الأربعاء، 24 أبريل 2024 09:22 م

متى يصمت كل مبروك عطية؟.. القانون يواجه العابثين بالقضايا الحساسة.. المشرع وضع قانوني العقوبات وتقنية المعلومات لمواجهة الجريمة.. والعقوبة تصل لـ 5 سنوات حبس و100 ألف جنيه غرامة

متى يصمت كل مبروك عطية؟..  القانون يواجه العابثين بالقضايا الحساسة.. المشرع وضع قانوني العقوبات وتقنية المعلومات لمواجهة الجريمة.. والعقوبة تصل لـ 5 سنوات حبس و100 ألف جنيه غرامة الدكتور مبروك عطية - أرشيفية
الإثنين، 01 أغسطس 2022 09:00 م
كتب علاء رضوان

تصدّر خلال الساعات الماضية اسم الدكتور مبروك عطية، عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية السابق بجامعة الأزهر الشريف، عمليات البحث على الإنترنت والسوشيال ميديا عقب تصريحاته عن السيد المسيح، والتي أثارت جدلاً كبيرًا بين نشطاء التواصل الاجتماعي، تسببت على إثرها في أزمة جديدة لـ"عطية"، بسبب تلك التصريحات، التي اعترض خلالها على كلمة "السيد المسيح" بطريقة ساخرة، مُبررًا ذلك أن القرآن الكريم لم يذكر إلاَّ "المسيح" دون "السيد"، قائلاً: "والله أنا أتحدى إبراهيم عيسى لو قال ربع اللي قاله في القرآن الكريم، كل كلمة في موعظة الجبل لسيدنا عيسى، بلا السيد المسيح بلا السيد المريخ، كلهم سادة".

 

أزمة تصريح عبر مواقع التواصل الاجتماعي

 

وفى تلك الأثناء - سرعان ما انتشر الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي المُختلفة، وتداوله عدد كبير من رواد السوشيال ميديا، حاصدًا ملايين المشاهدات، متهمينه بالاستهزاء بالسيد المسيح عيسى ابن مريم، حيث تعرض مبروك عطية لهجوم من المصريين مسلمين قبل الأقباط وانتقادات من كل حدب وصوب، مبينين أنَّ الإسلام دائمًا يحترم الأديان ويقبل الآراء، واتهمه البعض أيضًا بازدراء الدين المسيحي والإسلامي، في حين تم تقديم العديد من البلاغات للنيابة العامة، ودعاوى قضائية أمام مجلس الدولة للمطالبة بمعاقبته، وتضامن معهم مجموعة من المفكرين وأعضاء مجلس أمناء منظمة الاتحاد المصري الذين اعترضوا على ما قام به الداعية المصري من استهزاء من سيدنا عيسى عليه السلام.  

 

1832515_0

 

التراجع عن تصريحاته

 

تلك الأزمة ونتيجة الهجوم القوي على تصريحات الداعية الأزهرى، عاد مبروك عطية بظهور جديد عبر فيديو مصور نشره على قناته الرسمية على موقع "يوتيوب" معتذرًا عن تصريحاته - وقال عطية - إنه لا يسخر من نبي، معقبًا: "أن الإسلام لا يُفرق بين الرُسل وأنا لا أفرق بين أحد منهم والعياذُ بالله أن يسخر الإسلام أو أنا من نبي من الأنبياء، سيدنا عيسى وموسى عليهما السلام أو أي نبي ذكره الله أو بلغة سورة النساء قصه الله علينا أو لم يقصصه"، واستشهد بآية من القرآن الكريم قائلًا: "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ"، واختتم تصريحاته قائلاً: "أنا لا أذكر أنني سخرت من السيد المسيح، من يسخر من السيد المسيح يسخر من السيد محمد عليه الصلاة والسلام باللغة لأنهم كلهم سادة".  

 

تصريحات متتالية اثارت حفيظة المصريين

 

وفى الحقيقة ليست هذه المرة الأولى التي يثير فيها الدكتور مبروك عطية الجدل من خلال تصريحاته، فعادة ما يثير مثل هذه البلبلة حال ظهوره على منصات التواصل الاجتماعي، وأكثر من مرة يصدر قرار من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بإحالته للتحقيق بسبب تصريحات تسئ للمجتمع المصرى على إحدى القنوات الفضائية، أبرزها عندما صرح: "ثلاثة أرباع سكان مصر ولدوا لزيجات حرام"، وتصريح آخر ضد المرأة عقب مقتل طالبة المنصورة نيرة أشرف؛ والتي قال فيها: "عاوزة تحافظي على نفسك إلبسي قفة وإنتي خارجة"، وغيرها من التصريحات التي تثير حفيظة المصريين.

