الجمعة، 26 أبريل 2024 02:24 ص

التنظيم القانوني لعمليات التحول الجنسي في التشريعات العربية.. المشرع المصري والقطري لم يتطرقا للإشكالية.. والعماني والإماراتي أقراه

التنظيم القانوني لعمليات التحول الجنسي في التشريعات العربية.. المشرع المصري والقطري لم يتطرقا للإشكالية.. والعماني والإماراتي أقراه التحول الجنسى فى القانون - أرشيفية
السبت، 14 مايو 2022 12:00 م
كتب علاء رضوان

أدى تطور الأبحاث والتكنولوجيا إلى إحداث نقلة نوعية في علم الطب، إذ امتد مجال العمل الطبي إلى إجراء جراحات لم تكن تخطر على بال البشرية في العقود السابقة، حيث تمكن الأطباء – إلى حد معين – من إجراء عمليات تحويل الجنس، من خلال إدخال بعض التغييرات على جنس شخص ما بواسطة المعالجات الهرمونية والعمليات الجراحية، بهدف إنماء جنس معين أو إلغاؤه، وتختلف دوافع إجراء هذه العمليات من شخص لآخر، حيث أن بعض الأشخاص يجرونها لدوافع علاجية، في حين أن البعض الآخر يجرونها لدوافع غير علاجية.

 

وإشكالية "التحول الجنسي" بدأت منذ زمن بعيد إلا أنها أصبحت في وقتنا الحالي تنتشر، فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وجعل منه "الذكر والأنثى"، فكانت خطيئة الإنسان أن يحاول تغيير خلق الله سبحانه وتعالى، فمع تطور العلم أصبح المجتمع في تطور، ولكن التطور سلاح ذو حدين، إذ أن مع هذا التطور ولدت فئة شذت عن القاعدة تنقسم لطائفتين: فئة مصابة بمرض عضوي اسمه "الخنوثة"، وفئة لا تعاني من أي علة خلقية، ولكن علتها الوحيدة هي ذهنها، تعتقد أنها تنتمي للجنس الآخر، فتقدم هذه الفئة الى إجراء عمليات لتحويل جنسها من ذكر إلى أنثى والعكس.  

 

10753879001589140526

 

التنظيم القانوني لعمليات التحول الجنسي في التشريعات العربية 

 

في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في التنظيم القانوني لعمليات التحول الجنسي في التشريعات العربية، حيث تكمن أهمية هذه الإشكالية في أن هذه الفئات تجري عمليات خارج الدولة أو داخلها لتحويل جنسها، ثم تقوم بالرجوع، وتطالب الدولة بتعديل بياناتها وإن رفضت لجأت للقضاء، بالتالي يجعل هذه الفئة في وضع قانوني غير واضح في الدولة، ولا يوجد تشريع نظم هذه المسألة تنظيمًا متكاملًا في عدد من الدول العربية على عكس التوجه الغربي الذي تعرض للمسألة ونظمها، مما جعل المسألة مُتجاهَلة بالرغم من النتائج الخطيرة التي تترتب عليها – بحسب الخبير القانوني والمحامي اسلام عبد العال.

 

 

في البداية - تختلف الهوية الجنسية المحددة اجتماعيا الشخص العابر جنسيا عن الجنس الموثق في شهادة ميلاده، فمع الولادة يتم تسجيل الجنس كذكر أو انثي بناء على خصائص فسيولوجية، وقد يولد البعض باختلافات كروموسومية أو فسيولوجية أخري قد تجعل تحديد الجنس مسألة معقدة، هؤلاء يشار إليهم باعتبارهم ثنائيي الجنس، هذا ويستند الجندر "النوع الاجتماعي" أو "الجنوسة" إلى السلوك والتوقعات والمظهر الخارجي الذي ينظر إليه عادة على أنه يتوافق مع جنس الشخص – وفقا لـ "عبد العال". 

