الإثنين، 28 يوليو 2025 06:19 م

وزير البترول يستعرض فى مقال بـ "معلومات الوزراء" استراتيجيات التحول الطاقى

وزير البترول يستعرض فى مقال بـ "معلومات الوزراء" استراتيجيات التحول الطاقى المهندس كريم بدوى - وزير البترول والثروة المعدنية
الإثنين، 28 يوليو 2025 12:00 م
كتبت هند مختار

فى إطار سعى مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، نحو رفع الوعى المجتمعى ونشر المعرفة فى مختلف الموضوعات ذات الصلة بقضايا التنمية، يقوم المركز دوريًا باستكتاب نخبة من المسؤولين والخبراء والمتخصصين فى مختلف المجالات والقضايا ذات الأهمية للشأن المصرى سواء على المستوى المحلى أو الإقليمى أو الدولى ونشر هذه المقالات داخل إصداراته الدورية، وفى هذا الصدد قام المركز بنشر مقال بقلم المهندس كريم بدوى، وزير البترول والثروة المعدنية، تحت عنوان "استراتيجيات التحول الطاقى طموحات..مبادرات..تحديات"، وذلك فى افتتاحية العدد الخامس من مجلة المركز "سياسات مناخية".

وأوضح المهندس كريم بدوى خلال مقاله أن التحديات المتتالية التى تواجه قطاع الطاقة على المستوى العالمى جعلت التحول فى مجال الطاقة أولوية استراتيجية وليس رفاهية، مضيفًا أنها أولوية فرضتها ضرورات تأمين إمدادات الطاقة للدول وشعوبها، ومن هنا يجب أن تكون سياسات الطاقة قادرة بشكل حقيقى على التعامل مع ما يُعرف باسم "المعضلة الثلاثية - Energy trilemma" التى تواجه قطاع الطاقة على مستوى العالم والمتمثلة في: كيف يمكن أن نوفر طاقة آمنة وموثوقة لا تنقطع؟ وأن تبقى تكلفتها مناسبة فى متناول الجميع؟ وكيف نحقق ما سبق دون الإخلال بواجباتنا فى الوقت الحاضر مع الحفاظ على بيئة مستدامة للأجيال القادمة، والوفاء بالالتزامات المناخية الدولية؟.

وأوضح وزير البترول خارطة طريق لدعم أهداف التحول فى مجال الطاقة، مشيرًا إلى أنه مع تولى الحكومة الحالية ومنحها الأولوية الكبيرة لملف الطاقة بمختلف جوانبه، كان لابد من وضع خارطة طريق لدعم أمن الطاقة، والتحول التدريجى فى القطاع، لذا شرعت وزارة البترول والثروة المعدنية فى إطلاق وتنفيذ استراتيجية عمل جديدة لتعزيز القدرة على تحقيق تلك المعادلة الضرورية فى قطاع الطاقة، والتى تتألف من ستة محاور رئيسة يأتى فى مقدمتها: تكثيف أعمال الاستكشاف البترولى، والإنتاج لزيادة القدرات الإنتاجية بما يُمكن من تلبية احتياجات المواطنين المرتبطة بإمدادات الوقود بأقل تكلفة، وتعظيم الاستفادة من البنية التحتية فى مجال تكرير البترول، وإنتاج البتروكيماويات لأقصى طاقة ممكنة، وفى هذا المحور تبرز أهمية مشروعات الهيدروجين الأخضر، والوقود الأخضر والمستدام التى تواصل الوزارة العمل عليها فى إطار تعزيز إجراءات انتقال الطاقة، ودعم الاحتياجات الأساسية للوقود، ثم يأتى محور تطوير قطاع التعدين لرفع مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى، حيث بات معلومًا للجميع أهمية قطاع التعدين للتحول فى قطاع الطاقة؛ بما يوفره من معادن حيوية تدخل فى صناعة الطاقة الشمسية والمتجددة.

