الجمعة، 26 أبريل 2024 02:11 ص

إغلاق 175 وسيلة إعلامية وفصل 12 ألف إعلامى منذ 2016 حتى الآن.. ارتفاع معدل البطالة فى قطاع الصحافة.. والصحفيون الأتراك يلجأون إلى "السوشيال ميديا" هربا من القمع

مسلسل "قمع الإعلام فى تركيا" عرض مستمر

مسلسل "قمع الإعلام فى تركيا" عرض مستمر مسلسل "قمع الإعلام فى تركيا" عرض مستمر
الثلاثاء، 04 ديسمبر 2018 08:00 ص
كتب - محمود محيى

فى ظل مناخ يتسم بالقسوة وملغم بالقمع والاضطهاد، يلجأ العديد من الصحفيين فى تركيا إلى منصات التواصل الاجتماعى مثل الـ"يوتيوب" و"تويتر" وتطبيق "بيريسكوب" وغيرها، لنشر ومشاركة إسهاماتهم بشأن أحدث الأخبار فى ظل إغلاق العديد من وسائل الإعلام.

 

حكومة الديكتاتور التركى رجب طيب أردوغان، أغلقت منذ محاولة الانقلاب الفاشل فى يوليو 2016 وحتى الآن أكثر من 175 وسيلة إعلام، وهو ما ترك أكثر من 12 ألفا من العاملين فى مجال الإعلام دون وظائف.

معهد الإحصاءات التركى أكد أن معدل البطالة فى قطاع الصحافة يأتى بين أعلى المعدلات فى جميع القطاعات.

 

ومن أجل مواصلة العمل، وعلى أمل كسب أقواتهم، تحول العديد من الصحفيين البارزين إلى وسائل التواصل الاجتماعى لتقديم الأخبار والتعليقات بشكل مباشر للمستهلكين، ليعرضوا بذلك بديلا للإعلام التقليدى الذى يهيمن عليه حلفاء حزب "العدالة والتنمية" الحاكم حاليا على 90 % منه.

 

وقال الإعلامى التركي أونسال أونلو، فى حديث مع موقع "أحوال تركية" الإخبارى، "إن ما يجعل برنامجى جذابا فى الوقت الحالى هو حرية التعبير فيما أبثه، أو بالنسبة للبعض، ما يفتقدونه هو ممارسة الصحافة".

 وبدأ أونلو، وهو صحفى مخضرم، نشر إسهاماته الصحفية على تطبيق "بيريسكوب"، وهو تطبيق للبث الحى بالفيديو، فى أغسطس 2015.

 

فى البداية كان عدد مشاهديه 15 فقط، لكن الأنباء انتشرت سريعا، ويطالع آراءه المستقلة حاليا 20 ألف شخص يوميا فى المتوسط من قرابة 80 دولة عبر يوتيوب وساوند كلاود وآى تيونز.

 

واكتسبت برامج مشابهة لما يبثه أونلو شعبية فى السنوات القليلة الماضية. ويتم بث برنامج يسمى "المساء مع عرفان ديجيرمينجي" يوميا طوال أيام الأسبوع وجذب أكثر من 150 ألف مشاهد على موقع "اليوتيوب".

ومثل كثيرين آخرين، تم فصل ديغيرمينجى من عمله فى محطة "القناة دي" التلفزيونية المؤيدة للحكومة بسبب إعلانه أنه سيصوت "بلا" فى الاستفتاء الدستورى فى أبريل 2017 الذى منح أردوغان سلطات كاسحة.

 

وعمل شوكرو كوجوك شاهين لصالح العديد من وسائل الإعلام مثل جرائد جونايدن والصباح وحرييت وقنوات CNB و CIN TV، ويستخدم منصات إلكترونية لعرض ما يقول إنها أخبار موضوعية، يرى أنها ضرورية فى المناخ السياسى فى تركيا اليوم.

 

وقال كوجوك شاهين: "لا أرى أى شيء باسم الصحافة فى البرامج التى يبثها التلفزيون". وأضاف "هناك الكثير من الأسئلة التى ينبغى طرحها، لكن لا أحد يسأل. لا يوجد نقد علني. نحن نجرى تقييما حرا لما يدور بخصوص أجندات الدولة فى تلك البرامج، ونحن ننظر فيها بشكل نقدي. نحن نطرح الأسئلة التى لا يستطيع أحد آخر أن يسألها."

