الأربعاء، 24 أبريل 2024 06:28 ص

صراع الحكومة والنواب على التوقيت الصيفى ينتهى لصالح المجلس.. السجينى يؤكد إلغاءه ثم يتراجع والعجاتى يتحدى.. وأخيرا إسماعيل يقرر التخلى عنه.. واحتمال بتعرض مصر لغرامة 8 ملايين دولار

هل انتصر البرلمان وخسر الشعب؟

هل انتصر البرلمان وخسر الشعب؟ هل انتصر البرلمان وخسر الشعب؟
السبت، 09 يوليو 2016 01:59 ص
كتب حازم حسين
رغم حالة السلام الدافئ التى تسيطر على الأجواء بين الحكومة ومجلس النواب، وما يتراءى للملاحظين والمتابعين من تفاهم وتنسيق بين الجانبين، ربما يميل فى صالح الحكومة فى أوقات وقضايا عديدة، ولكنه يظل فى النهاية مؤشرا على حجم الهدوء والتناغم فى المساحة الواصلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، إلا أن الأجواء تحمل نذر ومؤشرات صراع وصدامات محتملة بين الوقت والآخر، ظهر الأمر من قبل مع مناقشة المجلس لمشروعات القرارات بقوانين الصادرة فى غيبة البرلمان وبتوقيعى الرئيسين: السابق عدلى منصور والحالى عبد الفتاح السيسى، وعلى رأسها قانون الخدمة المدنية الذى حاولت الحكومة تمريره بصيغته السابقة ورفضه البرلمان، ثمّ ظهر مع بيان الحكومة وموقف المجلس منها، قبل أن تتجه أغلبية البرلمان إلى الموافقة على البيان ومنحها الثقة، وظهر أيضًا فى مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2016/ 2016، وانتهى بالموافقة عليها وإقرارها أيضًا، ومؤخّرًا تمثلت أحدث حلقاته فى التوقيت الصيفى وخلاف الحكومة والبرلمان حول الساعة.

قانون هيكل والعقاد.. بداية خلاف البرلمان والحكومة حول الساعة


الحقيقة أن مسألة التوقيت الصيفى لم يكن فيها أى خلاف، إذ كانت تستعد الحكومة لتقديم الساعة مع حلول الثامن من يوليو الجارى، وحتى نهاية أكتوبر المقبل، وفق نص القانون رقم 35 لسنة 2014 بشأن التوقيت الصيفى، ولكن كان التحول ونقطة المنحنى فى الأمر مع تقدم النائبين، أسامة هيكل ومحمد العقاد، بمقترح بقانون لإلغاء التوقيت الصيفى، موقع عليه من 120 عضوًا بالمجلس، لتتم مناقشة مشروع القانون فى لجنة الإدارة المحلية برئاسة النائب أحمد السجينى، وإقراره مبدئيًّا، وإحالته للمراجعة فى مجلس الدولة وفق نص المادة 190 من الدستور، تمهيدًا لمناقشته وإقراره بالجلسة العامة للمجلس، وإرساله لرئيس الجمهورية لإصداره بقانون ونشره فى الجريدة الرسمية وبدء العمل به.

قرار النواب وتصريحات الحكومة.. مقدمات الأزمة وتصاعدها
عقب مناقشة مشروع القانون المقدم من النواب داخل لجنة الإدارة المحلية بالمجلس، وإقرار اللجنة له، بدأت بوادر الأزمة أو الصدام بين البرلمان والحكومة، مع تصريح رئيس الوزراء فى اليوم نفسه بأن التوقيت الصيفى سيطبق فى موعده، أى بعد أسبوع تقريبًا من إقرار نواب الإدارة المحلية لمشروع إلغائه، تلاه تصريح للمستشار مجدى العجاتى، وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، بالمعنى نفسه، مؤكّدًا أن التوقيت الصيفى سيُطبّق فى موعده، وهو ما كان كافيًا لإثارة حفيظة النواب، فخرج عدد من نواب الإدارة المحلية وبعض الموقعين على مشروع قانون الإدارة المحلية، بتصريحات متشّددة تقسم وتُغلّظ الأيمان وتؤكد إلغاء التوقيت الصيفى وعدم تطبيقه فى موعده، كان منهم أسامة هيكل وأحمد السجينى.

