الجمعة، 01 نوفمبر 2024 01:08 ص

5 أسئلة عن الأحزاب بعد 110 سنوات حياة سياسية.. لماذا تجاهلت مسؤوليتها الاجتماعية؟.. أين دورها فى إعداد القيادات؟.. لماذا فقدت ثقافة الاختلاف وأهملت الشباب؟.. ولماذا يستمر "حزب الفرد"؟

رحلة البحث عن 100 حزب ضائع

رحلة البحث عن 100 حزب ضائع رحلة البحث عن 100 حزب ضائع
الثلاثاء، 07 مارس 2017 02:00 م
كتب تامر إسماعيل
1907 هو العام الذى شهد ميلاد الحياة الحزبية فى مصر على يد الزعيم مصطفى كامل الذى أسس وقتها أول حزب مصرى أسماه "الحزب الوطنى"، ومن يومها بدأت قائمة الأحزاب فى مصر فى استقبال المزيد والمزيد من أسماء الكيانات المختلفة، بعضها كُتِبَ له البقاء والنجاح والتأثير، وبعضها انتهى وبقى تاريخًا، وبعضها يعيش كما الموتى، لا حضور، لا مشاركة، ولا تأثير.

بعد 110 أعوام من نشأة الحياة الحزبية، يوجد على الساحة فى مصر الآن أكثر من 100 حزب، وبعيدًا عن ضخامة الرقم وبقائه مجرد رقم لا أكثر، إلا أن هناك عدد من الأسئلة التى تبحث عن إجابات وتدور أغلبها حول دور هذه الأحزاب ومدى قدرتها على تنفيذ أفكارها وسياساتها داخلها وبين جدرانها قبل فرضها على الدولة –وهو الهدف الأكبر المشروع–.

1.غياب الدور الاجتماعى والتنموى للأحزاب وعدم التواصل مع الشارع


رغم أن الأحزاب تنشأ فى الأساس لشعور مؤسسيها اأن لديهم قاعدة شعبية تقتنع بنفس أفكارهم وتستحق التمثيل داخل حزب، إلا أن علاقة الأحزاب فى مصر بالمواطنين تنتهى عند هذه المرحلة، وتبقى أغلبها بعد التأسيس أسيرة المكاتب والندوات والمؤتمرات الفاخرة، دون القياد بدور اجتماعى وتنموى حقيقى يدعم المواطنين أو يضمن لها التواصل مع فئات قد تطالبها يوما ما لدعمها فى الانتخابات.

وردا على ذلك قال نبيل زكى، المتحدث باسم حزب التجمع –أحد أعرق الأحزاب اليسارية–، إن الأحزاب ليست من مسئوليتها أن تؤدى أدوارًا اجتماعية فى حل أزمات مشاكل المواطنين، وأن هذا الدور مسئولية الدولة والمسئولين والجهات التنفيذية، وأن الأحزاب تضع تصورات سياسية وتنقل شكوى المواطنين فقط.

وأضاف المتحدث باسم حزب التجمع، أن الحزب يدرك مشاكل الشارع والمواطن المصرى لكنه ليس مسئولاً عن إطلاق تلك المبادرات، أو تقديم الدعم للمواطن فى أزمته، تساءلاً: "طب الدولة هتعمل إيه؟".

وعن المساحة التى كانت تستغلها جماعة الإخوان فى الشارع المصرى لتقديم خدمات ومبادرات ترتبط بمشاكل المواطنين المباشرة؛ قال نبيل زكى إن ذلك رشوة سياسية وليس دور اجتماعى، وأن مناداة حزب التجمع بالعدالة الإجتماعية لا يعنى –من وجهة نظره– أن يكون له دور فى حل مشاكل المواطن سوى رصدها.

2.إهمال الأحزاب لتمكين الشباب من المناصب القيادية "عكس ماتطلبه من الدولة"


وعلى النقيض مما تطالب به الأحزاب وتلوم عليه الدولة، فمتوسط أعمار رؤساء الأحزاب مصر يتخطى سن الشباب بكثير، و أكثر الأحزاب عراقة أو شهرة أو انتشارا لا يرأسها شاب، ولم يرأسها شاب من قبل، ولا يُتوقع أن يرأسها شاب، باستنثناء حزب مستقبل وطن الذى يرأسه المهندس أشرف رشاد ذو الثلاثين سنة بحكم أن الحزب تم إنشائه لهذا السبب بالتحديد، أما أغلب الأحزاب الأخرى فلا تمنح تلك المساحة للشباب.

ويرد الدكتور محمد فؤاد عضو الهيئة البرلمانية لحزب الوفد والمتحدث باسم الحزب أنه لايرى أزمة لدى الأحزاب فى منح الشباب فرصة تولى المناصب القيادية، وأن ذلك يتوقف على رغبة الشباب أنفسهم فى ذلك، خاصة ان العملية عادة يحكمها الانتخابات فيما يخص منصب رئيس الحزب الذى لايستهوى الشباب كثيرا.

وأضح "فؤاد" فى تصريحات لـ"برلمانى" أن حزب الوفد أفسح ذلك المجال منذ مدة طويلة وهيئته العليا حاليا تضم الكثير من الشباب، حتى منصب رئيس الحزب سيكون متاحا لأى من يرد التقدم له العام المقبل بعد انتهاء مدة الدكتور السيد البدوى، موضحا أن الأمر ليس بالمنصب ولكن بالرغبة فيه والتأهيل له.

