الجمعة، 29 مارس 2024 07:21 ص

التوسع فى منح الضبطية القضائية بين التأويل والتطبيق.. "العدل" منحتها لـ 28 جهة.. ومعركة المنح مستمرة من 70 عاما.. وخبير يوضح شروط منحها

التوسع فى منح الضبطية القضائية بين التأويل والتطبيق.. "العدل" منحتها لـ 28 جهة.. ومعركة المنح مستمرة من 70 عاما.. وخبير يوضح شروط منحها الضبطية القضائية - أرشيفية
الخميس، 26 مايو 2022 03:00 م
كتب علاء رضوان

"كيف يكون لنظار المدارس ضبطية قضائية؟".. سؤال يتضمن العديد من الإشكاليات حول الإجابة عليه، حيث يرى السواد الأعظم أن هناك مخاطرة في التوسعة في مسألة الضبطية القضائية بحيث لا تكون لكل من "هب ودب"، فتؤدى إلى فقد قيمتها وسياج الردع الذي يجب أن يحاط بها، وهو السؤال الذى أجابت عنه: المادة 20 من قانون رقم 139 لسنة 1981 بإصدار قانون التعليم وفقاً لآخر تعديل صادر في 8 أبريل عام 2019، صفة الضبطية القضائية لنظار مدارس التعليم الأساسي، إذ نصت على: "لنظار مدارس التعليم الأساسي، ولمن يندبهم المحافظ المختص من هيئة الإشراف والتوجيه الفني بالأقسام التعليمية صفة رجال الضبط القضائي في تنفيذ حكم الإلزام".

 

فيما أقرت المادة 21 على: "يعاقب بغرامة مقدارها عشرة جنيهات والد الطفل أو المتولي أمره إذا تخلف الطفل أو انقطع دون عذر مقبول عن الحضور إلى المدرسة خلال أسبوع من تسلم الكتاب المنصوص عليه فى المادة (19) من هذا القانون، وتتكرر المخالفة وتتعدد العقوبة باستمرار تخلف الطفل عن الحضور أو معاودته التخلف دون عذر مقبول بعد إنذار والده أو المتولي أمره، فيما نصت المادة 15 من القانون سالف الذكر على:

 

"التعليم الأساسي حق لجميع الأطفال المصريين الذين يبلغون السادسة من عمرهم تلتزم الدولة بتوفيره لهم ويلتزم الآباء أو أولياء الأمور بتنفيذه، وذلك على مدى تسع سنوات دراسية، ويتولى المحافظون كل في دائرة اختصاصه إصدار القرارات اللازمة لتنظيم وتنفيذ الإلزام بالنسبة للآباء، أو أولياء الأمور على مستوى المحافظة كما يصدرون القرارات اللازمة لتوزيع الأطفال الملزمين على مدارس التعليم الأساسي في المحافظة ويجوز في حالة وجود أماكن، النزول بالسن إلى خمس سنوات ونصف وذلك مع عدم الإخلال بالكثافة المقررة للفصل". 

 

download

 

التوسع في منح الضبطية القضائية بين التأويل والتطبيق

 

وفى الحقيقة - "خناقة" الضبطية القضائية والتوسع فيها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فمنذ ثورة 30 يونيو 2013، فقد صدرت قرارات وزارية بمنح الضبطية القضائية لبعض الموظفين بالنسبة للجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم، منهم على سبيل المثال لا الحصر منح الضبطية القضائية للعاملين بجهاز حماية المستهلك وقيادات وزارة البترول وموظفي الأمن بالجامعات، وموظفي الصحة والسكان وموظفي الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي، ومنح صفة الضبطية القضائية للعاملين بالجهاز القومي للاتصالات، ومفتشى الصيدليات، وغيرها من الوظائف، حيث تثير دائما وأبدا مسألة "منح الضبطية القضائية" حالة من الجدل المستمر لعدد كبير من القطاعات مما يمكن الانحراف بها عن الغرض الذي أنشئت من أجله ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد‏.   

 

كيف أصبحت الضبطية القضائية في يد الجميع؟

 

وفى الحقيقة التي لا تخفى على أحد - أن "الضبطية القضائية" - تحسن من أداء الواجبات المفروضة عليهم، ويعتبر قرار منح الضبطية القضائية للعاملين بالجهات والهيئات الرقابية جعلهم يحملون "سيف الدولة"، في محاولة جادة لوقف المخالفات اليومية التي قد تؤثر على صحة المواطنين، والحفاظ على الأمن والنظام، فضلاً عن مخالفات وسائل النقل في القاهرة والمحافظات، لكن في الفترات الأخيرة تم التوسع في منح الضبطية القضائية لعدد من جهات موظفي الدولة، فقد جاء ذلك في اطار إصدار وزارة العدل أكثر من قرارا وزارياَ بمنح الضبطية القضائية لبعض المسؤولين بعدة قطاعات ووزارات وهيئات.    

