أصدرت محكمة النقض – حكما قضائيا، فريدا من نوعه، يضع ضوابط الإيجار من وكيل المالك وليس من المالك مباشرة للتصدى لأى أعمال نصب قد تحدث للمستأجر، قالت فيه: "عند تحرير عقد ايجار لمدة تتجاوز 3 سنوات، ويمثل المؤجر وكيلا عنه يلزم مراعاة احضار الوكيل وكالة خاصة أو عامة مخصصة بتحرير عقود الايجار الخاصة بوحدات العقار الكائن به الوحدة المؤجرة وتحصيلة القيمة الايجارية حتى لا يأتى المؤجر ويطلب عدم نفاذ عقد الايجار فيما تجاوز الـ 3 سنوات، وهو ما استقرت عليه محكمة النقض بأحكامها ومنها على سبيل المثال:
الإجارة الصادرة من الوكيل بوكالة عامه لمدة تزيد عن ثلاث سنوات عدم نفاذها فى حق الموكل إلا بإجازته إجازة الموكل، أما ماهيتها وشروطها هى علم الأخير بأن العمل الذى يقره خارجا عن حدود الوكالة وأنه قصد إضافة آثرها الى نفسه .
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 8333 لسنة 84 القضائية، برئاسة المستشار خالد يحيى دراز، وعضوية المستشارين نبيل أحمد عثمان، وعبد الرحيم، وعمرو الوربجى، وأشرف عبد الحى.
الوقائع.. النقض ترسي مبادئ جديدة بشأن الوكالة وقواعد الإيجار
وقائع النزاع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الأول الدعوى رقم 23 لسنة 2011 أمام محكمة شمال القاهرة الإبتدائية بطلب الحكم أصليا بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 3 ديسمبر 2007 بإنقضاء 3 سنوات من تاريخ إبرامه، واحتياطيا برد وبطلان ذلك العقد لإبتنائه على الغش والتواطؤ مع إخلاء الشقة المبينة بصحيفة الدعوى وتسليمها إليه في كل من الطلبين، وقال بيانا لدعواه، إنه يمتلك وآخرين على المشاع العقار الكائن به تلك الشقة، وأنه قد عهد إلى المطعون ضده الثاني - وكيله السابق - بإدارة ذلك العقار بسبب إقامته وباقى الملاك خارج البلاد، وإذ فوجئ بأن الأخير عقد إيجاراً متجاوزاً فيه حدود وكالته، بأن حرر عقد الإيجار المشار إليه للمطعون ضده الأول لمدة تسعة وخمسين عاماً بالمخالفة لنص المادة 559 من القانون المدنى، فأنذر الأخير بإخلاء العين المؤجرة، إلا أنه لم يمتثل، فأقام الدعوى.
وفى تلك الأثناء - حكمت المحكمة بانتهاء عقد الإيجار وبالإخلاء والتسليم، ثم استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 4 لسنة 17 ق القاهرة، وتدخل المطعون ضده الثاني انضمامياً للمطعون ضده الأول فى طلباته، وبتاريخ 24 فبراير 2014 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، ثم طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ غرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
النقض: الإجارة الصادرة من الوكيل بوكالة عامة لمدة تزيد عن 3 سنوات عدم نفاذها فى حق الموكل إلا بإجازته
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفى بيان ذلك يقول، إن الحكم أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، على سند من أن إبرام وكيله في الإدارة " المطعون ضده الثاني " لعقد إيجار شقة النزاع المؤرخ 3 ديسمبر 2007 في ذات يوم التنازل عن عقد إيجارها السابق والخاضع لقوانين إيجار الأماكن حقق منفعة له بتخلصه من علاقة إيجارية غير محددة المدة بأخرى تخضع لأحكام القانون المدنى، واستخلص من ذلك ومما ورد بنموذج بيان القيمة الإيجارية لشقق العقار الكائن به عين النزاع المقدم من المطعون ضده الثانى من أن تأجير الأخير لتلك العين تم بأجرة شهرية مقدارها 60 جنيهاً بدلاً من 2،55 جنيه وبالخطاب المرسل منه لمن يُدعى "..." في 25 مايو 2008 بالتوقف عن إبرام أى عقود إيجار جديدة ومن سكوته لأكثر من ثلاث سنوات حتى إقامة الدعوى في 7 يونيو 2011 أنه كان يعلم بالتأجير الصادر من وكيله وأنه وافق عليه ، في حين أن ما ساقه الحكم تبريراً لقضائه لا يصلح بذاته دليلاً على علمه بذلك التأجير وعلى إجازته له مما يعيبه، ويستوجب نقضه .
