الخميس، 25 أبريل 2024 02:40 م

أول محامى روبوت يترافع أمام المحكمة الشهر المقبل.. هل ينتظر العالم قضاة ومحامين آليون أمام المحاكم حال نجاح التجربة؟.. وما موقف الدول منها؟.. دول تسعى لإنشاء محكمة ذكية لا يوجد بها سوى قاضٍ وإنسان آلى

أول محامى روبوت يترافع أمام المحكمة الشهر المقبل.. هل ينتظر العالم قضاة ومحامين آليون أمام المحاكم حال نجاح التجربة؟.. وما موقف الدول منها؟.. دول تسعى لإنشاء محكمة ذكية لا يوجد بها سوى قاضٍ وإنسان آلى المحامى الآلى - أرشيفية
الأحد، 15 يناير 2023 09:00 ص
كتب علاء رضوان

سيترافع أول محامي روبوت مدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي في العالم بالمحكمة الشهر القادم، مدافعا عن متهم بارتكاب مخالفة مرورية - حسبما ذكرت شركة DoNotPay - التي طورت "المحامي الروبوت"، فإنه سيعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي بحيث يستمع لادعاء المحكمة، ويخبر المدعى عليه بما يجب قوله من خلال سماعات، ومن المقرر أن تعقد هذه الجلسة الغريبة في شهر فبراير القادم، إلا أن صانعي الروبوت لم يكشفوا عن مكان انعقاد المحاكمة.  

 

وتتمثل خطة "DoNotPay" فى جعل المدعى عليهم يرتدون سماعة أذن مزودة باتصال Bluetooth في قاعة المحكمة، ومن المحتمل أن تكون "AirPod" أو جهاز السمع، مع تعليمات الذكاء الاصطناعي حول ما سيقوله في آذان المتهمين، وسيناقش أحد المدعى عليهم قضيتهم شخصيًا، والآخر على – Zoom - وتفكر شركة - DoNotPay - أيضًا في تولي قضية ثالثة تتعلق بالإخلاء ستكون هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام الذكاء الاصطناعي في المحكمة، ويحتفظ روبوت DoNotPay بالتواريخ والمواقع الدقيقة لجلسات الاستماع. 

 

10-1-2023_14_46_25_GomhuriaOnline_8931673354785

 

بعد الإعلان عن أول محامى آلى.. قضاة ومحامين الآليون مستقبلاً 

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على ابتكار أول محامى آلى، وإشكالية القضاة والمحامين الآليون مستقبلاً، وموقف الدول من القاضي الآلي أو الربورت؟ وما هو موقف محامين بعض الدول من أجهزة الربورت؟ في حين أن القضايا الابتدائية للذكاء الاصطناعى من المقرر أن تبدأ في فبراير، قد يكون هناك المزيد في المستقبل، وستدفع DoNotPay حينها لأي شخص لديه قضية قادمة في المحكمة العليا الأمريكية مليون دولار لارتداء AirPods والسماح لمحامي آلى بالمناقشة في القضية، فهناك مخاطر لكونك أول من يعتمد على الذكاء الاصطناعي في المحكمة، لكن شركة DoNotPay وافقت على تغطية أي غرامات وسيتم تعويض المدعى عليهم مقابل المشاركة في التجربة - بحسب أستاذ القانون الجنائى والخبير القانونى الدولى محمد أسعد العزاوى.  

 

 

في البداية - على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي قد غزا العديد من مجالات التكنولوجيا المستقبلية، إلا أن تطبيقه يتوسع ليشمل المجالات التقليدية مؤخرًا، ومع التطور المستمر لهذه التقنية وخاصة في اتخاذ القرار، أصبح الذكاء الاصطناعي محط أنظار المحاكم والمؤسسات القضائية، وبدأ يطرح العديد من التساؤلات حول ما إذا كان لديه مؤهلات التحكيم بين الأطراف وما إذا كان لديه القدرة على التحكيم واحترام الحقوق الأساسية وحماية البيانات وتوفير محاكمة عادلة، ولهذا أصدر المجلس الأوروبي أول ميثاق لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المجال القضائي، وفي خطر الخوف الشديد من الوقوع في فخ الحكم الجائر والتعسفي، قالت كليمنتينا باربارو، رئيسة قسم الإصلاح القضائي بالمفوضية الأوروبية: "يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي للكشف عن مدى خطورة الشخص" – وفقا لـ"العزاوى".  