 

ayyamsyria.net-2019-09-13_14-46-07_952116

 

التحول الجنسى في التشريع المصرى 

 

 

وفى الحقيقة يعيش كثير من الأشخاص في معاناة حقيقية وحياة صعبة بسبب اضطراب الهوية الجنسية، بما لا يجعل معه حل لمشكلاتهم سوي إجراء عملية جراحية للتحويل إلي الجنس الآخر، أما المشرع المصري لم يتدخل – حتى كتابة تلك السطور - لتنظيم الموضوع سواء بالحظر المطلق أو بالإباحة المشروطة أو بالإباحة غير المشروطة، ولما كانت حرية الإنسان غير مطلقة في تغيير جنسه، في ظل الوضع القانوني المصري الراهن، والذي يخلو من تنظيم قانوني لعمليات تصحيح الجنس باعتبارها علاجا للمرضي الذين يعانون اضطرابات عضوية، الأمر الذي يتطلب تدخل عاجل من المشرع المصري حماية للنظام العام واستقرار المجتمع – الكلام لـ"عبد العال". 

 

 

التحول الجنسى في التشريع الإماراتى

 

 

أما في الإمارات العربية المتحدة، فقد ورد تنظيم عمليات تعديل الجنس في المرسوم بقانون اتحادي رقم 4 لسنة 2016 بشأن المسؤولية الطبية، مميزاً في هذا الشأن بين مصطلح "تغيير الجنس" ومصطلح "تصحيح الجنس"، وتحدد المادة الأولى من المرسوم بقانون اتحادي المشار إليه المقصود بكل مصطلح منهما، وبيان ذلك أن المقصود بمصطلح "تغيير الجنس" هو "تغيير جنس الشخص الذي يكون انتماؤه الجنسي واضحاً ذكورة أو أنوثة، وتتطابق ملامحه الجسدية الجنسية مع خصائصه الفسيولوجية والبيولوجية والجينية، ولا يوجد اشتباه في انتمائه الجنسي ذكراً أو أنثى، كما يعني هذا التعريف الانحراف في عملية تصحيح الجنس بما يخالف الصفة الجنسية التي انتهت إليها التحاليل الطبية".

 

9998756226

 

أما المراد بمصطلح "تصحيح الجنس"، فهو "التدخل الطبي بهدف تصحيح جنس الشخص الذي يكون انتماؤه الجنسي غامضاً، بحيث يشتبه أمره بين أن يكون ذكراً أو أنثى، وذلك كأن تكون له ملامح جسدية جنسية مخالفة للخصائص الفسيولوجية والبيولوجية والجينية للشخص، كمن تدل ملامحه على أنه ذكر بينما هو في الحقيقة أنثى والعكس"، والأثر العملي للتمييز سالف الذكر بين "تغيير الجنس" و"تصحيح الجنس" هو أن الأول محظور بينما الثاني جائز، ففيما يتعلق بتغيير الجنس، ووفقاً للمادة الخامسة من المرسوم بقانون اتحادي رقم 4 لسنة 2016 بشأن المسؤولية الطبية، "يحظر على الطبيب ما يأتي:

…......

9- إجراء عمليات تغيير الجنس".

أما فيما يتعلق بتصحيح الجنس، فإن المادة السابعة من القانون ذاته تنص على أن:

"يجوز إجراء عمليات تصحيح الجنس وفق الضوابط الآتية:

1- أن يكون انتماء الشخص الجنسي غامضاً ومشتبهاً في أمره بين ذكر أو أنثى.

2- أن تكون له ملامح جسدية جنسية مخالفة لخصائصه الفسيولوجية والبيولوجية والجينية.

3- أن يتم التثبت من حكم الفقرتين 1، 2 من هذه المادة بتقارير طبية وموافقة لجنة طبية متخصصة تنشئها الجهة الصحية وذلك بهدف تحديد جنس المريض والموافقة على عملية التصحيح وعلى تلك اللجنة إحالة الموضوع إلى الطبيب النفسي لإجراء التهيئة النفسية اللازمة.

 

التحول-الجنسي

 

التحول الجنسى في التشريع العمانى

 

 

أما في التشريع العمانى، فطبقاً للمادة الثانية والثلاثين من قانون تنظيم مزاولة مهنة الطب والمهن الطبية المساعدة، الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 75 لسنة 2019: "لا يجوز لمزاول مهنة الطب، والمهـن الطبـية المساعـدة إجـراء أي عمـل يؤدي إلى تحويل الذكـر إلى أنثـى، أو العكـس، مع اكتمال أعضاء الذكورة أو الأنوثة، وتستثنى من ذلك الحالات التي يصدر بها قرار من لجنة تشكل لهذا الغرض من قبل الوزير، مكونة من 3 أطباء، على أن يكون أحدهم متخصصاً فـي أمراض الغدد الصماء".

