السبت، 01 يونيو 2024 01:53 م

المركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية يرصد صعود مرشحى الدين المسيحى .. ضعف سيطرة بعض العائلات والقبائل .. وتقدم المرأة وتراجع نسب التصويت.. والحزبيون يهزمون المستقلين

ظواهر جديدة على الانتخابات المصرية

ظواهر جديدة على الانتخابات المصرية ظواهر جديدة على الانتخابات المصرية
الإثنين، 02 نوفمبر 2015 06:00 ص
كتب إبراهيم قاسم - هدى أبو بكر
حصل "برلمانى" على الملاحظات التى رصدها المركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية على نتائج المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب بجولتيها والخاصة بالعوامل التى أدت إلى ضعف نسبة التصويت سواء فى الجولة الأولى أو الإعادة منها ونسبة ما حصلت عليه المرأة فى هذه المرحلة فضلا عن مفاجأة تمثيل الأقباط بعدد كبير من المرشحين .

وقالت الدراسة: إن مؤشرات نتائج المرحلة الأولى كشفت عن العديد من الدلالات التى لم تشهدها أى انتخابات برلمانية مصرية من قبل، والتى تمثلت فى صعود قوى سياسية وتراجع أخرى، وكذلك تراجع حزب النور وصعود مرشحى الدين المسيحى، وكذلك تراجع سيطرة بعض العائلات والقبائل وتقدم المرأة فيها، وأيضًا تراجع المستقلين وتقدم الحزبيين.

وأشارت الدراسة إلى أن تلك الظواهر الاجتماعية والسياسية التى كشفت عنها تلك المرحلة يُمكن أن تشير إلى أنها بيّنت أن النظام الانتخابى أدى إلى تضخيم دور المال السياسى فى حسم انتخابات كثير من المقاعد، وكذلك ارتفاع معدل الأصوات الباطلة الذى ارتبط بالقوائم أكثر من النظام الفردى.

ومن خلال قراءة أرقام ونتائج جولة الإعادة، يمكن الإشارة إلى خمس ملاحظات، هى كالتالى:

الأولى - تراجع نسب التصويت


يبدو أن حسم المنافسة بين القوائم من الجولة الأولى أدى إلى حدوث تراجع فى نسبة تصويت جولة الإعادة عن الجولة الأولى، ويمكن التطرق إليه من خلال التدقيق فى الأرقام، حيث بلغ عدد الناخبين فى الجولة الأولى 7.270.594 ناخبًا بنسبة 26.56%، فى حين بلغ عدد الناخبين فى جولة الإعادة 5.5554.968 ناخبًا، بنسبة 21.70%. ويمكن تفسير التراجع فى معدل التصويت فى جولة الإعادة بما يلى:

إن حسم مقاعد القوائم من الجولة الأولى لصالح (فى حب مصر) فى قطاعى الصعيد وغرب الدلتا، كان له تأثير واضح فى تراجع معدلات التصويت فى بعض المحافظات، خاصة التى ترشح فيها رموز أكثر تأثيرًا فى دوائرهم من رموز الفردى فى تلك الدوائر مشيرة إلى أن ذلك ظهر فى كثير من المحافظات منها أن تراجعت أصوات دوائر الصف وأطفيح التابعة لمحافظة الجيزة بسبب فوز اللواء سعد الجمال على قائمة فى حب مصر، وحدث أيضًا تراجع فى عدد ناخبى دائرة إسنا بمحافظة الأقصر، خاصة بعد خروج مرشحة قائمة الجبهة وتيار الاستقلال من الجولة الأولى؛ حيث حققت تلك المرشحة الشابة عددًا من الأصوات تجاوز خمسة آلاف صوت، ربما لم تخرج للتصويت فى جولة الإعادة، ويمكن القياس كثيرًا على ذلك فى عدد كبير من الدوائر.

تراجع بعض الناخبين عن الخروج فى جولة الإعادة وإحباطهم بسبب نتائج الجولة الأولى.

