السبت، 18 مايو 2024 12:57 م

خبراء: إنتاجنا يرتفع 10% سنويا.. ضعف إمكانيات التبريد تحرم سكان الصعيد من البروتين الرخيص.. ومطالب بطرح مشروعات الاستزراع الجديدة أمام القطاع الخاص لتشغيلها

مستقبل واعد أمام صناعة الأسماك فى مصر

مستقبل واعد أمام صناعة الأسماك فى مصر مستقبل واعد أمام صناعة الأسماك فى مصر
الخميس، 01 فبراير 2018 02:00 م
كتبت منى ضياء

ينتظر مصر مستقبل واعد فى مجال الاستزراع السمكى، فى ظل توجه الدولة نحو عمل مشروعات عملاقة للاستزراع، ولكن لا يبدو أن هذا يمكن أن يكون كافيا لتوفير البروتين الرخيص للمواطنين، فى ظل مواجهة الصناعة لمشكلات أخرى تتمثل أهمها فى عدم إجراء أى عمليات تصنيعية على الأسماك بعد خروجها من المزارع، وعدم وجود إمكانيات لتبريد الأسماك بما يضمن نقلها لمسافات بعيدة والحفاظ عليها من التلف.

 

وقال على الحداد، رئيس مجلس إدارة شركة متخصصة فى تصنيع الأسماك بمصر آليا، إن مزارع الأسماك فى مصر حاليا متطورة عن نظيرتها فى الصين، مؤكدا أن مشكلة هذه الصناعة ليست فى مرحلة الاستزراع ولكن فى المراحل التالية للحصاد، حيث توجد فى مصر شركة وحيدة لتصنيع الأسماك هى شركته، وأخرى تقوم بالتصنيع اليدوى فى مدينة دمياط، جاء ذلك خلال الندوة التى نظمها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية أمس الأربعاء، بعنوان "الاستزراع والتصنيع السمكى فى مصر".

 

ويعتمد تسويق الأسماك فى مختلف دول العالم على الأنواع التى يجرى عليها عمليات تصنيعية، بداية من إزالة أحشائها وخياشيمها، فى حين أن 3% فقط من عمليات تسويق الأسماك عالميا تتم على الأسماك الكاملة دون عمليات أخرى، بحسب الحداد.

 

وتوقع الحداد ألا يتقبل السوق المصرى هذه الثقافة فى البداية، ولكن المستهلكين سيعتادون على الأسماك المصنعة تدريجيا، وهو ما حدث سابقا عند أول تسويق للدجاج المصنع منذ سنوات.

 

وقال الحداد، إن المشروع كبير وضخم جدا، ولكن السؤال: هل تمت دراسته كبزنس أم زراعة فقط؟، موضحا أن المشروع قائم على استزراع أسماك "الدنيس" و"القاروص" وهى من الأنواع مرتفعة الثمن التى لا يمكن أن تعتمد عليها الأسر المصرية فى غذائها يوميا بعكس "البلطى"، مشيرا إلى أن مصر تستورد حوالى 3 آلاف "كونتينر" أى ما يعادل 60 ألف طن تونة سنويا، فما المانع أن تتم زراعة أسماك التونة، وهناك مصنع يتبع البنوك وغير مستغل يمكن إعادة تشغيله وتطويره لاستغلال إمكانياته فى هذا المجال.

 

من جانبه كشف جيرون سكابوف، خبير الاستزراع السمكى، عن بعض ملامح تجربة الاستزراع فى هولندا، مشيرا إلى أن هناك ما يسمى بمزارع الأسماك المفتوحة Opening farms تقام فى الأدوار العلوية من المبانى، حيث يمكن إنتاج سمك البلطى فوق مبنى من 7 طوابق، وهى مشاريع صغيرة يمكنها إنتاج حوالى 20 طن سنويا، ويباع إنتاجها فى السوق المحلى.

وأكد خبير الاستزراع السمكى، أن غذاء الأسماك لا بد أن يكون ذا مستوى مرتفع من البروتين، وهو ما جعل شركات عالمية تطور هذا الغذاء وتستخدم الحشرات فى إطعام الأسماك.

 

 وعرض سكابوف تجربة تكنولوجيا إعادة التدوير فى الاستزراع السمكى، والتى لها العديد من المزايا وكذلك العيوب، فمن أهم مزاياها الاستهلاك المنخفض للمياه، ويمكن من خلالها إنتاج عدد أكبر من الأسماك بنفس كمية المياه المستخدمة، ويمكن من خلالها السيطرة على درجة الحرارة وتنقية المياه من خلال هذه التقنية، وتقلل من الإصابة بالأمراض ونفوق الأسماك، لافتا إلى أن 40% من نسبة نفوق الأسماك فى مصر يكون فى فترة الاستزراع، وهناك فرصة كبيرة أمام مصر لاستخدام هذه التقنية فى التفريخ لتوفير زريعة أفضل، خاصة إذا كانت المزارع فى أحواض صغيرة، كما يمكن استزراع أسماك ذات جودة مرتفعة باستخدام مياه الصرف من خلال إعادة التدوير.

 

وعن أهم عيوب هذه التقنية، أوضح الخبير الهولندى، أنها تتطلب استثمارات كبيرة، حيث تصل تكلفة إنتاج طن أسماك سنويا حوالى 400 ألف يورو، أى ما يعادل 4 يورو لإنتاج الكيلو الواحد.

