مع الدقائق الأولى من إغلاق اللجان الفرعية لأبوابها وبدء عمليات الفرز، بدأت بعض الممارسات التقليدية والمعهودة فى الانتخابات فى الظهور على السطح، رغم ما ساد الأجواء من اختلاف واضح فى هذه الانتخابات هى وسابقاتها خلال العامين الماضيين، عن منطق الانتخابات وطريقة إدارتها فى السنوات الطويلة الماضية، إذ غابت ممارسات التلاعب فى الانتخابات وتزوير إرادة الناخبين والبلطجة الانتخابية، ولكن يبدو أنها ما زالت تناضل كى لا تختفى بشكل تام، وهو ما يؤكده ظهور حالات عديدة لإطلاق النار فى محيط عدد من اللجان الفرعية وفى أثناء نقل صناديق الانتخابات اليوم.
الموقف الأوضح والذى كان عامل التوجيه الأبرز للأنظار إلى عودة ظاهرة إطلاق النار فى محيط اللجان الانتخابية، ما أعلنته قائمة "فى حب مصر" بقطاع الصعيد، بشأن رصدها لحالة إطلاق للنار على مدرسة المنوات الثانوية الصناعية فى "أبو النمرس" بصورة عشوائية، وأشار بيان صادر عن غرفة عمليات القائمة إلى احتجاز القضاة داخل اللجنة، مضيفًا: "مطلوب التدخل فورًا لإنقاذ القضاة، لأنه لا يوجد سوى رائد شرطة و6 جنود جيش".
شهد عدد من اللجان الفرعية بمحافظة الجيزة وقائع عديدة لإطلاق الرصاص، ومنها إحدى لجان البدرشين، التى شهدت واقعة إطلاق أعيرة نارية بالقرب من أحد المقرات الانتخابية، وبينما صرح اللواء مجدى عبد العال، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، بأن إطلاق النار باتجاه قوة أمنية بالبدرشين لا يتعلق بعملية الانتخابات البرلمانية وفرز الأصوات، يظل الأمر غريبًا وحاملاً لعلامات استفهام حول هذا التزامن الغريب.
ومن البدرشين إلى العياط، إذ استخدم عدد من المسلحين سيارة مبلّغًا بسرقتها، فى إطلاق النار على عدد من رجال الشرطة أمام مقر اللجنة الانتخابية الفرعية بمدرسة محمود الوكيل، لتكشف تحريات الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة عن أن الواقعة يقف خلفها 3 أشخاص كانوا يستقلون سيارة "جيب زيتى اللون" تحمل لوحات معدنية برقم (4359 ص م)، وأنهم أطلقوا ثلاثة أعيرة نارية فى الهواء أمام اللجنة الانتخابية، بينما أكد اللواء مجدى عبد العال أن المتهمين على خلاف مع آخرين على ملكية "توك توك"، وأن إطلاق الرصاص تم على خلفية هذا الخلاف ولا علاقة له بالانتخابات.
إذا تركنا الجيزة وانتقلنا إلى الصعيد، فربما لا يكون الحديث عن وقائع إطلاق نار فى أى من مدنها أو قراها أمرًا غريبًا مع المنطقة المعروفة بانتشار السلاح ومنطق الثأر واعتيادها الكثيف لإطلاق الرصاص، ولكن الانتخابات البرلمانية السابقة فى 2012 كانت قد حملت لنا صورة مغايرة عمّا اعتدناه من الممارسات العصبية والقبلية فى الانتخابات البرلمانية، وحضور السلاح والرصاص فى اللجان الانتخابية، إذ شهد محيط اللجنة رقم 70 بقرية نجوع الصوامعة التابعة للدائرة السادسة، ومقرها مركز شرطة طهطا بمحافظة سوهاج، تبادلاً لإطلاق الأعيرة بين عائلتى سليمان وعميرة، وذلك عقب وقوع مناوشات حادة بين أفرادهما داخل اللجنة، على خلفية خصومة ثأرية قائمة بينهما، لتدفع أجهزة الأمن بقوة من أفراد الشرطة للسيطرة على الموقف، ولم تسفر الواقعة عن وقوع إصابات أو التأثير على مجريات العملية الانتخابية واستعدادت الفرز، ولكنها صدّرت حالة من الفزع فى محيط اللجنة.