 

4e3a64f74223311db1380b8fe7a27254

 

دول تسعى لإنشاء محكمة ذكية لا يوجد بها سوى قاضٍ

 

ومن خلال تحليل سلسلة من القرارات والبيانات، ستكون قادرة على إخبارك بما يشكل خطر منخفض أو متوسط ​​أو أكثر عرضة لارتكاب جرائم "، وبالمثل، تُستخدم البدلات لتحديد مدة الحبس، وطور الخبراء بعض الروبوتات التي تحلل لغة الجسد لتحديد المذنب، والتي من المتوقع أن تحل محل القضاة البشريين في غضون 50 عامًا، حيث يعتقد ترينس مورى، الكاتب والمتحدث في الذكاء الاصطناعى، أن الآلات ستكون قادرة على اكتشاف العلامات الجسدية والنفسية للخداع بدقة 99.9% - ووفقا لما ذكرته صحيفة "ديلى ميل" البريطانية، فإن الروبوتات ستكون مهذبة، وتتحدث كل لغة معروفة بطلاقة، كما ستكون قادرة على اكتشاف علامات الكذب التي لا يمكن للإنسان اكتشافها – الكلام لـ"العزاوى".

 

وسيكون لدى الروبوت القاضى كاميرات تلتقط وتحدد أنماط الكلام غير المنتظمة، والزيادات العالية بشكل غير عادي في درجة حرارة الجسم وحركات اليد والعين، كما سيتم بعد ذلك تحليل البيانات لتقديم حكم خالٍ من الأخطاء، عما إذا كان المدعى عليه أو الشاهد يقول الحقيقة، وقد اتضح أن القاضي الآلي دخل المرحلة القانونية من خلال باب واسع وصحيح أن له مزايا تسريع عمل الأجهزة القضائية وخفض التكاليف، لكن له أيضًا مخاطر عديدة على الرغم من أن مهمة حكام الروبوتات كانت ناجحة في بعض التجارب، إلا أن الخطر يكمن في افتقارها إلى اللمسة الإنسانية التي يتمتع بها القضاة البشريون، على سبيل المثال: أم سرقت رغيف خبز لطفلها الجائع. هذه هي روح القانون التي قد لا تتمكن الروبوتات من فرضها – هكذا يقول "العزاوى". 

 

جج

 

وليس من الواضح من الذي سيشرف على الذكاء الاصطناعي، وخلصت جوانا بريسون، أستاذة القانون في جامعة باث، في بحثها عن ذكاء الروبوتات التي تحل محل القضاة، إلى أن هذه الروبوتات يمكن أن ترك التحيز العنصري للأشخاص الذين صنعوها وهذه نتيجة لهذه الروبوتات، حيث تقوم بإصدار أحكام مسبقة وهو موقف خطير، وسنتحدث بعد هذه المقدمة عن موقف الدول من القاضي الآلي أو الربورت في أولاً وعن موقف محامين بعض الدول من أجهزة الربورت ثانياً.

 

أولاً- موقف الدول من القاضي الآلي أو الربورت

 

ففي دولة استونيا

 

لحل مشكلة تراكم القضايا في دوائر المحاكم، قررت دولة إستونيا، الاستعانة بقاض آلي (روبوت) يعمل بتقنية الذكاء الصناعي، لإصدار الأحكام في القضايا الصغيرة، وقالت صحيفة "ديلي ميل"، البريطانية، إن قاعدة بيانات القاضي الروبوت ستكون مزودة بكل القوانين المعمول بها في دولة إستونيا، ليعتمد عليها في أي قرار يصدره، القاضي الآلي وسيكون مختصا بنظر النزاعات المالية التي تقل قيمتها عن 8 آلاف دولار، بهدف تقليل الضغط على القضاة البشر، ويمنحهم مزيدا من الوقت للعمل على القضايا الكبرى الأكثر أهمية.

