المعايير، حيث أن هناك غياب تام لما يحدث فى فلسطين فى هذا المحفل الدولي الهام، فعندما نتحدث عن الموضوعات البيئية سواء فى ملف تغير المناخ أو التنوع البيولوجي أو موضوع التلوث البلاستيكي ويتم مناقشة تلك الاتفاقيات ويتم التفاوض عليها، ونجد أن أهم قضية والتى تمس الكوارث البيئية مثل القضية الفلسطينية أو ما يحدث فى السوادن وغيرها من الدول يتم تجاهلها وعدم الإشارة إليها، مؤكدة أن التعاون متعدد الأطراف يجب أن يثبت مصداقيته لجميع البشر على كوكبنا دون انتقاء أو أختيار، مُشيرةً إلى ضرورة التفاف الجميع وتضامنه نحو وقف كافة أشكال الصراع لإنقاذ كوكب الأرض.
 
وزيرة البيئة: دراسة فنية للوضع البيئي في فلسطين 
في ذات السياق أكدت وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد، أنه لا يوجد أي دراسات موثوقة توضح الوضع البيئى للأراضى الفلسطينية حتى الآن، لكن جرت العادة بعد الحروب أن تقوم لجنة من  الأمم المتحدة للبيئة، كجهة منوطة بالبيئة بالنزول إلى مكان الصراع، من أجل تقييم الوضع هناك وعمل الدراسات اللازمة، وهو ما طالبت به وزيرة البيئة الفلسطينية الدكتورة نسرين التميمى، بضرورة نزول لجنة بعد أول هدنة للحرب.
 
وشددت وزيرة البيئة على انه نظرا للوضع الحالي في الأراضى الفلسطينية فسيتم عمل دراسات فنية فقط عن الوضع البيئي، إضافة  لأمكانية التعاون بين الوزارة وبعض الإعلاميين لتوفير بعض الدراسات غير الرسمية حول أبعاد الحرب وتأثيراتها على حقوق البشر، وتأثيرها على الموارد الطبيعية ، كما أنه يمكن الاستعانة بالتقارير السابقة، والتى تُشير إلى تأثيرات الحرب فى  نقص المياه أو طاقة أو غذاء، أوكافة أشكال الاحتياجات الأساسية على البيئة وحياة الأنسان ، ويتم ربطها بالمعاهدات الدولية.
 
صندوق الأضرار والخسائر المناخى لن يدعم غزة
 
حول إمكانية صرف تعويضات لفلسطين من صندوق تعويض الخسائر والأضرار المناخى، قالت فؤاد: "إن الصندوق يتم الصرف منه للكوارث الطبيعية من سيول وزلازل، لكن ما يحدث في غزة حرب إبادة ودمار متعمد، مشيرة إلى أن القضية الفلسطينية وعلاقتها بالبيئة من القضايا الدولية المهمة، التي تم ادرجها على أجندة مجلس وزراء البيئة العرب، والتي تتضمن موضوعين مهمين وهما القضية الفلسطينية وعلاقتها بالتدهور البيئي وتأثيرها على الموارد الطبيعية، وحق الفلسطينيين في الحصول على الاحتياجات الأساسية من الموارد الطبيعية.
 
وكشفت وزيرة البيئة الستار عن المناقشات التي دارت على مدار أسبوع قائلة: "الاجتماعات كان مقررا لها مناقشة قضايا تغير المناخ، التنوع البيولوجي والتلوث البلاستيكي، مع التجاهل التام للكوارث البيئية التي تخلفها الحروب في غزة والسودان وأوكرانيا، وهو الامر الذى يعكس ازدواجية المعاييرعند تناول قضايا البيئة، و ليس من المعقول مناقشة تصدير أو منع تصدير البلاستيك لو كان داخل في تصنيعه بوليمرات، في الوقت الذي تتم فيه إبادة شعب.
 
نسرين التميمى: تدمير البيئة الفلسطينية بكل عناصرها
 
أعلنت وزيرة البيئة الفلسطينية نسرين التميمى، أن فلسطين تواجه تحديات تدمير البيئة الفلسطينية بكل عناصرها من خلال المؤتمر التاسع لوزراء البيئة في العالم الإسلامي الذى استضافته المملكة العربية السعودية خلال شهر أكتوبر الماضى 2023 ، أن قطاع غزة يتعرض لكارثة بيئية وصحية ستمتد آثارها إلى كل دول المنطقة، من خلال آلة الحرب الإسرائيلية التي تشن حرب شعواء على قطاع غزة تستهدف كل كافة مقومات الحياة.
 