 

التحول الجنسى في التشريع السعودى 

 

 

أما في المملكة العربية السعودية، فلم يضع المنظم نظاماً واضحاً ومتكاملاً لمرضى اضطراب الهوية الجنسية، ولا مراء في حرمة تغيير الجنس في المملكة، بينما تتم عمليات تصحيح الجنس طبقاً لفتاوى المراجع الدينية، وإذا كان القانون السعودي قد ورد خلواً من تنظيم عمليات تحويل الجنس، إلا أن اللائحة التنفيذية لنظام الأحوال المدنية تتضمن نصاً بشأن الحكم واجب الاتباع فيما يتعلق بواقعة إثبات واقعة التحول الجنسي وتغيير الاسم والنوع في قيودات الأحوال المدنية.

بيان ذلك أن المادة التاسعة والثلاثين من قرار وزير الداخلية رقم 39/27910 بتاريخ 5/6/1432 ه‍ بالموافقة على اعتماد اللائحة التنفيذية لنظام الأحوال المدنية تنص على أنه "عند تغير الجنس من ذكر إلى أنثى أو العكس، بعد تسجيله لأسباب طبية، فيجب اتخاذ الآتي:

1-التقدم بطلب تغيير الاسم والجنس من المعنى أو وليه.

2- إثبات نوع الجنس بموجب تقرير طبي من لجنة طبية معتمدة من وزارة الصحة.

3- بعد صدور قرار من اللجنة الفرعية المختصة بالموافقة على إجراء التعديل يتم تعديل جميع البيانات المتعلقة به بما يتوافق مع الحالة في سجله المدني وإلغاء الوثائق القديمة وسحبها والتهميش على الأساس بالإلغاء، وإنشاء أساس برقم وتاريخ جديدين وتعديل ذلك في السجل المدني وتزويده بوثائق جديدة.

 

232

 

التحول الجنسى في التشريع الكويتى  

 

 

لا يوجد تنظيم قانوني لعمليات التحول الجنسي، الأمر الذي اقتضى الاحتكام إلى الاجتهاد القضائي في هذا الشأن: وفي هذا الشأن، قضت محكمة التمييز في الطعن المدني رقم 674 لسنة 2004 بأن: "من الأصول المقررة - في فقه الشريعة الإسلامية - حرمة تحويل الجنس من ذكر إلى أنثى وبالعكس على وجه العبث"، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير ما يقدم إليها من الأدلة والمستندات ولها الأخذ بتقرير الخبير المقدم في الدعوى محمولاً على أسبابه متى رأت فيه ما يكفي لتكوين عقيدتها واطمأنت إلى سلامة الأسس التي قام عليها وإنه وإن كانت الضرورات تبيح المحظورات والتي تعني أن الممنوع شرعاً مباح عند الضرورة ومن شروطها أن تكون الضرورة ملجئة بحيث يجد الفاعل نفسه أو غيره في حالة يخشى منها تلف النفس أو الأعضاء.

 

 لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى على سند مما ثبت من التقرير الطبي الشرعي الذي اطمأن إليه من أن الطاعن قد أجرى عملية جراحية حول على أثرها أعضاءه التناسلية الخارجية لأنثى دون أعضائه الداخلية وأنه يحمل التركيب الصبغي الذكري والجنس الذي نشأ عليه ذكري بينما الجنس النفسي أنثوي وبعرضه على لجنة أخصائي الطب النفسي أفادت بأن الطاعن دخل العيادة النفسية لأول مرة في 15 يناير 1994 لوضعه تحت الملاحظة الطبية إلا أنه خرج في ذات اليوم ولم يرد في تقريرها أية اضطراب في هويته الجنسية في فترة دخوله ولم يراجع المستشفى بعد ذلك إلا بتاريخ 11 ديسمبر 2002 بعد إجرائه العملية الجراحية بتاريخ 29 يونيو 2000.