 

ولا يزال المشروع في طور الإعداد ولم يعلن حتى الآن موعد محدد لتنفيذه، غير أن مسؤولين حكوميين في إستونيا قالوا إن القاضي الروبوت سيكون جزءا من مشروع ضخم للذكاء الصناعي سيعلن عنه في مايو 2019. 

 

1312831_0

 

أما في دولة إنجلترا

 

 استخدم باحث من جامعة العلوم بلندن خصائص الذكاء الاصطناعي لإنشاء روبوت يؤدي وظيفة قاضي، وبعد الموافقة على اختباره في بعض القضايا المتعلقة بالمواطن ، يمكن أن يصل الروبوت إلى 70٪ ، مما يعني أنه سيكون وفقًا  للقوانين الوطنية، فإن جزءًا كبيرًا من القضايا التي يحكم عليها صحيحة، وقد أكد الباحثون أن روبوت الحكم هذا هو من المرجح أن يغير هذا المجال تمامًا.

 

وقد قام باحث متخصص في مجال البرمجة ببرمجة الروبوت عن طريق وضع ما يقرب من 679 حالة تم الحكم عليها بشكل صحيح في ذاكرته، مما يؤكد ضرورة استخدامه لأنه سيحسن التأثير الكلي على الأسرة والقضايا الاجتماعية، خاصة في الحالات الصعبة التي تتطلب في بعض الأحيان عدالة. 

 

20231519238551TN

 

وفي إنجلترا أيضا، "فيرى تيرينس موري"، خبير الذكاء الاصطناعي، أن الروبوتات يمكن أن تحل محل غالبية القضاة البشر، وأنها ستصبح سمة مشتركة فى معظم جلسات الاستماع الجنائية والمدنية فى إنجلترا وويلز بحلول أوائل سبعينيات القرن الحادى والعشرين. ويدعى مورى أن هذه الروبوتات ستكون "مهذبة بشكل كبير"، وستتحدث كل لغة معروفة بطلاقة وستكون قادرة أيضا على اكتشاف علامات الكذب التى لا يمكن للإنسان اكتشافها، وكل ذلك بفضل وجود كاميرات تلتقط وتحدد أنماط الكلام غير المنتظمة، والزيادات العالية بشكل غير عادى فى درجة حرارة الجسم وحركات اليد والعين، والتى سيتم تحليلها بعد ذلك لتقديم حكم "خال من الأخطاء"، حيث ستحدد بدقة متناهية ما إذا كان المدعى عليه أو الشاهد يقول الحقيقة أم لا.

 

أما في دولة الصين

 

فلا تتوقف الصين عن إثارة دهشة العالم بكل جديد، وآخر ذلك هو أنشاء محكمة ذكية لا يوجد بها سوى قاضٍ وإنسان آلي، وأول محكمة تستخدم الذكاء الاصطناعي، لأن القاضي هو الشخص الوحيد الذي يظهر في غرفة الشكوى وينسق مع المدعي العام والمحامي والمدعى عليه من خلال جهاز كمبيوتر ويتم تسجيل الاجتماع التجريبي من البداية إلى النهاية بواسطة روبوت قادر على تمييز أطراف النزاع وفهم لهجاتهم المختلفة. 

 

21-11-2022_17_38_55_GomhuriaOnline_491669045135

 

ويقول القاضي شياو فانغ شيون، إن 70% من القضايا لا تتطلب الحضور الشخصي إلى المحكمة، ومع تطور التكنولوجيا وتوجه الحياة نحو الاعتماد أكثر على الذكاء الاصطناعي، فقد استُبدل الكاتب العام بالإنسان الآلي الذي تفوق على العنصر البشري بسرعته في كتابة القضايا.

 

وتستخدم الصين نظام قضاة الذكاء الاصطناعى والمحاكم الإلكترونية والأحكام الصادرة على تطبيقات الدردشة وذلك منذ عام 2017، فقد عالجت «المحكمة المتنقلة» التى تم انشاؤها على منصة التواصل الاجتماعى الصينية الشهيرة «.We chat» وأكثر من ثلاثة ملايين قضية قانونية أو إجراءات قضائية أخرى منذ إطلاقها، تضمنت النزاعات التجارية عبر الإنترنت وقضايا حقوق الطبع والنشر وقضايا أخرى متعلقة بمنتجات التجارة الإلكترونية.