ولم تتوقف وزيرة البيئة الفلسطينية عن محاولتها في طلب لجنة لتقييم الوضع البيئي في فلسطين من قبل الأمم المتحدة للبيئة على هامش فعاليات الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة التي عقدت في نيروبي بدولة كينيا، حيث تقدمت بطلب رسمي للمديرة التنفيذية للبرنامج الأممي إنجر أندرسن، بحضور السفير الفلسطيني في كينيا حازم شبات، ومدير عام المشاريع والعلاقات الدولية في سلطة جودة البيئة أحمد أبو ظاهر.
 
واعتبرت التميمي هذه الاستجابة خطوة هامة لإعداد التقرير الأولي ، باعتباره مقدمة لدراسة أعمق للتأثيرات البيئية للحرب ، بعد دخول الطواقم الفنية للقطاع، ولتسليط الضوء على الحاجة الملحة لحماية البيئة، في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها شعبنا قطاع غزة.
 
50 عاما من الدمار الشامل للأرض والبشر
 
المشهد على مدار أكثر من خمسين عاما يكرر نفسه يوميا، وهو الأمر الذى دفع العديد من الجهات المعنية بملف حقوق الإنسان والحقوق البيئية، التي ينتهجها الجيش المحتل على مرأى ومسمع صانعي المواثيق والمعاهدات الدولية، التي داستها إسرائيل بقلب بارد وحالة استعلاء على المجتمع الدولى، يستقوى بأمريكا كأحد القوى العظمى في العالم، في حين تعرض بعض الدول فى المنطقة العربية، ومنها سوريا وفلسطين وليبيا والسودان، لعدم الاستقرار نتيجة الحروب والنزاعات والتدخلات العسكرية، وهو ما أكده دكتور يوسف نورى، أحد نشطاء البيئة فى دولة تونس فى تصريحات خاصة لليوم السابع، على هامش مشاركته فى الحوار الإقليمي الذى استضافته وزارة البيئة بداية هذا الشهر، قائلا:" إن البيئة العربية اصيبت بتدهور خطير بسبب الحروب، إضافة إلى آثار تغير المناخ.
 
مارى تيريز ناشطة بيئية فى دولة لبنان أشارت أيضا: "أن زيادة أعداد اللاجئين والهجرة للدول المجاورة نتيجة الحروب والصراعات العسكرية، ساهمت أيضا حدوث خلل بيئى، إضافة إلى تدهور الموارد الطبيعية، واعطت مثالا لما يحدث  فى بلدها الصغير الذى يتواجد على أرضه لاجئون من فلسطين وسوريا، الأمر الذى أثر بشكل مباشر  على نفاذ  المياه الجوفية  وتلوثها، كما أضر بالرى والمحاصيل الغذائية.
 
هل تعوض الأمم المتحدة غزة عن الحرب كما فعلت بالكويت ؟
 
أكد الدكتور رأفت ميساق مركز بحوث الصحراء، أنه توجد هيئة لتقدير التعويضات تابعة للأمم المتحدة، تدعم الدول والمناطق التى تعرضت للكوراث، وهدم البنية التحتية بسبب الحروب، وبعد حرب الخليج الثانية عوضت دولة الكويت بمبلغ 3 مليارات دولار، مطالبا بضرورة تشكيل لجنة متخصصة من الخبراء فى جميع التخصصات، من أجل رصد الخسائر التى أصابت قطاع غزة للمطالبة بالتعويضات الملائمة.
 
تقارير دولية ترصد تدهور الموارد الطبيعية بفلسطين
 
الاعتداءات الإسرائيلية تهدد البيئة الفلسطينية في جميع جوانب الحياة، وتعمل على إحداث تغييرات جوهرية في المصادر الطبيعية الفلسطينية، الامر الذى يلحق ضرراً فادحاً وعاجلاً بالخريطة البيئية الفلسطينية، وعلى عكس الإيقاع البطيء للتدهور البيئي في العالم، فإن النظام البيئي الفلسطيني يتدهور بمعدلات قياسية.
 