 

حكم-محكمة_المحامي-علي-محسن-زاده-مكتب-محاماة

 

ولم يتبين من ملفه بالمستشفى أنه تم عرضه على طبيب نفسي كما لم يتلق أي علاج أو إتباع إرشادات معينة لفترة زمنية حسب الأعراف الطبية قبل إجراء العملية وأن اللجنة الطبية لا تستطيع الجزم بوجود رغبة قهرية للطاعن في تغيير جنسه في الفترة السابقة على إجراء العملية كما أن التقرير الطبي الشرعي لم يقطع بأنه مصاب باضطراب الهوية الجنسية، ونفي الحكم تبعاً لذلك حالة الضرورة لدى الطاعن التي تبيح له المحظور واعتبر أن إجرائه العملية ببتره لأعضاء الذكورة التي خلق عليها وتحويل جنسه هو مخالف للشريعة الإسلامية ورتب على ذلك قضاءه سالف البيان، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه وفيه الرد الضمني المسقط لما أثاره الطاعن ويضحى النعي على غير أساس.

 

التحول الجنسى في التشريع القطرى 

 

أما في التشريع القطرى، فلم يرد تنظيم تشريعي لتحويل الجنس، سواء تغييراً أو تصحيحاً، ولم يرد أدنى إشارة إلى ذلك في القانون المنظم للمسائل المتعلقة بتعديل البيانات الشخصية، وهو القانون رقم 3 لسنة 2016 بشأن تنظيم قيد المواليد والوفيات، وهكذا، فإن القانون لم ينظم مسألة تحويل الجنس، ولم يأت ذكر "الخنثى" إلا في المادة 298 من قانون الأسرة رقم 22 لسنة 2006، والتي عالجت مسألة ميراث الخنثى المشكل فقط. وهكذا، نكون بصدد فراغ تشريعي، ولا يكون بالتالي أمامنا سوى الرجوع إلى الاجتهاد القضائي.

 

وهذا القضاء يطبق أحكام الشريعة الإسلامية، التي تجيز علاج الخنثى، فالغاية العلاجية هي التي تبيح المساس بسلامة الجسد، فإن انتفت الغاية العلاجية يكون العمل غير مشروع جنائياً وفقاً لنص المادة 307 من قانون العقوبات التي جرمت أي فعل يؤدي إلى إحداث عاهة مستديمة و"تعد عاهة مستديمة كل إصابة أدت إلى قطع أو انفصال عضو أو بتر جزء منه أو فقد منفعته أو نقصها".

 
اسلام عاطف عبد العال
الخبير القانونى والمحامى اسلام عاطف عبد العال 
 
 

موضوعات متعلقة :

تحذير لملايين المستثمرين.. أثر مكان توقيع الشيك.. الاختصاص المكاني يؤثر على جريمة اعطاء شيك بدون رصيد.. 3 أماكن فقط سمح بها المشرع لتحرير محضرك

الحلول القانونية للتعامل مع كوارث وضع اليد.. كيف تصدى القانون للتعدى على أملاك الغير.. المشرع وضع دعوى استرداد الحيازة لحفظ الحقوق

احذر.. نشر الصور الشخصية للآخرين.. المشرع لم يُجيز نشر أى صورة التقطت لشخص إلا بإذنه واستثنى حالتين.. والعقوبة تصل للحبس 3 سنوات

جرائم "إزعاج الغير" على مواقع التواصل الاجتماعى.. لا تقتصر على السب.. والمشرع تصدى لها بقانون تقنية المعلومات.. والعقوبة تصل للحبس

هل سنة السجن تساوى 6 أشهر؟.. الأصل فى العقوبة أن سنة السجن 12 شهرًا كاملة.. والمشرع عدل القانون ليجيز "الإفراج بنصف المدة" بشروط

"القتل بالوسائل النفسية".. المشرع تصدى للقتل بـ"الخضه" والضغط النفسى.. ولم يعتد بوسيلة القتل واعتبر الجريمة تصل للقتل العمدى أحيانا

لملايين المتقاضين.. أدلة الإثـبات في القانون المصري.. 6 أدلة حددها المشرع لتحديد الجاني.. الأبرز الاعتراف وصولا للكتابة حتى المعاينة والخبراء

بمناسبة عيد الفطر المبارك وتحرير سيناء.. العفو بنصف المدة بين الجواز والإلغاء.. 15 عقوبة ينطبق عليها القرار..والمشرع يحدد 7 شروط للحصول على الإفراج


print