 

وفي الصين أيضاً "حيث تقف زياوفا في محكمة الشعب المتوسطة الأولى في بكين، حيث تقدّم المشورة القانونية وتساعد الجمهور على فهم المصطلحات القانونيّة، إذ تعرف الإجابة عن أكثر من 40 ألف سؤال في مجال النزاعات القضائيّة وتستطيع التعامل مع 30 ألف مشكلة قانونيّة، وتجدر الإشارة إلى أن زياوفا هي روبوت آلي. 

 

20221020110636636

 

بالإضافة إلى ذلك فتملك الصين أكثر من 100 روبوت موزع في المحاكم في جميع أنحاء البلاد، في ظلّ سعيها الحثيث للتحول إلى القضاء الذكيّ، كما بإمكان هذه الروبوتات أن تسترجع بيانات القضايا والأحكام الماضية، لتُساهم بذلك في الحد من الأعباء على الموظفين .

 

وتلجأ المحاكم الصينيّة إلى الذكاء الاصطناعي أيضاً للتدقيق في الرسائل الخاصّة أو التعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي يُمكن استخدامها كدليل في المحكمة. كما تُفيد التقارير بأنّ شرطة المرور تلجأ إلى تقنية التعرف على الوجه من أجل تحديد مرتكبي الجرائم وإدانتهم.

 

إلّا أنّ هذه الاستخدامات القانونيّة للذكاء الاصطناعي ليست سوى البداية لما سيكون مُمكناً في المستقبل.

 

فتتمتّع الصين بنظام قانون مدني يستخدم السوابق القضائية من أجل تحديد نتيجة المحاكمات، ووفقاً لشركة "نورتون روز فولبرايت" القانونية، فليس مستغرباً توجه النظام القضائي إلى الذكاء الاصطناعي مع وجود 120 ألف قاضٍ فقط للتعامل مع 19 مليون قضيّة في العام، وطلبت محكمة الشعب العليا من المحاكم المحليّة أن تستفيد من البيانات الضخمة، والحوسبة السحابية، والشبكات العصبية الاصطناعية، وتعلّم الآلة؛ إذ تهدف محكمة الشعب العليا إلى بناء أنظمة قضائيّة متوافقة مع التكنولوجيا، واستطلاع إمكانية استخدام البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي لمساعدة القضاة والمتنازعين على حلّ القضايا. 

 

رئيسية

 

ويعمل تطبيقٌ يُدعى "إنتيليجنت ترايل 1.0" بالفعل على خفض أعباء عمل القضاة من خلال المساعدة على التدقيق عبر المواد وإعداد نسخ إلكترونيّة عن الملفات القضائيّة ومواد القضايا، لكن ما زال التركيز مُنصباً على مساعدة القضاة والوكلاء والمحامين بدلاً من الحلول مكانهم، وقال تشو كيانج، رئيس محكمة الشعب العليا الذي يؤيد اعتماد الأنظمة الذكيّة، في هذا السياق: "من شأن تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في المجال القضائي أن يزود القضاة بموارد مذهلة، إلّا أنّه غير قادرٍ على الحلول مكان ’خبرة‘ القضاة".

 

وفيما يتعلق بمسألة القضاء على التحيّز وخلق الروابط وتحديد السوابق، فسنوضح ذلك على ثلاثة فقرات.

 

1-القضاء على التحيّز

 

فتشير الإنجازات الحديثة في مجال الذكاء الاصطناعي إلى أنّه بإمكان هذه التكنولوجيا أن تقوم بأكثر من مجرد التدقيق عبر كميّات كبيرة من البيانات؛ فهي قادرةٌ على تطوير مهارات إدراكيّة، والتعلّم من أحداثٍ وقضايا سابقة، ويُفضي ذلك من دون شكّ إلى أسئلة عما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيتمكن في يوم من الأيام من اتّخاذ قرارات أفضل من قرارات البشر، فالقرارات البشرية كافة تعتبر عرُضةً للتحيّز، كما تعاني الأنظمة القضائيّة من التحيّز اللاشعوري على الرغم من حُسن النوايا. 