واتصالًا بما سبق، وفى القلب من هذه الاستراتيجية يأتى المحور الرابع ليدعم التوسع فى استخدامات الطاقة المتجددة، فى إطار عمل تكاملى مستمر مع الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، للوصول بنسبة الطاقة المتجددة فى مزيج الطاقة المصرى إلى 42% بحلول عام 2030، ومع دمج الطاقة المتجددة بشكل أكبر فى قطاع الطاقة سنتمكن من خفض الاعتماد على الوقود التقليدى فى توليد الطاقة، وخاصة الغاز الطبيعى، وتوجيهه نحو الاستخدامات الصناعية ذات القيمة المضافة، وهو ما يُسهم فى تقليل فاتورة الاستيراد، وخفض الانبعاثات من قطاع الطاقة، بما يتفق ورؤية الدولة المصرية للتنمية المستدامة.

وأضاف المهندس كريم بدوى، أن تحقيق المحاور الأربعة السابقة لا يكتمل دون ركيزة أساسية، والتى جاء المحور الخامس ليكملها، حيث يتناول السلامة وكفاءة الطاقة، وخفض الانبعاثات، وهو محور متعدد الأولويات إذ يبدأ بسلامة العاملين لأن أهم ما نحرص عليه هو أن يعود كل عامل إلى أسرته سالمًا، ثم ننتقل إلى هدف لا يقل أهمية عن السابق، وهو رفع كفاءة استخدام الطاقة، وتقليل الانبعاثات الكربونية فى أنشطة البترول والغاز، وهما مصدران سيظلان حاضرين لعقود مقبلة، لكن وفق أساليب مستدامة، وفى المحور السادس من استراتيجية العمل نواصل تعزيز التكامل الإقليمى باعتباره ركيزة أساسية للتحول الطاقى.

وأضاف المهندس كريم بدوى، فى مقاله أن التحول فى مجال الطاقة لا يعنى التخلى عن المصادر التقليدية بل انتهاج أساليب لإنتاجها واستهلاكها بصورة أكثر كفاءة واستدامة بيئية فكفاءة استخدام الطاقة باتت فرصة ذهبية لتحقيق تحول تدريجى وآمن، وقد اتخذت وزارة البترول العديد من الخطوات لتحسين كفاءة الطاقة فعلى المستوى الاستراتيجى تم إصدار استراتيجية كفاءة الطاقة لقطاع البترول، وعلى المستوى التنفيذى تم تنفيذ نحو 358 مشروعًا وإجراءً لتحسين كفاءة الطاقة بالعمليات الإنتاجية، مما أسفر عن تحقيق وفر يصل إلى 138 مليون دولار أمريكى، كما تم التعاون مع المملكة العربية السعودية لإعداد برنامج وطنى لكفاءة استخدام الطاقة فى مصر ليكون نموذجًا فى إدارة الطاقة المستدامة، ومن هذا المنطلق يتم تعزيز سبل التعاون مع كافة الشركاء من جهات حكومية ومؤسسات عالمية وشركات من القطاع الخاص لدعم جهود وأنشطة الوزارة فى مجال التحول الطاقى.

كما استعرض الدكتور كريم بدوى، وزير البترول والثروة المعدنية خلال مقاله مشروعات إنتاج الهيدروجين والوقود الأخضر، موضحًا أنه فى ظل التوجه العالمى المتسارع نحو حلول الطاقة النظيفة تولى الدولة المصرية ووزارة البترول والثروة المعدنية اهتمامًا بالغًا بملف الهيدروجين كأحد الركائز الرئيسة للتحول الطاقى وخفض الكربون، ففى أغسطس 2024 تم الإعلان عن الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون، والتى شاركت وزارة البترول والثروة المعدنية فى إعدادها واضعة نُصب أعينها رؤية طموحة لأن تصبح مصر من الدول الرائدة فى هذا المجال الواعد، فهذه الاستراتيجية لا تقتصر فقط على البُعد البيئى بل تحمل فى طياتها فرصًا اقتصادية واعدة من بينها توفير أكثر من 100 ألف فرصة عمل وتعزيز توطين صناعة مكونات إنتاج الهيدروجين وتأمين مصادر جديدة ومستدامة للطاقة فى مصر.