وأوضحت الدراسة أن تراجع بعض الناخبين عن الخروج فى جولة الإعادة، وإصابتهم بحالة من الإحباط بسبب نتائج الجولة الأولى التى أفرزت بعض الوجود لوجوه غير مرغوب فيها، وفشل مرشحين كانوا الأقرب للنجاح، وتمثل هذا النوع من التراجع فى كثير من المحافظات، منها: الإسكندرية، والأقصر، والبحيرة، والبحر الأحمر.

كما أن النتائج الطبيعية لتصفية المرشحين التى تحدث فى أى انتخابات، اقتصرت فى جولة الإعادة على تنافس رباعى أو ثنائى أو سداسى أو ثمانى، وذلك حسب عدد مقاعد كل دائرة؛ حيث أدت النتائج النهائية للجولة الأولى إلى عدم خروج بعض أنصار المرشحين المهزومين فى الجولة الأولى للتصويت فى الجولة الثانية، وذلك كان له تأثير واضح فيما يقرب من 80% من الدوائر، وخاصةً التى زاد فيها عدد المترشحين عن 30 مرشحًا.

تراجع المستقلين لصالح الأحزاب فى التنافس على مقاعد النظام الفردى



الثانية - تراجع المستقلين


تشير نتائج الجولة الأولى إلى تراجع المستقلين لصالح الأحزاب فى التنافس على مقاعد النظام الفردى؛ حيث حصلت الأحزاب فى الجولة الأولى على 108 مقاعد بنسبة 50.70%، وهذا يمثل 50.70% من عدد مرشحيهم فى جولة الإعادة البالغ عددهم 213 مرشحًا.

فى حين بلغ عدد المقاعد التى حصل عليها المستقلون 105 مقاعد بنسبة 49.29%، وهذا يمثل 45.454% من عدد المرشحين المستقلين البلغ عددهم فى جولة الإعادة 231 مرشحًا. وتشير هذه الأرقام إلى ما يلى:

1. أن نسبة فوز الأحزاب هى الأفضل مقارنة بعدد ترشح المستقلين فى هذه الجولة، حيث بلغ عدد المرشحين المستقلين فى هذه المرحلة 1665 مترشحًا بنسبة 65.3، وبلغ إجمالى الناخبين على المقاعد الفردى 2548 مترشحًا، كان نصيب الأحزاب منهم 883 مترشحًا، بنسبة 34.77%.

2. سيطرة الأحزاب على جميع مقاعد الفردى فى بعض المحافظات مثل الأقصر، وتفوقها على المستقلين فى محافظات الإسكندرية وأسوان والمنيا وسوهاج والوادى الجديد - يبشر بأن مصر قد تشهد خلال الفترة المقبلة تجربة حزبية جديدة. فمن المحتمل أن تجتذب تلك الأحزاب العديد من الجماهير تجاهها.

3. رغم ارتفاع نسبة الحزبيين فى هذه المرحلة، فإنه يصعب تحالفهم تحت قبة البرلمان، بل من المحتمل ألا تستطيع كثير من تلك الأحزاب السيطرة على بعض نوابها تحت قبة البرلمان؛ حيث إن علاقة بعض النواب بأحزابهم هى علاقة تعاقد انتخابى فقط، ولم يتم الاتفاق على ما بعد تلك المرحلة، فعدم تربية بعض هؤلاء النواب على أفكار وبرامج بعض هذه الأحزاب قد يجعلهم يفترقون تحت قبة البرلمان، خاصة فى بعض القضايا أو على بعض القوانين.

الثالثة - إعادة ترتيب الأحزاب


وكشفت نتائج هذه المرحلة عن تراجع بعض الأحزاب، وتقدم بعضها فقد تراجع حزبا الوفد والنور، وفشل حزب الحركة الوطنية، فى مقابل صعود حزبى المصريين الأحرار ومستقبل وطن، وتقدم حزب الشعب الجمهورى.

وحصل حزب المصريين الأحرار على 36 مقعدًا بنسبة 33.96% من إجمالى عدد مقاعد الأحزاب فى جولة الإعادة، ونسبة 56.25% من إجمالى عدد مرشحيه فى جولة الإعادة.

أما حزب مستقبل وطن فقد حصل على 31 مقعدًا بنسبة 29.24% من عدد مقاعد الأحزاب فى جولة الإعادة، ونسبة 70% من إجمالى عدد مرشحيه فى جولة الإعادة.