 

image

 

ومن شأن الخوارزميات القادرة على تجاهل العوامل التي لا تؤثر قانونيّاً بالقضايا الفرديّة، كالجنس والعرق على سبيل المثال، أن تساعد على إزالة بعض من مواطن الضعف هذه، وتعدّ إمكانية الإفراج بكفالة ومدة الحبس الواجب الحكم بها من أهمّ الاعتبارات بالنسبة إلى القضاة؛ وعادةّ ما يعتبر احتمال العودة إلى الإجرام أحد العوامل التي تُملي اتخاذ مثل هذه القرارات، وقد أصبح بإمكان الخوارزميات حالياً اتّخاذ قرارات مماثلة من خلال تقديم تحليل للمخاطر قائم على الدلائل، بدلا من الاعتماد على اتّخاذ القرارات الشخصية من قبل القضاة.

 

وعلى الرغم من هذه المزايا الواضحة، فمال زال من غير الواضح من سيؤدي الدور الإشرافي على الذكاء الاصطناعي للتأكّد من خلو القرارات من العيوب، ويحذّر المراقبون الأكثر حيطةً من أنّ أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تتعلّم وتقلّد التحيّز من الإنسان الذي ابتكرها أو من البيانات التي يتم تدريبها عليها.

 

2-خلق الروابط

 

بإمكان الذكاء الاصطناعي أيضاً أن يُسهم في حلّ الجرائم قبل فترة طويلة من تدخل القاضي، إذ يقوم نظام "فالكري" على سبيل المثال، بتنفيذ الجوانب التي تتطلب الكثير من العمل من المحلّل الجنائي، وذلك عبر البحث في الرسائل وتقارير المختبر ومستندات الشرطة، لتسليط الضوء على النواحي التي تستحقّ المزيد من التحقيق وعلى الروابط المحتملة التي قد يُغفلها الإنسان. 

 

download

 

هذا وبإمكان أنظمة الذكاء الاصطناعي أيضاً أن تساعد في الكشف عن الجرائم قبل حدوثها، وصرّح مينغ جيانتشو، الرئيس السابق للعلاقات القانونيّة والسياسيّة في الحزب الشيوعي الصيني، أنّ الحكومة الصينيّة ستبدأ في استخدام تعلّم الآلة وإعداد نماذج للبيانات بغية توقّع مكان حدوث الجرائم والاضطرابات، وقال مينغ: "باستطاعة الذكاء الاصطناعي إنجاز المهام بدقة وسرعة ليس لهما مثيل لدى الإنسان، كما سيؤدي إلى تحسنٍ ملحوظ في قدرة الإدارة الاجتماعية على التنبؤ وعلى دقتها وفعاليتها".

 

3-تحديد السوابق

 

ما زال من غير المؤكد أيّ من هذه التقنيّات قد تنتشر على نطاق واسع، وكيف ستقوم الحكومات والهيئات القضائيّة المختلفة باختيار أساليب مراقبة استخدامها، فلا يزال اليوم الذي ستتحول فيه التكنولوجيا إلى قاضٍ يحدد السلوك الإنساني الجيّد والسيّء ويقرر العقوبات المناسبة بعيداً في المستقبل، ومع ذلك، غالباً ما تقدّم الأنظمة القضائيّة نماذج مثاليّة عن الخدمات التي يُمكن تحسينها، في حين يرجح أن تستفيد جلسات المحاكمات من تحليل أفضل للبيانات، وغالباً ما يتطلّب القانون محاكمةً ليحدد سابِقَة، لذلك يتوجب الحذر من الحالة الاختباريّة لنظام الذكاء الاصطناعي كقاضٍ".

