الجمعة، 19 أبريل 2024 09:22 ص

المغرب يُواجه أزمة "المقابر".. والبرلمان يقترح تشريع "الدفن الأفقى".. 415 مقبرة بلغت الحد الأقصى.. ووزير الأوقاف: نحتاج 247 فدانًا سنويًا للمقابر.. والدفن "قبر فوق قبر" يتطلب موافقة الإفتاء

المغرب يُواجه أزمة "المقابر".. والبرلمان يقترح تشريع "الدفن الأفقى".. 415 مقبرة بلغت الحد الأقصى.. ووزير الأوقاف: نحتاج 247 فدانًا سنويًا للمقابر.. والدفن "قبر فوق قبر" يتطلب موافقة الإفتاء المغرب تواجه أزمة بالمقابر
الإثنين، 28 نوفمبر 2022 09:00 م
كتبت آمال رسلان

تبددت حكمة "إكرام الميت دفنه" فى المغرب، بعد أن ضاقت المقابر ذرعا بأعداد الموتى، ففى الأونة الأخيرة أصبح إيجاد قبر لدفن أحد المتوفين أمرا صعبا، وصل إلى حد المستحيلات فى بعض المدن، فى ظل عدم إضافة أراضى جديدة لبناء مقابر وارتفاع أعداد الموتى.

 

الأزمة فى المغرب ليست وليدة اللحظة فمنذ سنوات حذر البرلمان من خطورة الوضع، ولكن عدم التعامل الجدى مع دعوات البرلمان أدت إلى تفجيرها خلال العام الجارى، حتى وصل الحد فى بعض المدن بعدم وجود "قبر شاغر" كما حدث مؤخرا فى مقابر سلا وسيدى بلعباس وقرية أولاد موسى وسيدى الضاوى التى امتلئت عن آخرها، مما يدفع أهالى المتوفين باللجوء لمقابر مدن ومحافظات بعيدة عنهم لدفن موتاهم.

 

وفى ظل تلك الأزمة قدم بعض نواب البرلمان مقترحات لتجاوز الأمر فى ظل عدم وجود انفراجه بتحديد أراضى جديدة للمقابر، وكان فى مقدمتها اعتماد "الدفن الأفقى" – فبر فوق قبر - بدلا من التمدد الرأسى فى المقابر، وهو الأمر الذى أثار جدلا كبيرا تحت القبة وخارجها بين مؤيد ومعارض، فيما أشار وزير الوقاف المغربى إلى احتياج هذا الأمر لفتوى دينية قبل التشريع.

 

ويشتمل كامل تراب الأراضى المغربية وفقا لإحصائيات رسمية على 3600 مقبرة، فى حين يتجاوز عدد السكان 36 مليون نسمة، وخلال الفترة الآخيرة ارتفعت وتيرة الدفن التى تصل فى بعض المقابر إلى 60 وفاة فى اليوم، ووفقا لدراسة سابقة أعدتها وزارة الداخلية المغربية فإن 415 مقبرة - بمساحة 600 هكتار - وصلت إلى الحد الأقصى من طاقتها الاستيعابية.

 

وحذر نائب برلمانى عن الفريق الحركى بمجلس النواب من العجز المسجل فى الوعاء العقارى المخصص للمقابر لدفن المسلمين، حيث أوضح فى سؤال شفوى للحكومة أن عدد المقابر الموجودة فى المغرب سواء بالمدن أو القرى لم يعد كافيا، وهو ما يتوجب وضع مخطط للمقابر للحصول على الأراضى وتجهيزها.

 

فى حين طرحت البرلمانية حياة لعرايش عن حزب الاتحاد الاشتراكى سؤالاً على الحكومة مؤكده  أن "المساحات المخصصة للمقابر باتت تتقلص يوماً بعد آخر"، مبرزة أن "المشكلة تكمن فى إيجاد أماكن شاغرة من أجل دفن الموتى، لأنه حتى الحيز الفاصل ما بين القبور يتم حفره بشكل يمس بحرمة الأموات".