 

2

 

28 جهة قضائية مُنحت الضبطية القضائية

 

الجهات التي لها حق الضبط القضائي في مصر حاليًا، لمن حددهم نص القانون:

 

1-موظفي الأمن بالجامعات.

 

2- أعضاء النيابة العامة ومعاونوها.

 

 3- ضباط الشرطة وأمناؤها والمساعدون.

 

 4- رؤساء نقط الشرطة.

 

 5-العمد ومشايخ البلاد ومشايخ الخفراء.

 

6-نظار ووكلاء محطات السكك الحديدية الحكومية.

 

7-مديرو وضباط إدارة المباحث العامة بوزارة الداخلية وفروعها بمديريات الأمن.

 

 8-ضباط مصلحة السجون.

 

 9-مديرو الإدارة العامة لشرطة السكك الحديدية والنقل والمواصلات وضباط هذه الإدارة.

 

 10- مفتشو وزارة السياحة.

 

 11-مفتشو وزارة الأوقاف.

 

 12-قيادات وزارة البترول.

 

 13-مفتشو التموين.

 

 14- العاملون بجهاز حماية المستهلك.

 

 15-ضباط القوات المسلحة. 

 

Capture

 

 16-العاملون بهيئة الرقابة المالية.

 

 17-مهندسو الري.

 

 18-الأعضاء الفنيون بالجهاز المركزي للمحاسبات.

 

 19-عاملون بالهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات.

 

 20-المفتشون البيطريون.

 

 21-موظفو الإدارة المحلية.

 

 22-مهندسو التخطيط والتنظيم بمناطق محافظة القاهرة.

 

 23-موظفو شركة المياه.

 

 24-العاملين بالوزارات.

 

 25-موظفي الجمارك.

 

26-موظفي وزارة الصحة.   

 

27-عدد من موظفي شركة الكهرباء.  

 

28-عدد من نظار المدارس والمدرسين.

 

10

 

مخاطر التوسع في منح الضبطية القضائية

 

وقبل الخوض في مسألة مخاطر التوسع في منح الضبطية القضائية، يجب في بادئ الأمر إبداء بعض الملاحظات بشأن المقصود بالضبطية القضائية وسلطاتها، لأن بعض من يعارضون منح صفة الضبطية القضائية ينطلقون في الغالب من سوء فهم لحقيقة الضبطية القضائية أو من المبالغة في قدر السلطات الممنوحة لمأموري الضبط، حيث تمارس الدولة في مواجهة الجرائم مهمتين: الأولى وقائية هدفها منع وقوع الجرائم عن طريق ضبط الأمن والنظام في المجتمع، ويطلق على هذه المهمة الضبطية الإدارية، ويتولاها رجال الشرطة، ووسائلهم في ذلك الدوريات الأمنية وحراسة المنشآت والتحقق من شخصية الأفراد…الخ.

 

 

أما المهمة الثانية تبدأ عندما تقع الجرائم، فعلى الدولة الكشف عن هذه الجرائم ومرتكبيها، وإجراء التحريات وجمع الاستدلالات اللازمة للتحقيق الجنائي الذي يتولاه قاضى التحقيق أو النيابة العامة، ويطلق على هذه المهمة الضبطية القضائية، ويتولاها أشخاص يطلق عليهم "مأمورو الضبط القضائي"، وهم الموظفون المكلفون قانونا بإجراءات التحري عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات، ويتمتع هؤلاء في ممارستهم لمهمتهم هذه بصفة "الضبطية القضائية"، فقد نصت على مهمة هؤلاء الموظفين المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية بقولها: "يقوم مأمورو الضبط القضائي بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق في الدعوى". 

 

8

 

دور مأمور الضبط القضائي في مباشرة التحقيق

 

وتتمثل مهمة من منح حق الضبطية القضائية تلقى البلاغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق في الدعوى الجنائية، ولهم في سبيل ذلك دخول المحال العامة في أحوال معينة لكشف الجرائم، وايقاف السيارات العامة وسيارات الاجرة وتفتيشها، واجراء التحريات وجمع الايضاحات اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع التي تبلغ إليهم أو التي يعلمون بها بأي كيفية، ومنح قانون الاجراءات الجنائية رجال الضبطية القضائية سلطات عدة، تشمل سماع أقوال من يكون لديه معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها، سواء كان هو المتهم أو الشهود، ولهم كذلك ندب الخبراء إذا احتاج الأمر الى رأى فني في ظروف الحادث، ولمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات والجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على 3 أشهر أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه، ولمأمور الضبط دخول الاماكن الخاصة في أحوال محددة طبقا للمادة 45 إجراءات جنائية، ويجب على مأمور الضبط القضائي أن يثبت الإجراءات التي قام بها في محضر موقع عليه منه ومن الشهود والخبراء الذين سمعوا.