 

أما بالنسبة للمحامين

 

"إن فكرة الروبوتات في خدمة المحامين، تم طرحها كنظام في عام 2016، إذ بدأ رجل آلي سماه صانعه ومبرمجه باسم “روس”،عمله في شركة محاماة أمريكية، وقد كان الروبوت الأول الذي يخدم المحامين، وقد تم تطويره للتعامل مع حالات إفلاس الأعمال، وقد نجح نجاحا ساحقا في ذلك، مما جعل دولا أخرى تتبنى نفس الفكرة، وهو ما سمح بإنشاء مئات الروبوتات التي تُسمى هذه “الربوتات القانونية”، وهي تُستخدم لمساعدة المحامين وتسهيل عملهم، وبالتالي تمكنهم من أداء عدة مهام في آن واحد، من خلال عرض نزاعاتهم الجديدة على برنامج يمكنهم من معرفة السوابق القضائية، كما يمكنهم أيضًا حساب فرصة نجاح نزاع أو مبلغ تعويض.

 

وبيد أن الوضع القانوني لمحامي الروبوت، نتج عنه العديد من المناقشات حول جودة خدمات هذا الروبوت، وهو ما جعل عدة أسئلة تطرح نفسها بإلحاح: هل يمكن منح الروبوت الشخصية القانونية، ما دام أنه يعتبر روبوتًا بشريًا؟ هل يمكن لمحامي الروبوتات أداء مهام مشابهة لمهام البشر؟

 

تطرح هذه الأسئلة من باب أن الربوتات البشرية تتمتع بذكاء استثنائي قادر على تحديد العديد من الحقائق، وهو ما سوف يدعو مثلا إلى مناقشة إحتمال منحها الشخصية القانونية، التي يجب أن تكون هذه الشخصية متميزة عن شخصية الإنسان، بالرغم من أن المسألة القائلة بأنه على الرغم من قوة الروبوت، فإنه يظل آلة، لا يمكن منحه حقوقا بمنحى عن مسؤولية صانعه، كون الروبوت لا يعرف كنه الحقوق المعطاة له، ليتم مساءلته عن الأضرار الناتجة عن ممارسة عن هذه الحقوق.

 

ولقد راجت بداية من سنة 2016 أحاديثا تدور حول مساهمات “المـحامي الروبوت”،في تسهيل عمل المحامي البشري، فهذه الآلة فاقت ذكاء صانعها ومبرمجها، ويمكنها أداء العديد من الأنشطة وبسرعة كبيرة، وذلك بناء على النقاط الثلاثة التالية:

 

النقطة الأولى: يمكن للروبوت البشري التعامل مع القرارات والسوابق القضائية، عن طريق رسم أفكار ومبادئ عامة لكل نص وهو ما سوف يسمح للمحامي بالتوقف عن قراءة النص بأكملهن إذا سوف يكفي رسم اتبعات الناتجة عنه.

 

النقطة الثانية: يمكن للروبوت البشري، تخزين جميع المعلومات القانونية في قاعدة بيانات، كما سيتم فرز المؤلفات القانونية ورقمنتها، وهذا يتيح للمحامي توفير الوقت الكافي في ممارسة مهنته.

 

النقطة الثالثة: سيزيدون من نجاح المحامي خلال المحاكمة في الواقع، كما يمكنهم تقييم محتوى النزاع، بل أنها توفر حلولاً أفضل للفوز بالدعوى.

 

ومن وجهة نظر أخرى يراها البعض أنها المساعدة بدلاً من أنها المنافسة، فبدلاً من كونها تهديدًا، يمكن أن تكون تقنية البيانات الضخمة (Big Data)، مفيدة للغاية للمحامين الذين تعلموا كيفية ترويضها في وقت قريب بما فيه الكفاية، إذ أنه غالبًا ما يقال أن نصف المهام الجيدة التي يؤديها المحامون المبتدؤون يمكن برمجتها بشكل رقمي، ويرجع ذلك أساسًا إلى أنها إجراءات إدارة البيانات، من خلال تفريغ جزء من عملهم مع هذه الحواسيب الفائقة الذكاء والنجاعة، فسيتمكن المحامون في العقود القادمة من التركيز على أهم جزء من عملهم، وهي العلاقة الإنسانية مع موكلهم.