 

 وأضاف الخبير، أنه فى حالة حدوث خطأ واحد فى حوض الاستزراع، فلا بد من حل المشكلة خلال 20 دقيقة، وإلا تتعرض الأسماك للنفوق، كما أن هذا النظام يتطلب تشغيل عمال على مستوى عال من التعليم مما يرفع تكلفة المشروع.

 

 صلاح طاهر، مدير عام إحدى شركات الاستزراع السمكى العاملة فى مصر، أكد من جانبه أن مصر سوق واعدة لاستزراع وتصنيع الأسماك، حيث قفز الإنتاج من 300 ألف طن سنويا فى فترة التسعينيات إلى 1.2 مليون طن عام 2015، ثم 1.8 مليون طن العام الحالى، وتصل نسبة الزيادة السنوية فى إنتاج مصر من الأسماك إلى حوالى 8 – 10%.

 

ويعد سمك البلطى هو أكثر الأنواع الشعبية فى مصر والذى يستحوذ على 58% من إنتاج المزارع السمكية، بحسب طاهر، يليه البورى وسمك الكات، ورغم الزيادة المستمرة فى الإنتاج لم تحقق مصر الاكتفاء الذاتى من الأسماك، حيث استوردنا حوالى 300 ألف طن عام 2015 طبقا لأحدث الإحصائيات، وهو ما يعنى أن فرص هذه الصناعة واعدة فى مصر.

 

وأشار طاهر إلى أن 75% من إنتاج مصر من الأسماك سنويا يأتى من المزارع السمكية، والباقى من المصائد الطبيعية، وهو ما يعنى أنه فى حالة اعتماد مصر على المصائد الطبيعية ستصل الأسماك إلى أسعار خيالية، ويتركز إنتاج السمك فى منطقة الدلتا والمحافظات الساحلية، حيث تنتج محافظة كفر الشيخ 71% من الأسماك، و15% من الإنتاج فى محافظة الشرقية، و11 بمحافظة البحيرة، ويوزع هذا الإنتاج فى المحافظات القريبة لعدم جود إمكانيات تبريد الأسماك لإمكانية نقلها لمسافات أبعد، مشيرا إلى أن ضعف إمكانيات التبريد يؤدى لبيع الإنتاج فى السوق المحلى فقط وبشكل يومى، مما يضغط على الأسعار، حيث يصل عمر السمكة بعد الصيد 18 ساعة فقط قبل تعرضها للتلف.

 

ومن أهم المعوقات التى تواجه صناعة الأسماك فى مصر كما يراها طاهر، أن كل الاستثمارات توجه فى مدخلات الإنتاج من مصانع وأعلاف ومفارخ ومزارع الأسماك، وبعد إنتاج الأسماك لا يوجد أى عمليات بعد الحصاد، لافتا إلى أن تمويل مزارعى الأسماك يكون من خلال طريقتين، إما شراء مستلزمات الإنتاج والأعلاف بالدفع الآجل، أو يقوم التجار بتمويل المزارع وأخذ الإنتاج بالكامل لتسويقه، وبالتالى يتحكم التجار فى الأسعار، وتتم العملية بالكامل فى صالح التاجر الذى يبيع الأسماك فى سوق الاستهلاك اليومى.

 

 وأضاف طاهر، أن 3% فقط من إنتاج الأسماك فى مصر يجرى عليه عمليات تصنيعية، فى حين أن 97% من الإنتاج يباع فى السوق اليومى، مؤكدا أن 95% من الأسماك المصرية هى أسماك عالية الجودة بعد خروجها من المياه، ولكن بحكم أن التداول غير مبرد فهو عرضة للتلف سريعا، أما إذا تم تبريدها لدرجة حرارة صفر فستظل صالحة لمدة 21 يوما، وهو ما يبرر عدم توافر الأسماك فى صعيد مصر، هذا إلى جانب أن الاستزراع السمكى فى مصر موسمى يتم استخرجه من المياه قبل أشهر الشتاء لأن الأسماك من نوع البلطى المنتشر فى مصر لا يتحمل درجة حرارة أقل من 8 درجات مئوية.

 

وردا على سؤال حول أهمية المزارع السمكية الجديدة فى كفر الشيخ، قال طاهر إنه من المفترض أن تؤدى إلى زيادة الإنتاج من الأسماك، حيث تم الانتهاء من البنية الأساسية لهذه المزارع، وفى حال تم طرحها للقطاع الخاص لتشغيله سيكون ذلك طريقا سريعا للتطوير وزيادة الإنتاج.

 

وقالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، إن إنتاجنا من الأسماك فى مصر ليس قليلا، ولكنه منخفض فى المصائد الطبيعية، رغم امتلاكنا لمساحات هائلة من المسطحات المائية الطبيعية التى لا تستغل الاستغلال الأمثل.

 

وأكدت عبلة أن أكبر مشكلة تواجه هذه الصناعة فى مصر هو عدم وجود معاملات بعد الحصاد وعدم وجود التبريد، لافتة إلى إمكانية مشاركة البنوك فى تمويل مشروعات الاستزراع السمكى، حتى لا يكون الزارع فريسة للتجار الذى يمول عملية الإنتاج ويشتريه بالسعر الذى يحدده.

 

وانتقدت المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية عدم وصول الأسماك بشكل كاف إلى محافظات الصعيد، قائلة: "أفقر مكان فى مصر لا يصل إليه البروتين الرخيص".


print