رصدت التقارير التي تم مناقشتها في جنيف، حول أثر الاحتلال على البيئة والموارد الطبيعية، إن سياسة إسرائيل المسؤولة عن الاستيلاء على الموارد الطبيعية الفلسطينية وإهمال البيئة في فلسطين، وسلبهم مواردهم  الحيوية، وتدهور إمدادات المياه الخاصة بهم، واستغلال مواردهم الطبيعية وتشويه بيئتهم، وأن نهج إسرائيل تجاه الموارد الطبيعية في الأرض الفلسطينية المحتلة استخدامها وكأنها ملكا لها، وأنه أصبح الماء رمزا قويا للانتهاك المنهجي لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، حيث انه مع انهيار الموارد الطبيعية لمياه الشرب في غزة وعدم قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى مواردهم الخاصة في الضفة الغربية هو انتهاك صريح لحقهم في الحياة.
 
المياه الملوثة
 
اعتبارا من عام 2017 أصبح هناك أكثر من 96% من المياه الجوفية الساحلية في غزة غير صالحة للاستخدام الآدمي، بسبب التلوث بمياه الصرف الصحي ومياه البحر، والحروب غير المتكافئة شلت البنية الأساسية في غزة بشح شبه مستمر للكهرباء، إضافة إلى ان الثروة الطبيعية والمعدنية من البحر الميت، يتم استغلالها  من قبل إسرائيل ويتم حرمان الفلسطينيين منها، معربا عن قلقه بإلقاء إسرائيل المواد الخطرة في مناطق بالضفة الغربية.
 
المواد الخطرة 
وأكدت دراسة مركز المعلومات الوطنى الفلسطيني "وفا" تحت عنوان "الاحتلال الإسرائيلي والتدهور البيئي في فلسطين"ـ كما أن إسرائيل تستخدم مواد خطرة محظورة دوليا مثل الفسفور الأبيض الذي اعتاد الجيش الإسرائيلي استخدامه في المناطق المأهولة بالسكان، وهو أحد المواد المحرمة دوليا في الحروب وفقا للمادة الثالثة من اتفاقية لاهاي، الأمر الذى يعرض المدنيين للمخاطر البيولوجية، وأن الاحتلال الإسرائيلي ينتهك كل القوانين والمواثيق الدولية الخاصة بحماية البيئة، كما انه يساهم بشكل كبير في انتشار تلوث الهواء من خلال استخدامهم أسلحة الدمار الشامل، التي يتم تحريمها دوليا، حيث يستخدمون الأسلحة الكيميائية والمشعة والفسفور الأبيض واليورانيوم المنضب، وهو الأمر الذى يترتب عليه تسرب المواد الخطرة، والملوثات العضوية الخطرة  إلى التربة والمياه والهواء.
 
تراكم مخلفات الهدم والبناء والمخلفات الخطرة
 
المشهد في شوارع فلسطين الذي يراه الجميع هو تراكم مخلفات الهدم والبناء والمخلفات الخطرة في الساحات والشوارع والأزقة دون معالجة، إضافة إلى أن القصف يؤدي إلى تدمير البنية التحتية، من شبكات المياه وشبكات المياه العادمة، واختلاط المياه العادمة، ومياه الشرب، الأمر الذى ينذر بحدوث وانتشار الأوبئة والأمراض في قطاع غزة.
 
انتشار الأوبئة بسبب الجثث تحت الانقاض
 
تتسب القذائف التي يلقيها الجيش المحتل إلى هدم البيوت والمنازل، وتراكم الجثث تحت الأنقاض، وتعثر استخراجهم، لأن هذه القذائف تؤدى إلى تدمير الكائنات الحية والحروق الشديدة وإذابة الجلد واللحم وصولا إلى العظام واحتراق القصبات الهوائية والرئتين، الأمر الذى ينذر بانتشار الأوبئة والامراض، حيث تكمن الخطورة في تحلل الجثث، وما يرافقها من انتشار الملوثات الميكروبية الناجمة عن التحلل، إضافة إلى ترسيب الفسفور في التربة، والمياه الجوفية وبالتالي تلوث المياه الجوفية بالفسفور.
 