 

11

 

الشيخ مبروك عطية يزدري السيد المسيح

 

وفى هذا الشأن يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى – أن اسم المسيح تكرّر في القرآن الكريم 11 مرّة، وتكرّر اسم عيسى 25 مرّة، وبذلك فقد ورد اسم "عيسى" ولقب "المسيح" في القرآن 36 مرّة، وذلك في إحدى عشر سورة، ورغم أن الدكتور مبروك عطية يعلم ذلك جيدا إلا أن تصريحه فيه ازدراء للدين المسيحي والإسلامي على حد سواء، وتجاوز الحد المسموح به فى الطرح، ويصنف كهجوم مسيء، وفي تقديري إن هذا التصريح يعد جريمة  ازدراء الدين المسيحي مكتملة الأركان وهذا ثابت من خلال تصريحه والتعدي بالقول وبطريق العلانية علي الدين المسيحي والإسلامي.

 

 

وبحسب "صبرى" في تصريح لـ"برلمانى": ويستفاد ذلك من نص المادة "98 و" من قانون العقوبات تنص علي: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تجاوز 5 سنوات أو بغرامة لا تقل عن 500 جنيه، ولا تجاوز 1000 جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية"، والقانون يعرف جريمة ازدراء الأديان بأنها احتقار الدين، أو أحد رموزه، أو مبادئه الثابتة، أو نقده أو السخرية منه بأي شكل من الأشكال، أو إساءة معاملة معتنقيه، لأن مثل هذه السلوكيات هي التي تثير الفتن، ومن هنا، فإن الهجوم بأي شكل على كل ما يتعلق بالدين يعد ازدراء له.

 

hqdefault

 

ما هو التجديف في القانون؟

 

ووفقا لـ"صبرى": أن الازدراء أو التجديف هو عدم إظهار تقدير أو احترام تجاه شخصيات مقدسة في الديانات الإبراهيمية، أو الاعتداء علي قدسية الاعتقاد الديني والإساءة للدين، ومهاجمة العقيدة، والذي يعبر عنه بالتطرف الديني، إما باحتقاره، وإهانة الدين، أو التشدد المخل، وهي الصورة الأكثر انتشارا، كما أن حرية الإعتقاد والرأي مكفولة بمقتضى الدستور، إلا أن هذا لا يبيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره أو يزدريه عن عمد منه، فليس له أن يحتمي من ذلك بحرية الاعتقاد وإنما تضع مرتكب تلك الجرائم تحت طائلة القانون، وإن تصريحه أيضاً فيه مخالفة لميثاق الشرف الإعلامى ومدونة السلوك المهنى، واستمراره فى ارتكاب المخالفات المهنية، وغير مسموح له أو لغيره إهانة أبناء الشعب المصري أو ازدراء الدين المسيحي أو النيل من السيد المسيح.

 

ويضيف الخبير القانوني: نحن نحتاج إلى ضبط الأداء الإعلامى، والتدقيق فيما يقدم للمشاهدين واحترامهم، والالتزام بميثاق الشرف الإعلامى ومدونة السلوك المهنى، والبعد عن الأمور التى تحدث أى إثارة أو بلبلة، حيث خالف مثل هذا التصريح كود الاخلاق الذى نص على عدم التحقير من الاشخاص، ومخالفة المادة (16) من لائحة الجزاءات والتى تنص على ان استخدام الفاظ تؤذى مشاعر الجمهور مخالفة تقتضى توقيع الجزاء على المخالف، والدستور المصرى الصادر فى 2014 فى المادة 211 منه أناط بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مسئولية وضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الصحافة ووسائل الأعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها والحفاظ على مقتضيات الأمن القومى، وأوجب عليه القانون رقم 180 لسنة 2018 اتخاذ الإجراءات المناسبة اللازمة لبلوغ تلك الغايات، وخوَّله من الاختصاصات والسلطات، وأتاح له استخدام العديد من التدابير وتوقيع ما يراه ملائما من الجزاءات المعينة له فى هذا المقام.