 

ومن ناحية أخرى يقول ريان كالو (Ryan Calo)، أستاذ القانون في جامعة واشنطن والذي تشمل تخصصاته الروبوتات والأتمتة: «بمجرد أن يكون هناك بعض التعقيدات في القضية، أو مقاومة من جانب الطرف الآخر، تصبح الأتمتة غير قادرة على التعامل مع هذه المشاكل القانونية». وأضاف: «هناك انطباع خاطئ بأن هذه التطبيقات تساعد البشر على التعامل بحرية كبيرة مع النظام القانوني، لكنها لا تساعد أصحاب القضايا إلا في حدود قانونية ضئيلة».

 

ومن جانب أخر - فإن بعض الدول، مثل البرازيل، لديها عدد كبير من القضايا المتراكمة أمام المحاكم والتي يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي المحامين في تسويتها.

 

ويقول بروس براود، كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة "ديلويت ليغال"، الذراع القانونية لعملاق المحاسبة" ديلويت"، إن نظام برمجيات "تاكس-آي TAX-I " الخاص به يمكنه تحليل بيانات محكمة تاريخية لقضايا طعن ضريبية مماثلة.

 

وتقول أيضاً الشركة إنها تستطيع التنبؤ بشكل صحيح بقرارات الطعون بنسبة 70 في المئة، ويضيف براود أن ذلك يوفر طريقة أكثر قابلية للقياس الكمي تحدد احتمال النجاح، الأمر الذي يمكنك استخدامه لتحديد ما إذا كان عليك المضي قدما أم لا.

 

كما وقد أعلنت شركة المحاماة بيكر وهوستلر عن توظيف الروبوت «روس» الذكي اصطناعيا والمنتج من قبل شركة IBM كمحام في قسم قضايا الإفلاس الخاص بها.

 

وبحسب وكالة روسيا اليوم يضم قسم الإفلاس في الشركة حوالي 50 موظفا، حيث صمم المحامي الذكي اصطناعيا من أجل قراءة وفهم اللغة وتكوين فرضيات عند طرح الأسئلة عليه، من أجل توليد إجابات اعتمادا على المصادر والمراجع لدعم استنتاجاته.

 

ويقوم المحامي روس أيضا بالاطلاع على كل كتب القانون، ويعود بأجوبة مرفقة بالمراجع والتشريعات، ويستطيع الاستشهاد بقضايا مشابهة، وبإضافة إلى ذلك يقوم بمراقبة القانون على مدار الساعة من أجل الاطلاع على القرارات الجديدة المحدثة.

 

ويشرح مسؤولون من شركة بيكر وهوستلر أهمية اعتماد التقنيات الجديدة في أعمال الشركة، والروبوت روس يعتبر حاليا من أهم المساعدين القانونيين الأذكياء اصطناعيا.

 

 ثانياً- موقف محامين بعض الدول من أجهزة الربورت

 

ففي بريطانيا

 

اعترض أكثر من 100 محامٍ في لندن على جهاز كمبيوتر مرتبط بقاعدة بيانات ضخمة تسمى "Case Crunch Alpha"، من أجل التنبؤ بالنتيجة القانونية للشؤون المالية، وقد أذهلت النتيجة المراقبين بتنبؤ دقيق بنسبة 86.6٪ للآلة مقابل 66.3٪ للبشر، وهي النتيجة التي اعتبرها الكثيرون، بمثابة نقطة البداية لثورة في عالم القانون، ثورة انتصار الخوارزميات والبيانات الضخمة الشهيرة.

 

أما في أمريكا

 

حيث واجهت شركات التكنولوجيا القانونية تحديات من قبل، ففي عام 2017 ، رفعت شركة "LegalForce" العالمية في كاليفورنيا ومقرها بالو ألتو دعوى قضائية ضد شركة "LegalZoom" ، وهي شركة ساعدت الأشخاص في صياغة المستندات القانونية مع مجموعة من المحامين والإجراءات.

 

وصرحت شركة Legal Force أن شركة Legal Zoom تقوم بعمل قانوني بدون ترخيص، وفقًا للسجلات الرسمية، تمت تسوية القضية سراً خارج المحكمة، ورفضت ليغال زوم التعليق على التسوية، وبسبب هذا الغموض جزئيًا، تعمل العديد من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الشرعية فقط حول الجوانب الجانبية والفرعية.