المياه الفلسطينية جزء من الاستراتيجية الإسرائيلية
 
منذ احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، أصدرت سلطات الاحتلال العسكري مجموعة من الأوامر العسكرية، تم بموجبها فرض سيطرتها الكاملة على المياه الفلسطينية، ومنعت الفلسطينيين من حرية التصرف في مواردهم المائية، حيث أن المياه تحتل موقعاً هاماً من الاستراتيجية الإسرائيلية، اتضح من خلال قادتهم والتي تحدث عنها  ثيودور هرتزل  في كتابه "أحجار على رقعة الشطرنج" ، الذى أصدره أعقاب مؤتمر بازل عام 1897، وحاييم وايزمان في رسالته لرئيس وزراء بريطانيا 9/2/1919، وبن جوريون عام 1941 وعام 1955، ومناحيم بيجن عام 1987. 
 
اتفاقية "أوسلو" أعطت الاتفاقية السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية 127.4 مليون متر3 أي ما نسبته 18.7% من مجموع كميات المياه التي قدرتها الاتفاقية بـ 679 مليون متر3، بينما تذهب 552 مليون متر مكعب إلى إسرائيل، وفي قطاع غزة تستخدم إسرائيل كميات كبيرة من مياهه، فيما هو يعاني أصلاً من نقصان مياه الخزان الجوفي، وبشكل عام، تسيطر إسرائيل على 86.5% من المياه الفلسطينية في الوقت الذي منعت فيه إسرائيل المواطنين الفلسطينيين من حفر الآبار لاستخراج المياه للأغراض المختلفة قامت بحفر أكثر من 300 بئر بالقرب من الخط الأخضر لاستنزاف مياه الحوض الغربي، كما قامت بحفر 51 بئراً في مستوطناتها في الضفة الغربية، وتم هدم 78 بئراً كاملة مع ملحقاتها، و150 بركة ماء مع ملحقاتها، كما دمير 43000 متر طولي من خطوط المياه، كما تم جريف 2500 دونم من شبكات الري.
 
تلوث المياه
 
وأشارت  دراسة مركز المعلومات الوطنى الفلسطيني " وفا" تحت عنوان " الاحتلال الإسرائيلي والتدهور البيئي في فلسطين تقوم إسرائيل بتلويث المياه الفلسطينية بطرق مباشرة وغير مباشرة، فمستوطناتها المنتشرة في أرجاء الأراضي الفلسطينية تقوم بضخ ملايين الأمتار المكعبة من المياه العادمة في الأودية والأراضي الزراعية الفلسطينية، وبلغت كمية المياه العادمة التي تضخها المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، والتي يقطنها حوالي 350 ألف مستوطن 40 مليون متر مكعب، وهي كمية أكبر مما ينتجه الفلسطينيون البالغ عددهم 1.87 مليون نسمة، حيث بلغت كمية المياه العادمة المنتجة 33.72 مليون متر مكعب، بالإضافة الى أن 90% من المياه العادمة الناتجة عن المستوطنات هي مياه عادمة غير معالجة وتصرف في الأودية الفلسطينية والأراضي الزراعية.
 
ولعبت إسرائيل دوراً غير مباشر في تلويث المياه الفلسطينية بالمياه العادمة عن طريق إهمالها لإدارة المياه العادمة طوال سنوات احتلالها للأراضي الفلسطينية، حيث لم تعمل على مد شبكات جديدة للصرف الصحي لمواجهة تزايد السكان لدرجة أصبح فيها 66.7% من عدد الأسر الفلسطينية غير متصلة بشبكات الصرف الصحي، إنما يعتمد على الحفر الامتصاصية مع الأخذ بعين الاعتبار أن مساحة التجمعات السكانية الفلسطينية لم تتجاوز 5.3% من الأراضي الفلسطينية.
 
تلوث مياه الخزان الجوفي
 
ورصدت دراسة مركز المعلومات الوطنى الفلسطيني " وفا" تحت عنوان " الاحتلال الإسرائيلي والتدهور البيئي في فلسطين إن المياه العادمة المتدفقة عبر الأودية والأراضي الزراعية الفلسطينية تلحق أضراراً بالبيئة الفلسطينية، حيث تزيد من ملوحة التربة بعد زيادة نسبة الصوديوم، وهذا يؤدي إلى انسداد مساماتها وعدم قابليتها للإنتاج، ومن ثم تؤدي إلى التقليل من الغطاء النباتي وانتشار ظاهرة التصحر التي تؤدي إلى تدهور التنوع الحيوي.
 