المحكمة في حيثيات الحكم إن هذا النعى في محله، ذلك بأن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن الإجارة الصادرة من الوكيل وكالة عامة لمدة تزيد على 3 سنوات لا تنفذ في حق الموكل إلا بإجازته لها، والإجازة لما يباشره الوكيل خارجاً عن حدود وكالته - باعتبارها تصرف قانونى يتضمن إسقاطاً لحق - تقتضى أن يكون الموكل عالماً بأن العمل الذي يقره خارجاً عن حدود الوكالة وأنه قد أقره قاصداً إضافة أثره إلى نفسه، وأنه وإن كان المحكمة الموضوع استخلاص ما يعتبر إجازة من الموكل لعمل وكيله المجاوز الحدود الوكالة، لتعلق ذلك بالتعبير عن الإرادة الذى يكفى لقيامه اتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود منه، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت فى الأوراق، وأن تراخى الموكل في رفع دعواه بتجاوز الوكيل لحدود الوكالة مع غياب خارج البلاد فترة من الزمن لا يعتبر بذاته.
والحيثيات: حتى لا يأتى المؤجر ويطلب عدم نفاذ عقد الايجار
وبحسب "المحكمة": وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - دليلاً على قبوله وإجازته لعمل وكيله، وأن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها، أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التى تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها أو استخلص من الأوراق واقعة لا تنتجها - لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن استناداً إلى إجازته لعقد الإيجار الصادر من وكيله المطعون ضده الثاني للمطعون ضده الأول عن عين النزاع بما اشتمل عليه من بنود وشروط مستدلاً على ذلك من أن إبرام وكيله لتلك الإجارة فى ذات يوم التنازل عن الإجارة السابقة لتلك العين والخاضعة لقوانين إيجار الأماكن حقق منفعة لموكله الطاعن بتخلص الأخير من علاقة إيجارية غير محددة المدة بأخرى تخضع لأحكام القانون المدنى.
واستخلص من ذلك ومما ورد بالمستندات المشار إليها بوجه النعى ومن تراخي الطاعن في إقامة دعواه لأكثر من 3 سنوات من تاريخ تأجير وكيله لعين النزاع أن الطاعن كان يعلم بهذا التأجير وأنه أجازه، وكان هذا الذى ساقه الحكم لا يصلح مسنداً لحمل قضائه المتقدم ولا يمكن أن يستفاد منه تعبيراً للطاعن عن علمه بالتأجير الصادر من وكيله ومدته وإجازته لها ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة البحث باقي أوجه الطعن.
وتضيف "المحكمة": وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكانت الأوراق قد خلت من أي دليل على أن الطاعن قد اتخذ موقفاً يقطع فى الدلالة على علمه بالتأجير الصادر من وكيله المطعون ضده الثاني للمطعون ضده الأول وعلى إجازته لهذا التأجير، وكان الحكم المستأنف قد خلص في قضائه إلى عدم نفاذ هذا التأجير فيما زيد عن 3 سنوات من تاريخ إبرامه فى حق الطاعن، ورتب على انقضاء تلك المدة قضاءه بانتهاء عقد الإيجار المشار إليه، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة قانوناً بما يتعين معه تأییده.