 

106784-74a19bc49fc354b841a2fe0f0f03d767

 

قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام

 

وطبقاً للمادة 211 من الدستور الصادر عام 2014 والمادة (94) من القانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام واللوائح الصادرة تنفيذاً له، فإن هذا الصريح خالف ميثاق الشرف الإعلامى ومدونة السلوك المهنى فى باب أولاً المبادئ العامة فى فقراتها أرقام (2، 4، 6، 9) والتى نصت على التالى:

1- الفقرة رقم 2 على احترام القيم المجتمعية وآداب وتقاليد المهنة.

2 - الفقرة رقم 4 احترام الوحدة الوطنية.

3- الفقرة رقم 6 احترام الكرامة الإنسانية وعدم الإساءة إلى أى فئة من فئات المجتمع.

4- الفقرة 9 تنص، على احترام حقوق الجماهير مستمعين ومشاهدين.

 

17067480101647792895

 

كما تنص الفقرة الثانية فى باب الواجبات، على عدم مخالفة الالتزام بالموضوعية فى التناول، والتوازن فى عرض وجهات النظر، وعدم تغليب المصالح الخاصة على الاعتبارات المهنية، وبناء عليه فأنني أناشد السيد الأستاذ المستشار النائب العام بصفته صاحب الاختصاص الأصيل تحريك الدعوي الجنائية ضد الشيخ مبروك عطية والتحقيق بتهمة ازدراء الدين المسيحي، كما أطالب المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أعمالاً للمادة 94 من القانون رقم 180 لسنة 2018 وهو المنوط به ضبط الأداء الإعلامى اتخاذ قرار بإيقاف الشيخ مبروك عطية عن الظهور الإعلامي، وإحالة الأمر إلى النيابة العامة للتحقيق معه بازدراء الدين المسيحي وكذلك الإسلامي على حد سواء – الكلام لـ"صبرى". 

 

 

المشرع وضع قانونى العقوبات وتقنية المعلومات لمواجهة ازدراء الأديان

 

وجريمة ازدراء الأديان أو بالأحرى استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة المنصوص عليها في المادة 98 " و " من قانون العقوبات تتطلب لتوافرها ركناً مادياً هو الترويج أو التحبيذ بأية وسيلة لأفكار متطرفة تحت ستار مموه أو مضلل من الدين آخر معنوياً بأن تتجه إرادة الجاني لا إلى مباشرة النشاط الإجرامي وهو الترويج أو التحبيذ فحسب، وإنما أيضا أن تتوافر لديه إرادة تحقيق واقعة غير مشروعة وهى إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي، وذلك طبقا للطعن رقم 41774 لسنة 59 قضائية. 

 

64269-maxresdefault

 

ويلاحظ أنه إذا وقعت جريمة ازدراء الأديان من خلال مواقع التواصل الاجتماعي كان نص المادة 98 "و" عقوبات هو المرشح للتطبيق دون نص المادة 25 من قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175  لسنه 2018 علي اعتبار أن نص المادة 98 وعقوبات من النصوص الخاصة، إذ صرح المشرع في تلك المادة بأنه لا اعتداد بالوسيلة التي لجأ اليها الجنائي في ازدراء الدين محدد نمط محدد في الانتهاك وهو الاعتداء علي أحد الأديان السماوية في حين أن نص المادة 25 من قانون جرائم تقنية المعلومات جاء عام في انتهاك قيم المجتمع دون تحديد نمط انتهاك بعينه  ومن المعلوم أن الخاص يقيد العام.  

 

رأى محكمة النقض في الأزمة 

 

هذا وقد سبق لمحكمة النقض المصرية التصدي لمثل هذه الأزمات في الطعن المقيد برقم 21602 لسنة 84 قضائية، حيث ذكرت في حيثيات حكمها: "أنه لا يعترض علي التجريم والعقاب بالتمسح بحرية الاعتقاد المكفولة بمقتضى الدستور، إذ تلك الحرية تكون بين الإنسان ونفسه ولا تخول لصاحبها إيذاء الناس فيما يعتقدوه أو يأمنوا به من أديان سماوية، فالإنسان حر مالم يضر، وحرية الاعتقاد لا تبيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره أو يزدريه عن عمد منه، فإذا ما تبين أنه كان يبتغي بالجدل الذي أثاره المساس بحرمة الدين والسخرية منه، فليس له أن يحتمي من ذلك بحرية الاعتقاد". 

 

download

 

553
 
الخبير القانونى والمحامى بالنقض هانى صبرى  
 

 


الأكثر قراءة



print