 

وخلال جلسة استجواب ساخنة تحت القبة البرلمان كشف أحمد التوفيق وزير الشؤون والأوقاف الإسلامية أن إحداث المقابر وتنظيمها وصيانتها موكول للجماعات الترابية – الهيئات المحلية لكل مدينة ومحافظة - ويحتاج المغرب سنويا إلى أكثر من 247  فدان، بالمجالين القروى والحضرى لدفن الموتى، وهى الأراضى التى لا يمكن أن تتم تعبئتها من جانب وزارة الأوقاف، بل إن الاختصاص يعود للجماعات المحلية.

 

وأكد وزير الأوقاف، أن قلة المساحات العقارية المخصصة لدفن الموتى ليست هى السبب الوحيد للأزمة، فهناك "فراغ قانونى" فى هذا الصدد يؤدى إلى تعميق القضية، وأشار إلى أن فكرة الدفن الأفقى تحتاج قبل تشريعها إلى فتوى دينية وتقبل مجتمعى لها، إذ قال :"إن الحل ليس استصدار فتوى دينية بهذا الخصوص، بل اعتماد الدفن بطريقة المقابر المتراكبة، لكن المغاربة لا يزالون يرفضون هذه الطريقة".

 

وأوضح الوزير، أن قطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية غير مسئول بشكل مباشر عن مسألة توفير المقابر، إلا أنه وعد بأن وزارته ستقود حوارا مع المختصين بالحكومة والجهات المختصة حول هذا الأمر، كونه موضوع يهم جميع المغاربة.

 

ولكن المقترح الأن لا يرتبط بالتحرك الحكومى أو البرلمانى لإقراره بل إنه مرتبط برأى الفقهاء فى المغرب، والذين سبق أن عبروا عن رفضهم لهذه الطريقة فى الدفن، معتبرين أنها تتعارض مع الأراء الفقهية حول شكل المدفن وطريقة الدفن.

 

ومنذ بضع سنوات عندما تم طرح هذا الأمر رفضت هيئة الإفتاء العلمية بالمغرب المقترح بإجازة طريقة جديدة فى الدفن، وهى الدفن الأفقى “قبرا فوق قبر” مثلما هو موجود فى بعض البلاد العربية والإسلامية، حيث ارتأت ألا تتعجل فى الحسم فى الموضوع، ودعت بالمقابل إلى أن يظل الأمر كما هو جار به العمل حاليا فى المقابر المغربية، حيث ينفرد كل ميت بقبره.

 

وأوردت الفتوى وقتها بأن الأصل الشرعى المُقرَّر فى كتب السنة والفقه بمختلف مذاهبه الفقهية هو دفن كل مسلم متوفى فى قبر خاص، ظاهر على وجه الأرض إلى جانب قبور أخرى على الكيفية الشرعية المعلومة أفقيا على جنبه الأيمن، ووجه إلى القبلة، كما هو معروف عند الجميع”.

 

وجاء فى نص الرأى الفقهى الذى أدلى به علماء هيئة الإفتاء بأن "المغرب المحافظ على دينه المتشبث بقيمه وعوائده، قد لا يرضى أهله بالطريقة الجديدة المقترحة للدفن فيما إذا وقع العمل بها، ولا يستسيغونها فى نفوسهم ومشاعرهم حيث لا عهد لهم بها فى حياتهم طيلة قرون وأجيال، بصرف النظر عن الباعث على اقتراحها وتقديره والوعى به من الهيئة، وعن إمكانية تحقيقها على أرض الواقع، وظهورها فى بعض البلاد الإسلامية".

 

وخلصت الهيئة إلى أنها ارتأت أن تتأنى فى الأمر وتتروى فيه، وألا تتعجل وتتسرع فى الإفتاء بجواز الدفن على الطريقة الجديدة المقترحة أفقيا قبرا فوق فبر، وأن يبقى الدفن على ما هو مقرر ومعلوم شرعا ومتعارف عليه اجتماعيا، من انفراد كل متوفى فى قبر خاص به على وجه الأرض وبجانبه قبور أخرى، لأن ذلك هو الأليق الذى يتماشى مع كرامة المتوفى.

 

ولكن اليوم وبعد مرور سنوات على تلك الفتوى أصبح المتوفى لايجد قبرا شاغرا يضمه ليرقد فى سلام، وبعد طرح الأمر مجددا داخل البرلمان المغربى، وبعد التأكيد على ضرورة فتوى دينية لتشريع هذه الطريقة فى الدقن، أصبح الأمر حصرا لدى هيئة الإفتاء المغربية.


print