أما حزب الوفد فقد حصل على 15 مقعدًا فرديًّا بنسبة 14.15%، ونسبة 71% من إجمالى عدد مرشحيه فى جولة الإعادة. فيما حصل حزب النور على 10 مقاعد بنسبة 9.43% من عدد مقاعد الأحزاب فى الجولة الأولى، ونسبة 43.4% من إجمالى عدد مرشحيه فى جولة الإعادة.

حزب الحركة الوطنية برئاسة الفريق أحمد شفيق فعبّر عن حالة فشل كامل


أما حزب الحركة الوطنية برئاسة الفريق أحمد شفيق فعبّر عن حالة فشل كامل فى تلك المرحلة، حيث حصل على مقعد واحد بنسبة 0.94% من إجمالى عدد مقاعد المرحلة الأولى، ونسبة 1.6% من إجمالى عدد مرشحيه فى تلك المرحلة، وإجمالا تشير تلك الأرقام إلى ما يلى:

1 - قراءة نتائج الأحزاب فى المحافظات تشير إلى وجود منافسة حقيقية بين حزبى المصريين الأحرار ومستقبل وطن، إضافة إلى تمركز منافسة النور فى قطاع جغرافى واحد، المتمثل فى غرب الدلتا، وفشل جميع مرشحيه فى قطاع الصعيد باستثناء مرشح وحيد بمحافظة بنى سويف؛ وبالتالى يمكن القول إن حزب النور فشل فى 10 محافظات من قطاع الصعيد، وفشل فى محافظة مطروح معقله الثانى بعد محافظة البحيرة.

2 - الأحزاب التى اعتمدت فى ترشيحاتها على مرشحين سابقين ونواب سابقين، ولجأت إلى العائلة والقبيلة - هى التى تقدمت، وهى التى ستكون الحصان الرابح فى الانتخابات المحلية فى تلك المحافظات.

3. الاختلاف بين حزبى المصريين الأحرار ومستقبل وطن سيفشل أى تحالفات تمثل أكثرية تحت قبة البرلمان. وبالتالى فالتنافس الذى انتهت به المرحلة الأولى بين الحزبين الأكثر عددًا فى المقاعد سيستمر فى المرحلة الثانية، وسينتقل تحت قبة البرلمان، وبالتالى قد يصعب وجود تحالف بينهما تحت القبة.

4. قراءة نتائج المصريين الأحرار فى محافظات غرب الدلتا مقارنة بمحافظات الصعيد تؤكد أن الحزب رمى بثقله فى تلك المحافظات، وبالتالى من المرجح ألا يحقق المصريين الأحرار هذه النسبة فى قطاع القاهرة ووسط وجنوب الدلتا وغربها فى المرحلة الثانية من الانتخابات.

الرابعة - تنافسية المرأة


تتمثل الملاحظة الرابعة فيما حققته المرأة المصرية فى تلك المرحلة كمترشحة وليس كناخبة، حيث لم يتحقق ما حققته المرأة كمترشحة منذ عشرات السنين، فقد بلغ عدد السيدات الناجحات فى جولة الإعادة 5 سيدات يمثلن 45.545% من عددهن الذى وصل إلى جولة الإعادة والبلغ 11 سيدة، وقراءة هذه الأرقام تشير إلى ما يلى:

1 - النسبة التى حصلت عليها المرأة فى جولة الإعادة أو التى تحققت كمقاعد فى البرلمان فى الجولة الأولى تعبر عن تغير حقيقى فى اتجاهات تصويت الناخبين من الرجال والنساء تجاه المرأة. وكان ذلك واضحًا فى وجود 4 مترشحات فى جولة الإعادة فى دوائر ذات طبيعة قبلية وعائلية صلبة، وأخرى ذات طابع ريفى وقروى. بالإضافة إلى أن المرأة التى تنافست مع الرجل فى دوائر أكثر مدنية مثل دائرة العمرانية بمحافظة الجيزة، كان ترتيبها الثالث بين المتنافسين فى جولة الإعادة، وخسرت بفارق قليل.