 

فعلى سبيل المثال، تستخدم شركة ديفورس فاي "Divorcify"، وهي شركة ناشئة أسسها كيسي شيفين Casey Shevin، محام بقانون الأسرة في بوسطن، روبوت محادثة لتوجيه الأشخاص، من خلال تقديم طلب الطلاق، ومساعدتهم على تحديد المسار القانوني الذي يحق لهم اتباعه سواء كان وساطة خفيفة أو تفاوضا خارج المحكمة أو تقاضيا كاملا، ولكن هذا الروبوت يتوقف عن المشاركة في العملية القانونية نفسها، وبدلاً من ذلك، يوجه المستخدمين إلى اختيار محامين متخصصين في النوع الصحيح من التسوية.

 

وفي صدد هذا الموضوع تثار لدينا الكثير من الأسئلة، وهي إلى أي مدى يمكن الإعتماد على الربورت في بعض القضايا، الأمر الآخر هل سيكون هناك تعاون مشترك ما بين القاضي والروبوت، وكذلك هل سيتم الاستغناء عن القاضي الذي يعقد عقود الزواج أو بعض العقود الأخرى، يضاف إلى ذلك هل سيتم أيضاً الاستغناء عن قلم المحكمة وكذلك هل سيتم الاستغناء عن المحامي المنتدب في المحاكم، وهل سيستعمل المحامي مع هذا الربورت للمساعدة أم لا.

 

والسؤال الأكثر أهمية هو كيف سيتم التعامل مع من يخترق هذا الربورت مستقبلاً فلاشك أننا سنكون هنا أمام جريمة جنائية جديدة وهناك أسئلة كثيرة تدور بصدد هذا الموضوع ولايسعنى المجال لذكرها ونكتفي بهذا العدد من الأسئلة على أمل أن توضح لنا تطبيقات المستقبل هذه التكنولوجيا في المحاكم الغربية منها أو العربية.

 

وأخيراً - فأن هذه التكنولوجيا الحديثة في حالة إذا ما تم  استخدامها بصورة سليمة بحيث تتوافق مع يراه العقل والمنطق، فأنها ستغير الكثير من ملامح القوانين الإجرائية. 

 

 

44

أستاذ القانون الجنائى والخبير القانونى الدولى محمد أسعد العزاوى
 

موضوعات متعلقة :

هل يجوز للمستأجر طرد المالك؟.. المشرع أجازها تحت مسمى "دعوى منع التعرض".. ومحكمة النقض: "العين" حق للمُستأجر طالما لم يُخل ببنود الاتفاق.. ورفع دعوى "طرد للغصب" خلال سنة من فقد الحيازة

يعنى إيه إعلام ورثة؟ .. ماذا لو شخص استخرج إعلام وراثة وأغفل اسم "مرات أبوه" وشقيقته من أبيه ما الحل؟.. المشرع أجاز للزوجة رفع دعوى بطلان الإعلام.. وخبير يوضح عقوبة تزوير الشقيق وخطوات الإثبات

هل يجوز تفتيش "المحال" دون إذن؟.. المشرع أجاز لمأمورى الضبط القضائى دخول المحال وتفتيشها دون إخطار أو إذن مسبق.. 9 مخالفات تتسبب فى دخوله وغلقه.. أبرزها ممارسة أفعال مخلة بالنظام العام أو الآداب العامة

بعد إعلان نتيجة كلية الشرطة.. هل يمتلك الطلبة المستبعدون فرصة أخيرة للعودة؟.. المشرع أجاز اللجوء للقضاء الإداري أمام دائرة "التعليم".. والمحكمة تنظر فى "المجموع الاعتبارى" والتحريات.. وقانونى يوضح خطوات العودة

ما مصير أموال "القلعة البيضاء"؟.. النادى يُخاطب "المالية" لخصم الضرائب المُستحقة من الحسابات المحجوز عليها لصالح ممدوح عباس.. والمُشرع يمنح الأولوية لمُستحقات الضرائب على كافة الديون العادية


الأكثر قراءة



print