انتهت أزمة رسام الكاريكاتير "إسلام جاويش" بقرار من النيابة العامة المصرية بإخلاء سبيله، لكن لم تنته قضية التعامل الأمنى للدولة المصرية، التى لا تراعى الرؤية السياسية والبعد الاجتماعى فى بعض الأوقات، انتهت أزمة رجل الأعمال صلاح دياب مالك "المصرى اليوم"، لكن لم تنته قضية التعامل الأمنى المنطلق من خلاف سياسى فى وجهات النظر، انتهت فعالية شباب الألتراس فى استاد التتش بالنادى الأهلى، لكن لم تنته قضية الفجوة الكبيرة بينهم وبين الدولة، انتهت الوقفة الاحتجاجية أمام مجلس الشورى ضد قانون التظاهر قبل عام ونصف بحبس من تظاهروا وفقًا لمواد قانون التظاهر نفسه، دون أن تنتهى أزمة قانون التظاهر والخلاف عليه، انتهت أجهزة الدولة من إعداد برامج تدريب وتأهيل للشباب فيما يعرف بالمشروع الرئاسى لتدريب الشباب، ولكن لم تنته حالة الفراغ التى يشعر بها قطاع من الشباب تجاه الدولة بأى حل حقيقى.
السؤال.. هل يوجد مشكلة فى تعامل الدولة مع الشباب؟ .. الإجابة بشكل قاطع، نعم، والدليل إنه مايزال الآلاف من شباب الألتراس بتركيبتهم الاجتماعية المعقدة يتحركون يمينًا ويسارًا، غاضبين؛ لأن الدولة لم تتحرك بمبادرات جادة لاحتوائهم.. ستقول لى "دول شوية عيال مفيش حد بيحكمهم".. سأجيب على حضرتك.. وأين أنت منهم، كل مبادراتك كانت وقتية فقط للمصلحة، لا للاحتواء.. حتى وعود وزارة الشباب تجاههم لم تكن صادقة فى معظم الأوقات، فضلًا عن أنك تترك عددًا من نجوم النقد الرياضى يهاجمونهم كل يوم ويتهمونهم بأنهم "شوية عيال صيع ومش مرتبيين".. للعلم.. لكى لا تقول إننى متحيز للألتراس ..أنا لدى مئات الملاحظات على أداء شباب الألتراس وسلوكهم وفكرة الألتراس من البداية وانتقالهم من التشجيع فى الملاعب إلى الهجوم على مؤسسات الدولة بعبارات غير لائقة.
على الجانب الآخر، قبل 4 أسابيع ألقت أجهزة الأمن على الشاب محمود السقا أحد أبرز قيادات حملة حمدين صباحى لرئاسة الجمهورية، القبض عليه جاء قبل يناير بأيام، والتهمة الأساسية الموجهة إليه الانضمام إلى تشكيل 25 يناير، وكأن 25 يناير أصبحت تهمة.. إذن وماذا استفدت من القبض على محمود السقا، هل تريد أن توصل رسالة لحمدين ورجال المعارضة أنك "تقصقص ريشهم" أولًا بأول.. هل تريد أن تقول لمن يقفون فى صف النقد أنهم غير مرحب بهم فى البلاد رغم كل العبارات المطاطة من احتواء الدولة للجميع "من مع ومن ضد"... مع العلم أنا ضد محمود السقا فكريًا.. وأرفض بعض عباراته التى يستخدمها فى مقالاته.
بهدوء شديد.. ستقول لى لماذا هذه اللغة النقدية.. إلا تعرف أن الدولة تمر بحرب فى سيناء وتواجه الأرهاب وجماعاته المسلحة، وكل يوم تدفع الدولة شهيدًا جديدًا فى الجيش والشرطة؟.. والله العظيم أعلم تمامًا ذلك، ولكن إلى متى سنظل نستخدم مواجهة إرهاب سيناء فى أزماتنا اليومية الداخلية..المتعلقة بالأداء السياسى للدولة، بالمشروع الاقتصادى، بكفاءة المجموعة الاقتصادية فى تنفيذ توصيات مؤتمر شرم الشيخ، فى تقييمنا لأداء رئيس الوزراء وانخفاض تفاعله مع قضايا المواطن المصرى، فى ملاحظاتنا على أداء الجهاز الإدارى والمجالس المحلية.
ما نريده هو أن تدرك القيادة السياسية أننا نؤمن بما تقدمه للبلاد وما تنجزه على أرض الواقع من مشاريع قومية، وهو أمر هام جدًا، ولكن بدون بعد سياسى ستتعطل همة الشباب المصرى فى المساندة، بدون معالجة فكرية مقترنة بالحل الأمنى ستنسد بعض شرايين التواصل مع قطاع من الشباب.
اللهم بلغت.. اللهم فاشهد