زيادة نسبة الأملاح
 
وقالت دراسة مركز المعلومات الوطنى الفلسطيني، إن نقص المياه وتسرب المياه العادمة والاستخدام المفرط للمخصبات الزراعية ومبيدات الآفات الزراعية  أدى إلى  زيادة نسبة الأملاح في مياه الخزان الجوفي عن النسبة الموصى بها دولياً من منظمة الصحة العالمية، وهي 250 ملجم /لتر، فحوالي 90% من مياه الخزان الجوفي في القطاع تتراوح فيها نسبة الأملاح ما بين 250 ملجم لكل لتر، 2000 ملجم لكل لتر وهو ما يجعل مياه قطاع غزة غير صالحة للشرب.
 
التلوث بالمواد المشعة
 
تقوم إسرائيل بتطوير أسلحتها وذخائرها باستخدام مادة اليورانيوم وقد أجرت العديد من التجارب النووية في خليج العقبة، وهذا أدى إلى إحداث نشاط إشعاعي خطير في الدول العربية المجاورة لإسرائيل، كما تقوم بتجربة الذخائر المحتوية على اليورانيوم المستنفذ على المواطنين الفلسطينيين ولمدة 32 يوماً بمعدل قصف يومي 12 ساعة في اليوم. 
 
النفايات الصلبة
 
لعبت إسرائيل ومستوطناتها في الأراضي الفلسطينية دوراً كبيراً في تلويث البيئة الفلسطينية بالنفايات الصلبة بطرق مباشرة وغير مباشرة، حيث تلقى نفاياتها الصلبة الناتجة عن استخدامات المستوطنين في الأراضي الفلسطينية، حيث استخدمت إسرائيل الأراضي الفلسطينية طوال سنوات احتلالها كملجأ للتخلص من نفاياتها الخطرة، واستخدمت في ذلك أكثر من 50 موقعاً الأمر الذي يعرض الأراضي الفلسطينية لأخطار هذه النفايات بشكل مباشر وغير مباشر
 
زيادة نسبة التصحر
 
هذا العدوان يزيد من تصحر الأراضي الفلسطينية خصوصاً بعد إزالة مساحات واسعة من الغطاء النباتي كالغابات والأحراش، وقد زادت اعتداءات إسرائيل على التربة الفلسطينية أثناء فترة انتفاضة الأقصى فزادت من المساحات التي قامت بتجريفها والأشجار التي قامت بقلعها
 
تلوث البيئة البحرية
 
 البيئة البحرية الفلسطينية في البحر المتوسط والبحر الميت ، تتعرض إلى التلوث، حيث تتدفق أكثر من 20% من المياه العادمة غير المعالجة والمقدرة بحوالي 50 ألف متر مكعب بالبحر المتوسط  لكي تلحق أضراراً بالأحياء المائية، وأجريت تجارب عديدة واختبارات   حول الأكسجين المذاب ، وتبين أن هناك تلوثاً كيميائياً وميكروبولوجياً لعبت فيه المياه العادمة دوراً كبيراً، إذ تبين أنه كلما قلت كمية المياه العادمة الواردة إلى البحر انخفضت نسبة التلوث والعكس صحيح.
 
خطر الجفاف
 
والبحر الميت يتعرض الآن لخطر الجفاف والنضوب بسبب استنزاف إسرائيل لمياه نهر الأردن وتحويل روافده إلى داخل إسرائيل ما أدى إلى انخفاض كميات المياه الواردة إلى البحر الميت، وهذا جعل منسوبه يخفض سنوياً بمعدل 80-100 ملم مما يعرضه أن يكون سبخة ملحية بعد زمن ليس بالبعيد 
 
جدير بالذكر أن قطع الكهرباء عن قطاع غزة يؤدي إلى تعطيل عمل محطات معالجة المياه، ووحدات تحلية مياه الشرب، والمعدات اللازمة لنقل المياه إلى السكان في العديد من المناطق في قطاع غزه، وتدهور الأوضاع البيئية والصحية ومنع انتشار الأوبئة والأمراض.

 


الأكثر قراءة



print