وفى إطار دعم مناخ الاستثمار شاركت وزارة البترول أيضًا فى إعداد مشروع قانون يحفز إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته عبر حزمة من التيسيرات من بينها حوافز نقدية، وإعفاءات ضريبية، ومزايا الحصول على الموافقة الموحدة (الرخصة الذهبية) لتيسير الإجراءات، هذا، وقد شاركت الوزارة أيضًا فى تقديم المقترح المتضمن إنشاء "المجلس الوطنى للهيدروجين الأخضر ومشتقاته"، الذى أُنشيء بالفعل برئاسة السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء وبعضوية عدد من الوزراء المعنيين ليقود التنسيق على أعلى مستوى لدفع هذا الملف إلى الأمام.

وترجمة لهذه الجهود فى قطاع البترول عمليًا، يبرز مشروع "دمياط للأمونيا الخضراء" كأحد النماذج الرائدة، فمن خلال شراكة بين الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات، وسكاتك النرويجية، وموبكو، يُجرى تنفيذ المشروع لإنتاج 150 ألف طن سنويًا من الأمونيا الخضراء، باستثمارات تقارب 910 ملايين دولار أمريكى، وخلال زيارة السيد رئيس الجمهورية إلى النرويج ديسمبر الماضى تم توقيع اتفاقية المبادئ مع شركة "يارا" لتسويق الإنتاج بالكامل وهو ما يمثل ضمانة قوية لنجاح المشروع، كما تنفذ الوزارة من خلال الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات أول مشروع لإنتاج وقود الطائرات المستدام من زيت الطعام المستعمل، ومشروع إنتاج الإيثانول الحيوى.

وتناول وزير البترول تحديات التحول فى مجال الطاقة، مؤكدًا على أن الوزارة تُدرك التحديات العالمية المرتبطة بهذا التحول، وعلى رأسها ارتفاع تكاليف الإنتاج لمشروعات الوقود الأخضر، لا سيما الهيدروجين الأخضر، وتكاليف إنشاء البنية التحتية، وشبكات نقله وتخزينه، مما يتطلب البدء فى تطويرها بتكاليف كبيرة على دولنا النامية، فضلًا عن غياب أسواق منظمة للهيدروجين الأخضر ومشتقاته، والحل يكمن فى ضمان وجود مشترين، وتوقيع اتفاقيات شراء مسبقة، إلى جانب دعم مباشر من الدول المتقدمة، كونها الأكثر طلبًا حاليًا للهيدروجين الأخضر ومشتقاته.

ومن هذا المنطلق، تمضى وزارة البترول والثروة المعدنية بخطى ثابتة لتعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين سواء فى تأمين عقود شراء، وتبادل الخبرات، وأفضل الممارسات، بما يدعم تنفيذ مشروعات فعلية تضع مصر فى مكانة إقليمية كمركز لتداول الهيدروجين الأخضر ومشتقاته.

ورغم التوسع العالمى فى آليات التمويل الأخضر وتزايد مبادرات الدعم الموجهة لمشروعات الطاقة المستدامة، فإن التحدى لا يزال قائمًا أمام العديد من الدول النامية للنفاذ إلى مصادر التمويل الميسر لتنفيذ المشروعات فى هذا المجال، فتوفير التمويل الأخضر يتطلب مرونة، وإتاحة تمويل منخفض التكلفة للقارة الإفريقية، بالتوازى مع إتاحة الدعم التكنولوجى، وتوطين للصناعة، وبناء القدرات، وهو ما تنادى به مصر فى المحافل الدولية.

وأوضح المهندس كريم بدوى، فى ختام مقاله أنه فى ظل الدعوات المتزايدة للإسراع بتحول الطاقة، نؤكد مجددًا على أهمية هذا التوجه وأولويته، لكن مع ضرورة تبنى نهج واقعى وعادل فى الوقت نفسه يأخذ فى الاعتبار خصوصية أوضاع الدول النامية، واحتياجاتها التنموية، فتحول الطاقة لا يُمكن أن يكون بمعزل عن ضمان حق الشعوب فى الحصول على طاقة آمنة ونظيفة، إلى جانب توفير تمويل ميسر يضمن تنفيذ مشروعات التحول الطاقى دون تحميل هذه الدول أى أعباء إضافية.


الأكثر قراءة



print