ويقدم كوجوك شاهين برنامجا أسبوعيا بعنوان "أجندة 4×4" وهو معروف بانتقاده للحكومة والنظام التركى.

 

وأوضح أونلو أيضا كيف أن الصحافة فى تركيا تفتقر إلى حد بعيد إلى الاستقلال التحريري، ولا سيما عبر الرقابة الرسمية والرقابة الذاتية، قائلا: ""يمر الإعلام بأسوأ فترة له فى التاريخ." وأضاف "كتاب الأعمدة والمعلقون بوسائل الإعلام التى تسيطر عليها الحكومة يعاملون على أنهم مثاليون، وبعض أقطاب الصناعة دخلوا القطاع للتودد إلى الحكومة برغم عدم وجود صلة وثيقة لهم بالإذاعة أو الصحافة".

 

كل من يملكون وسائل الإعلام الرئيسية تقريبا فى تركيا يقومون بأعمال تجارية مع الدولة فى قطاعات أخرى مثل الطاقة أو التعدين أو البناء، غير أن مقدمى الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعى لا يضطرون لتبرير أعمالهم لرئيس.

وقال شاهين "مع تحول وسائل الإعلام الرئيسية إلى صوت الحكومة والناطق باسمها، يلجأ إلينا أولئك الذين يتساءلون عما يدور خلف الأبواب المغلقة".

 

ويقبع عشرات الصحفيين فى السجن فى تركيا، بينما صنفت منظمة مراسلون بلا حدود تركيا فى المرتبة 157 من بين 180 دولة على مؤشر حرية الصحافة العالمى الذى تصدره.

 

وتحدثت نيفشين مينجو، الصحفية البارزة فى قناة (CNN تورك) التلفزيونية الإخبارية، لصحيفة "إيفرنسيل" اليسارية عن أسباب سوء معاملة الحكومة للصحفيين.

 

وقالت "هنا، تتشابك مفاهيم الوطن وأردوغان." وأضافت "لذلك، فعندما نقول ‘لقد فعل السيد الرئيس شيئا خطأ‘، يتم وصمك بأنك عدو لتركيا. نحن دائما فى حالة طوارئ، وحكومة حزب العدالة والتنمية تعتبر كل نقد مؤامرة ضدها. لكن عندما تقوم بالتغطية الصحفية لشيء ما، تتم معاملتك كما لو أنك تدبر مؤامرة ما أو كجاسوس، ولا أعتقد أن هذا شيء صحى أبدا."

وقال كوجوك شاهين ما كنت أريده هو صحافة مستقلة على مدار اليوم." وأضاف "أن يكون هناك نوع من الصحافة التى يمكن لكل مواطن يريدها الوصول إليها، الجمهور يرى كيف يتم عمل هذا النوع من البث، وسبب تفضيلهم تلك البرامج هو أنهم يرونها على أنها نقدية."

 

وقال أونلو إن غياب التضامن بين الصحفيين أيضا زاد من التحديات للتغطية الصحفية، مضيفا: "أن فى هذا البلد، أراد صحفى توجيه سؤال إلى وزير الزراعة لكن تم إخراجه من القاعة"، مشير إلى أن لو حدث هذا فى زمننا، لكنا غادرنا القاعة جميعا. لكن الكل يخشون فقد وظائفهم، لا يوجد تضامن، بالمقارنة مع الأمر قبل نحو 8 إلى 10 سنوات".

 

لكن برغم كل شيء، لا يزال هناك بصيص أمل فيما يرجع جزئيا إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

ولا يزال كوجوك شاهين متفائلا. وقال "نحن نعيش فى عصر المعلومات، وهؤلاء المستبدون لن يتمكنوا من وقفه بعد الآن. العالم يريد أن يتعلم من الصحفيين".

 

ويرى أونلو أيضا ما يدعو إلى الأمل، وقال "الإعلام لم ينته بعد، لكنه يزحف ببطء"، مضيفا: "الصحف تتهاوى مثل المحطات التلفزيونية. لكن على الرغم من كل شيء، سنجد وسائل جديدة، ولن نتخلى عن العمل الصحفي. الصحافة لن تنقضى ما دام بوسعنا إيجاد وسيلة لممارستها".

 


print