التوقيت الصيفى.. الاشتعال المفاجئ والانطفاء المباغت


رغم بواعث التحدى الحكومة، وأسباب التشدد البرلمانى، وبعيدًا عن فوائد التوقيت الصيفى من عدمه، ظل الأمر ينذر بأزمة واصطدام بين الحكومة والبرلمان خلال اليومين الأخيرين من شهر يونيو، ولكن بعد ساعات من حالة الكريشندو التى سيطرت على مواقف وتصريحات الحكومة والنواب، سرعان ما شهدنا تحوّلاً طارئًا ومفاجئًا فى المواقف من الجانبين، إذ خرج العجاتى وعدد من الوزراء مؤكدين أن الكلمة للبرلمان وأن النواب إن أقروا مشروع قانون بإلغاء القانون رقم 35 لسنة 2014 فإن الحكومة ستلتزم، بينما خرج السجينى وعدد من نواب الإدارة المحلية، مؤكّدين أن الرأى يتجه لإلغاء التوقيت الصيفى ولكن تتم مراجعة الأمر وربما يُنظر فى تأجيل التطبيق عامًا، قبل أن يفاجئ المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، النواب والمتابعين والمهتمين، بإصدار قرار خلال اجتماع الحكومة يوم الاثنين 4 يوليو الجارى، بالتخلى عن التوقيت الصيفى وعدم تطبيقه يوم الجمعة 8 يوليو كما كان مقرّرًا، والعدول عن هذا التوقيت للأبد.

سبب التأجيل.. عوائد الساعة وملايين الغرامات


التحول المفاجئ فى المواقف قد يبدو مدهشًا للبعض، ولكن الحقيقة أن لهذا التحول ما يبرره من الأسباب، فبينما وجدت الحكومة نفسها أمام ورطة تتمثل فى تشدّد لجنة الإدارة المحلية ونوابها فى إلغاء العمل بالتوقيت الصيفى، مع ما يترتب عليها من تبعات وخسائر جرّاء هذا الموقف، عادت خطوة إلى الخلف متخلّية عن تحدّيها الأول، لتؤكد احترامها لقرار المجلس والتزامها به، ولكنها فى الوقت ذاته أكدت أنها ستشرح للنواب تبعات قرارهم بإلغاء العمل بالتوقيت الصيفى، وما يترتب على مصر من آثار مادية فى قطاعات الكهرباء والصحة والطاقة والطيران وغيرها، ومن جانبه فإن مجلس النواب وأمام موقف الحكومة الجديد، وجد أن الأمر ربما يحتاج إلى قدر من التفكير والنظر العميق، بعيدًا عن منطق العناد والتحدّى، لتأتى تصريحات أحمد السجينى الجديدة مؤكّدة أن مشروع قانون إلغاء التوقيت الصيفى يُراجع فى مجلس الدولة، وسيتم إقراره من البرلمان، ولكنهم قد ينظرون فى تأجيل التطبيق لمدة عام على خلفية ما يحمله من آثار اقتصادية سلبية، وذلك لتجنيب مصر الغرامة المتوقعة جراء الأمر، ثم يأتى موقف شريف إسماعيل والحكومة بالتخلى عن التوقيت الصيفى وإلغاء تطبيقه مغيّرًا للمعادلة بشكل كامل، ولكننا نقف الآن أمام صورة مرتبكة وغير واضحة، ما بين تشدّد الحكومة ثم عودتها للهدوء والحوار اللين، تشدّد البرلمان ثم مراجعته لنفسه، والحديث وسط كل هذا عن المكاسب الاقتصادية التى يوفرها القانون 35 لسنة 2014 بتطبيق التوقيت الصيفى، أو عن الفاتورة المادية التى تتحمّلها الدولة جراء إلغائه أو التخلى عن تطبيقه فى موعدها فى الثامن من يوليو، وهى الغرامة التى تفوق 8 ملايين دولار أمريكى لصالح منظمة الطيران المدنى "إيكاو"، وهو ما حدث من قبل مع إلغاء مصر للتوقيت الصيفى فى وقت سابق من طرف واحد ودون إخبار الجهات الدولية، فهل نقف أمام صراع غير مجدٍ، أثبت فيه البرلمان قوته وقدرته على اتخاذ موقف ضد الحكومة، وعادت فيه الحكومة خطوة إلى الخلف مؤمنة بمكانة البرلمان وصلاحياته الدستورية، ولكننا خسرنا فيه أكثر من 80 مليون جنيه، فقط لأننا لم نخطط ولم ننسق فى مواقفنا وقراراتنا؟


print