3. عدم القيام بدورها فى إعداد القادة الشباب


أما الرسالة الأسمى التى يتمناها الشباب من الأحزاب، وهى التدريب والتطوير، ومنح برامج تدريبة لإعداد القادة وثقل المهارات وتنمية الكوادر، فلا زالت غائبة وتكاد تكون متجاهلة داخل الأحزاب، حتى من يملك المال منها.

ويبقى أهم من يتصدر هذا المشهد فى مصر، هو معهد إعداد القادة التابع للدولة، ومبادرة الرئاسة لإعداد القيادات الشابة الذى انطلق منذ شهور، وفى كل الأحوال لن يستوعب كل الرغبات والأعداد التى كانت تتمنى أن ترى فى الأحزاب هذا الدور.

وتابع عضو الهيئة البرلمانية لحزب الوفد الدكتور محمد فؤاد، أن أزمة تدريب وإعداد الكوادر والقيادات داخل الأزمة سببها ضعف التمويل أو غيابه تماما، وأنه شخصيا واجه صعوبات كثيرة فى تنفيذ العديد من برامج إعداد القادة داخل حزب الوفد بسبب عدم وجود مال كافى.

4.الأحزاب تدعو لتنوع الآراء وتطالب بقبول الاختلاف "خارجها فقط"


وكأحد أهم رسائل الممارسات الديمقراطية، شاهد المواطنين والمتابعين خلال الفترات الماضية أزمات ومشاكل عصفت بكثير من الأحزاب، بسبب غياب ثقافة الاختلاف وقبول الأخر داخل أسوار تلك الأحزاب، وهو ما يدعو للتساؤل حول مدى صدق نوايا المسئولين الحزبيين الحاليين فيما يخص قدرتهم على تنفيذ ماينادون به، إذا أبحوا فى موقع المسئولية.

وكقيادى بحزب شاب، قال أحمد الشاعر المتحدث الإعلامى باسم حزب مستقبل وطن أنه كان يراقب الأحزاب فى السابق ويتابع أحداثها، وكانت بالفعل تعانى من محاولات بعض الدوائر داخل الحزب الواحد للسيرطة على الحزب وإقصاء الدوائر او الأصوات الأخرى، وهو مايجب ان تراعيه الأحزاب فى لتؤسس لنفسها مساحاة مصداقية لدى الشارع المصرى.

مضيفا أن الاتهام على إطلاقه ليس صحيحا، وأن حزب مستقبل وطن الذى يعبر عن فكر ومنهج شبابى جديد يراعى جيدا تأسيس ثقافة تقبل الرأى الأخر تحت مظلة المؤسسة الواحدة.

وأوضح الشاعر فى تصريحات لـ"برلمانى" أن "مستقبل وطن" له أيدولوجية وأفكار وثوابت، وطالما أن الرأى المخالف لم يتعرض لهدم أو تغيير تلك الثوابت فهو مرحب به ويتم دعمه، لكن إذا كان الهدف تغيير أيدولوجية الحزب وركائزه فالأولى بهذا الشخص ان يبحث عن حزب أخر يناسب معتقداته وثوابته، مشددا على ان هذا لايعيب الحزب، ولكن بعيب الشخص الذى اختار الحزب المختلف مع أفكاره.

5.الأحزاب تهاجم "دولة الفرد" وتدعم بقاء "حزب الفرد"


كثير من الأحزاب الموجودة على الساحة السياسية حاليا –دون الحاجة لذكر أسماء- هى بالأساس أحزاب عبارة عن "فرد واحد"، أسسها شخص يتمتع بشهرة ومكانة سياسة أو اقتصادية، تجمع حوله عدد من الشخصيات، وكون حزبا، بعضهم بقى فبقى الحزب مرتبا طبه وبأسمه فقط، وبعضهم رحل فانهار الحزب وأصبح بلا وجود، والأمثلة أيضا كثيرة.
وتطرح تلك الحالة تساؤلا هاما حول فلسفة إنشاء تلك الأحزاب، والهدف منها، ومدى قدرة مؤسسيها على فهم دور الحزب، والفرق بينه وبين إنشاء شركة، أو الظهور فى برنامج تليفزيونى، ومقارنة تلك الحالة برفض كل الأحزاب –المشروع- بما يسمى "دولة الفرد"، لكنهم فى نفس الوقت يدعمون "حزب الفرد" الذى قد لايعرف أحدا عنه سوى إسم رئيسه أو مموله فقط.

وهان يوضح الدكتور أحمد دراج استاذ العلوم السياسة بجامعة القاهرة، أن تلك الأزمة بدأت تاريخية واستمرت بسبب وجود قيادات حزبية تسعى لضمان بقائها بعيدا عن أية أهداف أخرى، وتتعامل مع الحزب على أنه شركة خاصة، مضيفا أن تلك الأزمة للدولة دور فيها أيضا، لأنها تاريخيا حاولت الإبقاء على أسماء معينة فى قيادات بعض الأحزاب تقديرا لولائهم لها، نافيا أن تتغير تلك الأوضاع فى الوقت الراهن بسبب عدم وجود حقيقة لدى قيادات تلك الأحزاب أن يرسخوا لمبدأ تداول المناصب ومنح الفرصة لكوادر أخرى.


print