 

 

وقد حددت المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية، أن مأموري الضبط القضائي ينقسمون إلى طائفتين: الاولى هي طائفة مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص النوعي العام، أي الذي يشمل كافة الجرائم، والثانية هي طائفة مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص النوعي الخاص، أي المحدد بجرائم معينة وردت في القانون على سبيل الحصر، والتوسع الحاصل حاليا في منح الضبطية القضائية إنما يتصل بمأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص النوعي الخاص، حيث نصت المادة 23 فقرة ثالثة من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: "يجوز بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض الموظفين صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة إلى الجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم". 

 

3

 

تاريخ الضبطية القضائية من الناحية القانونية 

 

وكان قانون الإجراءات الجنائية عند صدوره سنة 1950 قد أناط بالمشرع وحده صلاحية منح صفة الضبطية القضائية بقانون يصدره لهذا الغرض، لكن نص المادة 23 المذكور أعلاه عدل بالقانون رقم 37 لسنة 1957 ليجعل منح الضبطية القضائية الخاصة بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص، كما نصت الفقرة الأخيرة من المادة 23 على اعتبار النصوص الواردة في القوانين والمراسيم والقرارات الاخرى بشأن تخويل بعض الموظفين اختصاص مأموري الضبط القضائي بمثابة قرارات صادرة من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص، فيجوز له تعديلها بقرار إداري على الرغم من ورودها في قوانين، هذا وقد انتقد بعض الفقه هذا التعديل للمادة 23 الذي سلب اختصاص البرلمان لصالح وزير العدل ممثل السلطة التنفيذية في مسألة تتعلق بحريات المواطنين، ورأى البعض الآخر أن التعديل أريد منه تبسيط إجراءات منح صفة الضبطية القضائية بقرار من وزير العدل على أساس أن ذلك من قبيل التفويض التشريعي.

 

 

التوسع في منح صفة الضبطية القضائية

 

 

قد يكون منح الضبطية القضائية لبعض الموظفين أمرا لازما لتمكينهم من حسن أداء الواجبات المفروضة عليهم، وهذا أمر لا مأخذ عليه، بينما التوسع فى منح صفة الضبطية القضائية دونما ضرورة واضحة هو الذي يثير القلق لدى المواطنين ورجال القانون والحقوقيين، وبعد ثورة 30 يونيو 2013، حدث توسع فى منح صفة الضبطية القضائية، وفى السنوات الماضية منح وزير العدل صفة الضبطية القضائية للعاملين بعدة جهات وأجهزة ووزارات، كما تقدمت جهات أخرى بطلبات للحصول على صفة الضبطية القضائية، مثل العاملون فى دار الكتب والوثائق القومية ونقابة المهن الموسيقية – رفضت مؤخرا من مجلس النواب - وهو ما يؤدى إلى انتشار عدوى المطالبة بالحصول على حق الضبطية القضائية من موظفين فى قطاعات مختلفة من الدولة، بعضها ليس بحاجة إلى الحصول على هذه الصفة سوى لضرورات الوجاهة الاجتماعية، وقد ينتج عن المبالغة فى منح صفة الضبطية القضائية الانحراف بها عن الغاية المستهدفة من تقرير القانون لها.  

 

9

 

وتتعاظم مخاطر الإسراف فى منح الضبطية القضائية فى ظل السلطات التى تخولها هذه الصفة لمن يتمتع بها، فله سلطة القبض فى أحوال معينة، وتحرير محاضر رسمية تكون حجة في إثبات ما ورد بها، وله سماع أقوال المتهم والشهود، وقد يرى بعض المتخصصين إن مأموري الضبط القضائي يخضعون للرقابة والمساءلة، فهم يتبعون النائب العام ويخضعون لإشرافه فيما يتعلق بأعمال وظائفهم، وللنائب العام أن يطلب إلى الجهة المختصة النظر فى أمر كل من تقع منه مخالفات لواجباته الوظيفية أو تقصير فى عمله، وله أن يطلب رفع الدعوى التأديبية عليه، دون إخلال برفع الدعوى الجنائية طبقا للمادة 22 إجراءات جنائية

 

 

كما يشير البعض إلى أن وزارة العدل لا تمنح الضبطية القضائية بشكل عشوائي، لكنها تمنحها لمن يستحقها من أجهزة الدولة لإنجاز العمل بشكل جيد، وأن الظروف التي تمر بها البلاد تجعل من الضروري الحصول على الضبطية القضائية للحد من الفوضى والانفلات في قطاعات مختلفة، يعمل فيها البعض على تعويق أجهزة الدولة عن أداء وظائفها والوفاء بحاجات الناس وتحقيق مصالحهم.

7
 

 

 

print