2 - نتائج المرأة فى المرحلة الأولى ستنعكس إيجابيًّا على نتائجها فى المرحلة الثانية، وبالتالى يرجح أن تزيد أعداد مقاعد السيدات فى المرحلة الثانية عن الأولى بنسبة الضعف.
الخامسة- مفاجأة الأقباط:

يمثل وصول 24 قبطيًّا إلى جولة الإعادة فى المرحلة الأولى، وفوز 3 منهم فى جولة الإعادة، سابقة هى الأولى من نوعها فى الانتخابات البرلمانية المصرية؛ حيث بلغت نسبة وصول الأقباط إلى جولة الإعادة 36.9% تقريبًا من عدد مترشحيهم فى الجولة الأولى، وهى النسبة الأولى التى يحصل عليها الأقباط فى تاريخ ترشحهم للبرلمان. وتبلغ نسبة مقاعدهم التى حصلوا عليها فى دوائر الفردى 12.5% من إجمالى عدد مترشحيهم فى جولة الإعادة. وتشير تلك الأرقام إلى عدة دلالات، هى:

1 - وجود عشرة مرشحين من الأقباط فى جولة الإعادة بمحافظة المنيا، وحصولهم على مقعد تحقق من منافسة بين قبطيين على مقعد واحد فى دائرة بندر المنيا، يُشير إلى تغير أيضًا قد حدث فى مزاج الناخب المصرى،خاصة المسلم فى منطقة الصعيد؛ حيث إنه من المستحيل أن تؤدى أصوات الناخبين الأقباط إلى وصول 10 منهم فى جولة الإعادة فى محافظة واحدة وفى دوائر قريبة، بالإضافة إلى أن فوز مرشح قبطى فى دائرة العمرانية وترشحه على حزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى الذى لم يستخدم المال السياسى فى أى من الدوائر المتنافس فيها - يعنى أن المسلمين صوتوا أيضًا للمرشحين من الأقباط، وبالتالى يمكن القول: إن اتجاهات التصويت بهذه الدوائر اعتمدت على السمعة، والقدرة على الالتزام تجاه الناخب ودائرته.

2 - وصول 24 مرشحًا قبطيًّا إلى جولة الإعادة وفوز 3 منهم يعنى أن ناخبى التيار الدينى المتشدد والمؤيدين للإخوان لم يخرجوا كناخبين فى هذه المرحلة من الانتخابات، بدليل فوز مرشح المصرى الديمقراطى فى دائرة العمرانية التى تعوّد الإخوان على قطع شارع الهرم بها حتى شهور قريبة مضت، بالإضافة إلى أن نسبة الأقباط فى هذه الدائرة تقتصر على صناديق منطقة الكنيسة، وبالتالى من المستحيل أن تحسم المقعد لذلك المرشح.

وفى النهاية، يمكن القول: إن نتائج المرحلة الأولى ستنعكس بقوة على المرحلة الثانية فى استمرار سيطرة قائمة بعينها على المشهد، وكذلك فى استمرار تراجع حزب النور، وتراجع نسبة تمثيل النواب السابقين فى البرلمان المقبل، مع انعكاس تلك المرحلة بالإيجاب على نسبة المشاركة التى من المرجح أن تقترب فى تلك المرحلة إلى 35%. وأيضًا ستعطى هذه المرحلة دافعًا قويًّا للمترشحين من الشباب للمنافسة بقوة للوصول حتى إلى جولة الإعادة؛ حيث إن هناك عددًا كبيرًا من الشباب تحت الثلاثين عامًا تنافسوا بقوة فى الجولة الأولى، بل إن بعضهم وصل إلى جولة الإعادة فى دوائر كان من الصعب المنافسة فيها لغير العائلات النيابية. فعلى سبيل المثال فى الدائرة الرابعة (نجع حمادى) - وهى تعرف بدائرة الدم والنار- استطاع الشاب محمد تقى البالغ من العمر 27 عامًا أن يصل إلى جولة الإعادة معتمدًا على حملة شبابية (شباب يقدر)، وخسر فى جولة الإعادة بـ700 صوت تقريبًا.



الأكثر قراءة



print